وحيد حامد: بسبب "العُزلة" عقلي معطّل عن الكتابة

وحيد حامد: بسبب "العُزلة" عقلي معطّل عن الكتابة


03/05/2020

انتصار دردير
بعدما تعاقد الكاتب والسيناريست المصري الكبير وحيد حامد أخيراً على كتابة الجزء الثالث من مسلسل «الجماعة» وشرع في رحلة بحث وتدقيق مهمة قبل كتابة السيناريو والحوار، تسببت جائحة «كورونا» في توقف كل شيء، فحامد الذي اعتاد منذ سنوات طويلة على كتابة أفلامه ومسلسلاته في ركن معروف بأحد الفنادق المطلة على نهر النيل بالقاهرة، في وقت مبكر من الصباح، اضطر للبقاء في بيته بسبب الإجراءات الوقائية الخاصة بـ«كورونا»، وأصبح شبه متوقف عن الكتابة، حيث أثرت الأجواء السلبية على حالته النفسية ومن ثم على مشروعه الفني الجديد.

في بداية الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» معه عبر الهاتف، يقول حامد: «ألتزم بالتعليمات والنصائح الإرشادية، ولا أغادر بيتي تماماً، لكنني لم أعتد العمل في البيت ولا أهوى الكتابة في غرف مغلقة، بل اعتدت الجلوس في مكان مفتوح، تدب فيه حركة الحياة ويتيح لي قدراً من الهدوء، وأمامي نهر النيل باتساعه، هذه الأجواء التي اعتدتها لم تعد ممكنة حالياً، لذا أشعر أن حياتي ينقصها شيئ مهم».

وعن إنجازه اليومي في كتابة الجزء الثالث من مسلسل «الجماعة» يقول: «لم أحقق أي إنجاز يذكر، فأنا لدي مشكلة كبيرة حالياً، إذ إنني لم أعد أستمتع بالقراءة أو الكتابة أو حتى المشاهدة، فعندما أبدأ في الكتابة خلال فترة العزلة الجارية، لا أشعر بطعم ما أكتبه، وحين أشاهد فيلماً أعرف مسبقاً أنه فيلم جيد لا أتحمس له، ومن الواضح أن هذا الاعتكاف بالمنزل يؤثر سلباً على الحالة النفسية للإنسان بشكل كبير».

مسلسل «الجماعة» الذي رصد في جزئه الأول عام 2010 بدايات تكوين جماعة الإخوان المسلمين، على يد مؤسسها حسن البنا، واستعرض في جزئه الثاني 2017 علاقة الإخوان بالسلطة في عهد عبد الناصر، يتناول في الجزء الثالث كيفية تطور الجماعة في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وعن ذلك يقول حامد: «هذا الجزء سيبدأ بوفاة جمال عبد الناصر، وينتهي بحادث اغتيال أنور السادات، وأنا أعتقد أن الإخوان قد عاشوا عصرهم الذهبي في عهد السادات الذي أراد الاستقواء بالتيار الديني لضرب الشيوعيين والناصريين الذين ناصبوه العداء فاغتاله الإخوان الذين استفحل أمرهم فيما بعد في عهد مبارك».

ويؤكد حامد أنه لم يقترب من مرحلة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وما أعقبها من وصولهم إلى سدة الحكم في عام 2012، خلال الجزء الثالث، قائلاً: «ربما تكون محوراً للجزء الرابع، لكن كل ذلك يعد كلاماً سابقاً لأوانه، لأن عقلي متوقف تماماً وأعيش فترة جمود غريبة».

ويرفض وحيد حامد تقديم الجزء الثالث من العمل في 60 حلقة مرة واحدة، مؤكداً: «60 حلقة تناسب مسلسلات التسالي، لكن (الجماعة) ليس مسلسلاً للتسلية بل هو عمل جاد يتطلب جهداً كبيراً، كما أن الأصل في الدراما أن تكتب في 13 حلقة كما اعتدنا منذ بدايتها، ثم زادت إلى 15 ووصلت إلى 30. ورأيي الشخصي أن المدة الزمنية للمسلسل العادي لا يجب أن تزيد عن 15 حلقة، حفاظاً على إيقاعه وعدم الثرثرة وبعيداً عن المط والتطويل.

مسلسل «الجماعة» الذي يكتبه وحيد حامد، لا يرتبط بتوقيت محدد لعرضه، كما أنه يرفض أي شروط مسبقة تحدد توقيت العرض، بحسب وصفه، مشيراً إلى أنه حينما ينتهي من كتابته، ويتم الانتهاء كذلك من تصويره فإنه وقتها فقط يتحدد موعد عرضه، «هذه هي القاعدة التي أعمل بها منذ سنوات، فلا بد أن يأخذ كل شيء وقته المناسب».

وعن تقييمه لمسلسلات رمضان هذا العام يقول: «أغلب المسلسلات تم تصويرها داخل الشقق والاستوديوهات، وتقلصت فيها مشاهد التصوير الخارجي، ومشاهد المجاميع الكبيرة، وبعض المسلسلات اضطرت لإلغاء هذه المشاهد، فلو أن لدى المخرج مشهداً يحتاج مائة كومبارس مثلاً، فإنه من الممكن أن يكون قد اضطر لإلغائه لصعوبة تنفيذه في ظل هذه الظروف».

في فيلمه «النوم في العسل» يبدو وحيد حامد كما لو كان يتنبأ بهذا الوباء الذي اجتاح العالم، حين يكتشف بطله الفنان عادل إمام الذي جسد شخصية رئيس مباحث بالفيلم بوجود وباء يسبب العجز الجنسي للرجال، ويحاول إثارة القضية، لكن يواجه بصمت وتجاهل من كافة الجهات المعنية، وعن ذلك يقول حامد: «في الحقيقة لم يرد في ذهني هذا الأمر، فالفيلم كتبته عن حادثة حقيقية وقعت بحافظة البحيرة (دلتا مصر) حين تعرضت طالبات بالمرحلة الثانوية لحالات إغماء جماعية، وقد أخذت عنها فكرة الفيلم، وقمت بتطويرها على النحو الذي تم عرضه، مؤكداً أن الأعمال الفنية التي يكون لها قيمة تحتمل أكثر من تفسير، لكن فيما يتعلق بوباء كورونا فإن هناك فيلماً يتلامس بشكل كبير مع ما نعيشه الآن وهو فيلم (صراع الأبطال) للمخرج توفيق صالح، الذي تطرق فيه إلى وباء الكوليرا الذي ضرب مصر في أربعينات القرن الماضي لدرجة تجعله يتطابق مع ما يحدث حالياً بفعل (كورونا)».

مشاهد عدة استفزت وحيد حامد في الشارع المصري خلال مواجهته لفيروس كورونا، ويقول: «سلوكيات الناس في الشارع تبدو وكأنها لم تسمع عن هذا الوباء الذي أغلق البيت الحرام والمساجد والكنائس لكن نجد عندنا من يقيمون صلاة الجماعة فوق أسطح منازلهم بعيداً عن أعين الشرطة ومن يقيمون الأفراح، بجانب تزاحم آلاف البشر في الشوارع».

لا ينفي وحيد حامد شعوره بالقلق والخوف مما يحدثه «كورونا» من نسب إصابات ووفيات مرتفعة، ويقول: «هذا الوباء أعطى للبشرية درساً عميقاً، وأعتقد أنه سيكون فاصلاً بين مرحلتين، فقد أسقط (ورقة التوت) عن كثير من الدول الكبرى التي ملأت الدنيا رعباً بالأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات ولم تستطع مواجهة هذا الوباء، بل لجأت لطلب مساعدات وصلت إلى الكمامات الطبية، وبالتأكيد ستتغير السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون بعد انتهاء هذا الوباء».

في سياق مختلف، يعود حامد إلى السينما مجدداً، عبر أحدث أفلامه «الصحبة الحلوة» بطولة يحيى الفخراني، ومحمد سعد في أول عمل يجمع بينهما، وكانت المخرجة ساندرا نشأت قد بدأت في تصويره، ثم توقفت بسبب أزمة «كورونا».

عن "الشرق الأوسط" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية