إستراتيجية إسبانية جديدة للتعامل مع المتطرفين

إستراتيجية إسبانية جديدة للتعامل مع المتطرفين


28/02/2019

خلصت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، التي نشرتها الجريدة الرسمية الإسبانية، ووضعها مركز مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالتعاون مع عدد من الخبراء في العلوم السياسية والاجتماعية والمعلوماتية، إلى أنّ الإرهابيين العائدين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط، والسجناء العاديين الذين يتطرّفون في مراكز الاعتقال، هم الذين يشكّلون الخطر الأكبر على الأمن القومي، إضافة إلى الخلايا التي تتطرّف خارج السجن كتلك التي كانت وراء الاعتداءات الأخيرة في برشلونة وكامبريلز، صيف عام 2017.

الإرهابيون العائدون من مناطق النزاع والسجناء العاديون الذين يتطرّفون يشكّلون الخطر الأكبر على الأمن القومي

وُضعت هذه الإستراتيجية الجديدة للفترة الممتدة حتى عام 2023، استناداً إلى "التحوّلات الجذرية التي طرأت على الظاهرة الإرهابية"، في الأعوام الأخيرة، وفي ضوء المستجدات التشريعية، مثل: القانون الجديد للأمن القومي، والتوجيهات الأوروبية الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب، ومعالجة أوضاع "المقاتلين العائدين". وفق صحيفة "الشرق الأوسط".

ويشير نصّ الإستراتيجية إلى أنّ مصدر القلق الرئيس في إسبانيا، كما في بقيّة دول الاتحاد الأوروبي، هم المتشددون الذين غادروا الأراضي الإسبانية، خاصة من سبتة ومليلة ومدريد وبرشلونة، للقتال إلى جانب تنظيم داعش في العراق وسوريا، والذين قد يعودون إلى البلدان التي انطلقوا منها بعد قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، والطلب من الدول الأوروبية أن تتولّى أمرهم.

وتقترح الإستراتيجية الجديدة اتبّاع السبيل القضائي من أجل التصدّي لخطر المقاتلين العائدين، أي إيداعهم السجن لدى عودتهم، للحدّ من المخاطر التي قد تنشأ عن وجود إرهابيين متطرّفين ومدرّبين عسكرياً يتنقّلون بحريّة في البلاد، لكنّ مصادر مكافحة الإرهاب تعترف بصعوبة تطبيق هذا السبيل؛ لأنّ التهمة الوحيدة التي يمكن توجيهها إلى أولئك المقاتلين هي الانتماء إلى منظمة إرهابية؛ لذلك تدعو الإستراتيجية إلى "استحداث إجراءات قانونية تتيح إضافة الأدلّة والقرائن التي تُجمَع في مناطق النزاع إلى الملفّات القضائية والمحاكمات"، ويمكن أن تشمل هذه الأدلّة والقرائن، كما يستفاد من نصّ الإستراتيجية، شهادات لأفراد من قوات مسلّحة أجنبية كانت في مناطق النزاع وعيّنات من الحامض النووي ووثائق واعترافات.

ومن شأن ذلك أن يسمح بتوسيع نطاق التهم الموّجهة إليهم لتشمل مشاركتهم في أعمال إرهابية في تلك الأراضي، وهي ملحوظة في القانون الإسباني لكنها لم تُطبَّق، حتى الآن، بسبب عدم توفّر الأدلّة. ويبدو أن دولاً أوروبية أخرى تعتزم السير في هذا المنحى القانوني، مثل ألمانيا التي قرّرت مؤخراً سجن امرأة كانت في مناطق سيطرة تنظيم داعش، وامتنعت عن مساعدة امرأة أخرى توفَّت بسبب سوء المعاملة.

وتقدّر وزارة الداخلية الإسبانية عدد الأشخاص الذين يحملون الجنسية الإسبانية، أو يقيمون بصورة شرعية في إسبانيا وغادروا إلى مناطق النزاع، في العراق وسوريا، وأيضاً في مالي والفلبين، بما يزيد على 230 شخصاً، يُعتقد أنّ ربعهم قد لاقى حتفه خلال المعارك، و20% عادوا إلى إسبانيا. وفي معلومات الأجهزة الإسبانية؛ أنّه لا يوجد أيّ إسباني بين المعتقلين حاليّاً بيد القوت الأجنبية، مثل الميليشيات الكردية السورية، رغم أن بعضهم يتكلّم اللغة الإسبانية.

من مصادر القلق الأخرى بالنسبة إلى السلطات الإسبانية؛ هي السجون التي يوجد فيها حاليّاً 140 متّهماً بالمشاركة في أعمال إرهابية، يضاف إليهم 120 غيرهم دخلوا السجن بتهم السرقة أو الاتجار بالمخدرات، لكنهم تطرّفوا خلال وجودهم في السجن، وتبنّوا المعتقدات المتشددة. وتركّز الإستراتيجية على ضرورة "إيلاء اهتمام خاص بالسجون"، وتقترح تعزيز الموارد البشرية المتخصصة فيها، وتعديلات على برامج نزع التطرّف التي لم تحقق، حتى الآن، سوى نتائج متواضعة جداً.

إسبانيا نشرت إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب ودعت المحاكم إلى قبول شهادات جنود أجانب بما يتعلق بالمتطرفين

ومن المجالات الأخرى التي توليها الإستراتيجية أولوية في مكافحة الإرهاب، تعزيز أجهزة الرقابة المالية لمكافحة تمويل الأعمال الإرهابية، واستحداث جهاز مخصص للأمن السيبراني، كما تشدّد على التعاون مع أجهزة مكافحة الجريمة المنظمة، بعد أن تبيّن أن ثمّة علاقة متزايدة بين المنظمات الإرهابية والإجرام المنظّم على صعيد التمويل والدعم اللوجيستي، وقد كشفت أجهزة مكافحة الجريمة المنظمة مؤخراً عن أنماط جديدة مبتكرة من التعاون مع الإرهاب لغسل الأموال عن طريق؛ العملات، والمراهنات الإلكترونية، والاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة.

وتشير الإستراتيجية إلى أنّ الفضاء السيبراني، الذي لا حدود ملموسة له، ويصعب إخضاعه لتشريعات عالمية، أصبح "المجال الأمثل للإرهاب والتطرّف العنيف، لاستقطاب الأتباع وتدريبهم وتجنيدهم"، وتقترح تعاوناً أوثق بين شركات القطاع الخاص ومؤسسات القطاع العام في مجال المعلوماتية لمراقبة الشبكة التي تنشط عليها المنظمات الإرهابية.

تجدر الإشارة إلى أنّ إسبانيا هي أول دولة أوروبية تضع النص الكامل لإستراتيجية مكافحة الإرهاب في متناول مواطنيها، بهدف "التوعية، وتحفيز المواطن العادي على المشاركة في مراقبة العناصر أو الأعمال المشبوهة"، كما جاء على لسان وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية