خلاصة تجربة أردوغان

خلاصة تجربة أردوغان


23/12/2020

مهرة سعيد المهيري

تركيا مترنحة تحت وطأة سياسات أردوغان، ويكتنف مستقبلها ضباب من الشكوك والمخاوف السياسية والاقتصادية والأمنية. ‎مرت أنقرة بمنعرجات سياسية واقتصادية متشعبة، لم تقدها إلى الأفضل.

  الاقتصاد التركي، تعرض إلى هزاتٍ عديدة بسبب سياسات أردوغان الاقتصادية التي حققت أرباحاً مؤقتة على حساب التنمية المستدامة. لقد سجلت تركيا عجزاً تزيد نسبته على 136% خلال السنوات السبع الماضية، مقارنة مع السنوات السبع التي سبقت حكم أوردغان. وبحسب نتائج مسح أجرته وزارة المالية التركية، بلغ إجمالي عجز ميزانيات تركيا في الفترة بين 2014 - مايو 2020، نحو 413 مليار ليرة تركية (61.64 مليار دولار وفق الأسعار الحالية).

  بينما بلغ العجز وفق متوسط سعر الصرف خلال السنوات الماضية (3.1 ليرة لكل دولار) 130 مليار دولار أمريكي، وفق البيانات الرسمية لمتوسط سعر الصرف الصادر عن البنك المركزي التركي.

  كما بلغ إجمالي عجز ميزانيات تركيا خلال السنوات السبع التي سبقت توليه رئاسة تركيا (2007 - 2013)، نحو 173 مليار ليرة تركية (19.2 مليار دولار) وفق متوسط سعر الصرف الحالي لليرة التركية. بينما بلغت قيمة العجز في ميزانيتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، 90.1 مليار ليرة تركية (13.4 مليار دولار أمريكي)، وتتجه لكسر أكبر رقم تاريخي في عجز ميزانيتها بحلول نهاية العام الجاري، ليتجاوز إجمالي عجز ميزانية السنوات السبع (2014 - 2020) حاجز 500 مليار ليرة.

   ولا نغفل تأثير أزمة كورونا على الأتراك وتدهور الوضع الصحي، هناك 200-300 حالة وفاة في اليوم في إسطنبول، إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على فقدان الثقة والمقدرة على تجاوز المحن الداخلية التي تسبب بها أردوغان في الداخل التركي.

   أما من الناحية الخارجية وعلاقة تركيا بالخارج، فنذكر أنّ سياسة أردوغان تجاه أوروبا، محفوفة بالمخاطر؛ حيث يلوح بورقة اللاجئين كتهديد، بل إنّ سياسته تجاه أوروبا تقوم على التهديد، مما يخفض جودة علاقات بلاده الاقتصادية مع أوروبا، أما جيرانه كقبرص واليونان، فهو في خلاف دائم معهم بسبب الأطماع الزائدة في حقوق التنقيب عن الغاز، وهو ما يحصل تجاه مصر كذلك، وليبيا، حيث إنّ مصالح تركيا هناك تفوق كل حسابات أخرى.

  الأمور سائرة إلى التدهور أكثر فأكثر، لأن الاقتصاد التركي في تدهور متسارع ومتزايد والدكتاتورية الأردوغانية في تصاعد، ما يعني في نهاية المطاف أن الإصلاحية التي جسدها رجب طيب أردوغان حين استلامه السلطة، هي خراب.

‎معالم الرؤية الأردوغانية لتركيا باتت واضحة، ألا وهي تحويل تركيا إلى جمهورية إسلامية، لم تعد تخفي نفسها أساساً، حيث بات السجال الطائفي شأناً علنياً في تركيا، تدل عليه تصريحات المسؤولين الأتراك، والصدام العلماني الإسلامي الشديد، فيما سياسة الهندسة الدينية للبلاد جارية على قدم وساق.

‎    إن أردوغان وباقي الإخوان كانوا عملاء في يد الولايات المتحدة وحلفائها في تدمير الدول العربية ونشر الفوضى الخلاقة. هم ليسوا ضحايا تم استغفالهم؛ بل كانوا يفعلون كل شيء بكامل إرادتهم. من يجمع إرهابيي العالم ويدخلهم إلى سوريا والعراق عبر حدوده الممتدة أكثر من 600 كم لتدمير بلد جار، مسلم، آمن، وسرقة مصانعه، وثرواته، ومن يحرم 16 مليون كردي من حقهم في تقرير المصير، ومن هو عضو في حلف يقتل المسلمين ويجوعهم في كل مكان، ومن يزج معارضيه جميعاً في السجون ويقدرون بالآلاف ويطردهم من وظائفهم هو ليس ضحية أبداً. ولنا في حماس أكبر مثال بعدما آوتهم سوريا عندما طردهم جميع الأعراب، فكان الرد وقوفهم مع الإرهابيين.

‎  تركيا أصبحت هي الوكيل الحصري والراعي الرسمي للإرهابيين في الشرق الأوسط، فهي التي تجنّد المرتزقة الإرهابيين وترسلهم إلى ليبيا وسيناء وناجورنو كاراباخ، وهي التي تتعامل حصراً مع كل الحركات الإرهابية وتعيد بناءها وتأهيلها.

  يتحسر خليجيون وعرب زاروا تركيا مؤخراً، وحتى قبل كورونا، إلى ما آل إليه الوضع في تركيا. كل شيء تغير وصارت البلاد مرجلاً للتجارب العشوائية في الاقتصاد والسياسة. لا يزال الأتراك يتمسكون بالكثير من القيم الجمهورية والتسامح في مقاومة المد الأردوغاني. لكن أردوغان، صاحب السلطة والجبروت، لا يزال يمعن في غيّه رغم كل المؤشرات المحيطة التي تقول له كفى.

..هذه هي خلاصة تجربة الحكم لدى أردوغان.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية