حضور الغياب في أسرع قمة لمجلس التعاون الخليجي

الخليج العربي

حضور الغياب في أسرع قمة لمجلس التعاون الخليجي


06/12/2017

في مرآة القمة الخليجية الثامنة والثلاثين التي انعقدت في الكويت أمس، تجلّت أبعاد الأزمة الخليجية، في أعقاب مقاطعة ثلاث دول: السعودية، الإمارات، البحرين، لقطر، بعد اتهامها في يونيو الماضي، بدعم إسلاميين متطرفين، وتقاربها الشديد مع إيران.، وهو ما دأبت الدوحة على نفيه.

وتناولت وسائل الإعلام، باهتمام بالغ، تداعيات القمة التي حضرها أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح بصفته البروتوكولية، وأمير قطر تميم بن حمد، في حين اقتصر تمثيل الدول الأخرى على أدنى مستوياته، في إشارة إلى عدم رضا تلك الدول على أداء قطر، وعدم توفر المناخات التي تدلل على التزام الدوحة بما طُلب منها من الدول المقاطعة، وفتح صفحة جديدة معها.

تميم "وحيداً"

وعنونت بعض الصحف أخبارها بـ" القمة الخليجية: تميم "وحيداً" في اجتماع الدقائق العشرين! في حين ذكرت أخرى أنّ القمة هي بمثابة "حضور يثبت الغياب"

وزير الخارجية البحريني اقترح تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي حتى تقبل مطالب دول المقاطعة لها

ورأت صحف أنّ قمة الكويت جاءت مستعجلة، في ظل أرقام "غير مسبوقة" سجلتها لناحية مدتها ومستوى التمثيل. ومثّل عُمان في القمة نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، فهد بن محمود، وترأس وفد السعودية وزير الخارجية عادل الجبير، وترأس وفد الإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، فيما ترأس وفد البحرين نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة.

اليومان المقرران للقمة الخليجية انتهيا خلال خمس وسبعين دقيقة فقط، منها 55 دقيقة استراحة، كما أنّ الجلستين الافتتاحية والختامية لم تستمرّا سوى نحو عشرين دقيقة، لتكون بذلك أقصر قمة خليجية.

وأخفقت كل التوقعات بأنّ القمة ستنهي أزمة خليجية عمرها نحو ستة أشهر، جراء مقاطعة الرياض والمنامة وأبو ظبي، إلى جانب القاهرة، للدوحة.

مجاملة الكويت

وكتب سلمان الدوسري، رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشرق الأوسط"، عبر "تويتر": "لولا مكانة أمير الكويت لما شاركت الدول الثلاث في القمة الخليجية.. أما تخفيض مستوى التمثيل فهذا طبيعي في ظل قطع العلاقات مع قطر".

في ختام القمة القصيرة، صدر بيان مطوّل وإعلان مقتضب تُلي في الجلسة الختامية، حمل عنوان "إعلان الكويت"، لم يتحدثا عن ملف الأزمة الخليجية. وبعد ذلك، أعلنت استضافة عُمان القمة الخليجية المقبلة، لتكون أول قمة تستضيفها السلطنة منذ عشرة أعوام.

الصحفي السعودي سلمان الدوسري عبر "تويتر": لولا مكانة أميرالكويت لما شاركت الدول الثلاث في القمة الخليجية

في غضون ذلك، شكلت دولة الإمارات والسعودية لجنة ثنائية مشتركة بينهما للتنسيق في القضايا العسكرية والاقتصادية. وأفاد مرسوم أعلنه رئيس الإمارات، سمو الشيخ خليفة بن زايد، أنّ اللجنة ستكون مكلفة بـ"التعاون والتنسيق" بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، علماً بأنه سيترأس اللجنة ولي عهد أبو ظبي، سمو الشيخ محمد بن زايد. ورأى بعض المحللين في هذه الخطوة، بحسب "بي بي سي" ضربة محتملة لوحدة مجلس التعاون.
وكان وزير الخارجية البحريني اقترح، مع بداية الأزمة، تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي حتى تقبل مطالب دول المقاطعة لها. وقال خالد بن أحمد آل خليفة في حسابه على "تويتر": "الخطوة الصحيحة للحفاظ على مجلس التعاون الخليجي هي تجميد عضوية قطر حتى تحكم عقلها وتتجاوب مع مطالب دولنا. وإلا فنحن بخير بخروجها من المجلس".

وفي افتتاح القمة، قال أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح "لقد عصفت بنا خلال الأشهر الستة الماضية أحداث مؤلمة وتطورات سلبية ولكننا... استطعنا التهدئة وسنواصل هذا الدور". ودعا إلى تعديل النظام الأساسي لـ"مجلس التعاون"، وذلك "لوضع آلية محددة لفضّ النزاعات بين الدول الأعضاء".

هل ينهار المجلس؟

ويحذر خبراء من أن الأزمة الخليجية يمكن أن تؤدي إلى انهيار مجلس التعاون الخليجي. وقال ياسر فرج رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الكويتي إنّ "أسباب وجود مجلس التعاون الخليجي في ظل أزمة مستدامة، تصبح غير ذات مغزى". وأضاف، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أنّ "مجلس التعاون الخليجي لن يستمر" ما دامت الخلافات تعصف به وتغيّر أولوياته.

واعتبر الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد أنّ الحضور الرمزي أمس كان رسالة واضحة بأن القمة هي النشاط السياسي الوحيد المشترك ما بين الدول المقاطعة ودولة قطر، وقد لا يتكرر. وأضاف في مقال نشرته "الشرق الأوسط" أن "القمة نجت من مقصلة المقاطعة التي شملت تقريباً كل أشكال الروابط التي تجمع قطر بالدول الثلاث، وأفلت مجلس التعاون من الانهيار في أسوأ امتحان يمر به".

واتهم الراشد قطر بعدم التراجع عما سماه "نشاطاتها العدائية" ضد الدول الأربع: مصر والدول الخليجية الثلاث. بل ها هي "تنشط في اليمن، تمول، وتعين، وتقدم الدعاية للحوثيين المسؤولين عن قصف وقتل السعوديين داخل بلدهم. مهم أن نفهم الصورة على حقيقتها، قطر شريكة في الحرب والعدوان في اليمن الذي يجعل استمرارها في مجلس التعاون يخالف الأسس التي قام عليها. سلوكها ازداد تآمراً، استمرت تدعم المعارضين والقوى المعادية للرياض، أيضاً ضد الثلاث دول الأخرى".

وتابع "نشاط قطر في اليمن المعادي للتحالف، سيطيل من عمر الخلاف وقد يسوء. وإن كانت قيادة الدوحة تظن أنها تستخدم تكتيكاً حرب اليمن، بدعمها أعداء السعودية، للضغط عليها، فهي ترتكب خطأ أكثر جسامة؛ لأنها تستفز خصومها للرد بما هو أقسى من القطيعة، السلاح الوحيد الذي استخدموه ضدها حتى الآن".

الصفحة الرئيسية