تركيا "تؤسلم" الدنمارك.. وأردوغان يحلم بغزو القارة الأوروبية دينياً

تركيا "تؤسلم" الدنمارك.. وأردوغان يحلم بغزو القارة الأوروبية دينياً


28/11/2017

"لا يوجد شيء اسمه إسلام "معتدل" أو "غير معتدل". الإسلام واحد"، قال الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان في 9 تشرين الثاني (نوفمبر). "مؤخرًا،  حظي مفهوم 'الإسلام المعتدل' بالاهتمام. غير أن براءة اختراع هذا المفهوم تعود إلى الغرب... إنهم يحاولون الآن ضَخّ هذه الفكرة مجدّدًا. وما يريدون فعله في حقيقة الحال هو إضعاف الإسلام..."
أردوغان، يعمل على تَمْتين الإسلام في الغرب، وهو أمر يقوم به، من بين أمور أخرى، عبر بناء المساجد التركية في البلدان الغربية. ليس من المستغرب أنه لا يريد أن يقوم الغرب بـ "إضعاف الإسلام"، لكن في الوقت الراهن لا يبدو أنه ثمَّة خطر يذكر من حدوث ذلك. فإنشاء المساجد التركية في البلدان الغربية كما يبدو يسير على قدم وساق مع معارضة قليلة جدًا. على العكس من ذلك، بناء كنائس غربية في تركيا أمر مُحَال.

أردوغان يرى أنّ الأتراك الذين يعيشون في الغرب رأسُ الحربة بالنسبة للإسلام، ويطلب منهم أن يندمجوا ولا يُستوعَبوا

أردوغان، يرى بشكل واضح الأتراك الذين يعيشون في الغرب على أنهم رأس الحربة بالنسبة للإسلام. "أَجَل، اندمجوا في المجتمع الألمانيّ ولكن لا تُستَوعبوا فيه. فليس لأحد الحق في حرماننا من ثقافتنا وهويتنا"، قال أردوغان للأتراك في ألمانيا في وقت مبكر من عام 2011. وهذا العام، قال للأتراك الذين يعيشون في الغرب: "اذهبوا للعيش في أحياء أفضل. وقودوا أفضل السيارات. واقطنوا أفضل البيوت. انجبوا خمسة أطفال وليس ثلاثة. فأنتم مستقبل أوروبا. وهذا سيكون أفضل رد على المظالم الواقعة بحقكم".
أردوغان، كما هو واضح يعمل، عبر بناء مساجد جديدة وتوسيع المساجد القديمة في جميع أنحاء أوروبا، على ضمان أن يكون المسلمون حقًا مستقبل القارة.

نشاط الإسلام في الدنمارك
أحد البلدان الغربية التي يقوم فيها أردوغان بتكثيف نشاط الإسلام هي الدنمارك. هناك مسجدان تركيان جديدان على وشك الافتتاح في مدينتي روسكيلد وهولبك الدنماركيتين؛ في العام الماضي، مسجدان تركيان افتُتِحا في مدينتي فريدريسيا وآرهوس. ومساجد تركية جديدة قد افتُتِحَت في رينغستيد وهيدهوسين في عام 2013؛ وفي كوو افتَتَح المسجد القائم مركزًا ثقافيًا. هناك 27 مسجدًا تركيًا في الدنمارك؛ ثمانية منها تتوسع أو ترغب في التوسع.
المسجد الجديد في روسكيلد، مُتَمّم المآذن، مملوك من قِبل مديرية الشؤون الدينية التركية (ديانة). وإدراج المآذن يرجع الفضل فيه إلى الجيل الثاني والثالث من المهاجرين الأتراك، الذين يريدون أن يكون المسجد "مسجدًا لائقًا".
"إن الاتجاه العام في جميع أنحاء أوروبا يتمثل في توسُّع ديانة ماديًا بمساجد جديدة، وأيضًا [من خلال المساجد] دينيًا وسياسيًا وثقافيًا"، قال البروفيسور ساميم أكغونول، من جامعة ستراسبورغ. وهو قد حلَّل خطب الجمعة التي ترسلها ديانة إلى المساجد في أنحاء أوروبا كافة؛ وتحليلاته تُظهِر أن الخطب مليئة بالرسائل السياسية والقومية التي تفضِّل نظام أردوغان.
ووَفْق تونجاي يلماز، رئيس مجلس إدارة مسجد آيا صوفيا في روسكيلد، "ديانة ليست سياسية، ويمكنني أن أعدكم بذلك. كما هو بيّن، هي تنتمي إلى الدولة التركية، إنّما مستقلّة عن الحكومة".
هذا القَوْل غير صحيح. ديانة هي وكالة تابعة للحكومة التركية - وهي نشطة للغاية. وكما أشار بُراق بكديل من معهد غيتستون:

"في جلسة إحاطة للجنة برلمانية، أقَرّت ديانة بأنها جمعت معلومات استخبارية عبر أئمة من 38 دولة حول أنشطة المشتبه بهم من أتباع الواعظ الأمريكي فتح الله غولن، الذي اتهمته الحكومة التركية بأنه العقل المدبّر لمحاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو... قالت ديانة إن أئمتها جمعوا معلومات استخبارية وأعدوا تقارير من أبخازيا وألمانيا وألبانيا واستراليا والنمسا وأذربيجان وبيلاروسيا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وبلغاريا والدنمارك واستونيا وفنلندا وجورجيا وهولندا والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وإيطاليا واليابان ومونتينيغرو وكازاخستان وكينيا وقيرغيزستان وكوسوفو وليتوانيا ومقدونيا ومنغوليا وموريتانيا ونيجيريا والنرويج وبولندا ورومانيا والمملكة العربية السعودية وطاجيكستان وتنزانيا وتركمانستان وأوكرانيا".
في الدنمارك، مع ذلك، تم الترحيب بأحدث مساجد الدولة التركية بأذرع مفتوحة. رئيسة بلدية روسكيلد، جوي مونسن، التي كانت تعرف أن الحكومة التركية تمتلك المسجد، شاركت في حفل إرساء حجر الأساس في شباط/فبراير 2016. وهي تدَّعي أن حقيقة أنها وأسقف المدينة قد دُعيا إلى الحفل تعني أن هناك "أشخاص طيبون" في المسجد يعملون من أجل "الاندماج" - وإلا فإنهم ما كانوا ليسمحوا لـ "امرأة مسيحية مثلي بلا حجاب" بالمشاركة في مراسمهم.
ومن بين هؤلاء الأشخاص "الذين يعملون من أجل الاندماج" رئيس مجلس إدارة المسجد، تونجاي يلماز، وهو أيضًا عضو في مجلس مدينة روسكيلد عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي. ويحدث أن يكون له علاقات وثيقة مع المنظمة الإسلامية الراديكالية ميلي غوروس، التي تدير وكالة السفر التي يعمل بها يلماز. وهو ينظِّم رحلاتها إلى مكة المكرمة. "لستُ عضوًا في تلك المنظمة"، يقول يلماز. "العلاقة الوحيدة هي أنني أعمل في وكالة السفر التابعة لها".

هل هناك أشياء مشبوهة؟
من الواضح أن عمدة روسكيلد لا تعتبر انتماء يلماز مشكلة، ولا مجلس المدينة. "لو أننا لاحظنا أي شيء مشبوه حول هذه المنظمة، لتحدثنا معه عن ذلك، لكننا لم نسمع أي شيء من هذا القبيل"، قال سورين كارغارد، رئيس الحزب الديموقراطي الاشتراكي في روسكيلد، ردًا على أسئلة الصحافيين حول علاقة يلماز بميلي غوروس. حسنٌ، ربما لو كان كارغارد قد كلَّف نفسه البحث وراء ميلي غوروس من أجل معرفة ذلك، فهذا ما كان ليحصل عليه، وَفْق تقرير عام 2005 لميدل إيست كوارترلي:

تم الترحيب بأحدث مساجد الدولة التركية في الدنمارك بأذرع مفتوحة.. ورئيسة البلدية كانت تعرف أن الحكومة التركية تمتلك المسجد

"وكالة الاستخبارات المحلية في ألمانيا حذَّرت مرارًا وتكرارًا من أنشطة ميلي غوروس، واصفة المجموعة في تقاريرها السنوية بأنها 'منظمة أجنبية متطرفة'، وذكرت الوكالة أيضًا أنه 'على الرغم من أن ميلي غوروس، في البيانات العامة، تتظاهر بالالتزام بالمباديء الأساسية للديمقراطيات الغربية، فإن إلغاء النظام الحكومي العلماني في تركيا، وإنشاء دولة ونظام اجتماعي إسلاميين، كما كان الحال من قبل، من بين أهدافها... وكما لاحظ مكتب حماية الدستور في هيسن: إن تهديد الإسلاموية لألمانيا يُطرح... في المقام الأول من قِبل ميلي غوروس ومجموعات أخرى تابعة لها، وهم يحاولون نشر الآراء الإسلاموية داخل حدود القانون. ثم يحاولون تطبيق... تفسير صارم للقرآن الكريم والشريعة على جميع المسلمين في ألمانيا... إن دعمهم العلني للتسامح والحرية الدينية ينبغي أن يعامل بحذر شديد".
هذا التَقْييم، مع ذلك، لا يبدو أنه يزعج السلطات الدنماركية، التي يبدو أنها لا ترى مشاكل في أن تؤسلم مدنها من قِبل الأتراك. هذا النوع من الجهل - أو التظاهر بالجهل - يرقى إلى التقصير في أداء الواجب من جانب أشخاص مثل عمدة روسكيلد والسيد كارغارد.
وكم عدد المساجد الأخرى التي سيستغرقها الأمر (حتى يتنبّه هؤلاء)؟.

 جوديث بيرغمان - عن معهد "غيتستون" نشر بتاريخ 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية