ما تداعيات استجواب رئيس الحكومة الكويتية بعد أيام على إعلانها؟

ما تداعيات استجواب رئيس الحكومة الكويتية بعد أيام على إعلانها؟


09/03/2021

قدَّم عضوان في البرلمان الكويتي، أمس، استجواباً جديداً لرئيس الوزراء، الشيخ صباح الخالد الصباح، بعد أقل من أسبوع على إعلان حكومته الجديدة، في خطوة من شأنها أن تعقّد المشهد السياسي، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.

وهذه هي أحدث حلقة في مسلسل التصعيد السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) الجديد الذي تم انتخابه في كانون الأول (ديسمبر) 2020، والذي شهد تغييراً في المقاعد بنسبة 62 في المئة. ويأتي الاستجواب في لحظة تكافح فيها البلاد أسوأ أزمة سيولة مالية تواجهها منذ عقود؛ بسبب هبوط أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا.

وقدم النائبان المعارضان بدر الداهوم ومحمد المطير أمس استجواباً لرئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح يتهمان الحكومة فيه "بالانتقائية في تطبيق القانون".

بدر الداهوم

وأعلن النائبان أول من أمس عن عزمهما تقديم الاستجواب بعد أن ذكرت صحف محلية أنّ وزارة الداخلية الكويتية أحالت عشرات المواطنين، بينهم 15 عضواً في البرلمان، إلى النيابة العامة لمخالفة التدابير الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا في مؤتمر صحفي نظمته المعارضة الأسبوع الماضي.

لكن صحيفة "الراي" الكويتية نقلت أمس عن وزير الداخلية ثامر العلي الصباح قوله "أعتقد أني طبقت القانون في هذا الموضوع، ومن يُرد أن يتذمر على تطبيق القانون، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

 

قدَّم عضوان في البرلمان الكويتي أمس استجواباً جديداً لرئيس الوزراء، الشيخ صباح الخالد الصباح، بعد أقل من أسبوع على إعلان حكومته الجديدة

 

واستقالت الحكومة السابقة في كانون الثاني (يناير) 2021؛ بعد أقل من شهر على تشكيلها بعد أن تقدم ثلاثة نواب معارضين باستجواب لرئيس الحكومة يتهمونه فيه بعدم التعاون مع البرلمان، وينتقدون اختياره للوزراء وتصويت الحكومة مع رئيس البرلمان مرزوق الغانم في معركة انتخابات رئاسة المجلس.

وكان أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي يجري حالياً فحوصاً طبية "معتادة" في الولايات المتحدة، أصدر مرسوماً بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة (البرلمان) لمدة شهر اعتباراً من 18 شباط (فبراير) الماضي.

قضية العفو

ورأى محللون في حينها أنّ هذه الفترة يمكن أن تمنح رئيس الوزراء فترة كافية لتشكيل حكومته من دون ضغوط نيابية، كما تمنحه فرصة للتوصل إلى حلول لأهم القضايا العالقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعلى رأسها قضية العفو عن معارضين كويتيين، بحسب ما تقول وكالة "رويترز".

محمد المطير

وذكرت وسائل إعلام كويتية أول من أمس أنّ وزير العدل عبدالله الرومي بدأ مفاوضات تهدف إلى العفو عن هؤلاء المعارضين من نواب سابقين وناشطين سياسيين كانوا قد أدينوا في القضية المعروفة باقتحام البرلمان أو في قضايا تتعلق بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان معظم هؤلاء سافروا إلى تركيا أو بلدان أخرى، لكن عدداً منهم رجعوا إلى الكويت ونفذوا "شروطاً" شملت تسليم أنفسهم للسلطات وقضاء جزء من عقوبة السجن وتقديم اعتذار مكتوب لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح.

اقرأ أيضاً: الإمارات والكويت.. شراكة قوية وتعاون اقتصادي مستدام

وقال الخبير السياسي الكويتي والمبعوث السابق لدى الأمم المتحدة غانم النجار لـ"رويترز"، إنّ على الحكومة أن تدرك أنّ القضايا المتعلقة بحرية الرأي ووجود معارضين سياسيين في الخارج "وقضية البدون سوف تحظى بالاهتمام الأمريكي في ظل إدارة بايدن، وعليهم أن ينتبهوا لذلك لأنّ الحكومة حساسة بشكل كبير للضغط الخارجي وللضغط الأمريكي بشكل خاص".

 

شبه الخبير السياسي غانم النجار العلاقة بين الحكومة والبرلمان في الكويت "بلعبة القط والفأر" التي يمكن أن تنتهي بانفجار سياسي وحل مجلس الأمة

 

وشبّه النجار العلاقة بين الحكومة والبرلمان في الكويت "بلعبة القط والفأر" التي يمكن أن تنتهي "بانفجار سياسي وحل مجلس الأمة.. لاسيما إذا أعلن 26 أو 27 نائباً تأييدهم لعدم التعاون بين السلطتين. وبالتالي سيكون الخيار عندئذ (أمام أمير البلاد) حل مجلس الأمة أو حل الحكومة والإتيان برئيس وزراء جديد، وكلا الاحتمالين وارد"، وفقاً لوكالة "رويترز".

تداعيات محتملة

وتلفت "رويترز" إلى أنه في سوابق تاريخية كثيرة، أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان؛ ما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد، كما أصاب الحياة السياسية بالجمود، بحسب الوكالة.

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزاً يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في آذار (مارس) الجاري، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط؛ وفقاً لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان في آب (أغسطس) 2020.

اقرأ أيضاً: كيف ستتعامل الكويت مع معضلة نقص السيولة؟.. "بلومبيرغ" تجيب

وللتغلب على هذه المعضلة، تضيف "رويترز"، تسعى الحكومة الكويتية لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار كويتي (66 مليار دولار) على مدى 20 عاماً، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق.

حل البرلمان؟

وحول إمكانية حل البرلمان قال المحلل السياسي الكويتي محمد الدوسري لـ"رويترز"، إنّ "كل الخيارات متاحة (أمام الأمير).. وستستمر الأزمة بتشكيلة مجلس الأمة الحالية ورئاسته الحالية".

وطبقاً للدستور الكويتي فإنه إذا رأى مجلس الأمة "عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس الأمة. وفي حالة الحل، إذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة".

وكان أمير الكويت الشيخ نواف قال للنواب في افتتاح البرلمان الجديد في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2020 إنّ هناك حاجة لوضع برنامج إصلاحي شامل لمساعدة البلاد على الخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، وإنه لا يوجد متسع من الوقت "لافتعال الأزمات".

وقال في حينها أيضاً: "لم يعد هناك متسع لهدر المزيد من الجهد والوقت والإمكانات، في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات، والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين، وعقبة أمام أي إنجاز".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية