هدوء حذر في الشارع التونسي.. هل يطوي صفحة الاضطرابات؟

هدوء حذر في الشارع التونسي.. هل يطوي صفحة الاضطرابات؟


17/01/2021

عاد الهدوء الحذر إلى الشارع التونسي صباح اليوم، بعد ليلة من الاشتباكات والكر والفر داخل ولايات تونسية عدة، في استمرار للتظاهرات التي أشعلت شرارتها إهانة شرطي لراعي غنم، في مقطع تناقله نشطاء عبر فيسبوك، وذكّر بواقعة محمد بو عزيزي الذي أشعل الثورة التونسية قبل 10 أعوام.

وسرعان ما انتقلت التظاهرات التي انطلقت من سليانة (شمال غرب)، حيث وقعت حادثة الراعي، إلى مدن عدة شرقاً وشمالاً وجنوباً، في أجواء مواتية من تردّي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، وعدم الاستقرار السياسي.

وزير الداخلية التونسي الجديد وليد الذهبي، وهو أحد المقرّبين من رئيس الوزراء، يبدأ عمله بمواجهة اضطرابات شعبية قابلة للزيادة، ما يضعه في موقف حرج، ومن خلفه الحكومة

وتطوّرت التظاهرات إلى أعمال شغب ونهب في بعض المدن، وعلى الرغم من نجاح قوات الأمن في السيطرة على تلك الأوضاع، غير أنها مرشحة للاشتعال مجدداً.

وكان قرار السلطات التونسية هو إحالة الضابط الذي تورّط في إهانة راعي الأغنام إلى التحقيق، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي القابل للزيادة، في ظلّ شعور لدى التونسيين بفشل تحقيق طفرة اقتصادية أو تحسين أحوالهم المعيشية منذ الثورة التي مرّ عليها عقد.

وزير الداخلية التونسي الجديد وليد الذهبي، وهو أحد المقرّبين من رئيس الوزراء، يبدأ عمله بمواجهة اضطرابات شعبية قابلة للزيادة، ما يضعه في موقف حرج، ومن خلفه الحكومة التي أعلن رئيسها هشام المشيشي، بالتزامن مع الاضطرابات أمس، عن التعديل الوزاري الواسع لحكومته بعد شهور من تشكيلها، وشمل التعديل 12 وزيراً.

هشام المشيشي

وعلى خلاف ما يمنحه التعديل الوزاري عادة في أيّ دولة من آمال في تعديل مسار الحكومة نحو مزيد من الاستقرار وتصحيح المسار، فإنّ المؤشرات الإيجابية تخفت في التعديل الذي، وإن كان قد حافظ على استقلالية الحكومة عن الأحزاب واختيار وزراء تكنوقراط، إلّا أنه في الوقت ذاته يبرز الخلاف القائم بين رئيس الحكومة من جهة ورئيس الدولة من جهة أخرى.

اقرأ أيضاً: أراد التونسيون حواراً فهددهم الغنوشي بالحرب.. هل يؤمن الإخوان بغير العنف؟

وبذلك التعديل، يكون المشيشي قد تخلص من كافة الوزراء المقرّبين من قصر قرطاج، ليحكم سيطرته على الحكومة، فقد أطاح إلى جانب وزير الداخلية بوزير العدل الذي كان أبرز المحسوبين على رئيس الدولة.

وبدا انزعاج الرئيس التونسي قيس سعيد من ذلك التعديل مرّتين: الأولى حين أعلن أنّ المشيشي لم يخبره به، وذلك بعدما صرّح المشيشي بذلك التعديل للإعلام، والثانية أمس قبل ساعات من إعلانه، عندما استقبل الرئيس سعيد رئيس الوزراء المشيشي في قصر قرطاج للتشاور في أمور الدولة.

 

الإدارة العامة للأمن الوطني أوقفت 242 شخصاً في كامل تراب الجمهورية، تورّطوا في أعمال تخريب ومحاولات استيلاء ونهب أملاك عامة وخاصة في الليلة الماضية.

 

وبحسب بيان رئاسي، فإنّ "هذا الاجتماع تطرّق إلى المشاورات الجارية حول إدخال تعديل على الحكومة، وقد شدّد رئيس الجمهورية على عدم الخضوع لأيّ شكل من أشكال الابتزاز والمقايضة، مذكّراً بأنه تمّ الاتفاق على أن تكون الحكومة متكونة من أعضاء لا يرتقي الشكّ إلى نزاهتهم".

وقد أكد رئيس الجمهورية ألّا مجال لتعيين من تعلقت بهم قضايا، حتى وإن لم يحسم فيها القضاء، خاصة أنّ قضايا عديدة بقيت في المحاكم لمدة أكثر من عقد ولم يتمّ البت فيها. وشدّد على أنّ المسؤوليات داخل الدولة تقتضي ألّا يكون المسؤول محلّ تتبع، أو تحوم حول سيرته وتصرفاته شكوك تمسّ بالدولة ومصداقية مؤسساتها وشرعية قراراتها.

السيطرة على الاضطرابات

في غضون ذلك، قال الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة: إنّ القوات الأمنية الراجعة إلى الإدارة العامة للأمن الوطني قامت بإيقاف 242 شخصاً في كامل تراب الجمهورية، تورّطوا في أعمال تخريب ومحاولات استيلاء ونهب أملاك عامة وخاصة الليلة الماضية".

وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني قد قال: إنّ قوات الأمن والحرس الوطنيين تصدت بنجاعة ليلة أمس السبت لمحاولات الاستيلاء والنهب لأملاك عامة وخاصة في أحداث شغب شهدتها مناطق في البلاد.

اقرأ أيضاً: أزمة تونس: حلول تصطدم بالاستقطاب والمناكفات

وبيّن الحيوني في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء اليوم الأحد، بحسب ما أورده موقع شمس إف إم، أنّ هذه الأحداث التي اندلعت بصفة متزامنة في تونس العاصمة وبعض الولايات انطلقت بعد سريان حظر التجوال (4 مساء)، مشيراً الى إقدام مرتكبيها على إشعال إطارات مطاطية وإغلاق بعض مفترقات الطرقات واستهداف مؤسسات خاصة وعمومية.

وأضاف: إنّ أغلب مرتكبي هذه الأحداث هم من القُصّر الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 15 عاماً، وبعضهم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 25 عاماً.

اقرأ أيضاً: في ظل الإقصاء السياسي: هل ينجح الحوار الوطني في تونس؟

وبيّن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية أنّ هدف بعض هذه التحركات يتمثل في تشتيت التمركز الأمني، وذلك باستهداف قوات الأمن والحرس الوطنيين بغاية ارتكاب أعمال إجرامية، مشيراً إلى أنّ كافة الأسلاك الأمنية تصدّت لهذه التحركات بإجراءات قانونية بالتنسيق مع النيابة العمومية.

وطالت محاولات الاقتحام أمس بعض البنوك، ففي مدينة سوسة أكد مصدر أمني لمراسلة شمس إف إم، أنّ الوحدات الأمنية تمكنت من إحباط محاولة لخلع وسرقة مقرّ فرع بنكي في منطقة كوشة البيليك ومخططات تخريبية في القلعة الكبرى، وقد تمّ توقيف عدد من الشبان كانت بحوزتهم زجاجات حارقة مولوتوف، ووعاء بنزين، وسيف كبير.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية