الجديع أيقونة دبلوماسية يتردد صداه بين الشعر والسلاح النووي

الجديع أيقونة دبلوماسية يتردد صداه بين الشعر والسلاح النووي


07/10/2018

مسيرة أكثر من ثلاثة عقود في حمل حقيبة المفوض فوق العادة، جعلت من الدكتور عبدالرحمن بن محمد الجديع "أيقونة دبلوماسية" رعت مصالح المملكة العربية السعودية في أكثر من خمس عواصم أوروبية وعربية.

ابن الرياض الذي شرع في تكوين شخصيته مبكراً حين اكتسب البكالوريا بتخصص الإدارة العامة في ثمانينات القرن المنصرم من جامعة كاليفورنيا سنوما، وحاز الماجستير في إدارة العلاقات الإنسانية من الجامعة نفسها، قبل الانتقال إلى جامعة شمال أريزونا لتحضير الدكتوراة في العلوم السياسية.

حاز الدبلوماسي المخضرم ثقة ثلاثة ملوك، كما أسهم في صناعة أجيال من رجال السلك الدبلوماسي كأستاذ مساعد في معهد الدراسات الدبلوماسية، بالإضافة إلى إدارته لطواقم العمل كسفير فوق العادة في كل من السويد وآيسلاند والنرويج والمغرب، وقبل ذلك قنصلاً برتبة سفير في نيويورك ومفوضاً للمملكة في مختلف المهام التي أنيطت به طوال عمله في مختلف المؤسسات والمراكز.

حاز الدبلوماسي المخضرم الدكتور عبدالرحمن الجديع ثقة ثلاثة ملوك كما أسهم في صناعة أجيال من رجال السلك الدبلوماسي

ورغم انشغاله بمهام عمله، إلا أنه بقي وثيق الصلة بالشأن الثقافي والفكري مشاركاً ومنافحاً بقلمه عن قضايا المملكة العربية السعودية وهموم العالم الثالث، ولم يتجاهل نبوغه الشعري فتدفق إنتاجه عبر الدواوين، وبات دائم الحضور في أعمدة الرأي والدوريات المحكّمة من خلال مقالات وأبحاث تواكب المستجدات.

عرف "الجديع" مبكراً الاشتباك مع القضايا الجدلية، حين شرع في تفكيك "انتشار الأسلحة النووية في العالم الثالث" من خلال أطروحة الدكتوراة، ومع مشارف نهاية القرن الحادي والعشرين عام 1999، عمد إلى توثيق مواقف "السياسة الخارجية السعودية بين الثوابت والممارسات" ضمن جهوده البحثية المتميزة.

توحيد المملكة وحكمة المؤسس

ويرى الجديع في قراءته للتاريخ أنّ توحيد المملكة ارتهن إلى حكمة مؤسسها الملك الراحل عبدالعزيز ونبوغه ووعيه وحسه الواقعي، حين اختار الابتعاد عن العواصف السياسية الدولية، وتجنب الانغماس في الشؤون العالمية التي أدت بمصائر الكثير من الشعوب والدول إلى التهلكة، وإلى تفسخ الامبراطوريات العتيدة، مدللاً على عمق تبصره بالشؤون الدولية في إحجامه عن الانضمام لعصبة الأمم، ثم الانضمام لمنظومة الأمم المتحدة بعد تأكيدها في ميثاقها على تثبيت الأمن والسلم الدوليين والحرص على استقرار الدول واستقلالها، والتزامها بمبادئ المساواة في السيادة وحق تقرير المصير، واعترافها بضرورة تحرير العالم من قبضة الاستعمار وتخليص شعوبه من أغلال الاستعباد والهيمنة الأجنبية.

وفي حديثه لـ "حفريات"، يرى الجديع أنّ "اضطلاع المملكة بالدور الريادي في حفظ الأمن القومي العربي والمصالح العربية العليا جعلها تتمتع بمكانة مرموقة ووضع مميز"، ذاهباً إلى أنّ دورها يجسد قدرتها على مواجهة التحديات كافة النابعة من ضرورات ومصالح وطنية وإقليمية وإسلامية ودولية.

اقرأ أيضاً: لماذا منحت السعودية تأشيرة دخول لدبلوماسي إيراني؟

ويؤكد على أنّ "المملكة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والقيادة الشابة، قادرة على التعامل مع متغيرات العصر ومتطلبات السياسة الدولية بنجاح تلو نجاح"، مشيراً إلى أنّ "مسيرة النماء والعطاء باتت مثالاً يحتذى في تسخير مواردها لرفعة ورفاهية الإنسان السعودي مع الاحتفاظ بالثوابت والمبادئ العربية والإسلامية".

ويدلّل على رسوخ المملكة في علاقاتها الثنائية ومتانة روابطها مع مختلف الدول بكونها المحطة الأولى لأول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبراً أنّ انعقاد القمم الثلاث كان مؤشراً على واقع جديد في العلاقات الدولية يسهم في أخذ العلاقات بين هذه الدول إلى مستويات أفضل من التفاهم والتفهم لمختلف القضايا المطروحة للنقاش، فضلاً عن أنه "يجسد احترام العالم للمملكة وقيادتها وتجربتها في العهد الجديد الذي يتّسم بدينامية مبنية على اتخاذ مبادرات تحافظ على المصالح العربية والإسلامية".

سعودية تقبل الآخر

وعلى الصعيد الاجتماعي المحلي يذهب "الجديع" إلى أنّ المجتمع السعودي اليوم متّجه إلى الانفتاح الثقافي وقبول الآخر، كما يرفض "الشوفينيات" العقيمة، معيداً ذلك إلى "مضي المجتمع في مسايرة زمن السرعة وعصر الدفق المعلوماتي المصاحب للثورة التكنولوجية الحديثة".

الجديع أثناء عمله سفيراً للسعودية في المغرب

وفي تناوله لظاهرة الإرهاب وبواعثها في الشرق الأوسط يبين أنّ الجماعات المتطرفة التي تحمل الأفكار الغريبة والمتشددة كانت متواجدة بالمنطقة منذ السبعينيات من القرن العشرين، وتعود بجذورها للمفاهيم التي صاحبت حركة الإخوان المسلمين في مصر قبل تلك الفترة، إلا أنّ نفوذها تنامى نهاية ذلك العقد وأوائل الثمانينيات؛ نظراً للتغيرات السياسية والعقائدية التي أصابت كلاً من إيران والسودان وأفغانستان، مضيفاً أنّ تشبّع هذه الجماعات بالأفكار المطروحة على الصعيد الإقليمي تبتغي حالياً المس بقدرات وإمكانات السعودية ومسيرتها التنموية.

اقرأ أيضاً: السعودية والاستقرار العربي

وعن أبعاد الأزمة الخليجية مع قطر، يوضح الدبلوماسي السعودي المخضرم أنّ "قيادتها منفصلة عن الواقع، وتتخذ الإنكار سبيلاً، كما أنها تحترف لعب دور الضحية، وهذه كلها علامات على نظام لا يتّعظ ويقامر بمصالح شعبه الذي اُبتلي بقيادة لا تليق بتطلعات أهلنا وإخواننا في قطر"، مبيناً أنّ "العبث القطري صار تقليداً نشاهده كل حين، وهدفُه (الفتّ) في عضد الأمة العربية، فبعد أن تجاوزت مخططات الدوحة المنطقة، شرعت تعمل لضرب وشائج الأخوة مع بعض الدول"، مؤكداً أنّ "مواقف الأشقاء المخلصين والشرفاء في الدول العربية يحمل دلالة ملموسة على فشل المحاولات القطرية لاختراق الصف العربي وتفخيخه".

الخلاف مع كندا

وحول الخلاف السعودي – الكندي يذكر "الجديع" أنّ العلاقات البينية والإقليمية تحتكم إلى مفاهيم العلاقات الدولية ومرتكزاتها القانونية، والتي بدورها ترى أنّ أي تدخل في الشؤون الداخلية بشكل مباشر أو غير مباشر من أي دولة أو مجموعة دول يعد مخالفاً للقانون الدولي والمواثيق الدولية، الأمر الذي جعل موقف المملكة "ينبذ ويرفض أي إملاءات أو ضغوط من أي دولة، مستندة إلى الثوابت الأساسية المتصلة بالسيادة وخصوصية الدول في إدارة شؤونها والتعامل مع مواطنيها حسبما تمليه مصالحها العليا".

يستدعي العمل الدبلوماسي الاتصال بقضايا العالم بينما يتطلب الشعر ارتقاءً روحياً يتعالى على اللحظة يدركه الشاعر عبدالرحمن الجديع

يستدعي العمل الدبلوماسي الاتصال بقضايا العالم، بينما يتطلب الشعر ارتقاءً روحياً يتعالى على اللحظة. وعن أثر المكان في إبداعه الشعري يعزو "الجديع" إلى نيويورك مدّ تجربته الشعرية بزخم أكبر، حيث كان له دور مع بعض الأدباء والشعراء والمهتمين بالثقافة في إعادة إحياء الرابطة القلمية، تحت مسمى "الرابطة القلمية الجديدة" بمشاركة الشاعر يوسف عبدالصمد الذي أصبح عميداً للرابطة، والأديب طوني شعشع، ود.جورج يونان، وجان ماضي، وغيرهم من الزملاء والزميلات في ميدان الثقافة والأدب الذين ساروا على خطى جبران خليل جبران.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية