بليغ حمدي على الشاشة الصغيرة قريباً وإياد نصار يتعلم الموسيقى

بليغ حمدي على الشاشة الصغيرة قريباً وإياد نصار يتعلم الموسيقى


19/11/2018

أعلن المخرج المصري مجدي أحمد علي، أخيراً، أنه استقر على الفنان الأردني إياد نصار لتجسيد شخصية الموسيقار بليغ حمدي في مسلسل تلفزيوني. وذكرت أنباء أنّ نصار يسعى للحصول على دورات تدريبية للعزف على العود والغناء، للتمكن منهما والإلمام بأدق تفاصيلهما، استعداداً لتقديم الشخصية في المسلسل المقرر عرضه عام 2020.

اقرأ أيضاً: السينما السورية: كيف واجه الفن سطوة السياسة؟

"المزيكا بالنسبة لي مش عمل ولا مهنة، المزيكا حالة حب، علاقة عشق متواصلة، عشق فيه الحب وفيه الغضب، يعني ساعات المزيكا تغضب مني، وأنا ساعات أغضب منها، أحياناً أحاول أعمل حاجة فتصدني وتقولي مفيش، وساعات لوحدها تصحيني من النوم وتديني كل اللي بدور عليه"..

على هذا النحو يصف بليغ حمدي علاقته العاطفية مع الموسيقى. لذلك لا غرو أن تعنون "الأهرام" يوم رحيله في 12 أيلول (سبمتبر) 1993 بـ"مات ملك الموسيقى".

اختلطت حياة حمدي الموسيقية بالحياة العاطفية، حيث اعترف أكثر من مرّة بأنه لا يستطيع أن يعيش من دون حب

عاش حمدي الحياة على مدى اثنين وستين عاماً، كما يليق بعاشق طرِب، يهزه الشوق والأشجان، وتلوّعه صور النساء الفاتنات اللائي تربعن فوق عرش مخليته، وألهمنه الألق والموسيقى وصوت الحروف وهو يسيل فوق الآلات والقلوب ويخترق الأرواح.

ولد "بليغ عبدالحميد حمدي سعد الدين مرسي" كما تشير صفحة "بليغ حمدي: الرجل الذي عشقته الموسيقى" التي أعدها محبوه وعشاق فنه على شبكة الإنترنت، في حي شبرا بالقاهرة في 7 تشرين أول (أكتوبر) 1931 وكان والده يعمل أستاذاً للفيزياء في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً).

اقرأ أيضاً: كيف عبّر الفن والأدب عن الصراع الطبقي في مصر؟

أحبّ الموسيقى، ونظم الشعر الشعبي منذ طفولته، وأتقن العزف على العود وهو في التاسعة من العمر، وأهداه والده عوداً في سن العاشرة من عمره. وفي سن الثانية عشرة حاول الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، إلا أنّ سنّه الصغير حال دون ذلك.

التحق بليغ بكلية الحقوق، وفي الوقت نفسه، التحق بشكل أكاديمي بمعهد فؤاد الأول للموسيقى برفقة فنانين شكلوا بعد ذلك علامات في الموسيقى والغناء من بينهم الموسيقار صلاح عرام والمطربة فايدة كامل والمطرب عبدالحليم حافظ والشاعر الغنائي عبد الوهاب محمد.

بليغ حمدي برفقة الفنانة وردة الجزائرية

لقاء محمد فوزي ولقاء أم كلثوم: الانعطافة

ومن المحطات الفارقة في حياة بليغ حمدي لقاؤه بالموسيقار محمد فوزي الذي كان يشكّل في أوائل الخمسينيات تياراً قوياً في تجديد اللحن الغنائي والاستعراض السينمائي، وقد أحسّ بأن بليغ جزء حيوي مما يرمي إليه في تجديد اللحن، فنشأت بينهما صداقة قوية كانت أقرب للتبني. فأعطاه فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من خلال شركة (مصر فون) التي كان يملكها فوزي والذي لم يعرض عليه العمل معه فقط، بل قال له إنّ الشركة شركته "دون عقد:"أي لحن تعمله، تعالى سجله فوراً"، وبالفعل سجل بليغ الكثير من الألحان من أهمها لحن "كدابة" لصباح، و"مكسوفة" لشادية، وكان يحصل على تسجيل الأسطوانة 50 جنيها زائد 4 % من أرباحها.

قدّم الفنان محمد فوزي، بليغ حمدي لأم كلثوم التي كانت ترغب في أن تخرج، أو أن تتحرر قليلاً من اللون السنباطي

ولبداية علاقته بأم كلثوم قصة تروى، لأنّ فيها تفاصيل مثيرة، إذ يتذكر بليغ حمدي أنه اجتمع مع كمال الطويل ومحمد الموجي ذات ليلة، وكان هو أصغرهم سِنَّاً وأقلهم إنتاجاً ونفوذاً. سأله الموجي: إلى أين تطمح يا بليغ في التلحين؟ فأجابه: حالياً لدي .. حليم ونجاة وشادية و .. فقاطعه الموجي ساخراً : أكمل يا بليغ، قل و"الست" أيضاً! اسمعني جيداً يا بليغ، قبل أن تفكر في التلحين لأم كلثوم، عليك أن تستمع لألحاني أنا وكمال الطويل لعشر سنوات متواصلة وبعدها.. يحلها رب العالمين.

كانت صدمة في نفس بليغ حمدي، ولكنها شَحَذَت همته وشدَّت من أزره، فلم يمضِ أشهر على تلك "الصدمة" حتى تَغَنت أم كلثوم بأول ألحانه.

اقرأ أيضاً: خطاب الفنّ إذ يفضح فقر الإسلامويين!

قدّم الفنان محمد فوزي، بليغ حمدي لأم كلثوم التي كانت ترغب في أن تخرج، أو أن تتحرر قليلاً من اللون السنباطي، لذا فقد طلبت من محمد فوزي أن يلحن لها، إلا أنه اعتذر بكل أدب ولباقة، وقال لها: "عندي ليكي حتة ملحن يجنن مصر حتغني ألحانه أكتر من 60 سنه قدام" ورتب فوزي للقاء الأول بينه وبين كوكب الشرق من خلال سهرة في منزل الدكتور زكي سويدان (أحد الأطباء المعالجين لأم كلثوم) وفي حضور عدد من كبار الموسيقيين مثل عازف الكمان أنور منسي، والمطرب عبد الغني السيد، والشاعر مأمون الشناوي.

صورة تجمع الفنانة المغربية سميرة سعيد والملحن بليغ حمدي

في تلك الأمسية طلب أحد الساهرين من أم كلثوم إسماعهم شيئاً من أغنياتها، فالتفتت إلى أنور منسي ودعته إلى العزف على كمانه، ثم طلبت عوداً وأعطته لبليغ وقالت: "تفضل وأسمعنا شيئاً من ألحانك".

وطلب فوزي أن يسمعها لحن (حب إيه) فبدأ بليغ في تلحين الكوبليه الأول، وهو جالس على الأرض، وسط ذهول الحاضرين، فما كان من أم كلثوم إلا أن فعلت مثله وجلست بجواره، فغنى لها واستعادت اللحن مرة ومرتين وثلاثاً وطربت له، وسألته لماذا لم تكمل لحن الأغنية فأجابها بأنه لم يجد سبباً للاستعجال، وهنا طلبت أن يمر عندها في الغد.

لحّن بليغ من أغنيات عبد الوهاب محمد "حب إيه" و"فكروني"، و"أنا وأنت ظلمنا الحب"، و"حكم علينا الهوى"

يقول بليغ، كما يذكر موقعه الإلكتروني: "ذهبت إلى بيتها وليس في ذهني إلا تصور واحد، وهو أنّ سيدة الغناء العربي تريدني أن أقوم بتلحين بعض الأغاني لابن شقيقها إبراهيم خالد الذي كان زميلي في المعهد ويفكر في احتراف الغناء، وبالفعل أول ما وصلت إلى بيتها قابلتني بالترحاب، وحكينا بشأن إبراهيم خالد واتفقنا أن أعمل له لحناً، وبعد قليل التفتت إليّ قائلة "ما تيجي نتسلطن شوية"، وأتت بالعود وأعطته لي وهي تقول "سمعني اللي قلته امبارح".

ويضيف "وبعد أن سمّعتها المذهب بتاع (حب إيه) قالت: كلام مين ده، فأجبتها: شاعر صديقي يعمل مهندساً في شركة شل اسمه عبد الوهاب محمد، فقالت: أنت حافظ بقية الكلام، قلت: لا لكن نكلم عبد الوهاب، ونهضتُ وطلبتُ عبدالوهاب محمد في التليفون وقلت له: ألو .. يا عبدالوهاب، والله تجيني حالاً لبيت السيدة أم كلثوم، فأجاب الرجل: يا أخي بلاش هزار على الصبح، وحاولت إقناعه بأنّ المسألة جد، لكنه لم يقتنع إلا بعد أن أخذت أم كلثوم السماعة وقالت له: اسمع يا عبد الوهاب، أنا أم كلثوم، أنت عندك سيارة؟ طب خد تاكسي وتعالَ حالاً".

اقرأ أيضاً: أم كلثوم الصحفية: وجوه متعددة لسيدة الغناء العربي

وأتى عبد الوهاب محمد وسمعت أم كلثوم بقية كلمات أغنية "حب إيه"، وسألته إن كان لديه قصائد أخرى، فأسمعها ما لديه ("حب إيه" و"حا سيبك للزمن" و"اسأل روحك" و"للصبر حدود" و"فكروني" و"أنا وأنت ظلمنا الحب" و"حكم علينا الهوى") وقررت أم كلثوم شراءها بـ 500 جنيه التي كانت آنذاك تشكل ثروة للشاب عبد الوهاب.

بليغ حمدي برفقة كوكب الشرق أم كلثوم

لحّن بليغ من أغنيات عبد الوهاب محمد "حب إيه" و"فكروني"، و"أنا وأنت ظلمنا الحب"، و"حكم علينا الهوى".

ومن المفارقات التي تروى أنه كان مقرراً أن يقوم الموسيقار محمد فوزي بتلحين أغنية "أنساك" وكان بليغ في زيارة لأستاذه ومعلمه محمد فوزي، وقام فوزي لمقابلة أحد الضيوف، وترك بليغ يقرأ كلمات أغنية "أنساك" التي أعجبت بليغ تماماً، وأخذ العود، وبدأ يدندن. ولما عاد فوزي كان بليغ انتهى من تلحين الأغنية، واعتذر بليغ لفوزي عن تلحينه للأغنية، فقام محمد فوزي بالاتصال بكوكب الشرق قائلاً لها بالحرف الواحد: "بليغ قام بتلحين الأغنية أفضل مني" وتنازل لبليغ عن اللحن، رغم أنّ التلحين لأم كلثوم كان إحدى أمنيات محمد فوزي الذي رحل من دون تحقيق هذه الأمنية.

الفنان الأردني إياد نصار يجسد شخصية الموسيقار بليغ حمدي في مسلسل تلفزيوني

لقاء عبدالحليم

أما لقاء بليغ حمدي بعبدالحليم حافظ فكان في سهرة بدمشق عند المطربة نورهان، وسمع حليم لحن "تخونوه" الذي كان مقرراً أن تغنيه فايدة كامل، لكن حليم أصر على الحصول عليه ليغنيه في فيلمه الشهير "الوسادة الخالية"، وجاء التعاون الثاني بينهما بعد عودتهما للقاهرة بأغنية "خسارة" التي غناها حليم في فيلم "فتى أحلامي" عام 1957.

 

 

ولهذه الأغنية حكاية تفجّرت بعد سنوات من رحيله، حيث اتهم مغنٍ أمريكي بتهمة سرقة لحن "خسارة" كما أفادت وكالة "فرانس برس" التي ذكرت أنّ مغني الراب الأمريكي جاي زي مثُل أمام القضاء في أكتوبر 2015، إثر اتهامه من جانب ورثة الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي بسرقة مقطع موسيقي من أغنية أداها الفنان الراحل عبدالحليم حافظ في خمسينيات القرن الماضي، واستخدامه في إحدى أغنياته.

ألحان اخترقت الحيّز العربي

وإن كانت ألحان حمدي اخترقت الحيّز العربي، ودخلت أفق الغناء العالمي، فهذا يعني أنّ حمدي احتل موقعاً مهماً في سياق الموسيقى بشكل عام، إذ شكّل قنطرة ما بين الشعبية الرومانسية والوطنية الحماسية، لكن يمكن اعتبار الإسهام الأساسي الذي قدمه بليغ حمدي في الموسيقى هو إيصال الموسيقى والإيقاعات الشعبية المصرية بطريقة تتناسب مع أصوات المغنين الكبار أمثال أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وشادية، وغيرهم كما اشتهر بليغ بسهولة وبساطة ألحانه، ما يجعل أي متذوق للموسيقى قادراَ على التفرقة بين موسيقاه وأي موسيقى أخرى يسمعها.

بليغ برفقة عبدالحليم حافظ

ويقول متتبّعو فنه إنّ موسيقاه تنهل من النبع ذاته الذي خرجت منه ألحان سيد درويش، وسيتضح ذلك أكثر في مراحل بليغ التالية حيث توجه للفلكلور الشعبي والأوبريت الغنائي، وهذه مدرسة سيد درويش، الأمر الذي يؤكد أنّ بليغ امتداد مباشر لسيد درويش، من دون أن ننكر عليه تأثره بمدرسة محمد القصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وغيرهم.

النساء في حياة بليغ

اختلطت حياة الفنان بليغ حمدي الموسيقية بالحياة العاطفية، حتى إنه كان يقول دائماً إنه لا يستطيع أن يعيش من دون حب. وقد قاده ذلك للارتباط بنساء عديدات، حتى راجت إشاعات بأنّ كل مطربة أعطاها لحناً أو كلمات أقام معها علاقة، وهو ما ردّ عليه: "كل مطربة أعمل لها لحنًا لابدّ أن تظهر إشاعة، زواج بيني وبينها، وينسجون حولنا قصصاً وهمية، ولو كان كل ما يقال صحيحاً لأصبح لديَّ الآن 90 زوجة وحوالي 160 مولوداً".

اتهم بليغ بقتل المطربة سميرة مليان حيث لقت حتفها إثر السقوط من شرفة شقته مما اضطره للهرب خارج البلاد والدخول بحالة اكتئاب حتى تمت تبرئته

بيْد أنّ ذلك لا يخفي أنّ الرجل كانت له علاقات مع عدد كبير من الفنانات والمطربات من بينهن شادية، سامية جمال، نجوى فؤاد، عفاف راضي، وابنة الموسيقار محمد عبدالوهاب، وسميرة سعيد، وكذلك وردة الجزائرية التي أمضى معها نحو ست سنوات، ثم افترقا بسبب دخول ميادة الحناوي على الخط.

وفي هذا السياق يروي الصحفي محمد بديع سربيه مشروع زواج بليغ حمدي والفنانة اللبنانية صباح الذي كان شبه مزحة تمت في إحدى السهرات التي كان يلتقي فيها عدد من الفنانات والفنانين ورجال الصحافة في منزل المطربة المغربية سميرة سعيد. يقول سربيه الذي كان شاهداً على الزواج الذي وصفته صباح فيما بعد بـ"هزار بهزار": "حملت القلم وأخذت أكتب ما يُملى عليّ من الحاضرين، ومن الثلاثة الذين أبدوا استعدادهم ليكونوا معي شهود العقد، وقد وقعوا عليه فعلاً، وهم: الفنان هاني مهنا، والمنتج التلفزيوني إبراهيم أبو ذكرى، والصحفي سيد فرغلي، ووضعت العقد أمام صباح، فوقعت عليه، وناولته بليغ حمدي لكي يوقعه ويحتفظ به، ولكنه وقعه وأعاده إلي، فوضعته في جيبي".

اقرأ أيضاً: جميل راتب يترجّل ملوّحاً لحقبة الفن الأنيق

ويضيف سربيه قائلاً: "وكانت وثيقة الزواج ما زالت في جيبي، وغادرت القاهرة إلى بيروت، وما كدت أصحو في اليوم التالي، حتى كانت الدنيا كلها تضجّ بخبر زواج صباح وبليغ الذي لم يتم. وفي المساء اتصلت بي صباح، وطلبت إلي أن أكذّب خبر الزواج، وقالت: إنني أقدر بليغ كصديق وزميل، ولكنني لم أعد أفكر بالزواج، والحكاية كلها مجرد هزار في هزار".

وظلّ بليغ حمدي في عين عواصف الإشاعات، حتى جاءته الحادثة التي عصفت بحياته كلها، عندما اتهم عام 1984 بقتل المطربة الشابة سميرة مليان، حيث لقت حتفها إثر السقوط من شرفة شقته، مما اضطره إلى الهروب خارج البلاد، والدخول في حالة اكتئاب حتى تمت تبرئته لاحقاً من هذه القضية عام 1989.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية