مسلمو بريطانيا يحاربون التطرف بمأسسة العمل الديني

مسلمو بريطانيا يحاربون التطرف بمأسسة العمل الديني


17/10/2017

 

يخطط كبار رجال الدّين المسلمين في بريطانيا لإنشاء مجلسهم الوطنيّ الأوّل، في سعي إلى إصدار أحكام دينية تشجّع على تفسير تقدمي للإسلام.

سيكون هذا المجلس، وفق تقرير نشرته صحيفة "ذي تايمز"، أول سلطة دينية مركزية للمسلمين البريطانيين، وسيعمل على إصدار فتاوى تتعلق بالعقيدة الإسلامية، وتوفير صوت وطني حول القضايا الاجتماعية. كما سوف يذكر بوضوح أنَّ "الممارسات الثقافية الرجعية" مثل؛ الزواج القسري والقتل من أجل "الشرف" لا مكان لها في الإسلام أو المجتمع البريطاني.
 

افتقاد بنية هرمية إسلامية ببريطانيا

على عكس كنيسة إنجلترا، لا توجد بنية هرمية للإسلام في هذا البلد، فمعظم المساجد تعمل بشكل مستقل؛ غير أنَّه لدى العديد من البلدان السُنّية المسلمة كبير مفتين وهيئات دينية وطنية. وفي بريطانيا يُنادي كثيرون من أجل ترسيم قيادة دينية للمسلمين، كما يقول كبير الأئمة بمسجد مكّة في ليدز قاري عاصم، مضيفاً أنَّ "ثمّة افتقاراً إلى صوت عام رسميّ يتحدّث عن قضايا مثل الإرهاب والإسلاموفوبيا".


ويُعتبر السيد عاصم (39 عاماً) من أبرز أئمة المملكة المتحدة، ويُنظَر إليه على أنّه صوت تقدمي يدين الهجمات الإرهابية، وينظّم حملات ضدَّ الزواج القسري، وهو مستشار لمجلس العموم البريطاني ضمن لجان تقديم الاستشارات في مجالس الشريعة (التي تعمل في حل النزاعات الأسرية وتبحث العلاقة بين الشريعة الإسلامية والنظام القانوني البريطاني)، وقد حصل على وسام ملكيّ في العام 2012.
وفقاً لعاصم، يُناقِش الأئمة المنخرطون في مجموعات مثل "المنتدى الإسلامي البريطاني" و"الأئمة على الإنترنت" تشكيل مجموعة لاهوتية من كِبار الأئمة للتعامل مع "القضايا التفسيرية (الاجتهادية)". وسوف تقوم المساجد بترشيح أئمة من طوائف مختلفة لهذا المجلس.

يخطط رجال الدّين المسلمون في بريطانيا لتأسيس مجلس وطني يتخذ موقفاً تقدمياً يتماشى مع المبادئ الإسلامية ويتلاحم مع المجتمع

وأضاف "إنَّ المحادثات تجري حالياً، وهناك حاجة وضغط داخلي يتماشيان مع رغبة الشباب المسلم في صورة أوضح للأمور". ويجب على المجلس أن "يقف بشكل جماعي ضدَّ أي ممارسات ثقافية رجعية في المجتمع (المسلم) ذاته تكون ضد القيم الإنسانية العالمية".
وتابع عاصم "يجب على المجلس أن يتخذ موقفاً تقدمياً يتماشى مع المبادئ الإسلامية ويتلاحم مع السياق البريطاني؛ مثلاً، يحظر الإسلام بشدّة "القتل من أجل الشرف"، والزواج بالإكراه، لكن الثقافات الكارهة للنساء قد أضعفت وضعية المرأة، ويجب على المجلس أيضاً أن يكون سبّاقاً ومقداماً عندما يتعلق الأمر بقضايا تؤثر في المجتمع المسلم بنفس القدر الذي تؤثر به في بقية المجتمع (البريطاني)، مثل تغير المناخ وتابوهات كالصحّة النفسية والبدانة". ويمكن للمجلس أن يصر على أنّ المثليين المسلمين "لا ينبغي أن يتعرضوا للاضطهاد أو النبذ".
 

مظلات جامعة غير فعالة
إنَّ الهيئات القائمة بالفعل مثل "المجلس الإسلامي في بريطانيا" و"مجلس الأئمة الاستشاري الوطني" والمساجد غير الفعالة هي مظلات جامعة لا تمتلك أي سلطة تخص العقيدة الدينية، والحكومات المتعاقبة قامت -وقد أصابها القلق- بقطع العلاقات معها عندما أعرب أعضاء منتسبون لهذه الهيئات عن وجهات نظر مثيرة للجدل.
وقال السيد عاصم، الذي وصف الهجوم الإرهابي الذي وقع في برشلونة في 17 آب (أغسطس) 2017 بالخبيث، إنَّ المجلس سيشتمل على وجهات نظر محافظة، لكنها ستتخذ موقفاً تقدمياً، وكما يقول، ستكون المشاعر مختلطة حول المجلس، لكن ثمة حاجة إلى صوت عاقل.
تُظهر بيانات تايمز أنّ هناك أكثر من 1200 مسجد في بريطانيا، تنتمي أقلية منها إلى "مجالس" محلية، لكن معظمها يصدر قراراته الخاصة.

الهيئات الإسلامية القائمة في بريطانيا مظلات جامعة لكنها لا تمتلك أي سلطة تخص العقيدة الدينية

ويذكر السيد عاصم أنَّ المجلس سيوفر قرارات أكثر رسمية، مع وجود أئمة منخرطين مع المجتمع بأكمله، وقد يكون مرحَّباً به، بوصفه صوتاً مسلماً رسمياً، من الحكومة ووسائل الإعلام، كما يمكنه أن يضخّم جهود المساجد الفردية التي تدين التطرف ولكن لا تتلقى غالباً تغطية إعلامية وطنية.
على الأئمة "القيام بواجباتهم"، يقول السيد عاصم، وبإمكانهم طلب المشورة من المجموعات الدينية الأخرى.

من يتحدَّث باسم المسلمين البريطانيين؟
هناك 2.8 مليون مسلم في بريطانيا، معظمهم من خلفية سُنّية، ولكن ثمة أيضاً أفراد من طوائف شيعية وأحمدية، ولا يوجد زعيم ديني واحد للمسلمين البريطانيين ولا كيان عمومي معترف به للتحدث باسم الجميع، رغم وجود العديد من المظلات الجامعة، التي تدعو المساجد للانتساب إليها بُغية تنسيق مشاريع المجتمع (المسلم) وإصدار بيانات عامة.
لدى "المجلس الإسلامي في بريطانيا" 500 عضو منتسب ويديره أمين عام ليس لديه أي صفة رسمية، هو هارون خان. وقد احتضنت حكومة حزب العمل المجلسَ بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في العام 2005، لكن العلاقات قطعت بينهما في العام 2009 عندما وقّع أحد كبار الأعضاء إعلاناً يدعم حركة حماس. ثمَّ استؤنفت العلاقات في العام 2010، لكنها لم تنشط مرةً ثانية بهذا التحالف، وقد قام المجلس بتأسيس المشروع السنوي "عليك زيارة مسجدي".

لدى "المجلس الإسلامي في بريطانيا" 500 عضو منتسب ويديره أمين عام ليس لديه أي صفة رسمية

في العام 2006 تم تأسّس "المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة" بدعم من وزراء لتعزيز الحكم السليم، وقد توقّفت الأموال العامة عنه في العام 2014 بسبب قلق جرى حول بعض أعضائه البالغ عددهم 500 عضو، وقال مؤسِّسه إنّه كان من الأفضل الاشتباك مع أولئك الذين يحملون وجهات نظر مثيرة للجدل، والمجموعة حالياً غير فعَّالة، لكنها عبّرت العام 2016 عن خطط للإصلاح.
وبالنسبة إلى "المنتدى الإسلامي البريطاني" فهو يضم حوالي 500 عضو، وقد أصدر فتوى في العام 2005 ضد الإرهاب بعد هجمات 7 تموز (يوليو)، وتهدف هذه المجموعة إلى تعزيز التماسك بين المجتمعات (المسلمة) وتركز على القضايا الاجتماعية.
يذكر أنّ الشيخ إبراهيم موقرا ومولانا سيد علي عباس الرضوي دُعيا لتمثيل الطائفين السُنّية والشيعية يوم الكومنولث، في دير وستمنستر، مع الملكة العام 2016، وظهر الإمام قاري عاصم مع أساقفة كانتربري ووستمنستر والحاخام الرئيس في الوقفة الاحتجاجية من أجل ضحايا هجوم وستمنستر الإرهابي.


كايا بورجيس- ذي تايمز
نشرت بتاريخ 18 آب (أغسطس) 2017

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية