لماذا تدخّل حزب الإصلاح الإخواني لفرض زعيم القاعدة في اليمن؟

لماذا تدخّل حزب الإصلاح الإخواني لفرض زعيم القاعدة في اليمن؟


18/03/2020

على مدار عقود أشاع تنظيم الإخوان أنّهم وسطيون وأنّهم نبذوا العنف للأبد، وأنّهم جماعة سلمية تهتم بالعمل الدعوي لا غير، ولا مكان لمن يستخدم السلاح بينهم، لكن كل يوم تظهر وقائع تثبت خلاف ذلك.

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح الإخواني يواصل جرائمه في تعز
ففي اليمن وفي ظل الأزمة المتصاعدة، واستمرار اعتداء الجماعات الإسلاموية على الشعب اليمني، سواء من الحوثيين أو من تنظيم القاعدة، ينكشف دور الإخوان الانتهازي، فهم في العلن مع الحكومة الشرعية ويساندون قوات التحالف العربي في معركته ضد الإرهاب والسعي لإقرار السلام واستعادة اليمن الموحد، أما في الخفاء فهم يتحالفون مع الحوثيين مرة ومع القاعدة مرة أخرى، لدرجة أنّ مأرب، التي هي قاعدة الإخوان باليمن، تحولت إلى إمارة لتنظيمات داعش والقاعدة، وكذلك الأمر بوادي محافظة حضرموت، ولا يمكننا تفسير تحالف الإخوان مع القاعدة على أنّه انتهازية سياسية فحسب، بل يؤكد أنّ الإخوان والقاعدة وجهان لعملة واحدة.

حزب الإصلاح في العلن مع الحكومة الشرعية أما في الخفاء فيتحالفون مع الحوثيين مرة ومع القاعدة أخرى

أشارت تقارير صحفية إلى أنّ التقارب الإخواني القاعدي تجاوز اللقاءات السرية إلى حد التدخل في اختيار أمير القاعدة في اليمن، فبعد اغتيال قاسم الريمي في 29 كانون الثاني (يناير) الماضي واعتراف تنظيم القاعدة بمقتله يوم الأحد 23 شباط (فبراير) الماضي، عبر كلمة صوتية بثتها "مؤسسة الملاحم"، إحدى الأذرع الإعلامية للتنظيم، شهد التنظيم ارتباكاً وخلافاً في اختيار أمير التنظيم خلفاً للريمي، وحسب ما أورده موقع "صحافة نت"، فإنّ ثمة خلافات كبيرة نشبت داخل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، على تولية قائد جديد، فالريمي الذي تقلد منصب أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في العام 2015، كان تكتيكياً ماهراً، لكنّه لم يكن له تأثير كبير على النواحي التنظيمية، مما أوجد صعوبة في اختيار خلف له.


وكان قد أثار إعلان التنظيم تولي خالد سعيد باطرفي إمارة التنظيم الكثير من الخلافات خاصة أنّه معروف بقربه من جماعة الإخوان، كما ألمح الإعلان إلى أنّ اختياره لم يكن بالإجماع، ومما يزيد من التشكك في تدخل الإخوان في اختيار أمير القاعدة ما أعلنه موقع "عدن تايم" المحلي، بأنّ خالد باطرفي التقى بعبدالمجيد الزنداني، الزعيم الروحي لتنظيم الإخوان باليمن، قبل أيام من إعلان تنصيبه بشكل رسمي، وذلك برفقة عدد من "قيادات الإصلاح" في مأرب.

اقرأ أيضاً: كيف عزّز حزب الإصلاح الإخواني التسلل التركي إلى اليمن؟
ووفقاً لموقع "عدن تايم"، فإنّ عناصر تنظيم القاعدة حضرت في بعض المواقع العسكرية التابعة لميليشيات حزب الإصلاح، في محافظتي شبوة وأبين اليمنيتين، ما يؤكد أنّ الأخير كان سبباً رئيسيّاً في تنصيب باطرفي على رأس القاعدة، لتسهيل التواصل، وضمان استمرار التنسيق أطول فترة ممكنة.
كما يذكر أنّ عادل باحميد، القيادي الإخواني ومحافظ حضرموت السابق، سلّم وجهازه الحزبي والأمني والعسكري، مع مطلع نيسان (أبريل) 2015، مدينة المكلا وساحل المحافظة لتنظيم القاعدة والذي تسلم منهم المدينة هو خالد باطرفي!

وفقاً لموقع "عدن تايم" حضرت عناصر من القاعدة بعض المواقع العسكرية التابعة لميليشيات حزب الإصلاح في محافظتي شبوة وأبين

وخالد باطرفي هو سعودي الجنسية حضرموتي الأصل ويبلغ خمسة وأربعين عاماً، ويلقب بـ"أبو مقداد الكندي"، كان قريباً من فكر الإخوان المسلمين في السعودية، ثم أصبح أحد مروجي الفكر القاعدي، وكان قد أشرف على شبكة إعلامية للتنظيم، وفي 2011 تم اعتقاله ووضع في السجن المركزي بالمكلا، حتى شن مسلحون تابعون للقاعدة هجوماً على السجن، وحرّروا أكثر من 300 سجين العام 2015، الذي كان من بينهم باطرفي.
والجدير بالذكر أنّه عقب إعلان التحالف الرباعي (مصر، السعودية، الإمارات، البحرين) قطع علاقته بالدوحة في حزيران (يونيو) 2017، خرج خالد سعيد باطرفي في مقطع فيديو، بثته مؤسسة "السحاب"، إحدى الأذرع الإعلامية لتنظيم القاعدة، تحت عنوان: "وسقط القناع"، وصف فيه موقف التحالف الرباعي بالحرب على الإسلام والمسلمين! داعياً كل من وصفهم بالعلماء والدعاة وطلاب العلم ومختلف فصائل الحركات والجماعات الإسلامية إلى الجهاد ونصرة قطر، إزاء ما تتعرض له من حملة مقاطعة وعزلة عربية ودولية، على حد وصفه.

اقرأ أيضاً: كيف أصبح حزب الإصلاح الإخواني الورقة الجديدة لأحلام الهيمنة التركية؟
إنّ تطابق رد الفعل الإخوان والقاعدة يشي بأنّ ثمة علاقة مشتركة بين التنظيمين أكثر من التمويل، من المرجح هي الاشتراك في إطار فكري واحد يرى قطع العلاقة مع قطر هي حرب على الاسلام؟!
وحول اختيار باطرفي قال المحلل في الشأن اليمني جوشوا كونتز حسب موقع "صوت اليمن"، نقلاً عن صحيفة "ذا ناشيونال": "إنّ تعيين باطرفي قائداً للتنظيم يدل على أنّ تنظيم القاعدة بات في وضع مزرٍ ويحاول يائساً التصوير بأنّه لا يزال مستقراً في وقت يعاني فيه من عجز في القيادة، وانخفاض في الروح المعنوية، وجنون العظمة، كما يعاني من الانشقاقات والضغط المستمر عليه من جيوبه القليلة المتبقية".

اقرأ أيضاً: كيف تحرك تركيا حزب الإصلاح الإخواني؟ وما هدفها من تعميق الأزمة اليمنيّة؟
يبدو أنّ التعاون بين الإخوان والقاعدة لا يأتي عبر قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، بل عبر التكامل في الأدوار، فتنظيم القاعدة الذي يعاني من مشاكل تنظيمية وجد في الإخوان يد العون لتنفيذ استراتيجيته في اليمن، والتي أشار لها مايكل هورتون، الباحث في قسم الشؤون العربية بمؤسسة جيمستاون، بقوله: "إنّ إحدى الاستراتيجيات الأساسية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في نشر نشطائه ومقاتليه وسط الميليشيات المتنوعة في اليمن"؛ مما يعني أنهما- الإخوان والقاعدة- في بوتقة فكرية وتنظيمية واحدة.


ولا يقتصر تعاون الإخوان مع القاعدة بفرض أمير للتنظيم من الموالين لها، بل يمتد إلى شخصيات أخرى مثل عادل الحسني، الصديق الحميم لأمير تنظيم القاعدة في أبين أبو عبيدة الحضرمي، حيث كان حلقة الوصل بين حزب الإصلاح الإخواني والقاعدة في مدينة أبين ويحمل اسماً حركياً في القاعدة هو أبو حذيفة، كما أنّ تاريخ الحسني معروف؛ فقد كان أحد قيادات القاعدة في مدينة أبين التي أسقطت مدينتي زنجبار وجعار وأجزاء كبيرة من أبين في العام 2011، وعرف عن الحسني دعم قيادات وعناصر القاعدة والتحول إلى وسيط عندما يشتد الخناق على العناصر الإرهابية، كما حدث في 2012، و216 عندما رأس لجنة الوساطة مع القاعدة، كما التحق الحسني بالقتال ضد الحوثيين بعدن في العام 2015 على رأس عناصر القاعدة فى إبين وعدن، ولكنه تورط بعد هزيمة الحوثيين في نهب أسلحة المقاومة وتسليمها للعناصر الإرهابية.

اقرأ أيضاً: لماذا ننتقد حزب الإصلاح الإخواني باليمن؟
واعتقل الحسني من قبل القوات الأمنية في عدن بعد الكشف عن تورطه في قضايا إرهابية، وأطلق سراحه في 2016 إثر وساطات قبلية وضغوط إعلامية من قبل تنظيم الإخوان.
إنّ الوقائع والحقائق أكبر من ادعاءات الإخوان بأنهم دعويون لا علاقة لهم بالتطرف والإرهاب، فأدلة تورطهم مع التنظيمات الإرهابية سواء بالدعم المالي أو المؤازرة السياسية أو الوساطة أو الدعاية والدفاع عنهم، وتسليم الأسلحة لهم، أكثر من مجرد الحصر، وهذه العلاقة تؤكد خطورة  بقاء حزب الإصلاح الإخواني في صفوف الحكومة الشرعية أو اعتباره إحدى أدوات التحالف العربي للعمل على استقرار اليمن، ففيما يبدو من وقائع أنّهم أصل الداء والمشكلة وليسوا أداة لحل الأزمة.

تطابق رد فعل الإخوان والقاعدة يشي بأنّ ثمة علاقة مشتركة بين التنظيمين أكثر من التمويل

أدرك هذا الكثير من السياسيين والمحللين، ونصحوا اليمنيين عبر تغريداتهم بذلك، فقد غرد في وقت سابق هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وأحد الشخصيّات المهمّة في مجموعة الحزام الأمني بذات المعنى قائلاً: "لم ولن نتأخر في الجنوب للتعاون مع أشقائنا العرب والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وكل أصدقائنا الدوليين في التنسيق التام لتبادل كل المعلومات في هذا الشأن. نعلم يقيناً أنّ التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عازم لإعادة سيطرة القاعدة على الجنوب وإغراق المنطقة في الفوضى ونحن له بالمرصاد".
كما غرد ياسر اليافعي الكاتب والصحفي والمحلل السياسي ورئيس مؤسسة يافع نيوز للإعلام قائلاً: "بات الكثير من أبناء الجنوب والشمال يدرك أن حزب الإصلاح بكافة تشكيلاته العلنية والسرية لا يمكن أن يكون عامل استقرار في اليمن، حتى لو سيطر على البلاد بطولها وعرضها سيحولها إلى خراب بسبب صراع فصائله التي ستتناحر مستقبلاً، لذلك #حل_حزب_الإصلاح ضرورة لعملية السلام الدائم في #اليمن".

الصفحة الرئيسية