ماذا يعني إشراك المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية المقبلة؟

ماذا يعني إشراك المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية المقبلة؟


13/04/2021

تتفق السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية على ضرورة إشراك المقدسيين في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، لرمزية المدينة التي يرى فيها الفلسطينيون العاصمة المستقبلية لدولتهم، رغم المماطلة والتسويف الذي تنتهجه سلطات الاحتلال للسماح بإجرائها في مدينة القدس، لتمارس أشكالاً مسبقة، وتضع العديد من العقبات أمام أية انتخابات فلسطينية في محاولة لتعطيلها.

لا قيمة للانتخابات الفلسطينية دون إجرائها في مدينة القدس، والتي تمثل العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، وتضمّ بين ثناياها أبرز المعالم الدينية

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتية، قد قال، في 8 نيسان (أبريل) الجاري، إنّ إسرائيل تمنع أية مظاهر للانتخابات الفلسطينية العامة شرق القدس حتى الآن.

وذكر إشتية، خلال مؤتمر افتراضي عبر الإنترنت بعنوان "اجتماع أصدقاء فلسطين" نظّمه الاتحاد الدولي للنقابات في العالم، أنّه "إلى الآن لم تسمح إسرائيل بإنشاء محطات انتخابية داخل مدينة القدس".

واتهم اشتية إسرائيل بتصعيد "تهويد" مدينة القدس "سواء كان ذلك في التسميات والاستيلاء على الأراضي، وتزوير بيع البيوت، وكلّ ما يجري في المدينة يحاسب عليها القانون الدولي".

تتفق السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية على ضرورة إشراك المقدسيين في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة

كما أعلن إشتية، في  الخامس من الشهر نفسه، توجيه رسائل رسمية إلى الأطراف الدولية لطلب التدخل لدى إسرائيل من أجل السماح بإجراء الانتخابات الفلسطينية في شرق القدس.

وقال إشتية، لدى ترأسه الاجتماع الأسبوعي لحكومته في مدينة رام الله، إنّ الرسائل تمّ توجيهها إلى كلّ من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا الاتحادية.

وشارك المقدسيون في الانتخابات مرتين قبل ذلك؛ عام 2005 الرئاسية، و2006 التشريعية، وتحاول "إسرائيل" منع 370 ألف مقدسي من المشاركة في الانتخابات، مخالفةً بذلك اتفاق أوسلو الذي أكّد حقّهم في التصويت من خلال مراكز البريد في المدينة المحتلة.

اقرأ أيضاً: أمريكا تستأنف تقديم مساعدات للفلسطينيين... وهذه أبرز ردود الفعل

وتلزم "اتفاقية أوسلو" الموقعة بين منظمة التحرير وتل أبيب، إسرائيل، بالسماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، وجاء في بنود المادة السادسة أنّه يجري الاقتراع في القدس الشرقية في مكاتب تتبع سلطة البريد الإسرائيلية.

ويفترض أن تجري الانتخابات التشريعية في الأراضي الفلسطينية، في 22 أيار (مايو) المقبل، لاختيار 132 نائباً، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، ووفق مرسوم الانتخابات ستجرى انتخابات الرئاسة الفلسطينية يوم 31 تموز (يوليو) المقبل، والمجلس الوطني الذي له نظام خاص في 31 آب (أغسطس) المقبل.

التنازل عن هذا الحق يعني التنازل عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني

وكان عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عزت الرشق، قد قال إنّه "لا انتخابات فلسطينية من دون القدس"، مشدداً على ضرورة مشاركة المقدسيين في الانتخابات التشريعية القادمة، ترشيحاً وتصويتاً وتمثيلاً، كما تمّ في انتخابات 2006.

وقال الرشق، في تصريح صحفي، في 3 نيسان (أبريل): "هذا موقف ثابت لا مساومة عليه، فلا انتخابات من دون القدس، لما تمثله من حق تاريخي ورمزية نضالية جامعة للشعب الفلسطيني".

عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ديمتري دلياني لـ "حفريات": إصرار السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية على إقامة الانتخابات في القدس المحتلة، حق طبيعي

وأضاف: "إذا حاول الاحتلال منع أهلنا في القدس من المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي، فإن شعبنا الفلسطيني، بكل قواه وفصائله، يعتبرها معركة وطنية وسيخوضها بكل قوة، للضغط على الاحتلال وإرغامه للخضوع لإرادة شعبنا".

حق وطني للفلسطينيين

بدوره، يقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ديمتري دلياني، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "إصرار السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية على إقامة الانتخابات في القدس المحتلة، يأتي باعتباره أحد الحقوق الطبيعية التي تم الاتفاق عليها بين منظمة التحرير والاحتلال خلال اتفاق أوسلو، على أن تشمل أيّة انتخابات فلسطينية مدينة القدس، وبالتالي فإنّ التنازل عن هذا الحق يعني التنازل عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتمهيداً لمنح الاحتلال الضوء الأخضر للقيام بالمزيد من العمليات التهويدية بالقدس".

ديمتري دلياني

وتابع: "الاحتلال الاسرائيلي لم يبدِ اعتراضه على إجراء الانتخابات بعد، إلا أنّه ما يزال يلتزم الصمت، ويبدو أنّه يرفض من حيث المبدأ فكرة إقامة انتخابات فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس، لشكوكه وخوفه من سقوط قائمة الرئيس محمود عباس مقابل القوائم الأخرى".

وبيّن دلياني؛ أنّ "إسرائيل في مرحلة تشكيل حكومة جديدة، وهي متجهة نحو اليمين واليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو، بالتالي، فإنّه من الصعب أن يلجأ الأخير للسماح بإجراء الانتخابات الفلسطينية بالقدس في الوقت الحالي، والتي من شأنها التأثير سلبياً على الأوضاع الداخلية الاسرائيلية، والتي تشهد أزمة سياسية محتدمة".

صمت رسمي فلسطيني

وعن أسباب الرفض الاسرائيلي لإجراء الانتخابات بالقدس؛ أوضح دلياني أنّ "الصمت الرسمي الفلسطيني، وعدم التحرك الدبلوماسي على المستوى الدولي للضغط على الاحتلال لخوض الانتخابات، أدّى لهذه النتائج السلبية التي لا يمكن النظر إليها بإيجابية".

وأكد أنّ "إسرائيل من الصعب أن تسلم بنتائج الانتخابات الفلسطينية في حال تجاوزها الفلسطينيون، ولم تتوافق مع مصالحها، كما حدث في الانتخابات التشريعية لعام 2006، والتي فازت بها حركة حماس، وفرضت حينها سلطات الاحتلال حصاراً شاملاً على القطاع، وعليه يجب على الفصائل الفلسطينية المترشحة للانتخابات أن تعترف بالحقيقة المرة، وهي أنّ المجلس التشريعي هو نتاج اتفاقية اوسلو، ومن يرفض أوسلو من شأنه أن يعطي الاحتلال تصريحاً لممارسة مختلف أشكال البطش والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: انتخابات على وقع الانقسام الفلسطيني: ما الجدوى؟

ولفت القيادي الفلسطيني إلى أنّ "هناك حراكاً إسرائيلياً واضحاً للضغط على السلطة الفلسطينية لتأجيل الانتخابات، وهناك نشاط إسرائيلي على المستوى الدولي للضغط على البيت الأبيض وإدارة بايدن لعدم إجراءها، إلا أنّ المحاولات الإسرائيلية لم تؤتِ ثمارها حتى هذه اللحظة، بعد أن أثبتت الإرادة الفلسطينية جدارتها بأنّها أقوى من أية ضغوط إسرائيلية"، مبيناً أنّ "المجتمع الدولي هو مع إجراء الانتخابات الفلسطينية، وموقف الاتحاد الأوروبي الآن هو عقد هذه الانتخابات بموعدها المحدد، للسماح بمواصلة الدعم السياسي والاقتصادي للفلسطينيين".

لا قيمة للانتخابات من دون القدس

ويرى المحلل السياسي المقدسي، فخري أبو دياب؛ أنّه "لا قيمة للانتخابات الفلسطينية دون إجرائها في مدينة القدس، والتي تمثل العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، وتضمّ بين ثناياها أبرز المعالم الدينية؛ كالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة"، موضحاً أنّ "إجراء الانتخابات بالقدس يثبت للاحتلال أنّ الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن المدينة المقدسة، رغم كافة العمليات التهويدية التي تجري بحقها".

فخري أبو دياب

ويضيف أبو دياب، في حديثه لـ "حفريات": "الاحتلال يمارس سيادته الكاملة على مدينة القدس، منذ احتلالها عام 1967، وازدادت هيمنته على المدينة أكثر منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، القدس عاصمة لدولة الاحتلال، نهاية العام 2017".

انتقاص من الحقوق الفلسطينية

ولفت إلى أنّ "من يريد حسم الانتخابات الفلسطينية عليه أن يحسمها بالقدس"، مشيراً إلى أنّ "الجريمة الكبرى أن يكون قرار إجراء الانتخابات معلقاً بيد الاحتلال، والذي سيرفض إجراءها بالقدس، حتى إن كان هناك ضغط دولي عليه، وهذا جزء من المؤامرة التي تشهدها مدينة القدس، وانتقاص لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة".

ودعا أبو دياب إلى أن "تلجأ السلطة لبدائل أخرى لضمان انتخاب المقدسيين عبر اللجوء لعدد من قنصليات والمكاتب التمثيلية للدول الأوروبية الموجودة في مدينة القدس لخوض الانتخابات، أو اللجوء لفتح مراكز الاقتراع داخل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهي أماكن من الصعب على الجنود الإسرائيليين اقتحامها، للرمزية الدينية التي تتمتع بها حول العالم".

وبسؤاله حول ما إذا كان المشهد السياسي الإسرائيلي الذي فشل في تشكيل حكومة بعد أربعة انتخابات سينعكس سلباً على المشهد السياسي الفلسطيني، بيّن أبو دياب؛ أنّ"هناك مؤسسة تجمع كافة الأجهزة الخاصة بدولة الاحتلال، كالجيش والمخابرات، وهو "الكابينت الإسرائيلي"، الذي يحدد كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية، وبالتالي فلن يؤثر المشهد السياسي الإسرائيلي في إجراء الانتخابات الفلسطينية على الإطلاق".

الصفحة الرئيسية