ماذا حلّ بالمعاقل التقليدية للجماعات المتطرفة في اليمن؟

اليمن

ماذا حلّ بالمعاقل التقليدية للجماعات المتطرفة في اليمن؟


24/12/2017

سلّط مقتل مسؤول الدعاية الإعلامية في تنظيم "القاعدة" في اليمن أبو هاجر المكيّ (سعودي الجنسية) الضوء مجدداً على تحدي مواجهة الإرهاب في هذا البلد، في ظل اغتنام التنظيم الإرهابي الفوضى الناجمة عن الحرب بين الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين منذ ثلاث سنوات، من أجل تعزيز مواقعه ومعاقله التقليدية، وفي شكل خاص في المناطق الجنوبية في اليمن، وهي مناطق جعلت دولة الإمارات تضع محاربة التنظيمات الإرهابية في اليمن أولوية ضمن خريطة جهدها وتدخلها في إطار "التحالف العربي" بقيادة المملكة العربية السعودية، وكذلك التنسيق مع الجانب الأمريكي، في ضرب تلك المعاقل وتدميرها. وكانت غارة أمريكية قتلت في الحادي والعشرين من الشهر الجاري المكيّ، في حين قُتل عنصران آخران في ضربة جوية ثانية، شنتها طائرة أمريكية من دون طيّار، واستهدفت سيّارة كانت تقلهما. وأفاد تقرير نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية بأن أربعة مسلحين من تنظيم "القاعدة" كانوا قد قُتلوا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في غارة لطائرة من دون طيار، يرجح أنها أمريكية في منطقة "يكلا" في محافظة البيضاء، وسط اليمن. وقال مسؤول يمني آنذاك إن الطائرة "قصفت مركبة يستقلها أربعة مسلحين كانت تعبر طريقاً جبلياً"، مؤكداً "مقتلهم جميعاً".

تفجير جامعَي بدر والحشوش
وعلى الرغم من أنّ مسلحي تنظيم "القاعدة" ينتشرون في اليمن منذ نحو عقدين، فإن الحرب على الانقلابيين الحوثيين من أجل استعادة الاستقرار والحكومة الشرعية في هذا البلد وفّرتْ مُناخاً مُواتياً لتوسيع التنظيمات الإرهابية أنشطتها، والسيطرة على مناطق جديدة، والاستيلاء على أسلحة وموارد مالية ضخمة، كما تشير إلى ذلك "ورقة سياسات" أصدرها الشهر الماضي "مركز الإمارات للسياسات"، ومقره أبوظبي. وتلفت الورقة النظر إلى أنه مع بدء الحرب في آذار (مارس) 2015، شهدت العاصمة اليمنية (صنعاء) عمليات إرهابية أبرزها تفجير جامعَي بدر والحشوش، ما خلّف ما يزيد على 140 قتيلاً. وقد تبنى الهجوم تنظيم "داعش"، في سابقة هي الأولى من نوعها.

قوات يمنية تدعمها الولايات المتحدة والإمارات شنّتْ غارات على فرع  تنظيم "القاعدة" في محافظة شبوة باليمن

وبفعل القبضة الأمنية الحديدية، وجولة من المواجهات الشرسة مع هذه التنظيمات، انحسرت أنشطة تنظيمَي "داعش" و"القاعدة" عن معظم مناطق سيطرة الحوثيين (وصالح سابقاً)، باستثناء محافظة البيضاء التي ساعد توغل الحوثيين فيها عن تمدد التنظيمَين الإرهابييْن مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الحرب. وحالياً، تُعَدُّ منطقة رداع في البيضاء معقلاً مهماً لتنظيم "القاعدة"، ولأكثر من عامين فشل الحوثيون في السيطرة عليها، وإضعاف وجود التنظيم فيها، كما تذكر الورقة البحثية، التي تضيف أنه في  مطلع العام الحالي (2017) أعلن تنظيم "داعش" سيطرته على مواقع كانت في يد الحوثيين بمنطقة قيفة، وأنه في كانون الثاني (يناير) الماضي نفّذت الولايات المتحدة أول عملية إنزال بري استهدفت تنظيم "القاعدة" بمنطقة "يكلا" في البيضاء، نجم عنها مقتل 50 شخصاً، بينهم أطفال ونساء.

معاقل المتطرفين في أبين وشبوة
وفي إشارة إلى المعاقل التقليدية للجماعات المتطرفة، مثل تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" وفرعه المحلي "أنصار الشريعة"، تذكر الورقة البحثية أن تلك المعاقل تقع ضمن المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية في الجنوب، خصوصاً في أبين وشبوة، مضيفة أنّ هذا التركّز الجغرافي للتنظيمات الإرهابية يضع أمام الحكومة صعوبات، مع أنه عقب مدة من تولي عبد ربه منصور هادي الرئاسة، تمكنت الحكومة بمساعدة من "اللجان الشعبية" من دحر تنظيم "القاعدة" بعد سيطرته على المدن الرئيسة في محافظة أبين الجنوبية، وإقامته "إمارة إسلامية"، لكن سيطرة الحكومة على المحافظة في الوقت الحالي تبدو غير قوية، ويتخللها نشاط متقطّع لتنظيمي "القاعدة" و"أنصار الشريعة"، وذلك على الرغم من ورود تقارير (صحيفة "الاتحاد" الإماراتية بتاريخ "29/10/2017") عن تمكّن القوات الأمنية بدعم من قوات التحالف العربي، من طرد عناصر تنظيم "القاعدة" من مدينة المحفد، آخر معاقل تنظيم "القاعدة" في محافظة أبين. وربما يتجلى هذا الإنجاز في جانبين:
الأول، أنّ المحفد ظلت لسنوات مركزاً لعمليات وتجنيد العناصر المتطرفة في أبين وشبوة ومحافظات أخرى.

الحرب على الانقلابيين الحوثيين من أجل استعادة الاستقرار والحكومة الشرعية وفّرتْ مُناخاً مُواتياً لتوسيع التنظيمات الإرهابية أنشطتها

والثاني، أنّ المحفد، الواقعة في الشريط الحدودي بين أبين وشبوة، تتمتع بتضاريس جبلية وعرة، ما مكّن التنظيم الإرهابي من التمدد والتمركز بشكل أكبر في المنطقة، ومواجهة الحملات الأمنية السابقة التي شنتها القوات الحكومية خلال السنوات الماضية.
وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت في تقرير نشرته في شهر آب (أغسطس) الماضي أنّ قوات يمنية تدعمها الولايات المتحدة ودولة الإمارات شنّتْ غارات عدة على فرع تنظيم "القاعدة" باليمن في محافظة شبوة، مؤكدة (أيْ الوكالة) أنّ قيمة محافظة شبوة تكمن في كونها الميناء الوحيد لتصدير الغاز في اليمن، وهو ميناء بلحاف، لافتة النظر إلى أنّ فرع "القاعدة" في اليمن استهدف خط الأنابيب الذي يغذي الميناء مرات عدة، وأنّ الميناء توقف عن العمل بعد إجلاء الخبراء الأجانب من المنشأة في العام 2015.

 

الصفحة الرئيسية