رأس الحسين.. بين أفراح الصوفية وسخط السلفية

الصوفية والسلفية

رأس الحسين.. بين أفراح الصوفية وسخط السلفية


17/01/2018

كدأب كل عام، تتواصل احتفالات المصريين بذكرى وصول رأس الإمام الحسين إلى القاهرة، متزامنة في المقابل مع معركة الصوفية والتيارات السلفية على تحليل أو حرمة هذه الطقوس، ليتوزع أهل الكنانة في مشهد حائر غدا مألوفاً بين أفراح هؤلاء وسخط أولئك.

احتفال صوفي حاشد

في رحاب الليلة الختامية للاحتفال بوصول رأس الحسين إلى مصر الذي صادف أمس، الثلاثاء الأخير من شهر ربيع الثاني، احتشد الآلاف من أتباع الطرق الصوفية، والمحبين لآل البيت، ونصبوا الخيام، والحواجز الحديدية في جميع المداخل والمخارج، وحضر قرابة المائة ألف أمام المسجد، وفي الساحات المجاورة كانت حفلات كبار المنشدين، وحرص بائعو الحلوى، كما بائعو الكتب الدينية، على الوجود بجوار بائعي المسابح عند جميع مداخل المسجد وأبوابه.

احتشد الآلاف من أتباع الطرق الصوفية ومحبي آل البيت للاحتفال بذكرى وصول رأس الحسين إلى مصر

وفي وسط ميدان مسجد الحسين، انتشرت الحواجز الحديدية على جميع المداخل والمخارج، لتأمين الحشود الوافدة، التي استمر مجيئها لمدة أسبوع كامل، فضلاً عن انتشار العديد من سيارات الإسعاف تحسباً لأي ظروف، خاصة أنّ بعضاً من الزوار أصيب بحالة من الاختناق نتيجة لشدة الزحام، كما شهدت شوارع المعز وخان الخليلى ازدحاماً كبيراً من قبل الزائرين، بغرض التسوق بالمنتجات اليدوية والإكسسوارات والتحف الفرعونية والنحاسية.

الطريقة الرفاعية والعزمية والشاذلية والشبراوية والبيومية، والطيبية التي يترأسها شقيق الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ويدعى محمد الطيب، كانت من بين أبرز الحضور، والصفحة الرسمية للمنشد ياسين التهامي، الملقب بعميد الإنشاد الديني، على موقع "فيس بوك"، نشرت إحياءه الليلة الكبيرة للاحتفال برأس الإمام الحسين بالقاهرة.

السلفية تشعل المعركة المعتادة

نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، قال بموقع "أنا السلفي" لسان حال الدعوة السلفية، إنّ "رأس الحسين لم يأتِ القاهرة، والحديث عن وجوده مجرد أكاذيب، وإنّ من يذهبون إلى مسجد الحسين يقرأون الفاتحة لأحجار لا تنفع ولا تضر- حسب قوله- معتبراً أنّ ذلك قد يُخرج الناس من الملة".

وأضاف برهامي في أحد مقالاته أنّ "الصوفية تنظم الاحتفالات المليونية كل عام، التي تصرف عليها الملايين وهذا خطأ كبير جداً؛ لأن الله -عز وجل- لم يأمرنا بذلك، لأنه يعد إسرافاً غير مبرر ويجب على علماء الدين أن يقفوا لمثل ذلك؛ لأن هذا يستهدف هدم التراث الإسلامي السنّي الذي من المفترض أن يقوم الجميع بالدفاع عنه حتى لا نتحول إلى شيعة مبتدعة".

في الوقت نفسه أطلقت صفحات سلفية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حملة لمنع الصلاة في مساجد أولياء الله الصالحين قبيل الاحتفال، وأعادت نشر فيديوهات لمشايخها تحث الناس على حرمة الصلاة في هذه المساجد، ومنها فيديو للداعية السلفي أبو إسحاق الحويني في العام 2010، يقول فيه إنّ "الصلاة في المساجد التى بها قبور محرمة وليست باطلة، فلا يجتمع مسجد وقبر في دين الإسلام".

نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي قال إن رأس الحسين لم يأتِ القاهرة وهذا الحديث مجرد أكاذيب

القيادي السلفي سامح عبدالحميد، طالب بلجنة تُشكَّل من الأوقاف وعلماء التاريخ لفحص كل الأضرحة الموجودة في مصر، والكشف عن حقائق المشايخ والأولياء في المحافظات، وقال إنّ "ما يقوم به الصوفية خرافات لا بد من توقفها، فهم بوابة التشيع".

وأضاف في تدوينته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "الحسين لم يأتِ مصر حيّاً ولا ميتاً رضي الله عنه، وإن مسجد الحسين بالقاهرة ليس فيه الحسين، ما يقوم به الصوفية هو مجرد خرافات لا بد من توقفها في مصر، وعدم السماح لهم بإقامة الاحتفالات داخل مسجد الحسين"، مؤكداً أيضاً أنّ السماح بإقامة هذه الاحتفالات هو سماح لبوابة التشيع في مصر.

السلفيون اتهموا الصوفية أنهم يستفيدون من مثل هذه الاحتفالات، وأن أموال النذور هي مدخل كبير للأموال بحجة خدمة زوار الحسين وتقديم المأكل والمشرب لهم طيلة أيام المولد، خاصة في الليلة الكبيرة والختامية.

الصوفية ترد

من جهته، رد شيخ مشايخ الطرق الصوفية، الدكتور عبدالهادي القصبي، في تصريحات صحفية بأنّ "مزاعم السلفيين بأنّ الاحتفال بمولد الحسين بدعة، وأن الحسين لم يأتِ إلى مصر حياً أو ميتاً، كلام ليس بجديد، واتهاماتهم الهدف منها تفريق الأمة تنفيذاً لأجندات ومخططات خارجية، ونحن لن نستجيب لمثل هذه الدعوات".

وأضاف أنّ الطرق الصوفية "لا تمارس البدع والخرافات كما يزعم البعض، ولسنا بوابة للتشيع، وهناك فارق بين الصوفية ومريديها وبين التشيع، وبالتالي ما يروجونه من مزاعم لا أساس له من الصحة، لذلك فإنّ  كلامهم لا يستحق الرد عليه".

أطلقت صفحات سلفية عبر فيسبوك حملة لمنع الصلاة في مساجد أولياء الله الصالحين قبيل الاحتفال

وقال شيخ الطريقة الشبراوية الشيخ محمد عبد الخالق الشبراوي، لـ"حفريات" إنّ "السلفيين هم سبب الإرهاب، وبينما نحن نحتفل ببطولات الحسين وسيرته الذاتية ونقوم بإطعام الزوار وقراءة القرآن، يقومون هم بتفريق الأمة".

وهو ما سبق أن أكده شيخ الطريقة الرفاعية طارق الرفاعي في تصرحات له خلال احتفالات العام الماضي قال فيها: "إن احتفال المصريين بالحسين يهدف إلى البعث برسالة سلام لكل العالم لدعم مصر في حربها ضد الإرهاب، من خلال نشر الوسطية والاعتدال والحب والود بين الجميع ونبذ العصبية والكراهية".

عبدالمجيد: المدفون في مسجد الحسين رجل قبطي

وكان عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، قد صرح لـ "إيلاف" في 29 أيلول (سبتمبر) 2012 مذكراً بقول ابن تيمية إن "المدفون في مسجد الحسين رجل قبطي وليس رأس الحسين وإن الدولة الفاطمية عندما دخلت مصر وجدت ولع المصريين بحب آل البيت، فأشاعت خبر نقل رأس الحسين إلى مصر ودفنه فيها ليزيدوا ارتباط الشعب بالدولة، لكن هذا غير صحيح، "والأمر كله مجرد ابتزاز يتعرض له المصريون منذ زمن طويل".

وقد رد "أبو العزايم" على مثل هذه المزاعم في تصريح له لموقع "فيتو" بتاريخ 27 أيلول (سبتمبر) 2017 بأن "المؤرخين وكتاب السيرة، ومنهم ابن ميسر والقلقشندي وعلي بن أبي بكر وابن أياس وسبط الجوزي والحافظ السخاوي والمقريزي، أجمعوا على أن جسد الحسين -رضي الله- عنه دفن في كربلاء، أما الرأس الشريف فقد طافوا به حتى استقر في عسقلان في فلسطين، ونقل منها إلى القاهرة في العام 548 هـجرية الموافقة 1153 ميلادية".

الشبراوي: السلفيون سبب الإرهاب وبينما نحتفل بالحسين ونقوم بإطعام الزوار وقراءة القرآن يقومون هم بتفريق الأمة

وأضاف: "أثبت خبراء الآثار الذين أشرفوا على تجديد القبة أن رأس الحسين موجودة، وما زالت الألواح التي حملت عليها الرأس موجودة، كما أثبت علماء الآثار أن رأس الحسين نقلت من عسقلان إلى مصر، ودفنت بالمشهد الحالي، وسط احتفال شعبي آنذاك".

الشيخ الشبراوي، قال لـ"حفريات": إن كتاب "الإجحاف بحب الأشراف" أثبت وجود رأس الإمام الحسين في ضريحه، وإنهم وجدوا الرأس في صندوق من الذهب المصفى المرصع بالجواهر، حيث وجدوه على حالته، لكن مفتي الديار المصرية طالب بعدم فتح الروضة الشريفة مرة أخرى.

ووسط هذا السجال المعتاد ظلت ساحة مسجد الحسين بالقاهرة تتزين بإضاءاتها المميزة، مجتذبة المصريين إلى سرادقات الطرق الصوفية في الساحات المحيطة، وسط تغنّي شيخ المداحين الشيخ ياسين التهامي بأشعار ابن الفارض، وحوله الآلاف من عشاق الابتهالات والأناشيد الدينية، غير عابئين بأنّ ثمة معركة تدور بين 168 طريقة صوفية، والسلفيين وقياداتهم، حول رأس الحسين، أو (ولي النعم) كما يحب الصوفية أن يطلقوا عليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية