3 حوادث عراقية تؤكد سعي إيران إسكات الأصوات الشيعية المنتقدة لها

إيران والعراق

3 حوادث عراقية تؤكد سعي إيران إسكات الأصوات الشيعية المنتقدة لها


10/02/2019

شهد العراق خلال الآونة الأخيرة ثلاث حوادث، على الأقل، أظهرت إصرار القوى الشيعية العراقية الأكثر ارتباطاً بإيران، وحرصها، على منع وإسكات أي أصوات شيعية عراقية تحاول الاعتراض أو انتقاد مساعي إيران للهيمنة على مفاصل القرار العراقي، أو تبرّمها من جعل العراق "ساحة" لخدمة الأجندة الإقليمية الإيرانية، تماماً مثلما أصبح لبنان في الأعوام الأخيرة، بفضل "حزب الله"، كما يقول المحلل اللبناني في صحيفة "الحياة" وليد شقير، إلى "ملتقى" مالي وإعلامي وسياسي ولوجستي، لخدمات حروب إيران في المنطقة، لاسيما الحرب السورية.

اقرأ أيضاً: الميليشيات لا تحارب غير العراقيين
وقد تمثلت الحادثة الأولى من خلال سعي الأطراف الشيعية العراقية الأكثر ولاء لإيران لـ "تدفيع" رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، ضريبة توازن حكومته وفترة رئاستة للوزراء مع الولايات المتحدة، وانفتاحه على دول خليجية، وخاصة السعودية، ومحاولته التوازن مع حلف إيران وأذرعها في العراق، وتبني سياسة عراقية أولاً، وهو ما يفسر، وفق "العرب" اللندنية، مساعي حكومة خلفه عادل عبدالمهدي لإخراجه (بخلاف التعامل مع كبار مسؤولي الحكومات العراقية السابقين) من المنطقة الخضراء المحصّنة، وتعريض حياته وحياة أسرته للخطر.

رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي
أما الحادثة الثانية، فكانت تصفية الأديب العراقي، علاء مشذوب، في مدينة كربلاء قبل أيام، وهو الذي عُرف بتوجيه انتقادات حادة إلى النفوذ الإيراني في العراق، فكان مصيره ثلاث عشرة رصاصة في رأسه وجسده من جانب مجهولين.
وبالرغم من مرور أكثر من أسبوع على مقتل مشذوب، إلا أن التحقيقات لم تسفر عن شيء، بشأن كشف المتورطين في الجريمة، ما يزيد من الشكوك بوجود قوة نافذة وراء العملية.

الخفاجي: الهدف من مقتل مشذوب إرهاب كل من يحاول توجيه انتقادات علنية لسلوك الموالين لإيران

ويعتقد زملاءُ مشذوب أنه من الصعب تحديد الجهة المتورطة في جريمة اغتياله، نظراً للسطوة الكبيرة التي تمتلكها المجموعات المسلحة على أجهزة الأمن والقضاء، على حد سواء، وفق "العرب" اللندنية.
وبخصوص الحادثة الثالثة، فقد تناقلت وسائل إعلام محلية في العراق أمس خبر إطلاق سراح أوس الخفاجي، قائد كتائب أبو الفضل العباس. لكنّه بحسب مواقع إخبارية عراقية، وصحافيين، تعرّض للتعذيب، كما تم تحذيره من التعرض "لأي من قادته السابقين أو النظام الإيراني ورموزه".
وكانت قوة من الحشد الشعبي وقيادة عمليات بغداد قد ألقت القبض على الخفاجي الخميس الماضي، حسب ما نقلت الوكالة الوطنية للأنباء عن مصدر أمني عراقي.

اقرأ أيضاً: نظام المصالح الوطنية العراقية والقلق الإيراني
وقالت هيئة الحشد الشعبي، في بيان في وقت لاحق الخميس، إنّها أغلقت أربعة مقار "وهمية تنتحل صفة الحشد الشعبي في منطقة الكرادة".
وأوضحت، كما ذكرت قناة "الحرة" أنّ من بين تلك المقار "مقراً تابعاً لما يسمى لواء أبي الفضل العباس ويديره الشيخ أوس الخفاجي يقع وسط المنطقة السكنية في الكرادة". وأشار البيان إلى أن "القوة حاولت إغلاق المقر الأخير غير القانوني لكن المتواجدين هناك امتنعوا عن ذلك فتم اتخاذ الإجراءات الانضباطية بحقهم".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب الصراع محتدم بين أجنحة التشييع السياسي في العراق
وقاتل لواء الخفاجي، أعواماً عدة، ضد خصوم نظام بشار الأسد في سوريا، لكن خلافات مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أجبرت قوات أبوالفضل العباس على الانسحاب والعودة إلى العراق.
وخلال الأعوام الأربعة الماضية، ارتبط الخفاجي بعلاقة وثيقة مع حيدر العبادي، الذي سمح للواء بتعزيز صفوفه بالمقاتلين والسلاح، فيما اعتبر مراقبون، بحسب "العرب" اللندنية، أنّ العملية كانت تمثل مشروعاً لبناء قوةٍ تُوازِنُ الحشدَ الشعبي، الذي طغى عليه الموالون لإيران.

اقرأ أيضاً: مصير كركوك ينبغي أن يقرره الشعب العراقي
وقال الخفاجي عقب اغتيال المشذوب إنّ "هذا السلوك يدفع العراقيين إلى الاصطفاف بجانب القوات الأمريكية"، في إشارة إلى الجدل المحتدم في الشارع العراقي بشأن تعزيز الولايات المتحدة قواتها العسكرية في العراق، والحملة المضادة التي يشنها حلفاء إيران.


وقال الخفاجي في حديث تلفزيوني إنّ "ابن عمي (الأديب) علاء مشذوب، كتب مقالاً ضد إيران، فجاء بعضهم وقتله حباً بإيران"، داعياً إلى الاعتراض على النفوذ الإيراني في العراق، على غرار الاعتراض على الوجود الأمريكي، بحسب ما ذكرت "إندبندنت عربية".

لم تكشف التحقيقات بعد المتورطين بجريمة اغتيال مشذوب ما يزيد من الشكوك بوجود قوة نافذة وراء العملية

ولم يطل الوقت كثيراً بالخفاجي بعد هذا التصريح؛ إذ سرعان ما شاعت أنباء اعتقاله، مخلفة صدمة في أوساط المتابعين، كما تقول "العرب" اللندنية، التي أضافت أن ذلك يؤشر إلى القدرة على استصدار مذكرات قبض قضائية في حال تعرضت مصالح طهران إلى الخطر، وأوضحت أنّ "الهدف هو إرهاب كل من يحاول توجيه انتقادات علنية لسلوك الموالين لإيران، والتدليل على أن الحكومة العراقية غير قادرة على منع الحشد الشعبي، من تحقيق رغباته بغض النظر عن مضامينها".
في مقابل ذلك، ثمة من يستدرك على ما تقدّم بالقول، إنّ حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي تحاول أيضاً إحداث بعض التوازن في علاقتها مع أمريكا وإيران؛ ففيما شدد عبد المهدي على أن بلاده "لن تكون جزءاً من منظومة العقوبات ضد إيران"، أفادت صحيفة "الشرق الأوسط" أمس (السبت) بأن بغداد رفضت طلب طهران استخدام الدولار لتسديد الديون العراقية؛ خوفاً من مخالفة نظام العقوبات الأمريكية.

اقرأ أيضاً: مسعى إيراني لتلغيم العراق
وأوضح الخبير الاقتصادي زهير الحسني، لـ "الشرق الأوسط"، أنّ "كل عملية نقل للدولار خاضعة لموافقة الاحتياطي المركزي الأمريكي، ومخالفة ذلك تؤدي إلى نتائج غير محمودة بالنسبة إلى العراق". غير أنه أوضح، أنّ العراق بإمكانه "أن يسدد الديون الإيرانية باليورو أو اليوان الصيني؛ كي لا يخلق له مشكلات مع الولايات المتحدة". وأضاف: "الخلاصة، أنّ على العراق وإيران البحث عن وسائل أخرى للتعامل لتلافي الغضب الأمريكي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية