كورونا: التخبط السياسي يضع محافظتين إيرانيتين عند "الخطّ الأحمر"

كورونا: التخبط السياسي يضع محافظتين إيرانيتين عند "الخطّ الأحمر"


11/04/2021

يواصل فيروس كورونا المستجد تسجيل أعلى معدلات إصابة به في إيران، وقد بدأت الموجة الرابعة في محافظتين، حسبما أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مطلع الشهر الحالي؛ حيث قال في اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا: "لقد رأينا اليوم، في الاحصاءات، أنّ الموجة الرابعة لتفشي فيروس كورونا بدأت في محافظتين، وإن لم يلتزم المواطنون بالتوصيات الصحية في بعض المحافظات الأخرى؛ فإنّ هذه الموجة ستدخلها أيضاً".

سياسة عقدين من الإنفاق العسكري خارج حدود الدولة الإيرانية، وإعطاء الملف الإيراني النووي الأولوية على الصحة والتعليم، تسببا في حدوث تلك الكارثة الصحية والإنسانية

كما كشفت وزارة الصحة الإيرانية، قبل أيام، وصول عدد الحالات اليومية إلى 20954 حالة يومياً، وتسجيل "174 حالة وفاة و17430 إصابة جديدة بفيروس كورونا، الثلاثاء الماضي، فقط"، مشيرة إلى أنّ إصابات كورونا في البلاد قد بلغت قرابة مليون و963 ألف حالة.

ومن جانبها، أعلنت الناطقة الرسمية بلسان وزارة الصحة الإيرانية، سيما سادات لاري، أنّ مجموع الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا قد تضاعف إلى 63506، مضيفة أنّ "4138 من المصابين في حالة حرجة، وأنّ عدد المتعافين تجاوز المليون و667 ألف حالة".

وبحسب مساعد وزير الصحة الإيراني، إيرج حريرجي؛ فإنّ "عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في البلاد سيرتفع إلى عدة أضعاف في غضون 4 الى 6 أسابيع، لأنّ الموجة الرابعة من كورونا ستكون أسرع تفشياً من الموجات السابقة".

كشفت وزارة الصحة الإيرانية، قبل أيام، وصول عدد الحالات اليومية إلى 20954 حالة يومياً

وبالتزامن مع إعلان مجلس محافظة طهران، قبل أيام، أنّ العاصمة الإيرانية، طهران، وقعت في دائرة "المدن الحمراء" أو "الخط الأحمر"، وهي المناطق شديدة الخطورة من حيث تفشي الوباء العالمي، قال وزير الصحة الإيراني، سعيد نمكي، إنّ بلاده "تواجه إحدى أكبر موجات تفشي الفيروس، والنظام الصحي سيواجه أياماً صعبة".

وإثر الانتهاء من عيد النوروز (رأس السنة الإيرانية)، قبل نحو أسبوعين، والذي شهد احتفالات في مختلف المدن الكبيرة والرئيسة، في ظلّ تخفيف قبضة الحظر والقيود على التنقل، وكذا الإجراءات الطبية الوقائية، حدثت طفرة جديدة في عدد الإصابات، خاصة مع تأخر توزيع اللقاحات.

اقرأ أيضاً: الهيمنة الإيرانية محنة للعراق والعرب

 وقد أعلن وزير الصحة الإيراني؛ أنّ "250 مدينة في إيران تصنف ضمن "المناطق الحمراء"، وهي الأكثر خطورة من حيث ارتفاع نسبة انتقال الفيروس بين سكانها، ما يعني أنّ 85 بالمئة من البلاد مصنّف ضمن المناطق الحمراء أو البرتقالية، التي هي أقلّ من الحمراء بخصوص معدل الانتشار".

كورونا وصراع الأجنحة لدى الولي الفقيه

وإلى ذلك، قدّم، مؤخراً، قائد مقر مكافحة كورونا، علي رضا زالي، مقترحاً إلى نائب الرئيس الإيراني ووزيري الداخلية والصحة، حيث طالب "بتعطيل العاصمة بين 7 الى 10 أيام لتجاوز أزمة كورونا"، وقال: "للأسف، نحن أمام واقع صحي مُرّ، بسبب عدم أخذ مقترحاتنا ومطالباتنا بمحمل الجدّ، من بين 175 مستشفى في طهران، تعالج 103 منها مرضى كورونا فقط"، وأردف: "الموجة الرابعة من الفيروس أسرع بكثير من الموجات السابقة، وتبعاً لهذا الوضع كان من المفترض تعطيل طهران بالكامل، غير أنّ الجهات المعنية لم تتّخذ قراراً بهذا الخصوص، حتى الآن".

اقرأ أيضاً: النفط الإيراني إلى بانياس..قصّة ذات وجهين

وفي حديثه لـ "حفريات"؛ أوضح المحلل السياسي الإيراني، عارف باوه جاني، أنّ تفاقم الأوضاع الصحية في إيران على خلفية تفشي الفيروس التاجي ناجم عن "وقوعه في عمليات توظيف ومزايدة سياسية من جانب النظام الإيراني، ما تسبّب في نتائج كارثية، صحية وسياسية واقتصادية، دون تحقيق أيّة نتائج أخرى؛ حيث فشل خطاب المؤامرة في تهدئة الاحتجاجات الشعبية والتعمية عن الإخفاقات الداخلية".

المحلل السياسي الإيراني، عارف باوه جاني

ويلفت المحلل السياسي الإيراني إلى أنّ وضع فيروس كورونا يتماثل وملفات أخرى بإيران، من بينها الملف النووي؛ حيث إنّ كلّاً منهما تعرض إلى سوء الإدارة بسبب "ثنائية القرار" داخل السلطة، التي تسببت فيها الصراعات السياسية والأيدولوجية المحتدمة بين أجنحة النظام، ما أدى إلى ملاسنات حادة بين المسؤولين، واتساع الفجوة بين الأطراف وبعضها، والنتيجة في كلّ الحالات كانت "تضارب المعلومات وعدم الشفافية وتفاقم الأزمات الداخلية التي يعاني من آثارها المواطن".

احتكار القطاع الطبي

 ويتابع: ومثلما اتهم رئيس السلطة القضائية المقرب من الحرس الثوري، إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني حسن روحاني، بمسؤوليته عن تفشي الوباء، حمّلت الأطراف القريبة من المرشد والحرس الحكومة وروحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف مسؤولية فشل الاتفاق النووي وفرض العقوبات".

وأردف: "احتكار القطاع الطبي، شبه العسكري، التابع للحرس الثوري، إدارة الأزمة الصحية، في حين كانت المستشفيات التابعة لوزارة الصحة تعاني نقصاً حاداً في الموارد والخدمات، أدى إلى تنامي حالات العدوى والوفيات، بينما تحولت إيران إلى بؤرة لتفشي المرض بالمنطقة، رغم تحذير وزارة الصحة من وجود الفيروس في إيران، قبل الإعلان عنه بشهرين كاملين".

الباحث د. كمال الزغول لـ"حفريات": التعنّت المركزي من جانب الحكومة الايرانية جعلها مشغولة بملفات إقليمية ودولية، ما أدى إلى عدم التعاقد لشراء اللقاحات، بشكل مبكر

يتفق والرأي ذاته، الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور كمال الزغول،  الذي يرى أنّ سوء إدارة الملف الصحي في إيران إنّما يعود إلى "مركزية القرار في طهران بخصوص التعامل مع الوباء؛ ففي الوقت الذي كان العالم يشهد الموجة الثانية من الفيروس التاجي كانت إيران متقدمة في موجاتها إلى المستوى الرابع"، موضحاً لـ "حفريات"؛ أنّ "هذا التعنّت المركزي من جانب الحكومة الايرانية جعلها مشغولة بملفات اقليمية ودولية، ما أدى إلى عدم التعاقد لشراء اللقاحات، بشكل مبكر، وعدم تأمين الفحوصات لجميع المحافظات؛ وهذا التقصير في إتاحة المعدات الطبية للمستشفيات، والمراكز الصحية، ترتبت عليه زيادة عدد الحالات، بشكل مرتفع".

الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور كمال الزغول

ويشير الزغول إلى أنّ الوضع الوبائي في إيران قد تدهور لعدة أسباب رئيسة، من بينها: "عدم الإغلاق مع بداية انتشار الفيروس لأسباب سياسية وبراغماتية؛ حيث تزامن ظهوره مع الانتخابات البرلمانية، في شباط (فبراير) العام الماضي، وكذلك المناسبات دينية، ورضوخ النظام لمواقف رجال الدين المتشددين، في مدينة قم، وقد أصبحت الأخيرة من أكثر المناطق التي تفشى فيها الفيروس، ناهيك عن فتح القطاع التعليمي مع عدم الأخذ بأسباب التباعد الاجتماعي".

اقرأ أيضاً: ماذا بعد تقرير الخارجية الأمريكية حول الانتهاكات في إيران؟

وفيما يتصل بدخول إيران في الموجة الرابعة لفيروس كورونا، يلفت الباحث المتخصص في الشأن الإيراني إلى احتفالات النوروز، التي جرت في ٢١ آذار (مارس) الماضي، دون أن توضَع في الاعتبار أية إجراءات وقائية، إضافة إلى النقص الحاد في المعدات الطبية بسبب العقوبات أو بالأحرى عدم مطالبة إيران الأمم المتحدة تزويدها بذلك، ويضيف: "علينا أن نتخيل اعتماد بعض المحافظات على جهاز قياس الحرارة التقليدي بدلاً من الفحوصات الطبية الحديثة والدقيقة، باعتبارها إحدى الوسائل الطبية للسماح للأفراد بالدخول للمناطق الدينية للاحتفالات، أو للعمل في جميع القطاعات".

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يعصف بميليشيات إيران في سوريا

ويؤكد المصدر ذاته؛ أنّ "تسييس" الأزمة الصحية، في إيران، قد رافق كل مراحل الوضع الوبائي، كما كان في خلفية الأزمة ويفاقم من آثارها، إذ إنّ "التدهور الاقتصادي الناتج عن سياسة عقدين من الإنفاق العسكري خارج حدود الدولة الإيرانية، وإعطاء الملف الإيراني النووي الأولوية على الصحة والتعليم، قد تسببا في حدوث تلك الكارثة الصحية والإنسانية"، وشدّد على أنّه في الوقت الذي "تلكأت فيه إيران بخصوص شراء اللقاح، كانت تستبدل أجهزة الطرد المركزي "IR1" القديمة بأجهزة "IRM2" الحديثة عالية الكلفة، التي تسرّع عملية تخصيب اليورانيوم، في أقلّ وقت ممكن، كما أنّ التصريحات الرسمية التي بدأت تخرج للعلن حول المناطق الحمراء والبرتقالية التي تتفشى فيها الإصابات والعدوى، تزامنت مع بدء محادثات فيينا والاجتماعات التي تتم للتفاوض بخصوص إحياء الاتفاق النووي، وهو ما يدخل ضمن عمليات التسييس والتوظيف التي تعتمدها في خطابها السياسيّ، المحلي والخارجي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية