هكذا تحاول تركيا السيطرة على باب المندب عبر اليمن

هكذا تحاول تركيا السيطرة على باب المندب عبر اليمن


21/03/2021

تحاول تركيا دوماً، اتباع استراتيجية انتهازية، بتقديم المساعدات بيد، في مقابل الحصول على امتيازات سياسية، باليد الأخرى بما يتفق مع منهج التطويق الأيديولوجي، وذلك بمساعدة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وعليه كانت وكالة التعاون والتنسيق (تيكا) التركية، هي الذراع الخفي للتمدد والانتشار التركي حول العالم، خاصّة في مناطق الصراع وبؤر التوتر، ونفس الدور المشبوه، تقوم به منظمة الهلال الأحمر التركي، بحيث أصبحت المساعدات الإنسانيّة ذريعة لتدخل الجيوش التركية، والمساس بسيادة الدول، ووحدة أراضيها.

العامر: التدخل التركي المباشر، ظهر منذ حوالي 8 أشهر، إبان القتال بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي، في محافظة أبين حيث أسقط مقاتلو المجلس الانتقالي طائرة مسيرة تركية أثناء المعارك

كانت اليمن هدفاً للتوغل التركي، منذ بداية الاضطرابات، في أعقاب الانقلاب الحوثي، ووجدت أنقرة ضالتها في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، والذي أصبح وكيلاً محلياً لأنقرة بامتياز، فما إن وضعت تركيا أقدامها على الأرض اليمنية، عن طريق المساعدات المقدمة من وكالة تيكا، ومنظمة الهلال الأحمر، حتى أخذت في دعم العناصر المسلحة التابعة لحزب الإصلاح، عن طريق القاعدة العسكرية التركية في الصومال، والمقر الإقليمي لوكالة تيكا في إثيوبيا.

حزب الإصلاح وتواطؤ مكشوف مع الحوثي

من جانبها، انتبهت الهيئة الرئاسية للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى مساعي حزب الإصلاح، لتقويض اتفاق الرياض، ومحاولة التمدد باتجاه الجنوب، والتواطؤ مع الحوثي، حيث أعلنت الهيئة في بيان رسمي أنّ "جماعة الإخوان تواصل مخططها في مديرية طور الباحة، بمحافظة لحج، المتاخمة لعدن من جهة الشمال، لحرف مسار معركتها المفترضة مع ميليشيا الحوثي، بمحافظة تعز، التي تتقاسم معها وبوئام تام السيطرة على شوارع عاصمتها، لتفتح بهذا المخطط معركة جديدة ضد الجنوب، بدلاً عن مواجهتها للميليشيات الحوثية".

ومع النقلة النوعية في سير المعارك، بدأت قيادات الإخوان في توجيه الدعوة لأنقرة، للتدخل العسكري المباشر في اليمن، خاصّة على صعيد الميليشيات المسلحة، بزعم مواجهة الحوثي، والتي كشفت معارك مأرب، عن حقيقة التواطؤ الإخواني معه، الأمر الذي يؤكد أنّ تركيا متواجدة بشكل أو بآخر، من خلال توريد السلاح للميليشيات الإخوانية، والدعم الذي تقدمه لحزب الإصلاح الإخواني، وقد كشفت تسريبات عن ضلوع أنقرة في مؤامرة تستهدف الضغط على المملكة العربية السعودية، من أجل إخراجها من اليمن.

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح الإخواني في اليمن يجند إرهابيين في تنظيم القاعدة... ما أهدافه؟

ويبدو أنّ الدور المشبوه لحزب الإصلاح الإخواني، يستهدف اتفاق الرياض في المقام الأول، من أجل الهيمنة على المثلث النفطي، وتطويق جهود التحالف العربي، في محاولة لإخضاع اليمن، وفتح المجال أمام تركيا، من أجل استكمال الطوق الممتد من منطقة الساحل والصحراء، مروراً بأثيوبيا والصومال، وذلك للسيطرة على باب المندب.

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح وجماعة الإخوان: تحالفات خفية ومآرب مشتركة

بدوره، أكّد الكاتب الصحفي اليمني، عبد العزيز العامر، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّه منذُ بداية عاصفة الحزم في اليمن، لم يكن حزب الإصلاح حليفاً صادقاً للتحالف العربي، الذي يقود تدخلاً عسكرياً ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية، لإعادة السلطة إلى الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، حيث أظهر الإخوان في العلن تحالفهم مع السعودية، لكن في السر جرت اتصالات وتحالفات غير معلنة، مع تركيا وقطر، وسرعان ما كشف التحالف العربي لعبة الدوحة في اليمن، وفي الآونة الأخيرة، أصبحنا بصدد دعوات صريحة من قبل قيادات الحزب الإخواني، للمطالبة بالتدخل التركي، بزعم مواجهة ميليشيا الحوثي، بينما الهدف الرئيسي هو تثبيت أركان حكم حزب الإصلاح الإخواني.

الكاتب الصحفي اليمني عبد العزيز العامر

ووفقاً للعامر، فإنّ التدخل التركي المباشر، ظهر منذ حوالي ثمانية أشهر، إبان القتال بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي، في محافظة أبين، جنوب اليمن، حيث أسقط مقاتلو المجلس الانتقالي طائرة مسيرة تركية أثناء المعارك، ما يؤكد وجود دعم تركي لحزب الإصلاح، فضلاً عن تواجد خلية تابعة للهلال الأحمر التركي، في مناطق نفوذ حزب الإصلاح (مأرب - شبوة - تعز) بالإضافة إلى تواجد محدود للهلال الأحمر التركي في عدن، بزعم تقديم المعونات الإغاثية، وهذا غير صحيح، فهذه عناصر تتبع المخابرات التركية، وتقدم الدعم العسكري لحزب الإصلاح.

الحشاش: الرئيس التركي يرغب في وضع يده على موارد وثروات محافظة شبوة، الغنية بالنفط والغاز، وتأمين موطئ قدم على الضفة الشرقية للبحر الأحمر

وقبل حوالي عامين، أصدرت وزارة الداخلية، أثناء سيطرة حزب الإصلاح على مفاصل الدولة، تأشيرة دخول لثلاثة ضباط في الجيش التركي، عبر منفذ المهرة، ووصلو إلى مدينة مأرب، ولم يعرف في وقتها الهدف من زيارتهم إلى اليمن، قبل أن نكتشف أنّهم اجتمعوا بقيادات حزب الإصلاح في مأرب، قبل أن تهاجم ميليشيات الحزب مدينة عدن، وتشن حرباً في الجنوب، كما قامت تركيا بتجنيس مجموعة من القيادات في حزب الإصلاح، وأصبح لديهم الآن استثمارات بملايين الدولارات في اسطنبول، بعد أن نهبوا الدعم المقدم من التحالف العربي، وبات هناك تنسيق مشترك بين حزب الإصلاح وتركيا في العلن، ولا يستبعد، بحسب الكاتب الصحفي اليمني، أن يحدث تدخل عسكري تركي في اليمن، في الأيام القادمة، بدعم من حزب الإصلاح.

اقرأ أيضاً: اليمن: لماذا ارتعد حزب الإصلاح الإخواني من مظاهرات المهرة؟

من جهتها، ربطت صحيفة العرب اللندنية، الدعوات الإخوانية بالتدخل العسكري التركي، مع التصعيد العسكري الأخير، الذي تمارسه ميليشيات الانقلاب الحوثي الموالية لإيران، حيث أفادت الصحيفة في تقرير لها، أنّ "هذه الدعوات، خرجت من أبواق إعلامية محسوبة على قطر، وعناصر إخوانية مقيمة في تركيا"، وذلك في محاولة "لاستثمار التحولات في الموقف الأمريكي، لتقديم الإخوان كحليف يمني وحيد، قادر على مواجهة المشروع الإيراني في اليمن".

ويتفق ذلك مع ما ذهبت إليه الناشطة السياسية اليمنية، جميلة الخيلي، والتي أكّدت من جهتها، أنّ حزب التجمع اليمني للإصلاح، يتبنى نهج المناورات السياسية، بشكل انتهازي فج، حيث يزعم الحزب تشكيل وحدات عسكرية، بداعي التصدي للانقلاب الحوثي، لكنه على أرض الواقع، يتواطأ مع الحوثيين، وينسق معهم على كل محاور القتال.

استراتيجية أنقرة ومحاولة الهيمنة على المضايق المائية

ويبدو أنّ أنقرة، التي أوعزت لوكيلها المحلي؛ أي حزب الإصلاح، باستدعاء تدخلها العسكري، تتطلع تجاه اختبار ردّ فعل الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي أربكت قراراتها الأخيرة، برفع الحوثي من قائمة التنظيمات الإرهابية، سير الأحداث على أرض الواقع، كما تحاول تركيا ادعاء قدرتها على موازنة الوجود الإيراني في اليمن، وهو الأمر الذي يثير عاصفة من التساؤلات، حول توقيت تلك الدعوات، والمقصود بها، في ظل الضغوط الأمريكية الأخيرة على المملكة العربية السعودية، ومحاولات تمرير الاتفاق النووي مع إيران، والذي تضغط مجموعات اللوبي الإخواني في الكونغرس، بقيادة إلهان عمر، للتصديق عليه.

اقرأ أيضاً: اليمن: حزب الإصلاح الإخواني يواصل نهب وسلب المساعدات

من جانبه، يرى الدكتور محمد اسماعيل الحشاش، الباحث المصري في التاريخ الحديث والمعاصر، أنّ تركيا التي بدأت تحركاتها فى اليمن منذ العام 2011، عن طريق تدشين نصب تذكاري في العاصمه صنعاء، تخليداً لذكرى الجنود الأتراك، الذين قضوا إبان الاحتلال العثماني لليمن، شرعت منذ العام 2013 في توريد كميات كبيرة من الأسلحة، عن طريق التهريب، لاستخدامها في عمليات نوعية، نفذتها ميليشيات الإخوان المسلمين، كوكيل محلي لأنقرة.

الدكتور محمد اسماعيل الحشاش

 ويواصل الحشاش، تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، مؤكّداً أنّه في العام 2014، استقبلت تركيا عدداً كبيراً من قيادات الاخوان المسلمين، وكان أبرزهم القيادي الإخواني حميد الأحمر، الذي هرب إلى تركيا عقب الانقلاب الحوثي، ويبدو، أنّ التدخل التركي في ليبيا، فتح شهية جماعه الإخوان للتدخل في اليمن، ولتحقيق ذلك اعتمد التنظيم على منظمات خيريه تابعة للجماعة، كوسيط لتمرير دخول جواسيس أتراك إلى اليمن.

اقرأ أيضاً: هؤلاء ضد مأرب اليمنية.. وهذا دور حزب الإصلاح الإخواني في المؤامرة

أمّا عن أهداف أردوغان، من وراء السيطرة على اليمن، فيرى الباحث المصري، أنّ الرئيس التركي يرغب في وضع يده على موارد وثروات محافظة شبوة، الغنية بالنفط والغاز، وتأمين موطئ قدم على الضفة الشرقية للبحر الأحمر، وخليج عدن، في إطار مخطط طويل الأمد، يستهدف الحصول على امتيازات في مقابل المساعدات، حيث زار نائب وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاتقلي، عدن في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، وأصدر وفقاً لتعليمات أردوغان، تقريراً شاملاً حول احتياجات اليمنيين.

اقرأ أيضاً: لماذا يستهدف حزب الإصلاح الإخواني مؤيدي الشرعية في اليمن؟

 ويرى الحشاش، أنّه في حال عدم التدخل العسكري التركي بشكل مباشر، فإنّ أردوغان ربما يستخدم المرتزقة، وميليشيات الإصلاح، بهدف الوصول إلى مضيق باب المندب، الذى يتم من خلاله ناقلات البترول من وإلى الخليج العربي، وقد كشفت تسريبات لمجموعة من قيادات الإخوان في اليمن، عن تفكير الجماعة جدياً في البحث عن حلفاء جدد للحزب في اليمن، وهذا الحليف المفترض هو تركيا، التي تحولت إلى حاضنة إقليمية ودولية لأنشطة جماعة الإخوان حول العالم، وعلى الطرف الآخر وجدت أنقرة ضالتها في أذرع الإخوان كأدوات لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، على النمط الإيراني، وبينما تبدو رغبة أنقرة أكثر وضوحاً في حصد مكاسب اقتصادية، من خلال تدخلها في ليبيا، إلا أنّ محاولة إيجاد قدم لها في اليمن، بات جزءاً من مخططها للتوسع في المضائق المائية، والبحار المفتوحة.                            


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية