هل ينجح الكاظمي في استعادة هيبة الدولة العراقية؟

هل ينجح الكاظمي في استعادة هيبة الدولة العراقية؟


04/07/2020

بدأت أولى المواجهات المتوقعة بين حكومة مصطفى الكاظمي والفصائل الموالية لإيران داخل العراق، فجر يوم الجمعة الماضي، لحظة اعتقال قوة من جهاز مكافحة الإرهاب مجموعة تابعة لكتائب "حزب الله في العراق" حاولت وتحاول استهداف السفارة الأمريكية بصواريخ "الكاتيوشا" جنوب بغداد.

الناشط السياسي نبيل الجبيلي لـ "حفريات": استعراض كتائب حزب الله بالسيارات العسكرية والأسلحة المتوسطة في مناطق بغداد، يمكن للحكومة تدميره في عدة دقائق

عملية الاعتقال لم تمر دون ردّ فعل عنيف مارسته الجماعة الشيعية المسلحة؛ حيث سقطت بعض المدن البغدادية لساعات بيدها لحظة استعراضها العسكري وتطويقها للمنطقة الرئاسية الخضراء (عقر دار الحكومة).
خطوة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، الأخيرة، لاقت ارتياحاً شديداً لدى الشارع المحلي المتطلع لاستعاد هيبة الدولة المفقودة جراء هيمنة الفصائل الشيعية المتشددة على قرارات الحكومة العراقية السابقة، بينما أكّد ناشطون وكتّاب عراقيون أنّ ما فعلته "الكتائب" مؤخراً بدّد كلّ شعاراتها المتمترسة برداء المذهبية والدفاع عن البلاد من خطر الإرهاب تحت يافطة الحشد الشعبي.


وتتعرض السفارة الأمريكية وبعض قواعدها العسكرية، في بغداد ومحافظة الأنبار، بين حين وآخر، إلى هجوم بقذائف الهاون والصواريخ من قبل الفصائل الولائية لإيران، لكنّه لم يسفر عن وقوع خسائر بشرية تذكر، في وقتٍ تتعرض الحكومة العراقية لحرج كبير أمام البعثات الدولية في بلادها.


جهاز مكافحة الإرهاب يقتحم مأوى للكتائب
بناء على معلومات استخبارية؛ داهمت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب معملاً لتصنيع الأسلحة الثقيلة في منطقة الدورة، جنوب العاصمة بغداد، وتمكّنت من اعتقال 13 عنصراً في ميليشيا كتائب حزب الله في العراق، بينهم إيراني يقدم خبرات استشارية لهم.

اقرأ أيضاً: مداهمة كتائب حزب الله العراقي... ما أبرز المواقف والتبعات؟

وأكدت المصادر الأمنية أنّ "العناصر كانوا ينوون شنّ هجوم جديد على المنطقة الرئاسية الخضراء، واستهداف مقار السفارة الأمريكية في المنطقة تحديداً"، وأشارت إلى أنّ "القوة وجدت منصات صواريخ كانت معدة للإطلاق داخل المكان الذي تمّت مداهمته". 
وفي تعليق سريع على هذه الحادثة؛ شدّد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على ضرورة بسط سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة.
يذكر أنّ آخر عملية للكتائب ضدّ التواجد الأمريكي في بغداد، كانت في 18 حزيران (يونيو) الجاري، حينما أطلقت أربعة صواريخ "كاتيوشا"، سقطت في محيط السفارة داخل المنطقة الخضراء، وسبقها هجوم آخر على قاعدة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، في 13 من الشهر ذاته.



الكتائب تستعرض قوتها وسط بغداد
وردّاً على اعتقال عناصرها؛ أعلنت ميليشيا كتائب حزب الله في العراق استنفاراً عاماً لكافة عناصرها في بغداد، ونزلت باستعراض عسكري في عدة مناطق من العاصمة، أبرزها شارع فلسطين والكرادة، وصولاً إلى بوابة المنطقة الخضراء، الاستعراض رافقه تنديد بشخص رئيس الحكومة العراقية واتهامه بالعمالة لأمريكا.
وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تصوّر الانتشار العسكري لميليشيا الكتائب، في مسعى من الميليشيا لإبراز قوتها قبال الدولة والقوات الأمنية الرسمية.
ووصفت الميليشيا الولائية، على لسان متحدثها "أبو علي العسكري"، رئيس الوزراء بـ "عميل الأمريكيين" و"المسخ الغادر"، وهددته بـ "العقاب" و"العذاب"، قائلة: "نتربص بكم".

اقرأ أيضاً: مداهمة كتائب حزب الله العراقي... ما أبرز المواقف والتبعات؟
وعن خطورة الكتائب، يقول الإعلامي العراقي صابر الدليمي إنّها "من أخطر الميليشيات بالخطف والاغتيال، وربما لأنّ مرجعيتها مباشرة بالخارج"، مضيفاً "هي تخطف وتقتل على أساس المال كفدية، أو على أساس العقيدة".
وقال لـ "حفريات" إنّ "الكتائب هي التي خطفت الأجانب في العراق، وكان منهم القطريون، وكانت الفدية القطرية لهم آنذاك ٨٥٠ مليون دولار، تمّ حجزها في المطار في زمن رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي"، مشيراً إلى مسؤولية الكتائب عن "خطف العمّال الأتراك في وقت سابق".

ناشطون: الكاظمي يستطيع تدميرهم بأيام
وتصاعدت نبرة الخطاب الإعلامي الذي تبناه إعلام الإسلام السياسي، ضدّ خطوة رئيس الحكومة، باعتقال منتسبين قيل إنّهم في الحشد الشعبي الذي يعد مؤسسة أمنية يحاول استهدافها من قبل الحكومة الجديدة.

لكنّ ناشطين عراقيين استهجنوا ما فعلته الجماعة الشيعية المسلحة، المصنّفة على لائحة الإرهاب الدولي، مؤكدين أنّ الحكومة قادرة على ردّها واستعراضها "الفوضوي".

تحاول أغلب الأحزاب الشيعية، التي لها أذرع مسلحة داخل هيئة الحشد الشعبي، استثمار فصائلها لمطامح سياسية ذاتية، لا سيما الفصائل المؤمنة بولاية الفقيه


وأكد الناشط السياسي نبيل الجبيلي لـ "حفريات"؛ أنّ "استعراض كتائب حزب الله بالسيارات العسكرية والأسلحة المتوسطة في مناطق العاصمة بغداد، يمكن للحكومة تدميره في عدة دقائق". وأكمل الجبيلي: "إذا كان للكتائب 30 ألف عنصر مسلح، بإسناد من باقي الفصائل الموالية لطهران، فبإمكان القوات العراقية الرسمية، يتقدمها جهاز مكافحة الإرهاب، تدميرهم في بضعة أيام".

ويعزو الناشط العراقي تنامي دور الفصائل الشيعية المسلحة في الوقت الأخير إلى عدم فاعلية سلطة الدولة العراقية، قائلاً إنّ "الدولة موجودة، ونعتز بها، لكنّ خللها يكمن في اتخاذ القرار الحقيقي لفرض حكم القانون، ينقصها فقط أن تصدر الأمر بذلك".

اقرأ أيضاً: هل بات العراق مسرحاً للتدخلات التركية بعد اجتياحه إيرانياً؟

إدانة سياسية لاستهداف "الحشد"
وفي سياق متصل؛ دان تحالف الفتح (المظلة السياسية للفصائل الشيعية المسلحة)، ما أسماه "استهداف حكومة الكاظمي لأحد فصائل الحشد الشعبي".
وقال حازم الخاقاني، عضو التحالف؛ إنّ "استهداف فصيل في الحشد الشعبي، يعني محاولة استباقية لاستهداف الحشد كلّه"، مبيناً أنّ "الحشد وجد لحفظ النظام وسيبقى هو الحافظ الوحيد له، بعد أن انهارت مجمل المؤسسات الأمنية في الأمس القريب".
وأوضح لـ "حفريات"؛ أنّ "الحشد الشعبي، كمؤسسة أمنية في جسد الدولة، من دون موازنة مالية منذ 6 أشهر"، لافتاً إلى أنّ "مختلف فصائله عبر مديريات الطبابة فيها، تصدّت لجائحة كورونا، بحسب إمكانياتها المتاحة".
من جهته، دعا زعيم تحالف النصر حيدر العبادي (رئيس الوزراء الأسبق)، القوات الأمنية برمتها إلى توحيد الصفوف "لحماية العراق والعراقيين".
وكتب العبادي، عبر حسابه في "تويتر": "أبناؤنا الشجعان في جهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وكلّ الصنوف، يا من قاتلتم تحت راية العراق ضدّ تنظيم داعش الإرهابي، فانتصرتم، أدعوكم إلى رصّ الصفوف لحماية العراق والمواطنين".

وأضاف: "لا مكان بيننا لمن يعبث بالأمن، ولا لمَن يحمل السلاح خارج الدولة، لإرهاب وابتزاز الآمنين، ولا لمَن يخدم أجنبياً طامعاً، أو متربصاً ماكراً يسيء لأبطالنا".


مطالبات بعدم تسييس المنظومة الأمنية
تحاول أغلب الأحزاب الشيعية، التي لها أذرع مسلحة داخل هيئة الحشد الشعبي، استثمار فصائلها لمطامح سياسية ذاتية، لا سيما الفصائل المؤمنة بولاية الفقيه الإيرانية، ومن أبرز تلك الفصائل الولائية المنضوية في الحشد: "كتائب حزب الله"، و"حركة النجباء"، و"عصائب أهل الحق"، و"بدر"، و"سرايا عاشوراء"، و"سرايا السلام".
صحفيون عراقيون اتفقوا على "تضحيات" الحشد برمّتها لمساندة القوات الأمنية بمحاربة تنظيم داعش، فيما انتقدوا العمل على تسييس المؤسسة الحشدية. 

وأبلغ الصحفي العراقي عبد الحسين فاضل، "حفريات" بأنه "لا يمكن لأيّ فصيل، أو تشكيل عسكري، أن نعطيه شيكاً على بياض من التأييد"، منتقداً تبنّي تشكيلات حشدية "وجهة نظر سياسية، هي بمثابة خيانة للقوانين النافذة". 

وبيّن فاضل؛ أنّ "أيّ خرق لهيبة الدولة، وأيّ تبنٍّ لأية لغة ميليشياوية، غير مقبول، كما أنّ التهاون في هذه الأمور غير مقبول أيضاً، ويجب أن يحاكم من يحتكم لغير العراق مصلحة وارتباطاً"، مبيناً أنّ "الحشد في العين وتضحياته في القلب، وعليه أن يحافظ على ذلك".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية