الموت الدماغي للناتو: أردوغان يلعب بالخطر ويواصل الانتهاك

الموت الدماغي للناتو: أردوغان يلعب بالخطر ويواصل الانتهاك


كاتب ومترجم جزائري
05/07/2020

ترجمة: مدني قصري

دعمت برلين وروما، في بيان صحفي، الطلب الذي تقدمت به باريس لوقف التدخل الأجنبي في الحرب الأهلية الليبية، لكنّ السلطة التنفيذية الفرنسية تشكو، في الوقت نفسه، الدعم المتردّد من قبل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

أوروبا قلقة جداً بشأن تدهور سيادة القانون في ظلّ نظام رجب طيب أردوغان، الذي قام بتعديل الدستور قبل عامين، للاستحواذ على كلّ السلطات تقريباً

تلقّت المواجهة التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن القضية الليبية الشائكة، الحدّ الأدنى من الدعم، مساء الخميس الماضي، من شركائها الأوروبيين، انضمت برلين وروما إلى باريس بالدعوة، في بيان، إلى إنهاء جميع التدخلات الأجنبية في ليبيا، مُلمحة، على وجه الخصوص، للتدخل العسكري التركي إلى جانب حكومة الوفاق الوطني الليبي، التي يرأسها فايز السراج، وقد دعا رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، تركيا إلى وقف عملية التنقيب عن الغاز "غير القانونية" قبالة قبرص وليبيا.

غير أنّ هذا الدعم، الذي يتم من خلال البيانات الصحفية، قد يكون غير كافٍ لرفع الغبار عن سياسة فرنسا في ليبيا، أمام الحقائق العسكرية والتعقيدات الدبلوماسية.

تفتخر تركيا بأنّ حكومة الوفاق الوطني هي السلطة التنفيذية الشرعية الوحيدة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وبأنّها ساعدتها مؤخراً في صدّ خليفة حفتر، الذي تتهم تركيا فرنسا بدعمه من وراء الكواليس، إنّه الدعم المعترف به من قبل العديد من المتخصصين في الصراع، لكنّ باريس تدّعي أنّها اقتصرت في دعمها على مساعدة حفتر، قبل عامين، ضدّ الجماعات الجهادية.

لكنّ الوضع أكثر إرباكاً وتعقيداً؛ حيث إنّ حفتر مدعوم أيضاً دبلوماسياً من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، والروس، وتدّعي كلّ هذه الدول أنها تساعده ضدّ حكومة الوفاق الوطني التي تسلل إليها جهاديون إسلامويون، وتؤكد أنّ لديها أيضاً مصالح نفطية أو أمنية، كما في حالة مصر، التي هدّدت بالتدخل عسكرياً.

حادث غير مسبوق داخل الناتو

أسفرت المواجهة بين باريس وأنقرة عن حادث غير مسبوق بين دولتين عضوين في الناتو، في 10 حزيران (يونيو)، عندما تعرضت الفرقاطة الفرنسية "كوربيه" للاستفزاز من قبل رادار سفينة تركية قبالة السواحل الليبية، وقد اتهِمت أنقرة بمعارضة عمليات التفتيش من قبل سفن التحالف الأطلنطي، بما في ذلك الفرقاطة "كوربيه" الفرنسية، لسفن شحن مشتبه بها في ظروف معقدة، بانتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.

تركيا تلعب بالخطر في ليبيا

"تركيا تلعب لعبة خطيرة في ليبيا وتنتهك جميع التزاماتها بعدم التدخل التي قطعتها على نفسها في مؤتمر برلين"، في كانون الثاني (يناير)؛ هذا ما قاله إيمانويل ماكرون، الإثنين، حيث قدّر الرئيس الفرنسي أنّ ردّ فعل الناتو الضعيف هو "أقوى دليل" على تصريحاته الجدلية في العام الماضي، التي قال فيها إنّه يخشى أن يكون الحلف الأطلسي قد دخل "في حالة موت دماغي"، كما رأى ماكرون أنّه "من غير المقبول أن تؤدي مثل هذه المواجهة بين عضوين في الناتو إلى هذا القدر المحدود من الشجب".

يعتقد الإليزيه أنّ الأمر على المحكّ، وأنّه أكثر من مجرد خلاف فرنسي تركي، إنما تحدّ إستراتيجي حقيقي في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​بسبب تجاوزات أردوغان

 وبينما تتظاهر الولايات المتحدة بعدم اهتمامها بالملف الليبي؛ فإنّ الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، قد أشار بالفعل إلى "خلاف بسيط بين الحلفاء"، قبل أن يقرر قبول فتح تحقيق حول "عدوانية" تركيا، بناء على طلب ثماني دول أوروبية.

يعتقد الإليزيه أنّ الأمر على المحكّ، وأنّه "أكثر من مجرد خلاف فرنسي تركي"، إنما "تحدّ إستراتيجي حقيقي في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​بسبب تجاوزات"، رجب طيب أردوغان، ويستنكر الإليزيه أيضاً اتفاقية الغاز التي أبرمت بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني، والتي تهدّد مصالح "حلفائنا وأعضاء الاتحاد وهما قبرص واليونان" في البحر المتوسط؛ لذلك طلبت باريس، الأربعاء الماضي، من الاتحاد الأوروبي، أن ينظر "بدون تابوهات" في علاقته مع تركيا.

تهديدات أردوغان ضدّ الأوروبيين

هذه العلاقة ملوثة بالوضع الحساس للاجئين السوريين، فأنقرة تهدّد بانتظام، بأنّها على استعداد "لإطلاق" مجموعات من اللاجئين على اليونان، وأنّها التزمت باستضافتهم، مقابل مساعدات مالية كبيرة، وأنّها ستنفذ هذا التهديد إن لم يتم استئناف المفاوضات حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

لقد توقفت هذه المفاوضات منذ عقد من الزمن تقريباً؛ لأنّ أوروبا قلقة جداً بشأن تدهور سيادة القانون في ظلّ نظام رجب طيب أردوغان، لقد قام هذا الأخير بتعديل الدستور قبل عامين، للاستحواذ على كلّ السلطات تقريباً، أنقرة التي اتهمت باريس أيضاً "بلعب لعبة خطيرة" في ليبيا، وبإغفالها لـ "الجرائم التي ارتكبها خليفة حفتر"، ألقت يوم الأحد القبض على أربعة مواطنين أتراك، موجهة لهم تهماً بالتجسس لصالح فرنسا.

مصدر الترجمة عن الفرنسية: lesechos.fr



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية