هل أدرك أردوغان ورطته في سوريا بالتعاون مع روسيا وإيران؟

تركيا وأردوغان

هل أدرك أردوغان ورطته في سوريا بالتعاون مع روسيا وإيران؟


28/12/2017

شكّلت تصريحاتُ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضدّ نظيره السوري بشار الأسد "مفاجأة"، عندما وصفَه، خلال زيارته الأخيرة لتونس، بأنّه "إرهابي"، ولا يمكن التوصل إلى حلّ في سوريا مع بقائه في السلطة، ارتباطاً بما يمكن وصفه بالتفاهمات الإستراتيجية مع روسيا وإيران، في إطار ما صار يعرف بالضامنين لاتفاقات مناطق خفض التوتر في سوريا، التي تمّ إنجازُها خلال مؤتمرات الأستانة، التي أرسلت رسائل بانتقال تركيا إلى التحالف مع روسيا وإيران، مرجعياته الاتفاق مع إيران على الحيلولة دون قيام كيان كردي، باعتباره قاسماً مشتركاً بين القيادتين؛ التركية والإيرانية، وتحالف مع روسيا نكاية بأمريكا وأوروبا، التي تشككّ في أردوغان، بما في ذلك إمكانية مغادرته معسكر الناتو، وانضمامه إلى تحالف اقتصادي وعسكري مع روسيا، وصل درجة الاتفاق على شراء منظومة صواريخ روسية (إس 400)، لدولة يفترض أنّها عضو فاعل في حلف الناتو، ومحمية من قبله. وتحالف آخر بالتوازي مع القيادة الإيرانية، المعزولة دولياً بقرارات وعقوبات من مجلس الأمن، والمؤكد تعاونها مع الإرهاب، وإثارة الفوضى في المنطقة. فيما تشير تحركات أردوغان إلى تنفيذ خطته بإحياء الخلافة العثمانية، وتنصيبه خليفة للمسلمين، بالتحالف مع الإسلام السياسي، وعماده جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية، وقوى وتنظيمات موصوفة بأنّها إرهابية.

الملفت للنظر أنّ تصريحات أردوغان تأتي بعد هدنة طويلة الأمد بين سوريا وتركيا، وتجميد الحرب الإعلامية

الملفت للنظر؛ أنّ هذه التصريحات تأتي بعد هدنة طويلة الأمد بين سوريا وتركيا، وتجميد الحرب الإعلامية، لدرجة تم تداول معلومات حول إمكانية زيارة أردوغان لدمشق، والشروع بإجراءات مصالحة مع الأسد، إلّا أنّ انقلابات الرئيس أردوغان، على غرار ما جرى بعد إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع سوريا، عام 2015، ثم التحالف مع روسيا، ينفي الدهشة عن تصريحات الرئيس أردوغان المتضاربة، وربما يؤكد حقيقة أنّه حليف غير موثوق به بالنسبة إلى كلّ من تعاملوا معه، وتحديداً روسيا وإيران، الذي يبدو، أنّهما لم تكونا تثقان في أردوغان.

من المؤكّد أنّ أسباباً قوية دفعت أردوغان لإطلاق تلك التصريحات ضد الأسد، ومع ذلك، فلا يمكن الوثوق بأنّ أردوغان سيواصل التمسك بهذا الموقف إلى ما لا نهاية، ارتباطاً بصياغته لتحالفاته في إطار التكتيك والنكاية، وتحقيق المكاسب الآنية، في ظلّ براغماتية غير معهودة في السياسات الدولية، تتفوق على "الميكافيلية"، ولا ترى في الانتقال من ضفة إلى الضفة الأخرى في يوم، ثم العودة للضفة ذاتها في اليوم التالي، ما يعيبها ما دامت تحقق أهدافه. لكن لماذا يتخذ الرئيس أردوغان هذا الموقف الحاد من بشار الأسد؟

أولاً: فشل الإستراتيجية التركية في سوريا، القائمة على هدف مركزي وحيد، هو الحيلولة دون قيام كردي، فيما تبدي روسيا اليوم "حليف تركيا المفترض"، قبولاً بالأكراد في سوريا، وربما مشاركتهم في مؤتمر "سوتشي"، المزمع عقده أواخر الشهر المقبل، وتوجهات الأكراد لتشكيل جيش شمال سوريا، بدعمٍ من الأمريكيين، وهو ما يعني فقدان تركيا للحليفين؛ الروسي والأمريكي، خاصة، أنّ مرجعية تحالف أردوغان مع إيران، وتقديمه تنازلات متصلة بالقبول بالأسد، أو غضّ الطرف عن ذلك، كان مرتبطاً بالهدف الإستراتيجي التركي بالحيلولة دون قيام كيان كرديّ.

تبدي روسيا اليوم "حليف تركيا المفترض"  قبولاً بالأكراد في سوريا وهو ما يعني فقدان تركيا للحليفين الروسي والأمريكي

ثانياً: انقلاب سوريا وروسيا على مخرجات الأستانة، بخصوص منطقة خفض التوتر في إدلب، والتوافق على دخول عسكري تركي إلى إدلب، وهو ما لم يتم فعلياً، كما ترغب تركيا، وتحديداً استهداف جبهة النصرة في سوريا، حليف تركيا الرئيس، ولسانها، وأداتها في سوريا، ونقل عناصرها، قبل أيام، من الغوطة في دمشق إلى إدلب لإحكام القبضة عليهم.

ثالثاً: منذ تنازلات تركيا في حلب، وقبولها بنقل الفصائل الإسلامية الموالية لها إلى إدلب، ثم انخراطها كضامن لمناطق خفض التوتر مع إيران وروسيا، كانت تركيا الطرف الخاسر، فلم تحقق هدفها بإضعاف أكراد سوريا، الذين يتردّد أنّهم أنجزوا تفاهمات مع النظام السوري في إطار فدرالية سورية، وبالتوازي خسرت تركيا، عملياً، تحالفها مع الفصائل الإسلامية، التي تعتقد بأنّ أردوغان "باعها".

رابعاً: ظهور نتائج مؤتمر سوتشي قبل انعقاده، وأبرزها: بقاء الأسد، والقضاء على الفصائل المسلحة، وتقوية شوكة أكراد سوريا، وهو ما يعني فشل تركيا في تحقيق أي من أهدافها في سوريا، وتثبيت أنّ اللّاعبين الأساسيين في سوريا، هما: روسيا وإيران فقط، فيما كان التحالف مع تركيا مجرّد شاهد زور. وربما في إشارات الدول التي ستسهم في إعادة الإعمار في سوريا، ما يؤكّد ذلك؛ إذ ستكون العقود من نصيب روسيا وإيران والصين.

ورغم كل ذلك، فإنّ تلك الأسباب الموضوعية، التي دفعت أردوغان لاتخاذ هذا الموقف من الأسد، ستبقى عرضة للعودة عنها في ظلّ إدراك الرئيس الروسي بوتين انقلابات أردوغان من جهة، وربما لكونها لا تتعدى فكرة مناكفة المملكة العربية السعودية، التي يتردّد أنّها على توافق مع الروس والأمريكيين بخصوص مستقبل الأسد، خاصّة أنّها تأتي في ظل شعور أردوغان بالنشوة بعد جولته الإفريقية، واعتقاده بتحقيق نصرٍ، خاصة في السودان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية