هل تحول مخيم الهول إلى ملجأ لتفريخ الإرهاب؟

هل تحول مخيم الهول إلى ملجأ لتفريخ الإرهاب؟


06/04/2021

يبدو أنّ مقولة "لكلّ امرئ من اسمه نصيب" تنطبق على الأماكن والأحداث أيضاً؛ فمخيم "الهول" للّاجئين في سوريا، المخصص لأسر وعائلات "داعش" والمتهمين بالانتماء للتنظيم، تحوّل إلى ملجأ للإرهابيين والمتطرّفين، وساحة للأهوال والموت بعد 3 أعوام من إعلان هزيمة التنظيم في سوريا، على يد القوات الكردية بالتعاون مع قوات التحالف في آذار (مارس) 2019.

من بين سكان الهول زوجات وأطفال من أعضاء تنظيم داعش معظمهم ‏محتجزون منذ العام 2019

وقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية بشكل واسع حملة التفتيش والتدقيق الأمنية التي استمرت لمدة 5 أيام، ‏بدأت في 27 آذار (مارس) وانتهت في 2 نيسان (إبريل) 2021، في مخيم ‏الهول،‏ وقد نفذت تلك الحملة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في سوريا، بالتعاون مع القوات الأمريكية.

وقال بيان للقوات الكردية نقلته صحيفة "الواشنطن بوست" في 2 نيسان (إبريل) 2021: إنهم اعتقلوا 125 متطرّفاً، بمن فيهم أولئك الذين اتُهموا بارتكاب عشرات الجرائم في الأشهر الأخيرة في مخيم الهول، الذي يستضيف عشرات الآلاف من الأشخاص، وشارك نحو 5000 من أفراد القوات التي يقودها الأكراد السوريون في عملية التمشيط التي بدأت بمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

 ومن بين سكان الهول زوجات وأطفال من أعضاء تنظيم داعش، ومعظمهم ‏محتجزون هناك منذ العام 2019 بعد هزيمة التنظيم بقيادة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ‏في ذلك الوقت، فرّ أفراد العائلات ومؤيدو تنظيم داعش المتحصنون في مناطق كانت تسيطر ‏عليها الجماعة، أو تمّ إجلاؤهم إلى مخيم الهول ومخيمات أخرى. وأكثر من 80٪ من سكان المخيم هم من النساء والأطفال، ثلثاهم دون سن الـ12، ‏وغالبيتهم سوريون وعراقيون، لكنّ نحو 10 آلاف من 57 دولة أخرى. وقد وُصفت الظروف في ‏المخيم البائس بأنها مزرية، مع قلة الخدمات الأساسية وقلة الرعاية الصحية وسوء التغذية المرتفع بين الأطفال.

الهدف من الحملة الأمنية

قال ‏بيان القوات الكردية: إنّ‏ الهدف ممّا يُسمّى "المرحلة الأولى" من العملية، هو تعزيز الأمن في المخيم ‏وحماية السكان، بمن فيهم الآلاف من الأطفال الذين كان من الممكن أن يكونوا ضحايا ‏للإيديولوجيا المتطرّفة للتنظيم.

يُخشى أن يصبح المخيم الذي يؤوي 62 ألفاً من 57 بلداً أرضاً ‏‏‏خصبة للجيل القادم من مقاتلي داعش

 ويخشى الكثيرون من أن يصبح المخيم، الذي يؤوي الآن 62 ألف شخص من 57 بلداً، أرضاً ‏‏‏خصبة للجيل القادم من مقاتلي تنظيم داعش، ولذلك ‏تهدف الحملة إلى الحدّ من تصاعد ‏‏نشاطات التنظيم وعمليات العنف والقتل داخل مخيم الهول التي يُعتقد أنّ تنظيم داعش يقف ‏‏خلفها. وهذا ما أكده بيان القوات الكردية، أنه بالرغم من الاعتقالات، إلّا أنّ المخيم مازال يمثل ‏‏تهديداً، طالما أنّ ‏المجتمع الدولي لا يعترف بضرورة إعادة الرعايا الأجانب المقيمين في المخيم إلى ‏‏بلادهم. ‏

وقد ذكرت القوات التي يقودها الأكراد أنّ عدد عمليات القتل داخل المخيم منذ بداية العام 2021 بلغ نحو 50 عملية، لكنّ المسؤولين الأمريكيين يقولون: إنّ العدد يزيد على 60، ويقولون: إنّ المتعاطفين مع داعش يقفون وراء معظم جرائم القتل، في حين قالت مصادر المساعدات الإنسانية: إنّ النزاعات القبلية قد تكون وراء بعض عمليات القتل، وقد دعا المسؤولون الأكراد والأمريكيون الدول إلى إعادة مواطنيها الذين يعانون في المخيم.

وقال علي الحسن، المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي التي يقودها الأكراد: إنّ من بين المعتقلين 5 من قادة تنظيم داعش، منهم زعيم ديني من سكان محافظة الأنبار العراقية، كان قد انضمّ إلى التنظيم قبل فترة ‏‏طويلة من تشكيل داعش في عام 2014، وأصبح فيما بعد قاضياً في محكمة ‏‏التنظيم، وقد واصل عمله مع داعش بعد أن اختبأ بين سكان المخيم، وإنه يصدر قرارات دينية بشأن من سيتمّ قتله ‏‏داخل المخيم.

المخيم يخضع لحراسة ومراقبة مشدّدة من قبل القوات الكردية بإشراف أمريكي

وقال الحسن: إنّ "تنظيم داعش يحاول إعادة تنظيم صفوفه ‏من خلال خلايا نشطة في المخيم"،   وإنه سيتم إعلان المزيد من التفاصيل حول جنسيات المقبوض عليهم في وقت لاحق، بيد أنه لم يستبعد أن يكون من بينهم رعايا أجانب، ويرى العديد من الموجودين في المخيم أنه آخر بقايا الدولة المزعومة لداعش التي أعلنها في ‏عام 2014 عبر مساحات واسعة في كلٍّ من سوريا والعراق كانت تفوق مساحة بريطانيا. ‏

والمخيم، حسب المعلومات المتوفرة لدينا، يخضع لحراسة ومراقبة مشدّدة من قبل القوات الكردية، بإشراف من القوات الأمريكية التي تمنع دخول الصحفيين والمنظمات الإنسانية من حرّية الحديث والتنقل داخله، ويقسم إلى قسمين كبيرين: قسم للعرب، ويضمّ العراقيين والسوريين، والفلسطينيين، والقسم الآخر للرعايا الأجانب، خاصة من أوروبا (نساء وأطفال).

ذكرت القوات الكردية أنّ عدد عمليات القتل داخل المخيم منذ بداية العام 2021 بلغ نحو 50

وفي الوقت الذي يعاني فيه الكثير من هؤلاء، ويحاولون بشتى السبل الخروج من المخيم، خاصة من العرب، مؤكدين أنهم لا ينتمون لداعش، بل كانوا ضحايا لبطشها السابق، تميل العائلات الأجنبية، خاصة النساء الأوروبيات إلى الشعور بالرضا والإشادة بتضحيات التنظيم والعيش في أرض الخلافة على حدّ وصفهن.  

وطالما بقي المخيم موجوداً، فسيبقى شوكة في خاصرة الأمن، سواء لقوات التحالف أو للقوات الكردية، وسيتحوّل إلى مكان آمن، وملجأ لتفريخ الإرهاب والتطرّف على المدى الطويل، ‏إلّا إذا تعاون المجتمع الدولي واعترف بضرورة إعادة الرعايا الأجانب المقيمين في المخيم إلى بلادهم، ضمن ترتيبات واسعة بإشراف الأمم المتحدة والدول ذات العلاقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية