كيف تقاوم ناطحاب السحاب في اليابان الزلازل؟

كيف تقاوم ناطحاب السحاب في اليابان الزلازل؟


23/01/2019

تهيمن ناطحات السحاب المنتشرة  في طوكيو وأوساكا ويوكوهاما على الصورة العامة لهذه المدن، كما في أي مدينة كبيرة ومتقدمة في العالم، وتعطي الأبراج عادةً انطباعاً بأنها راسخةٌ وثابتةٌ، كما يمكن لبناءٍ من صنع الإنسان أن يكون.

لكن لا يتطلب الأمر سوى وقوع زلزال كي يتضح أنّ هذا المنظور ما هو إلا وهم، أما في اليابان فالمسألة مختلفة، ففي اليابان توجد بعض أكثر المباني مرونة في العالم بقدر يجعلها تصمد في وجه الزلازل؛ إذ يتعين على ناطحات السحاب هناك أن تصبح قادرةً على التمايل عندما تهتز الأرض من تحتها، بحسب تقرير نشرته شبكة "بي بي سي".

تهديدات مستمرة

رغم أنّ زلزال توهوكو الذي ضرب اليابان عام 2011، يُعرف بأنه أحد أكثر الزلازل التي وقعت في الآونة الأخيرة تدميراً، فإنه ليس سوى واحد من الأحداث المشابهة الكثيرة التي يشهدها هذا البلد سنوياً.

اقرأ أيضاً: أندونيسيا تعلن ارتفاع قتلى زلزال لومبوك..هذه آخر الإحصائيات

لكن الأبراج المُقامة في اليابان ليست مبانٍ عادية، فبحسب جِن ساتو، وهو مهندس إنشاءات وأستاذٌ مساعدٌ في جامعة طوكيو، لا بد أن تتمتع كل الأبنية هناك -حتى وإن كانت صغيرة أو مؤقتة- بالمرونة اللازمة للصمود في وجه الزلازل التي تضرب هذا البلد.

وهناك مستويان رئيسيان من المرونة يسعى المهندسون بِجد لضمانهما؛ أولهما هو ذاك الضروري للصمود في وجه الزلازل الأقل قوة، من النوع الذي يمكن أن يضرب أي مبنى ياباني ثلاث أو أربع مرات خلال عمره الافتراضي.

متخصص في الزلازل: لا ينهار المبنى إذا ما كان بمقدوره امتصاص كل الطاقة التي يوّلدها الزلزال

والمستوى الثاني من المرونة، وهو اللازم لمواجهة الزلازل شديدة القوة، وهي أقل عدداً وفرصاً في الحدوث بكثير مُقارنةً بالنوع السابق. وتم تحديد مستوى مثل هذه الهزات بناءً على شدة "زلزال كانتو الكبير 1923".

وكان هذا الزلزال قوياً للغاية، وبلغت شدته 7.9 درجة على مقياس ريختر، ما أدى لتدمير مدينتيْ طوكيو ويوكوهاما، ومقتل أكثر من 140 ألف شخص.

وبالنسبة للزلازل الأكثر قوة من ذلك الزلزال، لا يسعى المهندسون للحفاظ على المبنى في حد ذاته، ويهتمون في المقام الأول بتجنب وقوع خسائر بشرية، ما يعني تسامحهم مع حدوث أي أضرارٍ لا توقع ضحايا.

زلزال كانتو الكبير

المعدات الخاصة بامتصاص الاهتزازات

يقول ساتو في هذا الشأن: "لا ينهار المبنى إذا ما كان بمقدوره امتصاص كل الطاقة التي يوّلدها الزلزال". ويحدث ذلك في الأساس من خلال ما يُطلق عليه عملية "العزل الزلزالي"، التي يتم فيها وضع المباني أو الهياكل الإنشائية على حوامل أو أسطح تتحمل الصدمات أو تمتصها. وفي بعض الأحيان، تتسم مثل هذه الأسطح ببساطة التكوين، إلى حد كونها مجرد كتلٍ من المطاط يتراوح سمكها ما بين 30 إلى 50 سنتيمتراً تقريباً (من 12 إلى 20 بوصة)، وذلك بهدف تحمل الهزات الناجمة عن الزلزال ومقاومتها.

اقرأ أيضاً: هذه هي أضرار الزلزال الذي ضرب إيران

ويتم وضع هذه البطانات المطاطية تحت الأعمدة الحاملة للمبنى، مهما كان موقعها في أساسات البناء.

ويقول لوبكوفسكي: "يمكن أن يتحرك المبنى المرتفع لمسافة 1.5 متر (5 أقدام)، ولكن إذا وضعت صماماتٍ على مستويات علوٍ معينة -بواقع كل طابقين مثلاً وصولاً إلى أعلى البناء- فسيكون بوسعك أن تقلص الحركة إلى مسافةٍ أقل بكثير، ما يمنع حدوث تدمير للبنى الموجودة فوق قاعدة المبنى".

الجمع بين الأناقة والأمن والسلامة

هناك أساليب أخرى تُعنى بالتصميم الداخلي والخارجي للمبنى وهيئته لجعله مرناً بما يكفي للصمود أمام الزلازل. وفي هذا السياق، يقول لوبكوفسكي: "ما نريده -في الحالة المثالية- أن نجعل المبنى منتظماً ومتناسقاً بقدر الإمكان.. إذا ما كان لكل الطوابق الارتفاع نفسه وكانت الأعمدة على شكل شبكةٍ تفصلها مسافاتٌ متساويةٌ" ستزيد قدرة المبنى على الصمود أمام أي زلزال.

بالنسبة للزلازل شديدة القوة لا يسعى المهندسون للحفاظ على المبنى في حد ذاته ويهتمون في المقام الأول بتجنب وقوع خسائر بشرية

لكن مصممي ناطحات السحاب ذات الشكل المتميز لا يرحبون في أغلب الأحيان بتقديم مثل هذا النوع من التنازلات، ما يجعل من الشائع حدوث تباينات بين المعايير المطلوبة من جانب المهندسين لجعل المبنى قادراً على مقاومة الزلازل، والرؤى الإبداعية التي يريد المهندسون المعماريون تطبيقها في البناء نفسه، مما يقود إلى أن تنشأ توتراتٌ بين الفريقين.

ويقول نوريهيرو إجيري مدير شركة إجيري للهندسة الإنشائية ومقرها طوكيو: "توجد دائماً صراعاتٌ كبيرةٌ بيننا.. لحسن الحظ، يتلقى المهندسون المعماريون في اليابان تعليماً بشأن الزلازل، لذا يكون بمقدور المهندسين والمصممين تبادل النقاش بشكل منطقي".

الصفحة الرئيسية