حادث ريدينغ.. هل هو إرهابي؟

حادث ريدينغ.. هل هو إرهابي؟


23/06/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

لا نعرف حتّى الآن شيئاً يخصّ أيّ دوافع محتملة عند الرّجل الّذي قُبِض عليه بسبب قتله ثلاثة أشخاص في ريدينغ. والمشتبه به، خيري سعد الله، البالغ من العمر 25 عاماً، يبدو في تقارير مختلفة شخصيّةً اجتماعيّةً ومسيحيّاً متحوِّلاً يعتبره أصدقاؤه "بريطانيّاً بشكلٍ أساسيّ".

إنّنا بحاجةٍ إلى توخّي الحذر في كيفيّة ردّ فعلنا على الأحداث القريبة من الحوادث التّراجيديّة بشكل عشوائيّ

وكما يبدو، فإنّ هذا الرّجل لم تكن له صِلة بأيّ نشاطٍ أو شبكةٍ إرهابيّة. فهو لم يكن على الإطلاق في قائمة الـ إم آي فايف "للشخصيّات الّتي يجدر التّحرّي بشأنها" والبالغ عددها 3,000. ولم يصرخ بشعاراتٍ إسلامويّةٍ عندما ارتكب، كما يُزعَم، هذه الجرائم. السّمة المهمّة الوحيدة بشأنه، وفقاً للأصدقاء وأفراد الأسرة الّذين أُجريت مقابلات معهم، أنّه عانى مشكلات صحيّة عقليّة و"نوبات ذهانيّة". ووفقاً لأحد التّقارير، فقد عانى "اضطّراباً عقليّاً سيّئاً جدّاً" تفاقم بُعيد ذهابه إلى السّجن في عام 2017 على خلفيّة ارتكابه جُرماً بسيطاً.

جريمة من فعل عقلٍ غير مستقرّ

بعبارةٍ أخرى، يمكن أن تكون هذه الجريمة من فعل عقلٍ غير مستقرّ. وكما هو الحال مع مقتل شرطيّ قصر وستمنستر في عام 2017، فإنّ مثل هذه الأعمال ليست نتيجة أيّ مؤامرةٍ أو سبق إصرارٍ واضح، وبالتّالي يكاد يكون من المستحيل التّنبؤ بها أو منعها. وعندما يتعلّق الأمر بالأمن القوميّ، فلا يمكن معاملتها بشكل معقولٍ سوى على أنّها حوادث عنيفة.

اقرأ أيضاً: أصدقاء أم أعداء؟ علاقة "شائكة" بين بريطانيا ومتشددي ليبيا

لقد غيّرت الشّرطة في ريدينغ تصنيفها للحادث من قتلٍ إلى جريمةٍ إرهابيّةٍ بعيد اعتقال سعد الله. وكما يبدو، فإنّ هذا قد ترافق مع علمٍ بأنّ المشتبه به عاد إلى بريطانيا من ليبيا في عام 2012 و"كان على رادار الـ إم آي فايف". لكن هذا يعني فقط أنّه كان واحداً من بين 30,000 ممّن تُكتَب بشأنهم تقارير تتعلّق بما لديهم من "تطلّعات سفر".

لماذا غيّرت الشّرطة في ريدينغ تصنيفها للحادث من قتلٍ إلى جريمةٍ إرهابيّةٍ بعيد اعتقال سعد الله؟

الحقيقة الصّارخة هي أنّ الناس يُطعنون في المدن البريطانيّة كلّ أسبوع دون أن يتصدّر ذلك عناوين الأخبار. وكثيراً ما يعاني الضّحايا نتيجة تبجّح أو انتقام العصابات. وهذا هو مجال الجريمة الوحيد الّذي لم يتضاءل في الأعوام الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حدٍّ كبير إلى الفوضى غير المحكومة لصناعة المخدّرات في البلاد. وإذا أردنا استخدام كلمة "إرهاب"، فإنّ أعظم "إرهاب" في بريطانيا الحديثة هو الّذي تولِّده عصابات المخدّرات - ولكن بالمقارنة مع الموارد المخصّصة للتّطرّف الإسلامويّ، فإنّ الجهود المبذولة للتّصدّي له بائسة. ولا ينبغي أن تَنظُر أبعد من ذلك لمعرفة فضيحة "الإرهاب" الحقيقيّة في بريطانيا.

الحوادث التّراجيديّة

يعني هذا أنّنا بحاجةٍ إلى توخّي الحذر في كيفيّة ردّ فعلنا على الأحداث القريبة من الحوادث التّراجيديّة بشكل عشوائيّ. فما من شيء يُرجى من إضفاء الطّابع السّياسيّ، ناهيك عن إضفاء الطّابع الدّراميّ، وفي أذهان البعض، السّحريّ، على ما قد يكون انحرافات مميتة لعقلٍ مريض. تمرّ بريطانيا حالياً بلحظة خوف جماعيّ غير عاديّ. وقد خلقت الحكومة هذا الخوف لتعزيز سياسة الإغلاق الكامل لمكافحة فيروس كورونا، من بين أمور أخرى. وولَّد هذا الخوف عداءً مدمِّراً للغرباء ونفوراً من العودة إلى الوضع الطّبيعيّ. إنّ تكلفة هذا الخوف باهظة الثّمن، وتُتجَاهل تماماً من قِبل المحرّضين عليه.

اقرأ أيضاً: كيف ولماذا تصادق بريطانيا الإرهابيين؟

لم نفحص حتّى الآن كافّة الأدلّة المتعلّقة بهجوم يوم السّبت، ولكن في الوقت الحالي اعتُقِل فرد واحد فقط يمتلك تاريخاً من المشكلات الصّحيّة العقليّة. ربّما يَثبُت خلاف ذلك، ولكن ما من فضيلةٍ في هذه المرحلة في استخدام الرّوايات المتصاعدة حول الإرهاب المتطرّف.

سيمون جينكنز، الغارديان

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

https://cutt.us/wYhXW



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية