هل ستشارك إيران في حرب غزة؟

هل ستشارك إيران في حرب غزة؟

هل ستشارك إيران في حرب غزة؟


16/10/2023

لأوّل مرة في الحروب التي وقعت بين المقاومة الفلسطينية ممثلة بـ (حماس والجهاد الإسلامي) في قطاع غزة وإسرائيل، منذ الحرب الأولى عام 2008، والحروب التي تلتها، وصولاً إلى الحرب الدائرة اليوم، يتم طرح دور ومشاركة إيران في هذه الحرب على مستوى التخطيط والدعم والتنفيذ، في ظل حرب غير معلنة بين إيران وإسرائيل تدور في سوريا والعراق وداخل إيران، بالتزامن مع حرب أشباح أخرى بين إيران وأمريكا في العراق وسوريا ومناطق نفوذ إيرانية أخرى.

حركتا (حماس والجهاد الإسلامي) تشكلان ورقة إيران في الملفات الفلسطينية، بالإضافة إلى حزب الله بما توفره الحدود اللبنانية مع إسرائيل من كونها ورقة إيرانية، تم التعبير عنها بمقاربة وحدة جبهات المقاومة التي تم الإعلان عنها قبل أشهر بقيادة إيران، وبعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة ضد إسرائيل، تطرح تساؤلات حول إمكانية مشاركة إيران في هذه الحرب، والتي يرجح أن تكون من خلال حليفها حزب الله بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل من الجنوب اللبناني، أم ستقتصر هذه المشاركة الإيرانية على دعم (حماس والجهاد) بخطاب إعلامي ثوري يترجم مقارباتها بوحدة جبهات المقاومة وإثبات دورها الإقليمي.

إيران ليست معنية بفتح جبة الجنوب اللبناني لأسباب عديدة من بينها: أنّ "طوفان الأقصى" وبافتراضها حرباً شنتها (حماس والجهاد) لمصلحة إيران، فإنّ العملية من وجهة نظر إيرانية حققت ما تريده بكشف ضعف وهشاشة الجيش الإسرائيلي، وستسهم في تأخير التطبيع العربي- الإسرائيلي

ورغم أنّ السيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات، بما فيها احتمالات توسع رقعة الحرب ودخول حزب الله بشكل أوسع في الحرب، وذلك تبعاً لتطورات ميدانية ترسمها مخرجات حرب غزة، وترتبط بتقييمات القيادة الإيرانية وليس حزب الله، إلّا أنّ العديد من الإشارات الصادرة من القيادة الإيرانية وقيادة حزب الله اللبناني تذهب باتجاه صياغة مقاربة إيرانية تتضمن: تصدير خطاب إعلامي ثوري يؤكد وقوف إيران وحزب الله إلى جانب المقاومة، عبر سلسلة تصريحات "مراوغة" ترسل رسائل بأنّ إيران لن تشارك بهذه الحرب، وممارسة على الأرض من خلال حزب الله اللبناني تتضمن إدامة حالة اشتباك "محدودة جداً"، لا تتجاوز خطوط التماس المعروفة بين حزب الله وإسرائيل، ولا تكسر قواعد الاشتباك بين الجانبين، وبما يضمن إرسال رسالة إيرانية بأنّها تترجم شعار "وحدة جبهات المقاومة".

 يتم طرح دور ومشاركة إيران في هذه الحرب على مستوى التخطيط والدعم والتنفيذ

الإشارات الإيرانية بعدم المشاركة في هذه الحرب أعلنها بصورة غير مباشرة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، الذي أكد أنّ المقاومة الفلسطينية هي التي خططت ونفذت عملية "طوفان الأقصى"، وهو ما اتفق مع تصريحات أمريكية تؤكد أنّه لا أدلة دامغة على مشاركة إيران في هذه الحرب، رغم أنّها تشكل غطاء للمقاومة الفلسطينية، فيما شكلت مخرجات زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت وما دار فيها، بما في ذلك لقاءاته مع قيادة حزب الله وممثلي (حماس والجهاد الاسلامي)، والتي أكد بعدها أنّ المقاومة وحدها قادرة على إدارة المعركة، وهي وحدها صاحبة القرار في الحرب والتفاوض، وكانت الرسالة التي أرسلها للجانب الإسرائيلي عبر ممثل الأمم المتحدة في لبنان أنّ إيران لن تشارك بهذه الحرب، رغم الحديث عن خطوط حمراء غير معروفة .

في الاستراتيجية الإيرانية العميقة فإنّ الملف الفلسطيني برمّته ليس إلّا مجرّد "ورقة" من أوراق إيران، وقد حققت منها ما تريد، ولا مشكلة لديها بخسارتها مقابل الاحتفاظ بأوراق أخرى أكثر أهمية

من جانب آخر، واضح أنّ إيران ليست معنية بفتح جبة الجنوب اللبناني لأسباب عديدة؛ من بينها: أنّ "طوفان الأقصى" وبافتراضها حرباً شنتها (حماس والجهاد) لمصلحة إيران، فإنّ العملية من وجهة نظر إيرانية حققت ما تريده بكشف ضعف وهشاشة الجيش الإسرائيلي، وستسهم في تأخير التطبيع العربي- الإسرائيلي، بوصفه هدفاً لإيران التي أدركت أنّها مع هذا التطبيع سيتم عزلها ولن يتم الاعتراف بها قوة إقليمية في الإقليم، وبعملية "طوفان الأقصى" أكدت إيران دورها الإقليمي، وأنّها أحد الفاعلين الرئيسيين في الملف الفلسطيني، وأنّه لا سلام ولا تطبيع دون التفاوض مع إيران على أدوارها التي تتناسب وقدراتها وحجم تأثيرها في الإقليم، وربما كان الاندفاع العسكري الأمريكي والأوروبي لدعم إسرائيل عبر إرسال حاملات طائرات وذخائر وأسلحة لحماية إسرائيل، والتهديدات التي أرسلت إلى إيران وحزب الله، أحد العوامل التي تجعل إيران تدرك أنّ هذه الحرب مختلفة، وقد ينتج عن مشاركتها فيها فقدانها الكثير من المكاسب التي حققتها في العراق وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى اليمن وقطاع غزة، يضاف إلى ذلك أنّ حزب الله ليس بوضع سياسي وشعبي يؤهله لخوض حرب جديدة في ظل أوضاع لبنان المنهار، سياسياً واقتصادياً، علاوة على إمكانية فقدان الساحة السورية المهمة لإيران وحزب الله في هذه المرحلة، وهو ما تردد أنّ أمريكا بعثت رسائل تهديد لإيران بإسقاط النظام السوري في حال تدخلها بالحرب.

المكاسب الإيرانية التي تحققت لإيران بعملية "طوفان الأقصى" أكبر من أن تغامر بخسارتها وتحولها إلى خسائر منذ عام "2003"، حينما سهلت احتلال أمريكا للعراق بعد احتلال أفغانستان، والخلاص من نظام طالبان ونظام البعث العراقي؛ السنّيين، ولن تخوض حرباً خاسرة مع (الناتو) من أجل غزة، حتى لو نفذت إسرائيل كل خططها بالتهجير وتشديد الحصار والقتل، ففي الاستراتيجية الإيرانية العميقة فإنّ الملف الفلسطيني برمّته ليس إلّا مجرّد "ورقة" من أوراق إيران، وقد حققت منها ما تريد، ولا مشكلة لديها بخسارتها مقابل الاحتفاظ بأوراق أخرى أكثر أهمية.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية