14 فصيلاً فلسطينياً: الانتخابات بوابة إنهاء 14 عاماً من الانقسام

14 فصيلاً فلسطينياً: الانتخابات بوابة إنهاء 14 عاماً من الانقسام


18/02/2021

تعدّ المهمّة الأساسية لمنظّمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثّل الشرعي للشعب الفلسطيني، تمثيل كافة مكونات الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين وخارجها، بمختلف أفكارهم وأيديولوجياتهم، لشقّ طريق من شأنه إعادة الفلسطينيين إلى الأجندة الإقليمية والدولية مجدداً، إلا أنّ العلاقة بين المنظّمة والشعب الفلسطيني شابتها عدّة فجوات ألقت بظلالها على حالة التشرذم والفجوة السياسية القائمة منذ عدة سنوات، في ظلّ الانقسام الفلسطينيّ ووجود سلطتين تحكمان الضفة الغربية وقطاع غزة، دون إيجاد أفق لحلّها خلال المستقبل القريب.

سينعكس حجم القوى التي ستشكل المجلس التشريعي الفلسطيني المقبل على إعادة صياغة ممثلي المجلس الوطني، واللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير، وبالتالي إصلاح المنظّمة

وبالاتفاق على إجراء الانتخابات العامة، وتأجيل إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية، وتجاهل البرنامج الوطني الفلسطيني، انتهت جولة الحوار الوطني الفلسطيني، التي انعقدت بالقاهرة في 8 شباط (فبراير) الجاري، برعاية مصرية.

وسيطر ملفّ الانتخابات على معظم بنود البيان الختامي للحوار الوطني، وذلك بعد اتفاق 14 فصيلاً، منها حركتا "فتح" و"حماس"، على اعتبار الانتخابات بوابة إنهاء 14 عاماً من الانقسام الوطني والجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية.

سيطر ملفّ الانتخابات على معظم بنود البيان الختامي للحوار الوطني

وشدّد البيان الختامي للحوار الوطني على الالتزام بالجدول الزمني الذي حدّده المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات التشريعية، في أيار (مايو)، والرئاسية في تموز (يوليو) المقبلين، مع التأكيد على إجرائها في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، دون استثناء، والتعهد باحترام نتائجها وقبولها.

ومع أنّ إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية يعدّ من أبرز ملفات الحوار الوطني، إلا أنّ الفصائل أجّلت حسم ذلك إلى شهر آذار (مارس) المقبل، للتوافق على أسس وآليات استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد بهدف تفعيل المنظّمة وتطويرها، وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم انطلاقاً من كوننا حركة تحرر وطني.

اقرأ أيضاً: حماس تدعو تركيا للإشراف على الانتخابات الفلسطينية... ما موقف القاهرة؟

ومنذ إعلان القاهرة، في آذار (مارس) 2005، تمّ الاتفاق على إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية وتطويرها، بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ورغم تأكيد الأمر في اتفاق مكة، في شباط 2007، ما تزال مسألة تفعيل المنظّمة تراوح مكانها.

القيادي الفلسطيني نهاد أبو غوش لـ"حفريات": البيان الختامي للحوار الفلسطيني في القاهرة، لم يتجاهل قضية إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية، إنما قام بتأجيل النظر بها

وتأسست منظّمة التحرير الفلسطينية، عام 1964، من قبل جامعة الدول العربية، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، واستقرت المنظّمة في لبنان خلال العام 1971، ونتيجة اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، عام 1976، أصبح الفلسطينيون هدفاً للميليشيات اللبنانية المسيحية اليمينية، ليتمّ تدمير ثلاثة من المخيمات الفلسطينية في لبنان، أبرزها تل الزعتر.

ونصت المادة (11) من الميثاق الوطني الفلسطيني لعام 1968، على أن "يكون للفلسطينيين ثلاثة شعارات: الوحدة الوطنية، والتعبئة القومية، والتحرير"، وكانت هذه المهمة مصدراً مهماً تستمدّ منه منظّمة التحرير شرعيتها ونفوذها، غير أنّ الشكوك أخذت تطال ولايتها حين حوَّل المجلس الوطني الفلسطينيّ، بشكل رسميّ، الإستراتيجية السياسية من النضال من أجل تحرير كلّ فلسطين إلى حلّ الدولتين، في اجتماعه الذي عقد في الجزائر العاصمة عام 1988. 

رؤية وطنية موحّدة

بدوره، أبلغ مدير مركز "مسار" للدراسات، وعضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نهاد أبو غوش، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "البيان الختامي للحوار الفلسطيني الذي جرى الإعلان عنه مؤخراً في القاهرة، لم يتجاهل قضية إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية، إنما قام بتأجيل النظر بها إلى مرحلة لاحقة، رغبة من المشاركين في المرور من هذه المرحلة الحرجة في تاريخ الشعب الفلسطيني، لإنجاح إجراء الانتخابات المقبلة".

 نهاد أبو غوش

وتابع أبو غوش: "البيان الختامي لم يقتصر على تأجيل إصلاح منظّمة التحرير، بل قرّر المجتمعون تأجيل النظر في العديد من القضايا العالقة والشائكة، كقضية موظّفي حركة حماس، ودمج الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعدد من القضايا المتراكمة الأخرى للبث بها من قبل لجان فرعية يتم تشكيلها خلال الفترة المقبلة للنظر بها، والخروج برؤية وطنية موحدة لتجاوزها".

اقرأ أيضاً: مؤتمر الفصائل الفلسطينية في القاهرة... الواقع والطموحات

ولفت إلى أنّ "تفعيل منظّمة التحرير في حاجة إلى مشاركة أوسع من قبل كافة القطاعات الشعبية، وليس فقط بمجرد انضمام بعض الفصائل الفلسطينية، التي ما يزال خارجها حتى اللحظة، إضافة إلى إعادة الاعتبار لبرنامج المنظّمة الكفاحي، الذي يقوم على التحرّر من الاحتلال الإسرائيلي، وليس على أساس توزيع المناصب القيادية وغيرها؛ حيث بقيت أجهزة منظّمة التحرير فارغة المحتوى، بعد أن تحولت إلى كيانات تشكّل عبئاً على النضال التحرري الفلسطيني".

حفظ حقوق الشعب الفلسطيني

وأكد أنّ "المطلوب حالياً هو إعادة العلاقات الحية بين منظّمة التحرير وأبناء شعبنا في الشتات، وكذلك ضخّ الحياة في مؤسساتها على أسس ديمقراطية، وفتح المجال أمام الأجيال الشابة لتولى المناصب المختلفة بداخلها، وهو من شأنه أن يعيد الاعتبار لهذا الجسم التمثيلي للشعب الفلسطيني"، موضحاً أنّ "المنظّمة في حاجة للتأكيد على حفظ حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية في عودة اللاجئين إلى أراضيهم، وحقّ تقرير المصير، والحفاظ على الهوية القومية، وقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، كي تكون منظّمة التحرير المظلة الجامعة لكافة مكونات الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: الانتخابات الفلسطينية: هل تحطّم فتح وحماس تشاؤم المراقبين؟

ولفت أبو غوش إلى أنّ "إعادة إحياء منظّمة التحرير من الخروج بميثاق وطني، وبرنامج سياسي موحد، يفترض أن يتم بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وكافة القطاعات، بهدف تفعيل الحياة الديمقراطية بمشاركة كافة الفصائل والمكونات المستقلة، التي لا تنتمي لأيّ فصيل فلسطيني، للخروج من حالة الاستبداد والبيروقراطية السائدة داخل المنظّمة منذ سنوات".

هجمة إسرائيلية وأمريكية

من جهته، يقول أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة، أسعد العويوي إنّ "القضايا الخلافية جرى تأجيلها خلال اجتماع القاهرة إلى ما بعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في أيار (مايو) المقبل، حيث سينعكس حجم القوى التي ستشكل المجلس التشريعي المقبل على إعادة صياغة ممثلي المجلس الوطني، واللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي العمل على إصلاح منظّمة التحرير".

 أسعد العويوي

ويضيف العويوي، لـ "حفريات": "الفترة المقبلة تتطلب مشاركة أكثر من 6 مليون فلسطيني في الشتات في اختيار أعضاء مجلس تشريعي تتوفر لديهم المهنية والشفافية، من أجل مناقشة مجموعة من القضايا الجوهرية العالقة، والتي بدورها ستنعكس إيجاباً على الوضع السياسي والاجتماعي داخل الأراضي الفلسطينية، ومن ثم إيجاد آلية لإعادة النظر في تأهيل منظّمة التحرير الفلسطينية، بإشراك فصائل فلسطينية مهمة؛ مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، للانضمام إلى المنظّمة والمجلس الوطني الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: لماذا تئنّ عاصمة الرّومان الفلسطينيّة؟

ولفت إلى أنّ "هناك مؤامرة وهجمة إسرائيلية بأداء وعقل أمريكي تحاك ضدّ الشعب الفلسطيني، وأنّ ما تمّ من قواسم مشتركة بين حركتَي فتح وحماس من خلال الاتفاق على إجراء الانتخابات، هو خطوة إستراتيجية من شأنها مجابهة تلك المؤامرات للوصول إلى إنجاز الاستحقاق الديمقراطي، كطريق للعبور إلى مناقشة مختلف القضايا العالقة الأخرى، ومن بينها إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية".

المحافظة على الثوابت

وبسؤال العويوي عن سبب استمرار هيمنة أعضاء ينتمون لحركة فتح على منظّمة التحرير الفلسطينية، دون مشاركة مفكرين ونقابات عمالية ومنظمات نسوية، كما نصّ عليه المجلس الوطني سابقاً، بيّن أنّ "السبب يرجع إلى عدم إجراء أيّة انتخابات داخل المنظّمة منذ فترة  طويلة، بالتالي، فإنّ الواقع الحالي يتطلب إعادة صياغة المنظّمة؛ حتى تكون أداة لكافة مكونات الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجدهم، سواء في داخل الأراضي الفلسطيني أو خارجها".

اقرأ أيضاً: السلطة الفلسطينية تفتح خط التواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة

وأكد الأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "استعادة أهمية منظّمة التحرير تنطلق من محافظتها على الثوابت الفلسطينية، والعمل مع مختلف القوى الأخرى على استمرار وتفعيل النضال من أجل التحرر من الاحتلال، والتركيز على القواسم المشتركة التي تجمع المنظّمة مع مختلف الفصائل الفلسطينية، وترك الخلافات الداخلية جانباً، من أجل تغليب المصلحة الوطنية على أيّة مصالح أخرى، كي تبقى فلسطين قضية حيّة لا تقبل الرضوخ إلى الإملاءات الأمريكية والصهيونية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية