هل تضغط تركيا على روسيا عبر استثمار ورقة "جبهة النصرة" في إدلب؟

سوريا

هل تضغط تركيا على روسيا عبر استثمار ورقة "جبهة النصرة" في إدلب؟


28/01/2019

شهد الشهر الماضي توسّعاً كبيراً لـ "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام) في مناطق إدلب، ما أثار قلق الجانب الروسي، وهو ما دفع المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، لتحذير الجانب التركي أمس، من أنّ "اتفاق روسيا مع تركيا بشأن خفض التصعيد في إدلب شمالي سوريا "لم ينفذ بالكامل"، ما يزيد من قلق موسكو ودمشق"، وفق ما أوردت وكالة  "إنترفاكس" الروسية الإخبارية.

أكد الرئيس الروسي بعد محادثات أجراها مؤخراً مع نظيره التركي أنّهما ناقشا الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على استقرار الوضع بإدلب

وحاولت موسكو وأنقرة، العام الماضي، إقامة منطقة خفض تصعيد في إدلب، شمال غربي سوريا. ويأتي هذا الإعلان من طرف موسكو بعد أيام من تأكيد وزارة الخارجية الروسية، أنّ الأوضاع في إدلب تتدهور بسرعة، وأنّ المنطقة تخضع بالكامل تقريباً لسيطرة مسلّحي "جبهة النصرة"، المرتبطة بـ"القاعدة" والمصنّفة إرهابية في قوائم الأمم المتحدة.
وكانت وزارة الدفاع الروسية، أكدت في وقت سابق أنّ العسكريين الأتراك، لم ينجحوا بعد في تنفيذ جميع التزاماتهم بموجب اتفاق المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب عملاً باتفاق الرئيسين؛ الروسي فلاديميربوتين والتركي رجب طيب أردوغان.
وكان الرئيس الروسي، بعد محادثات أجراها قبل أيام مع نظيره التركي، أكد أنّهما ناقشا الخطوات التي يمكن لهما اتخاذها للحفاظ على استقرار الوضع في محافظة إدلب.

اقرأ أيضاً: ما مصير إدلب بعد "سوتشي" وبعد رفض الفصائل إلقاء السلاح؟
وقد نصّتْ أبرز بنود الاتفاق، الذي أبرم في سوتشي في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومتراً داخل منطقة خفض التصعيد، وإبعاد جميع الجماعات المسلحة عن المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي.
 المنطقة تخضع بالكامل تقريباً لسيطرة مسلّحي "جبهة النصرة"

محلل: الانتقادات الروسية لتركيا تشمل اتفاق الطرق الدولية وقاعدة حميميم
وفي تصريحات لقناة "بي بي سي عربي" قال أمس المحلل المتخصص في الشأن الروسي، سامر إلياس، إنّ الانتقادات الروسية تشمل أيضاً مسائل أخرى منها عدم تنفيذ تركيا لاتفاق فتح الطرق الرئيسية الدولية بين حلب وإدلب واللاذقية، وهو الاتفاق الذي من المفترض أن يتم إنجازه بنهاية العام الماضي (2018).
ويضيف المحلل بأنّ موسكو طرحت كذلك، غير مرة، أنّه يجب وقف "الاعتداءات" على قاعدة حميميم، وعلى قوات النظام السوري، وقد شهد يوم أمس هجوماً بطائرات مسيّرة على القاعدة، وتم إسقاط واحدة من تلك الطائرات.
رسالة ضغط سياسي لاتعني الشِقاق بين البلدين
ويرى سامر إلياس أنّ التصريحات الروسية تجاه تركيا بخصوص اتفاق إدلب تأتي بوصفها "رسالة ضغط سياسي" من قبل موسكو للقول لأنقرة: إذا أردتم التعاون في ملف المنطقة الآمنة شمال شرق سوريا أو تطبيق "اتفاق أضنة" فإنّ المطلوب التعاون في ملف إدلب. ويرجّح إلياس أنّ هذا يأتي في إطار تمرير الرسائل السياسية الروسية من أجل تنفيذ ترتيبات واسعة في إدلب والريف الشمالي للاذقية وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، وفي هذه المناطق بالذات يزداد نفوذ "جبهة النصرة"، وهو بلا شك يثير انزعاج السلطات الروسية. ويستدرك المحلل المتخصص في الشأن الروسي بأنّ هذه الانتقادات هي حثّ على مزيد من التنسيق بين البلدين، وليس شِقاقاً آخذاً في الاتساع بينهما.

اقرأ أيضاً: هل فشل مؤتمر سوتشي؟
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قال الأربعاء الماضي إنّ وزيري الدفاع الروسي والتركي أجريا بالفعل محادثات بشأن تحرك محدد للبلدين في إدلب على أن يتم تنفيذ إجراءات على الفور، دون أن يحدد ماهية تلك الإجراءات.
وأضاف بوتين، متحدثاً في موسكو إلى جوار نظيره التركي: "لسوء الحظ هناك مشكلات كثيرة هناك، ونحن ندركها". وتابع قائلاً إنّ تركيا تبذل كثيراً من الجهود في محاولة لمعالجة الوضع، لكن على أنقرة وموسكو اتخاذ مزيد من الإجراءات "للقضاء على ما تقوم به الجماعات الإرهابية"، في إشارة إلى "جبهة النصرة".

 

استثمار أنقرة في ورقة "النصرة"
ويلفت سامر إلياس، في مداخلته في "بي بي سي"، النظر إلى أنّ سياسة تركيا حيال هذا الموضوع ما تزال ترتكز إلى السعي بشكل أكبر لفرز عناصر جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام) المعتدلين عن المتشددين، في محاولة من أنقرة لإدخال المقاتلين السوريين في "النصرة" في إطار الجيش المستقبلي لسوريا، أو في إطار الترتيبات الأمنية التي ترعاها تركيا، خصوصاً في الشمال السوري .
في المقابل، يتابع إلياس، تتعجل موسكو في مسألة إنهاء الخطر المحدق بقاعدتها العسكرية في حميميم.

محلل سياسي: التصريحات الروسية تجاه تركيا بخصوص اتفاق إدلب تأتي بوصفها رسالة ضغط سياسي من موسكو لأنقرة

ويرجح إلياس بأنّ موسكو- في حال أصرّت أنقرة على عدم تنفيذ التزاماتها التي قطعتها لموسكو بشأن إدلب- قد تذهب باتجاه تنفيذ عمليات عسكرية في إدلب، بشرط أن تكون محددة ومحدودة وليست واسعة؛ خشية أن يتسبب ذلك في موجة لجوء جديدة، لا ترغب موسكو في حدوثها، فهي في هذا الوقت بالذات بحاجة إلى دعم الدول الأوروبية في ملف إعادة الإعمار في سوريا، وأي موجة لجوء جديدة تنجم عن العمليات العسكرية في إدلب، لن يحتملها الاتحاد الأوروبي، الذي عانى في العام 2015 موجات لجوء عصفت بكثير من الصيغ السياسية التي كانت قائمة في كثير من دول الاتحاد.
ولعل الجانب التركي، يراهن بشكل كبير، على هواجس الطرف الروسي تلك، ويستثمر في الوقت من أجل توظيف ورقة "جبهة النصرة" وذراع الجبهة السياسية "حكومة الإنقاذ" في إدلب بغرض زيادة أوراق الضغط التي بحوزة أنقرة في الترتيبات المنتظرة في الشمال السوري، حتى لو كان ذلك عبر دعم فصيلٍ متهم بالإرهاب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية