منع مؤتمر لقوى المعارضة في دمشق: الديكتاتورية تخنق الحلول السياسية

منع مؤتمر لقوى المعارضة في دمشق: الديكتاتورية تخنق الحلول السياسية


04/04/2021

في  ظل الانقسام المحتدم بين اللاعبين الدوليين والإقليميين في سوريا، والتي ظهرت تداعياته في مؤتمر بروكسل، نهاية آذار (مارس) الماضي، رغم تبني كافة الأطراف مبدأ الحل السياسي، وكذا تنفيذ القرار الأممي 2254، كشفت "هيئة التنسيق الوطنية"، وهي تكتلات من قوى المعارضة السورية، عن عقد مؤتمر في العاصمة دمشق، بهدف تدشين جبهة باسم "الجبهة الوطنية الديمقراطية" (جود)، بيد أنّ المؤتمر السياسي للمعارضة الذي كان من المفترض إجراؤه، مطلع الأسبوع، رفض النظام انعقاده، بينما قام بمحاصرة مقر المؤتمر، ومنع وصول الصحفيين والمدعوين.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يتحدثون في لبنان عن وجود "حزب الله" في سوريا؟

وبحسب مسودة الرؤية السياسية للمؤتمر التأسيسي لقوى المعارضة السورية (جود)، فقد طالب المشاركون بضرورة "إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته، ومن ثم، تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وفقاً لبيان جنيف، لعام 2012، والقرارات الدولية"، كما لفتت إلى أهمية "إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وبناء جيش وطني مع تحييده عن السياسة والعمل الحزبي، وإخراج كافة الجيوش والميليشيات غير السورية".

وأردفت: "لا بد من إخراج كافة الجيوش والميليشيات غير السورية أياً كانت من الأراضي السورية، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وسحب سلاحها، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وبناء جيش وطني يكون مسؤولاً عن حماية الوطن والشعب مع تحييده عن السياسة والعمل الحزبي، ودمج المجموعات والتشكيلات المسلحة المنتشرة في الجغرافيا السورية، والتعامل معها بعد تسليم أسلحتها إلى الدولة والنظر إلى ممارساتها على أرض الواقع، وذلك استناداً إلى موافقتها بصورة جدية وعملية على الالتزام بالحل السياسي.. وبناء دولة المواطنة والقانون والنظام الديمقراطي".

العدالة الانتقالية

وأشارت المسودة إلى أنّ المؤتمر التأسيسي كان سيعقد "في منزل المنسق العام لـ"هيئة التنسيق الوطنية"، حسن عبد العظيم، في حي ركن الدين، في دمشق؛ وذلك بمشاركة نحو 18 مكوناً سياسياً"، كما شددت المسودة على أنّ الحل السياسي هو "الحل الوحيد الناجع الذي يجنب بلادنا المخاطر ويحقق تطلعات شعبنا في التغيير الجذري للنظام القائم والتحول الديمقراطي الشامل وبناء دولة ديمقراطية، الأمر الذي يحتاج إلى وقف الاحتراب والقتال والعمليات العسكرية على الأراضي السورية".

كما طالبت المسودة بالإفراج عن "جميع معتقلي الرأي في سجون النظام وغيرها من السجون، والعفو عن المطلوبين السياسيين داخل سوريا وخارجها، ومعرفة مصير المقتولين تعذيباً، والمختفين قسراً في المعتقلات، منذ عام 1980، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية".

طالب المشاركون في المؤتمر التأسيسي لقوى المعارضة السورية (جود)، بضرورة إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته، ومن ثم، تشكيل هيئة حكم انتقالية

وعرجت الوثيقة على مبادئ رئيسية وحيوية، تخص سوريا من الناحية السياسية؛ إذ أكدت على أنّ "سوريا جزء من الوطني العربي، وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية.. ومهمة تحرير الأراضي السورية المحتلة بكل الوسائل والطرق المشروعة، لا بد أن تظل على رأس المهمات الوطنية المطروحة على الشعب السوري وقواه الوطنية"، مضيفة أنّ "القضية الكردية مسألة وطنية سورية، ما يوجب إيجاد حل ديمقراطي ودستوري يعترف بالحقوق القومية والثقافية والاجتماعية المشروعة للوجود الكردي، وذلك ضمن إطار سيادة سوريا ووحدتها، أرضاً وشعباً".

الأسد يواصل سياسة البطش بالمعارضة

ويوضح الكاتب السياسي والمعارض السوري، زكي الدروبي، أنّ تصرف النظام "الشمولي" و"الاستبدادي"، الذي منع مؤتمر للقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل من الانعقاد، لا يعد أمراً غريباً أو مفاجئاً، مضيفاً لـ"حفريات": "إنّ نظام القتل والتهجير، لا يعترف بالدعوات السلمية، أو القنوات السياسية الشرعية، التي تطالبه بالانتقال السلمي من نظام شمولي مستبد إلى نظام وطني ديموقراطي؛ ينهي معاناة الشعب السوري، كما أنّنا نعرف بأنّ هذا النظام المستبد لن يقبل بأي حلول إلا الحل الأمني مستعملاً آلته القمعية بالمنع والاعتقال، أو القتل والتهجير".

الكاتب والمعارض السوري زكي الدروبي

ويضيف الدروبي: "يؤكد النظام الأسدي من جديد ماهيته الإرهابية، ورفضه للآخر؛ فالنظام الذي أجبر قوى الثورة السورية التي أذهلت العالم بسلميتها على الدخول في العسكرة، بينما اتهمها بالإرهاب، يعلم الجميع أنّه يمثل رأس العنف في الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: الخلافات تتسع بين روسيا وتركيا في سوريا... ما علاقة الولايات المتحدة؟

ويتابع: "النظام القمعي الاستبدادي لا يمكن التعامل معه إلا بإسقاطه؛ هذه الحقيقة ينبغي أن نؤكد التزامنا بها كقوى معارضة بنفس درجة التزامنا ببيان جنيف لعام 2012، وجميع القرارات الدولية ذات الصلة، وخصوصاً قرار الجمعية العامة رقم 67/262 بتاريخ 2013، وقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، والتي تدعو كل منها إلى قيام هيئة حكم انتقاليـة تتاح أمامها كامل السلطات التنفيذية، وتحول إليها جميع مهـام الرئاسـة والحكومـة، بمـا فيهـا المهـام المتعلقـة بالمـسائل العـسكرية والأمنيـة والاسـتخباراتية، ثم محاسبة مجرمي الحرب".

الكاتب السوري زكي الدروبي لـ"حفريات": نظام القتل والتهجير لا يعترف بالدعوات السلمية التي تطالبه بالانتقال السلمي من نظام شمولي مستبد إلى نظام وطني ديموقراطي

وذكرت الصفحة الرسمية لحزب "الاتحاد العربي الديمقراطي في سوريا"، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنّ القوات الأمنية للنظام السوري، في دمشق، داهمت مقر المؤتمر، كما منعت دخول الوافدين ووسائل الإعلام، وأقامت أطواقاً أمنية مشددة حول محيط المكان، ويشير المنسق العام لـ"هيئة التنسيق الوطنية" حسن عبد العظيم إلى أنّ "اللجنة التحضيرية للمؤتمر تلقت، من السلطات السورية أنّ عقد المؤتمر ممنوع قبل تقديم طلب إلى وزير الداخلية"، وتابع في تصريحات صحفية: "لم تكتف بالتبليغ بل إنّها أرسلت أفراداً من أمن الدولة والشرطة الجنائية وتوزعوا أمام البناء الذي كان سيتم فيه عقد المؤتمر، ومنعوا الخروج والدخول، كما منعوا وسائل الإعلام، والصحفيين، من تغطية ما يجري".

ومن جانبه، يشير الأكاديمي السوري، المقيم في فرنسا، إبراهيم مسلم، إلى أنّ تعليق المؤتمر إثر منعه من قبل النظام السوري، يؤكد انسداد الحل السياسي الذي يفرض النظام في دمشق، لافتاً في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "هذا النظام وبرغم مرور عشر سنوات على الحرب السورية لا يزال يقع تحت وطأة العقلية الديكتاتورية ذاتها التي لا تتيح الفرصة لأي تنظيم سياسي أو مؤسسة مدنية لممارسة نشاطها السياسي داخل البلد، وهذا النظام لا يقبل إلا الموالين له".

اقرأ أيضاً: خط بحري مع سوريا: إيران تتمدّد إقليمياً أمام أنظار واشنطن

ويرى مسلم أنّه من الناحية الإجرائية، فإنّ اللجنة التحضيرية للمؤتمر (جود) لم تحصل على موافقة أو أيّ "ضوء أخضر"، سواء من النظام أو الروس، لجهة السماح بانعقاد المؤتمر، ويردف: في تقديري، كان من الضروري عدم مطالبة الموافقة من نظام ديكتاتوري مستبد لا يقبل إلا الموالين له، لكن، في كل الأحوال، هي خطوة لافتة من (جود) لتعرية النظام، وكشف كذبه، خاصة وأنّ أبواقه الإعلامية لا تكف عن دعوة السوريين للعودة إلى حضن الوطن، وتعلن أنّ سوريا لكل السوريين، معارضن ومؤيدين، غير أنّ الحقيقة أنّ سوريا باتت فقط للإيرانيين والروس، والميليشيات إرهابية، ناهيك عن بعض قوى المعارضة التي توفر لهم تركيا الحماية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية