هل حسمت تركيا موقفها في ليبيا نحو التصعيد؟.. مؤشرات جديدة

هل حسمت تركيا موقفها في ليبيا نحو التصعيد؟.. مؤشرات جديدة


24/06/2020

لم تُبدِ تركيا، ومن خلفها حكومة الوفاق الليبية، أيّ مرونة تتعلق ببدء عملية سياسية في ليبيا، بل في مؤشر إضافي على حسم أنقرة موقفها نحو التصعيد العسكري، خرقاً للتحذير المصري، فقد استعرضت وكالة الأناضول التركية الرسمية، الأهمية الاقتصادية لمنطقة الشرق والجنوب الليبي التي يتمركز فيها الجيش، غداة تصريحات استفزازية أطلقها نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، حول مصر، والاستعداد للهجوم على سرت.

اقرأ أيضاً: الإرهاب في ليبيا.. ما علاقة بريطانيا؟‎

وقال أقطاي أمس، بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين"، إنّ حكومة الوفاق تستعد لاستعادة سرت، مدّعياً أنّ القيادة المصرية "ليس لديها القوة أو الجرأة" على محاولة وقف ذلك.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد موقف بلاده الحاسم تجاه أي تقدم للوفاق نحو سرت، وقال في تصريحات خلال تفقده قوات عسكرية في المنطقة الغربية المتاخمة لليبيا، قبل أيام، إنّ خط "سرت ـ الجفرة خط أحمر".

في غضون ذلك، تمهد تركيا لخرق "الخط الأحمر" المصري، بالادعاء أنّ الجيش الليبي يسيطر على "حقول غاز ونفط تابعة تاريخياً وإدارياً لإقليم طرابلس (تسيطر عليه حكومة الوفاق)، وهما ميناء السدرة وميناء رأس لانوف، الأكبر سعة في البلاد، وكذلك حقل الظهرة النفطي، بالإضافة إلى حقل زلة النفطي الذي يقع شرق محافظة الجفرة، التابعة لإقليم فزان"، بحسب وكالة الأناضول.

 

الأناضول تستعرض "المغانم" في ليبيا غداة تصريحات لمستشار أردوغان حول الاستعداد للتقدم نحو سرت

وتابعت الأناضول إنّ "حفتر وقبائل الشرق يعتبرون أنّ كامل الهلال النفطي تابع لبرقة (...) وأنّ كامل محافظة سرت جزء من برقة وأنّها خط أحمر"، ولفتت إلى أنّ "الصراع على الهلال النفطي في المرحلة القادمة قد يكون حاسماً لمستقبل البلاد، وخصوصاً أنّ هناك من يحاول رسم "حدود حمراء" بين أقاليم ليبيا الثلاثة".

واختتم التقرير بالتأكيد على أنّه إذا استطاعت حكومة الوفاق "تحرير إقليم فزان، وتأمين منشآت النفط والغاز، فبإمكان اقتصاد البلاد إعادة الوقوف على رجليه، في انتظار تحرير الهلال النفطي وكامل البلاد، خاصة إذا تمكن من ضخّ استثمارات أكبر في قطاعي الغاز والنفط، وجذب استثمارات أجنبية لاستغلال احتياطاته الضخمة من المحروقات، ناهيك عن اكتشاف آبار جديدة".

ويتلاقى هذا التقرير مع ما أسفر عنه لقاء وفد أمريكي زار حكومة الوفاق قبل أيام، ضمّ السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، وقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، الجنرال ستيفين تاونسند، من مراوغة أمريكية تتضمن دفع الوفاق إلى شنّ هجمات سريعة على سرت، تتدخل بعدها الولايات المتحدة الأمريكية للتفاوض على وقف إطلاق النار، بعدما تكون نقاط التمركز تغيرت فعلياً على الأرض، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.

 الجامعة العربية تطالب بانسحاب القوات الأجنبية وتدعو إلى العودة للمفاوضات، وتشدد على وحدة ليبيا

في المقابل، من غير المتوقع أن تمرّ الخطة التركية ـ الأمريكية بخصوص ليبيا بسلاسة في ظل موقف مصري حاسم من التدخل العسكري، وهو تدخل غير محدّد بسقف.

وفي غضون ذلك، أكد وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الطارئ أمس، عبر الفيديو كونفرنس، للتناقش حول الأزمة الليبية، على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا، كما جدّدوا الدعوة إلى العودة لطاولة المفاوضات، والدفع نحو دخول المبادرة المصرية لإحلال السلام في ليبيا حيز التنفيذ، غير أنّ ممثل حكومة الوفاق الليبية في الاجتماع تحفظ على ذلك البند.

وقد خفّضت الوفاق تمثيلها في الاجتماع من وزير الخارجية إلى مندوب، في تراجع عن قرارها المبدئي حول الاجتماع بالمقاطعة والرفض، بدعوى أنّ مصر دعت إليه دون تنسيق مسبق مع الوفاق.

وقال مندوب الوفاق في الجامعة العربية: إنّ "مصر ليست على مسافة واحدة من القوى الليبية، ومن ثمّ فهي غير صالحة للعب دور الوساطة"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية، في مؤشر آخر على انسداد أفق الحل السلمي والمسار السياسي عند الوفاق.

اقرأ أيضاً: الغرياني يحرض مرة أخرى على القتل.. ما أبرز الردود على مفتي أردوغان والوفاق؟

وكان الرئيس المصري أعلن في 6 حزيران (يونيو) الجاري مبادرة لحل الأزمة سلمياً في ليبيا، عبر التوقف الفوري عن إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات، مجدِّداً خلال كلمته التي لوّحت بالحرب، على تقديمه للسلام، ودعا جميع الأطراف إلى التفاوض، وأنّ بلاده ستقف على مسافة واحدة من الجميع.

 

فرنسا دعت للتحرك على مستوى مجلس الأمن لسحب الشرعية الدولية من حكومة الوفاق

من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنّ الجامعة ترفض "أي محاولات ومخططات محلية أو أجنبية تسعى لتقسيم ليبيا"، وتطالب بـ"التوصل إلى تهدئة فورية على كل خطوط المواجهة، وتمكين الأطراف الليبية من الانخراط مجدداً في مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة، التي ترعاها البعثة الأممية للوصول إلى اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار، وهو ما نصّ عليه مؤتمر برلين في كانون الثاني (يناير) الماضي"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

تونس توجه ضربة لتركيا

وفيما تعكس المؤشرات توجّه الأزمة الليبية إلى التصعيد العسكري، تتجه فرنسا بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين"، إلى التحرك على مستوى مجلس الأمن للمطالبة بسحب الشرعية الدولية من حكومة الوفاق، التي سمحت بالتغلغل التركي في ليبيا، فيما أغرقتها حليفتها أنقرة بالمقاتلين المرتزقة.

اقرأ أيضاً: هل عودة سيف القذافي لحكم ليبيا خيار موسكو؟

وانتهت ولاية حكومة الوفاق التي استمدّت شرعيتها من اتفاق الصخيرات، منذ 3 أعوام، وألمح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى ذلك قبل أيام، حين طالبها بالالتزام بمدتها وفق اتفاق الصخيرات.

في غضون ذلك، كسبت الجبهة الفرنسية ـ المصرية داعماً استراتيجياً جديداً، وهي تونس، حيث قال الرئيس التونسي قيس سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى باريس إنّ شرعية حكومة الوفاق "مؤقتة"، ولا بد من وجود شرعية جديدة مستمدة من إرادة الشعب الليبي، مشدداً على رفض بلاده أي مخطط من شأنه تهديد وحدة ليبيا.

وقد عُدّ التحوّل التونسي، من الحياد إلى الهجوم غير المباشر على الوفاق، مخيباً لآمال تركيا، التي حاولت استقطاب تونس خلال الفترة الماضية إلى صفها، ما كان سيوفر لها خط إمداد حيوي للميليشيات في طرابلس.

 

عُدّ التحوّل التونسي من الحياد إلى الهجوم غير المباشر على الوفاق مخيباً لآمال تركيا

 ويدرك الرئيس التونسي خطورة دعم فصيل يعتمد بصورة رئيسية على الميليشيات المسلحة، ويفتح الساحة الليبية أمام المقاتلين المنتمين إلى فصائل سورية، ما سيمثل تهديداً مباشراً لأمن تونس.

السبب ذاته هو الذي يدفع مصر للتحرّك بشكل أكثر حزماً في تعاملها مع الأزمة الليبية، بعدما حافظت على أقصى درجات ضبط النفس خلال الفترة الماضية، في ظلّ حدود تمتد لآلاف الكيلومترات تربط الصحراء الغربية الشاسعة والشرق الليبي.

وتُقدّر أعداد المقاتلين المحسوبين على فصائل سورية في ليبيا بأكثر من 14 ألف مقاتل، وقد فرّ نحو 400 منهم إلى أوروبا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية