هل كانت "مؤسسة قطر الخيرية" في كوسوفو واجهة لتمويل الجماعات المتشددة؟

قطر

هل كانت "مؤسسة قطر الخيرية" في كوسوفو واجهة لتمويل الجماعات المتشددة؟


12/09/2018

علّقت السلطات في جمهورية كوسوفو نشاط "مؤسسة قطر الخيرية" في البلاد، فيما وصفت وسائل إعلام هذا القرار بـ "الصفعة"، وفي كونه يأتي في إطار "الدور القطري المثير للريبة"؛ حيث ما تزال قطر، بحسب موقع "يمن الغد" تمارس "الأنشطة الخبيثة من خلف ستار العمل الخيري، وهذه آخر الصفعات التي تتلقاها من جمهورية كوسوفو".

وتأتي هذه الخطوة "لتكون دليلاً جديداً على استغلال الدوحة لواجهة الأعمال الخيرية في تغطية أنشطتها غير الشرعية وتمويلها للتشدد في المنطقة والعالم"، كما أفادت صحيفة "اليوم السابع" المصرية.

قرار إدارة المنظمات غير الحكومية في كوسوفو تعليق أنشطة "مؤسسة قطر الخيرية" سببه تعارض أنشطة المؤسسة مع المصالح الأمنية

واتخذت إدارة المنظمات غير الحكومية في كوسوفو قرار تعليق أنشطة المؤسسة "بسبب تعارض أنشطة المؤسسة المزعومة مع المصالح الأمنية لجمهورية كوسوفو"، حسبما ذكرت قناة "سكاي نيوز عربية" الأحد، نقلاً عن موقع (salut) الفرنسي.

وأفادت تقارير إخبارية بأنّ "جمعية قطر الخيرية"، التي تأسست تحت هذا الاسم عام 1992، غيرت اسمها مؤخراً بعد توارد اسمها في قوائم دولية حول المشتبه بضلوعهم في الإرهاب. ويرى فيها خبراء أمنيون ومراقبون أنها واجهة "ذكية" لتمرير الأموال عبر العالم من الدوحة لتمويل سياساتها المرتبطة عضوياً بالجماعات الإسلامية.

"يمن الغد": ما تزال قطر تمارس الأنشطة "الخبيثة" من خلف ستار العمل الخيري

وتقول قطر إنّ مؤسستها الخيرية "ملتزمة بالقوانين الخاصة بالدول التي تعمل بها، خاصة الدول الفقيرة أو التي تعاني نزاعات مسلحة، وإنّ تنفيذ المعاملات المالية يتم من خلال معاملات مصرفية، وإنّ التقارير السنوية لمراجع الحسابات المالية لم تلاحظ وجود اعتراض على المؤسسة"، لكنّ إدارة المنظمات غير الحكومية في كوسوفو تتهم الدوحة باستخدام مثل هذه المؤسسات "في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب"، لا سيما وأنّ نشاط المؤسسة يتركز بشكل مكثف في الدول الأفريقية، أو التي تشهد نزاعات إقليمية مسلحة.

ويذكر تقرير نشره موقع "يورابيا" الأوروبي الإلكتروني، أنّ "النشاط المشبوه للجمعية" التي تدير ملايين الدولارات حول العالم عبر مكاتبها المنتشرة في كل مكان، لم يكن ليثير الانتباه لولا أحداث أيلول (سبتمبر) الدامي في الولايات المتحدة عام 2001، حيث تبعت العملية الإرهابية صحوة تحقيقات أمنية متأخرة في أجهزة الأمن أسفر عنها القبض على عديد من المرتبطين بالقاعدة ومؤسسها أسامة بن لادن، وكان من بينهم السوداني جمال أحمد الفضل، الذي ساق باعترافاته معلومات مثيرة عن ارتباطات القاعدة وطريقة تحويل الأموال عبر العالم والتي انتهجها بن لادن شخصياً.

أيقظ تاريخ "جمعية قطر الخيرية" مخاوف الأوروبيين إلى الأجندة الخفية وراء عمل الجمعية التي تتخذ الدين وقيم الإسلام ستاراً

وحسب تقارير تحقيقات أجراها النائب العام في ولاية إلينوي حول تمويل الإرهاب، فإنّ زعيم القاعدة بن لادن قرر عام 1993 أن يتخذ منهجية معقدة في تحويل الأموال، واقترح استخدام الجمعيات الخيرية كغطاء لتمويل العمليات "الجهادية"، حسب تعبيره.

السوداني جمال الفضل، وفي اعترافاته والذي كان أحد "شهود الملك" في حوزة المخابرات الأمريكية، كشف أنّ جمعية قطر الخيرية كانت واحدة من أهم مصادر دعم وتمويل بن لادن والقاعدة، وفقاً لما أورده "يورابيا".

شهادة الفضل، تماهت مع شاهد عيان عمل في مقر الجمعية في الدوحة عام 1998، وهو الصحفي مالك عثامنة، الذي أفاد في مقال له نشره موقع "الحرة" أنّ رئيس جمعية قطر الخيرية ومؤسسها الشيخ عبدالله الدباغ، كان يتباهى أمامه بعلاقاته الشخصية مع بن لادن التي قاتل فيها الدباغ "الشيوعيين" أيام الحرب مع السوفييت.

ما أورده العثامنة من علاقة بين الدباغ ومؤسس القاعدة أسامة بن لادن، يؤكد ما ذهبت إليه أحد التقارير الأمنية الصادرة عن منظمة KAT المستقلة الأمريكية وهي المتخصصة بملاحقة عمليات تهريب وغسيل الأموال حول العالم، حيث كشفت، في تحقيق مطول منشور، "ضلوع جمعية قطر الخيرية في النشاط المشبوه عبر تمويله، واستعانت KAT بما ذكره جمال أحمد الفضل الذي قال في شهادته في المحكمة الأمريكية إنه تعاون شخصياً، وبتوجيهات من بن لادن مع عبدالله محمد يوسف، رئيس جمعية قطر الخيرية"، وفقاً لموقع "يورابيا".

صحيفة "الرياض": قطر تعيش عزلة فرضتها على نفسها ويدرك المواطن القطري ما تخسره بلاده يومياً من ثقة العالم

وتتعدّد التجاوزات التي مارستها "جمعية قطر الخيرية"؛ فبحسب موقع "دوروز" الفرنسي فقد كان لها دور كبير في تمويل الجماعات الراديكالية المسلحة والمستوردة في الحرب السورية، "بل إنّ الجمعية تورطت في فضيحة تتعلق بابتزاز سيدات سوريات ممن فقدن ذويهم في المعارك، فكان بعض القائمين على توزيع المعونات يعملون على الابتزاز الجنسي مقابل تقديم المعونات".

وفي سياق متصل، كشف موقع "بوابة أفريقيا" أنّ ملف الجمعيات الخيرية التي تمولها قطر في تونس، يخضع منذ مطلع عام 2018 لتحقيقات عميقة من قبل قوى الأمن التونسي مع المشرفين المحليين على 80 جمعية خيرية عاملة في تونس أظهرت أنّ "أكثر من تسعين بالمائة من تمويل تلك الجمعيات مصدره دولة قطر، وفي مقدمة الممولين جمعية قطر الخيرية".

تواجد الجمعية لم يقتصر على مناطق النزاع في العالم العربي أو الإسلامي وحسب، بل امتد أيضا إلى تمويل مشاريع "بعيدة عن الشبهات" في أوروبا. وآخر المشاريع المليونية الضخمة للجمعية اختيار مدينة ستراسبورغ الفرنسية لإقامة مركز إسلامي مساحته 2500 متر مربع، فيه مركز دعوي، حسبما أفاد موقع الجمعية في تعريفه لمبادرة "غيث" التي ينخرط المشروع في إطارها، وهي مبادرة أسسها الداعية الإسلامي الراديكالي القطري أحمد الحمادي، وهو من مقربي الشيخ يوسف القرضاوي.

وقد أيقظ تاريخ "جمعية قطر الخيرية" مخاوف الأوروبيين ومخاوف دول أخرى في العالم، إلى الأجندة الخفية وراء عمل الجمعية، التي تتخذ الدين وقيم الإسلام ستاراً يهدد سِلم تلك المجتمعات وأمنها.

"الرياض": في حين تشكل الدول تحالفات لمكافحة الإرهاب تواصل الدوحة دعم هذه الآفة

"صفعة جديدة"

واعتبرت صحيفة "الرياض" أن قرار حكومة كوسوفو بتعليق أنشطة منظمة (قطر الخيرية) في البلاد لدواعٍ أمنية، هو بمثابة "صفعة جديدة في وجه النظام القطري، وتفتح ملفاً آخر يضاف إلى عشرات الملفات التي تؤكد تورط هذا النظام في تمويل الإرهاب وجرائم غسيل الأموال".

وكتبت الصحيفة السعودية في افتتاحيتها أمس، تحت عنوان "نبذ المؤسسات القطرية" أنّ المؤسسة القطرية التي تتعدد أنشطتها وتتوزع في عشرات الدول الفقيرة والنامية "تمثل غطاءً دأبت الدوحة على استخدامه في التواصل مع الجماعات المتشددة وتمويلها، إضافة إلى كونها وعاء تجتمع فيها تيارات وحركات مناوئة لحكومات هذه الدول في إطار السعي القطري لإيجاد موطئ قدم في أكبر عدد ممكن من دول العالم".

وذكّرت الصحيفة بأنّ ما فعلته كوسوفو سبقته إليها العديد من الدول "بعد أن تحولت قطر إلى كيان سيء السمعة، نتيجة لدعمها للتشدد والتدخل في الشؤون الداخلية للدول دون أي رادع أخلاقي أو احترام للقوانين والأعراف الدولية".

وانتقدت الصحيفة "الإصرار القطري على هذا السلوك المشين (الذي) يقدم نموذجاً على الطريقة التي تدار بها الأمور في الدوحة، والتي أفقدتها احترام دول العالم بل ووضعتها وحليفتها إيران في قائمة منبوذة لن يكون لها أي دور في أي جهد دولي مشترك لإرساء الأمن وتعزيز الاستقرار في العالم".

صعوبة إيجاد أي مسوغ لهذه الممارسات

في أحيان كثيرة، ومع صعوبة إيجاد أي مسوغ للممارسات السياسية للنظام القطري خاصة فيما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، فـ"النزعة الإجرامية التي أصبحت ملازمة للدوحة تضعها دوماً في قفص الاتهام، ففي حين تشكل الدول تحالفات لمكافحة الإرهاب والقضاء على بؤره وقطع مصادر تمويله تمضي الدوحة قدماً في طريق دعم هذه الآفة وتوسيع نطاقها، على حد تعبير "الرياض".

وأعربت الصحيفة عن أسفها "أن تؤول الأمور في قطر إلى هذا القاع، ومن المعيب أن تصطف دولة عربية إسلامية إلى جانب الإرهاب، ولكنها الحقيقة التي يواجهها الجميع كل بطريقته ووفق نظرته.. فهناك دول قررت الوقوف بحزم في وجه المشروع القطري الإرهابي واتخذت العديد من الإجراءات لردع الدوحة، وهناك دول اتخذت مسارات أخرى بعضها غير معلن لضمان سلامة مؤسساتها من أي تقاطع مع قطر".

واعتبرت صحيفة "الرياض" أنّ "قطر تعيش حالياً عزلة فرضتها على نفسها نتيجة سياساتها، ويدرك المواطن القطري ما تخسره بلاده يومياً من ثقة العالم، ما يطيل من أمد أزمتها ويصعّب أي جهد مستقبلي لإعادة الدوحة إلى قائمة الدول حسنة السمعة، وبالتالي عودتها إلى حاضنتها العربية والإسلامية".

الصفحة الرئيسية