ما الرسائل الإيرانية التي حملها قائد فيلق القدس للكاظمي وواشنطن؟

ما الرسائل الإيرانية التي حملها قائد فيلق القدس للكاظمي وواشنطن؟


24/11/2020

تبرز الزيارة التي قام بها قائد قائد فيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني إلى بغداد، منذ أيام قليلة، عدة أمور في ما يخص التطورات السياسية على الصعيد العالمي، لاسيما نتائج وتداعيات الانتخابات الأمريكية، وكذا الأحاديث المترددة بخصوص تنفيذ إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، هجوماً عسكرياً على إيران، خاصة بعد فرض عقوبات اقتصادية جديدة.

فخاخ إيرانية وتهديدات أمريكية

وبحسب مراقبين، تأتي الزيارة (غير المعلنة)، لقائد فيلق القدس للعراق، بهدف بعث رسالة خارجية، حول جهود طهران مع المسؤولين العراقيين، المعنيين بصورة مباشرة بملف الميلشيات المسلحة، وكذا قادة الفصائل الولائية، بخصوص التأكيد على استمرار الهدنة التي بدأت قبيل الانتخابات الأمريكية، ومفادها عدم تنفيذ أي هجمات عسكرية ضد المصالح الأمريكية في بغداد، وذلك للحيلولة دون إيجاد حجة أو ذريعة أمريكية لتنفيذ ضربة عسكرية ضد طهران.

تتزامن زيارة قاآني والتي تعد الثانية منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، بضربة جوية، أثناء وصوله مطار بغداد، مطلع العام الحالي، مع الهجمات الصاروخية، الأسبوع الماضي، والتي استهدفت عدة أماكن متفاوتة في المنطقة الخضراء، التي تتواجد فيها السفارة الأمريكية، وسط بغداد، وذلك بعد ما يقرب من شهر على الهدنة التي التزمت بها الفصائل والميليشيات المسلحة، بعدم تنفيذ أي هجمات عسكرية ضد المصالح الأمريكية.

زيارة قاآني للعراق تأتي في إطار جملة من الأحداث الإقليمية المؤثرة، من بينها الانتخابات الأمريكية، والتهديدات المتواترة بخصوص تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران

كما تأتي الزيارة في سياق آخر مواز؛ إذ أعلن وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة، كريستوفر ميلر، الثلاثاء الماضي، أنّ ترامب سوف يخفض عدد القوات الأميركية، في أفغانستان، من 4500 إلى 2500، قبل أن يترك منصبه، مطلع العام المقبل، ليتراجع عن قراره المعلن بالانسحاب الكامل، كما أوضح ترامب أنه: "بحلول 15 كانون الثاني (يناير) العام 2021، سيكون حجم قواتنا في العراق 2500".

اقرأ أيضاً: إيران تحاول التغطية على جرائمها في دير الزور.. ما علاقة السينما؟

الخرق الأخير للهدنة أسفر عن مقتل طفلة عراقية، وجرح آخرين، بيد أنّ قادة الفصائل المسلحة، نفت مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء، بل عمدت إلى إدانة الهجوم الأخير، ومن بينها "كتائب حزب الله".

مراوغات وكلاء طهران ومخاوف القادة

وبينما دان قيس الخزعلي، قائد ميلشيا "عصائب أهل الحق"، إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء، وقال إنّ عناصره "غير مسؤولة" عن العملية الأخيرة، لكنه، من جهة أخرى، شدد على أنّ "الهدنة" مع الأمريكيين قد انتهت، حسبما صرح، ولفت إلى عدم التزام الولايات المتحدة بشروط انسحاب قواتها من العراق.

ومن جهته، صرح غضنفر البطيخ، القيادي في تحالف "الفتح"، بأنّ "الحديث عن هدنة جديدة بين الفصائل المسلحة والأميركيين بوساطة إيرانية غير صحيح، وأنّ الكل يعمل على تهدئة الأوضاع، وعدم حصول تصعيد جديد على الساحة العراقية"، لافتاً إلى أنّ هدف زيارة قاآني يتمثل في "مناقشة الوجود الأميركي في العراق".

اقرأ أيضاً:هل بددت إيران مخصصات كورونا للإنفاق على الميليشيات؟

ويتابع القيادي في تحالف "الفتح" أنّ هدف زيارة قائد فيلق القدس هو: "مناقشة الوجود الأميركي في العراق، خصوصاً بعد إعلان واشنطن سحب جزء من قواتها، ومدى جدية هذا الموضوع، أو أنّه مجرد تكتيك جديد، إضافة إلى مناقشة أيّ تحرك نحو استهداف إيران، أو فصائل المقاومة، من قبل ترامب، قبل مغادرته البيت الأبيض، وموقف الحكومة العراقية من هذه القضايا".

الباحث العراقي حسن التميمي لـ"حفريات": ثمة رغبة من قبل قادة الحرس الثوري، والمسؤولين الإيرانيين، لإعادة بحث مستقبل الحشد الشعبي، والفصائل الولائية في بغداد

كما كشف البطيخ أنّ قاآني الذي التقى الكاظمي خلال زيارته لبغداد "ناقش أيضاً آخر التطورات في تحقيق قضية اغتيال قاسم سليماني، ودور الحكومة العراقية في كشف تفاصيل هذا الملف، ومحاسبة أيّ شخصية عراقية متورطة في هذا الأمر، إن وجدت".

الكاظمي ليس حليفاً للإيرانيين

قام الجنرال قاآني بأول زيارة (معلنة) للعراق، في حزيران (يونيو) الماضي، وذلك عقب اغتيال قاسم سليماني، من جهة، والحوار الإستراتيجي بين واشنطن وبغداد، من جهة أخرى؛ إذ حضر وفد إيراني رسمي، برئاسة وزير الطاقة، رضا إركادنيان، والتقى عدد من المسؤولين العراقيين، من بينهم الرئيس العراقي، برهم صالح.

اقرأ أيضاً: بعد عام على احتجاجات إيران السلطة تهدد أهالي الضحايا... لماذا؟

واللافت في الأمر هو تشديد رئيس الوزراء العراقي، وقتذاك، على حصول قائد فيلق القدس على تأشيرة رسمية لدخول بغداد، وذلك بخلاف المرات السابقة لزيارات القادة والمسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، والتي تكون إمّا "سرية" أو "غير معلنة"؛ حيث قام الكاظمي بـ"إصدار أوامر بحصول كل المسؤولين الأجانب من الشخصيات السياسية والعسكرية، ومن جميع الدول، على شكل وفود رسمية، على تأشيرات قبل دخول العراق".

وبحسب الباحث العراقي، حسن التميمي، فإنّ الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الإيرانيون، وتحديداً قادة الحرس الثوري، لا تعد حدثاً في حد ذاتها، خاصة وأنّ هناك صعوبة في الكشف عن بعضها، التي تتراوح بين السرية والعلنية، ومن ثمّ، معرفة ملابساتها وتفاصيلها، وكذا الأهداف والترتيبات السياسية والميدانية المترتبة على ذلك، بيد أنّ الزيارة الأخيرة تأتي في إطار جملة من الأحداث الإقليمية المهمة والمؤثرة، من بينها الانتخابات الأمريكية، والتهديدات المتواترة بخصوص تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران، ثم تحركات الكاظمي الخارجية، والبحث عن مصادر مختلفة لدعم سياساته، وتنويع علاقاته مع دول الجوار، وفي محيطه العربي، ومن بينها مصادر الحصول على الطاقة التي تعتمد فيها بغداد على طهران.

اقرأ أيضاً: الإيكونوميست تكشف عن آخر المؤامرات الإيرانية في أفريقيا

ويضيف التميمي لـ"حفريات": "ثمة رغبة من قبل قادة الحرس الثوري، والمسؤولين الإيرانيين، لإعادة بحث مستقبل الحشد الشعبي، والفصائل الولائية في بغداد؛ إذ إنّ هناك مجموعة من التهديدات الواضحة التي تعترض أوضاعهم، حتى مع تقنين وجودهم ضمن القوات الأمنية والعسكرية العراقية، منذ العام 2014، في عهد حكومة حيدر العبادي، لكنّ انتفاضة تشرين الشعبية والاحتجاجات المتواصلة ضد وجودهم السياسي والأمني، في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والتي تعد ضمن حواضنهم السياسية والمجتعمية والطائفية، إنما تشكل مخاوف عديدة، وتحتاج لمراجعة جادة، على أكثر من مستوى".

كما أن وجود الكاظمي في الحكومة، وسياساته المحلية والإقليمية، تمثل تهديدات مضاعفة على الوجود الإيراني في العراق، بحسب التميمي، لاسيما وأنّ الاتجاهات الأساسية داخل دوائر صنع القرار بإيران، لا تعتبر رئيس الحكومة العراقية حليفاً موثوقاً به.

اقرأ أيضاً: ما أواصر العلاقة بين إيران وإخوان السودان؟

ويلفت الباحث العراقي، إلى أنّه قبل زيارة قاآني للعراق، بأيام قليلة، كانت السلطات العراقية قد أعادت فتح منفذ عرعر الحدودي، الواقع في محافظة الأنبار، جنوب غرب العراق، والمغلق منذ ثلاثة عقود، بهدف تعزيز التبادل التجاري بين الرياض وبغداد، إضافة إلى السماح بمرور البضائع والمسافرين، ما يعني توفير بوابة أخرى للواردات التي تدخل العراق، الذي يستورد القسم الأكبر من حاجاته من إيران، ثاني أكبر بلد من حيث التبادل التجاري مع العراق.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية