أول محجبة في الكنيست الإسرائيلي لـ "حفريات": أعتز بردائي وهويتي الفلسطينية

فلسطين

أول محجبة في الكنيست الإسرائيلي لـ "حفريات": أعتز بردائي وهويتي الفلسطينية


11/03/2020

تغريد علي

نائبة فلسطينية تدخل الكنيست الإسرائيلي ليس بلغتها العربية فقط، وإنما بحجابها لتكون أول فلسطينية تدخل هذا المكان في تاريخ إسرائيل، وتفرض نفسها على الحلبة السياسية الإسرائيلية، كنائبة تنتمي إلى الحركة الإسلامية الجناح الجنوبي، والتي طالما كان تمثيلها في الكنيست أو المجالس البلدية العربية في إسرائيل، حكراً على الرجال فقط، ليعتبر انتخابها كعضو كنيست عن الحركة الإسلامية تاريخياً وغير مسبوق.

تخرجت ياسين في معهد القيادة التربوية مانديل في القدس، وحاصلة على درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية من جامعة تل أبيب

إنها النائبة العربية الفلسطينية إيمان خطيب ياسين ( 55 عاماً) والتي ولدت في بلدة عرابة البطوف داخل الأراضي المحتلة عام 1948 في العام 1965، ومقيمة وأسرتها في بلدة يافة الناصرة في الجليل الأعلى شمال فلسطين، وبسبب الوضع الاقتصادي الصعب لعائلتها، التحقت بالجامعة بعد 4 سنوات من إنهائها الثانوية العامة، وبصفتها امرأة ملتزمة محجبة، أخذت على عاتقها مسؤولية اجتماعية وسياسية وقومية وعقائدية.

تخرجت ياسين في معهد القيادة التربوية مانديل في القدس، وهي حاصلة على درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية من جامعة تل أبيب، وكان موضوع أطروحتها في مجال الهوية والأمومة لدى الفتيات الفلسطينيات".

عاشت في عائلة كبيرة نسبياً ولكنها تعج بالمتعلمين والأكاديميين

عاشت في عائلة كبيرة نسبياً ولكنها تعج بالمتعلمين والأكاديميين، حيث اجتاز أشقاؤها وشقيقاتها تعليمهم الجامعي، واستطاعت الارتباط بزوجها والذي يعمل أستاذاً في تخصص إلكترونيكا في إحدى المدارس الثانوية بمدينة الناصرة، ولها أربعة من الأبناء ( 3 أولاد وبنت واحدة)، حيث نقلت ياسين حب العلم من بيت عائلتها إلى أبنائها، والذين يدرسون تخصصات علمية في الطب ونظم المعلومات والعلاج الطبيعي.

وبدأت ياسين بشق طريقها في المجتمع والسياسة، حيث عملت أخصائية اجتماعية ومديرة للمركز الجماهيري في بلدة "زيمر" في المثلث منذ 20 عاماً، وشاركت في إقامة مؤسسة "نساء ضد العنف" في الناصرة، وعملت على تأسيس وإدارة مركز "للفتيات في ضائقة"، وكمُركزة لمشروع تعليم الطلاب الجامعيين لتلاميذ الابتدائية "بيرح".

اقرأ أيضاً: القضية الفلسطينية بين الاستغلال والابتزاز

واهتمت بقراءة الروايات الأدبية، والمراجع الفلسفية، وقصص النجاحات النسوية في شغل المناصب القيادية والانخراط في العمل المجتمعي، باعتبار أنّ المرأة الناجحة في عملها تستطيع العيش بحياة اجتماعية ناجحة، معتبرة أنّ الإسلام حفظ حقوق المرأة في اختيار ومفارقة الزوج، وحمايتها من التعرض للأذى من قبل الرجل، والإحسان إليها، وحقها في طلب العلم.

وتعرضت خلال العام 2011، للإصابة بمرض السرطان، ولم يمنعها مرضها من مواصلة حياتها وعملها، إلى أن استطاعت هزيمته، لتحقق نصراً من نوع آخر بترشحها للكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة، والتي تضم تحالف أربعة أحزاب عربية من بينها الحركة الإسلامية التي تنتمي إليها، حيث لم يحالفها الحظ في الانتخابات الإسرائيلية السابقة للوصول إلى الكنيست والتي جرت في أبريل (نيسان) الماضي.

شاركت أهل المثلث معركتهم ضد صفقة القرن

منعها من دخول الكنيست سابقاً
خاضت ياسين سلسلة مشكلات في إسرائيل بسبب حجابها، وتم منعها من دخول الكنيست في وقت سابق، بصفتها مواطنة عادية، فأجروا تفتيشاً دقيقاً لها تحول إلى تنكيل وأخروها أكثر من ساعة، وكانت تردد عبارتها وتقول نحن، المواطنين الفلسطينيين، في إسرائيل، السكان الأصليون لهذه البلاد، ولا مفر لنا من خوض معركة البقاء باستمرار، ونحمل الجنسية الإسرائيلية كمواطنين، ولكن هويتنا القومية هي فلسطينية، وفي الوقت ذاته، نريد العيش بسلام ونريد أن تتوفر لنا ولأبنائنا إمكانات العمل والتعليم، ووصولي إلى الكنيست ليس مجرد تحقيق لطموح شخصي، بل هو تحدٍّ أضيفه إلى سلسلة التحديات التي ملأت وتملأ حياتي".

اقرأ أيضاً: مصانع أدوية فلسطينية تتحدى القيود الإسرائيلية وتصدّر إلى الخارج

شاركت أهل المثلث معركتهم ضد صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، وأعربت لـ"حفريات" عن اعتقادها بأن هذه الصفقة "جاءت لغرض تصفية القضية الفلسطينية وترحيلنا نحن فلسطينيي 48 وتهويد منطقة الحرم الشريف وحرماننا نحن المسلمين منه".

والقائمة العربية المشتركة، هي تحالف 4 أحزاب عربية في إسرائيل، تخوض انتخابات الكنيست، 3 منها أحزاب علمانية: الجبهة الديمقراطية، والتجمع الوطني، والحركة العربية، بالإضافة إلى الحركة الإسلامية التي توصف بأنها "معتدلة".

تعرضت خلال العام 2011، للإصابة بمرض السرطان، ولم يمنعها مرضها من مواصلة حياتها وعملها

الدخول في الحياة السياسية
دخلت ياسين معترك الحياة السياسية وانضمت إلى الحركة الإسلامية لإتاحة المجال أمام جميع النسوة وخاصة المحجبات والملتزمات منهن للمشاركة في الأدوار السياسية، وإسماع صوتهن وإيجاد حلول للمشكلات التي يتعرضن لها داخل المجتمع، وكذلك الدفاع عن حقوق العرب داخل إسرائيل، والذين يعانون من التمييز في عدة مجالات كالصحة والتعليم والإسكان، والتحريض الممنهج الذي يتعرضون له من قبل أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل.

اقرأ أيضاً: وثيقة فلسطينية ترصد 300 تجاوز قانوني في "صفقة القرن"

وتابعت بأنها كأول امرأة محجبة وملتزمة تحصل على مقعد في الكنيست الإسرائيلي، فهذا يشكل لها تحدياً كبيراً باعتبارها السيدة الأولى التي تحصل على عضوية الكنيست عن الحركة الإسلامية والتي نافسها عليها ثمانية رجال، موضحة أنّ ما تقوم به هو لتجسيد الوجود القومي والديني، والافتخار بانتمائها الفلسطيني، والذي ستمثله للدفاع عن حقوق أكثر من مليون و 900 ألف عربي يعيشون في الداخل المحتل، والمطالبة بمساواتهم بكافة الحقوق الثقافية والاجتماعية، والدفاع عن قضايا العنف ضد المرأة، والتي تمثل نصف المجتمع، لمحاولة خلق واقع أفضل لها ولكافة شرائح وأبناء المجتمع العربي".

تجسيد الوجود العربي
وتعتبر وصولها إلى عضوية البرلمان يفتح الطريق أمام النساء، بمن فيهم المحجبات، لمراكز صنع القرار، باعتبار أنّ من أهم الأسباب التي دفعت بها إلى هذا المنصب هو أنها محجبة، وبرغم كل المؤهلات التعليمية والعملية التي تتمتع بها في عدد من المواقع، فإنها كانت تواجه صعوبات بسبب حجابها، وكان دائماً عليها أن تثبت نفسها حتى يقتنع الجميع بأنّ هذه المرأة المحجبة قادرة على حمل المسؤولية.

اهتمت بقراءة الروايات الأدبية، والمراجع الفلسفية، وقصص النجاحات النسوية في شغل المناصب القيادية والانخراط في العمل المجتمعي

ورأت أنّ دخولها في الكنيست الإسرائيلي ليس فقط رسالة وواجباً، وإنما هو أمانة على كل إنسان قادر على التغيير من أجل مصلحة شعبه ومجتمعه، ومن أجل حياة كريمة أفضل لأولاده وبناته، ومن المفترض أن يقوم بدوره فى هذا المجال.

وانضمت ياسين للحركة الإسلامية لأنها تؤمن أنّ الحركة الإسلامية هي بمثابة بيت قيمي عقائدي مرجعي لما تؤمن به، وأن دخولها الكنيست لتوجيه رسالة للإسرائيليين بأنكم لن تستطيعوا إلغاء وجودنا وتغيير الرواية الحقيقية لهذه الأرض وأصحابها، وما الكنيست الإسرائيلي إلا أداة من أدوات العمل، وهو مقر التشريعات وعلينا أن نأخذ دورنا هناك لأجل حياة كريمة لأبنائنا وبناتنا، وأنّ وجودها كامرأة في الكنيست للافتخار بانتمائها الفلسطيني والديني، وتجسيد للوجود العربي القومي والديني، لطرح قضايا متعددة كمكافحة العنف وبناء مجتمع متسامح وسلمي أكثر.

السيدة الأولى التي تحصل على عضوية الكنيست عن الحركة الإسلامية والتي نافسها عليها ثمانية رجال

طرح القضايا الجوهرية
وبينت أن حجابها أثار في بعض الأحيان مشاعر معادية للإسلام في إسرائيل، إلا أنّ ذلك لن يثنيها عن مواصلة عملها في مواقع التأثير والدفاع عن حقوقنا والنهوض بمجتمعها العربي، والمحافظة على هويتها الثقافية الفلسطينية، وتعاليم الدين الإسلامي، لتكون قادرة على اتخاذ قرارات نوعية تسهم في خلق واقع أفضل في مجتمعها للعيش بحياة كريمة، تتسم بنوع من الرفاهية والتربية والتعليم، لمحاولة إفشال الخطط الإسرائيلية كافة، التي تدعو إلى تهميش المجتمع العربي والتضييق عليه، باعتباره أقلية في داخل دولة إسرائيل.

اقرأ أيضاً: المواجهة الفلسطينية المطلوبة لصفقة القرن

وترى ياسين أنّ القائمة العربية المشتركة بأحزابها الأربعة باتت ثالث أكبر حزب في الكنيست الإسرائيلي، بعد حزبي الليكود وأزرق أبيض، وهو من شأنه أن يجعل القائمة العربية ذات تأثير كبير وايجابي على المجتمع العربي، من أجل إحقاق حقوقهم، وتثبيت هويتهم الثقافية، وطرح قضاياهم الجوهرية ومن أهمها قضايا العنف، والتي تقع في بعض المدن الفلسطينية بالداخل، والتي أودت بحياة العشرات من الأبرياء.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية