المغرب: المرأة تشغل مهنة "مأذون شرعي"

المغرب: المرأة تشغل مهنة "مأذون شرعي"


28/01/2018

أقرّ العاهل المغربي، الملك محمد السادس، حقّ مزاولة مهنة "عدل" أو "مأذون شرعي" للمرأة المغربية، الإثنين الماضي، خلال جلسة المجلس الوزاري التي ترأسها في القصر الملكي بالدار البيضاء.

العاهل المغربي يقرّ للنساء حقّ مزاولة مهنة عدل أو مأذون شرعي

وكلّف العاهل المغربي، وزير العدل بفتح خطة مهنة "العدل" أمام المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بدراسة هذه المسألة، كما أحال الموضوع على المجلس العلمي الأعلى لإبداء رأيه فيه.

وأصدر الديوان الملكي هذا التكليف، مؤخراً، بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتباراً لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أصبحت عليه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية ومنها القضاء، حسبما أوردت صحيفة "العرب" اللندنية.

وأكّد رئيس هيئة "عدول" المغرب، أنّ فتح مهنة العدالة في وجه المرأة المغربية، له أثر بالغ في نفوس عدول "المأذونين الشرعيين" المملكة، الذين يعبّرون عن تثمينهم لهذه الخطوة المباركة، لافتاً إلى أنّ الهيئة ستسعى دوماً إلى تجسيد توجيهات الملك محمد السادس.

المأذونة الشرعية ستحظى بكامل الرعاية وستتمتع بكافة الصلاحيات التي يمنحها لها القانون

وأضاف، أنّ المأذونة الشرعية ستحظى بكامل الرعاية ضمن هيئة العدول، وتتمتع بكافة الصلاحيات التي يمنحها لها القانون، وأنّ الهيئة ستعمل بكلّ صدق على ولوجها المهنة بسلاسة تامة، وفق ما تقتضيه إرادة العاهل بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء.

ويقول باحثون قانونيون: إنّه بهذا القرار يتوجب إدخال تغييرات على البنية التشريعية والقانونية، المنظمة لمهنة التوثيق الشرعي بالمغرب، وفي هذا الصدد أكّد رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أنّ اجتهادات العلماء وخبراء المجال القانوني والاجتماعي، كفيلة بخلق التوازن المطلوب، بين مستلزمات العقيدة وقيم المسلمين، والتزامات المغرب الحقوقية، وطنياً ودولياً.

ومن جانبه، أكّد رئيس نادي قضاة المغرب، عبد اللطيف الشنتوف، أنّ قرار الملك محمد السادس بشأن السماح للمرأة المغربية بممارسة مهنة المأذون الشرعي، جاء اعتماداً على معطيين أساسيين؛ يتمثل المعطى الأول في الأخذ برأي المجلس العلمي الأعلى، الذي نعلم أنّ من بين مهامه الإفتاء إلى جانب الملك كأمير للمؤمنين، وقد قررت هذه المؤسسة بإعمال اجتهادات معينة لقراءة النصوص الدينية، أنّ لا شيء يمنع شرعاً من ممارسة المرأة لهذه المهنة. أما المعطى الثاني الذي تم استحضاره؛ فهو ما وصلت إليه المرأة المغربية من كفاءة وتثقيف علمي رصين.

العثماني: قرار الملك محمد السادس خطوة مهمة على درب الإصلاح والتجديد الديني

ويرى مدير الشؤون الدينية باتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، الصادق العثماني، أنّ هذه الخطوة مهمة جبارة قامت بها المملكة المغربية هذه الأيام، على درب الإصلاح والتجديد الديني، خاصة فيما يتعلق بشؤون الأحوال الشخصية، من زواج وطلاق وغير ذلك، وهي السماح بممارسة المرأة لمهنة "العدل"، لما لها من انعكاسات إيجابية على واقع المرأة المغربية والمرأة المسلمة عموماً.

بدورها، لفتت الباحثة المغربية في قضايا المرأة والأسرة والقيم، مونية الطراز، إلى أنّ التصدي لتصحيح التشريعات في قضايا المرأة، أمر ألفناه، واعتدنا عليه منذ بداية القرن العشرين، وأنّ حكم الشريعة معرّض لثقافة الناس، وأهوائهم، ويخضع للسائد والأعراف، أكثر ممّا يخضع لنظر الشارع، وتبرّر محاصرة إشراك المرأة في الحياة العامة، في الغالب، بتأويلات غير سليمة للنصوص، وقد يرجع منعها أحياناً إلى مشكلة تمديد العمل بأحكام اجتهادية سابقة، وإقحامها في واقعنا المتغيّر.

الطراز: طالما هناك عقليات جامدة لا تتفهم حركية الشريعة سنواجه اعتراضات على قرارات تمكين المراة

وقالت الطراز: إنّ "التمترس وراء الشريعة، دون التعمّق في مقاصدها الحقيقية، هو سبب الاعتراض على هذا القرار"، مؤكدة أنّه حين نعاين عقليات نقلية لا تتحرى الصواب فيما تنقل من آراء القدماء، ونرى ضمائر منغلقة غير متفهمة لحقائق التشريع وفلسفته، لا عجب أن نسمع الاعتراضات على تمكين المرأة من حقّها في ولوج مهنة التوثيق أيضاً، وما دامت هناك عقليات جامدة لا تتفهم حركية الشريعة، فلا شكّ في أنّنا سنعاني من اعتراض على هذا القرار العادي.

وترى الطراز، أنّه ما دامت المرأة المغربية تبتّ كقاضية في صحة التوثيق في البلدية؛ حيث تشهد على صحة العقود، وباعتبارها قاضية تبتّ في المنازعات، لا بدّ من الوثوق في توثيقها كعدل.

وعدّ المركز المغربي لحقوق الإنسان، أنّ هذه الخطوة إيجابية، وتأتي تفعيلاً لالتزام المغرب بمقتضيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، خاصة المادة 11، التي تلزم الدول المصادقة عليها، مثل المغرب، بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في ميدان العمل.

القانون المنظم لمهنة المأذون الشرعي بالمغرب لم يحدّد جنس المترشح لمهنة التوثيق العدلي

ويرفض الداعية السلفي حسن الكتاني، ولوج المرأة مهنة المأذون الشرعي، معتبراً أنّ هذه الخطوة تعبث بأحكام الشرع، وتخالف ما قرّره أئمة الإسلام، ومنهم الإمام مالك الذي يدين المغرب بمذهبه رسمياً.

وأكّد الكتاني، أنّه في حال "فتحت مهنة العدول في المغرب أبوابها للنساء، فهذا مخالف لما عليه أئمة المالكية، وجماهير أئمة الإسلام، وهو فعل باطل يجعل الزواج كلّه فاسداً، مطالباً بإيقاف ما أسماه "العبث بأحكام الدين"".

وأعلنت الهيئة الوطنية لعدول المغرب، عن الشروط المطلوبة لممارسة مهنة العدول بالنسبة إلى النساء؛ حيث لا تختلف عن تلك المطلوبة للرجال، فيشترط على الراغبة في ممارسة المهنة أن تكون مسلمة، وتحمل الجنسية المغربية، وحاصلة على الإجازة في القانون، أو الشريعة الإسلامية، أو اللغة العربية، وأن تكون بالغة من العمر 25 عاماً، وألا يزيد عمرها عن 45 عاماً، ولم يسبق لها أن حكم عليها بالسجن أو الغرامة النافذة، أو موقوفة التنفيذ، إضافة إلى الشروط، لا بدّ للراغبات في ممارسة مهنة العدول من الإدلاء بوثيقة تثبت حسن السيرة والسلوك، ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية لدى وزارة العدل، وبعد النجاح سوف تتلقى عاماً من التدريب بقرار من وزير العدل.

وتندرج هذه الخطوة، في إطار ميثاق إصلاح منظومة العدالة، التي أطلقها المغرب عام 2013، ونصّت على تحديث مهنة "العدول"، وفتحها في وجه المرأة، وإلغاء كلّ أشكال التمييز ضد المرأة المغربية.

يذكر أنّ القانون المنظم لمهنة العدول بالمغرب، لم يشر إلى جنس المترشح لمهنة التوثيق العدلي، ولم يتم التنصيص في المادة الرابعة منه على اشتراط الذكورة.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية