فيروسات فكرية قاتلة

فيروسات فكرية قاتلة


25/03/2020

نورة المزروعي

الفيروسات والجراثيم منتشرة في كل مكان. لكن لماذا يمرض بها بعض الأشخاص دون غيرهم؟ لماذا نجد مرضى يتشافون مع الأدوية وآخرون لا يتجاوبون معها؟ هل هو نظام المناعة أم اختلاف مستوى الوعي؟ أم الاثنين معاً؟ حقائق طبية تؤكد أن خلايا الجلد تتغير بالكامل خلال أسبوعين، وأن خلايا الأمعاء تتجدد كل خمسة أيام. الحقيقة أن كل عضو يتجدد بالكامل خلال فترة معينة، والذى لا يتبدل هو مستوى الوعي لدينا.
الأفكار والمشاعر التي نؤمن بها لها تأثير على أجسادنا. قال الله تعالى: «وإذا مرضت فهو يشفين» (80-الشعراء) أُسند المرض إلى الذات البشرية، أي أن الإنسان يتحمل علة مرضه. ولكن برفع مستوى الوعي، يمكن للعقل مواجة الأمراض النفسية والعضوية -التي هي نتاج أفكارنا- ومن ثم تحسين الحالة الصحية. ولرفع مستوى الوعي لدى المرضى، قامت بعض المستشفيات الغربية بإدراج تقية «التصور» visualization والتخيل «imagination». ويقصد بتقنية التصور قدرة العقل على تحريك صورة مستحضرة عن طريق التخيل، بأن يجسد مشهداً وأن يعيش تفاصيله في مخيلته فتُحدث تأثيراً مباشراً على الأمراض التي نعاني منها. ولتوضيح تلك التقنية، أشير إلى أحد المرضى بمركز سيمونتون للسرطان في كاليفورنيا، يبلغ من العمر 60 عاما مصاب بسرطان الحنجرة، حيث استطاع التأثير على الخلايا السرطانية عن طريق إجراء جلسات متعددة لتقنية التصور العقلي. فكان المريض يتصور الاشعاع الذي يتلقاه في جلساته ويتخيله بأنه رصاصات تستهدف الخلايا السرطانية في كافة أنحاء جسده وتخيل بأنه يطاردها بالرصاص في كافة الاتجاهات إلى أن تُحمل إلى الكبد والكليتين من أجل التخصل منها خارج الجسم. فكانت النتيجة مذهلة قضى الشخص بهذه التقنية على الخلايا السرطانية. يؤكد الأطباء بأن شفائه المذهل يعود إلى ممارسة تمارين التصور والتخيل يوميا. لذا فإن الصور المستحضرة في العقل وتخيل تفاصيلها يمكنها أن تتجسد في النهاية كواقع ملموس داخل الجسد المادي. لكن الغالبية العظمى من المرضى يؤمنون بأن العلاج لا يتحقق إلا باستخدام الأدوية، لذا يقوم الأطباء في بعض المراكز الطبية باستثارة القدرة العلاجية الكامنة في دماغ المريض وذلك عن طريق إعطائهم دواء يعرف بـ«لاسيبو»- تحتوي جرعاته على سكر خالٍ من أي تأثير على الجسم، أثبت الدواء فعاليته في علاج العديد من الأمراض، ويُعزي ذلك إلى عاملين أولهما: اعتقاد المريض بفعالية الدواء - للحالة المرضية التي يعاني منها- أحدث تأثيراً إيجابياً على حالته النفسية، كما لو أنه أُعطي داوءً حقيقياً. فالدماغ لا يستطيع التمييز بين ما هو واقع وما هو متخيل. ثانيهما: طريقة وصف الدواء من قبل الطبيب لها تأثير على نفسية المريض. وأثبت دراسات أن الأفكار الراسخة لدى المريض لها قدرة على شفائه أو هلاكه. وهذا ما حدث لرجل أعمال أميركي أصيب بسرطان في العقد اللمفاوية، انشرت الخلايا السرطانية في أنحاء جسده. وعندما أعلن في الصحف الأميركية عن انتاج دواء جديد يسمى بكريبيوزين krebiozen للقضاء على الخلايا السرطانية. اعتقد المريض أن هذا الدواء سيشفيه وأخذه بدلاً من الاشعاع العلاجي. وبعد اجراء الفحوصات الطيبة ظهرت النتائج باختفاء الكتل السرطانية. ظهرت هذه النتجية لقناعة المريض بفعالية الدواء وليس لفعالية الدواء ذاته. وبعد تعافيه، خرج من المستشفى ومارس حياته بشكل طبيعي. وبعد فترة، قرأ خبرا في الصحفة الأميركية، مفاده أن «الأبحاث أثبتت عدم فعالية الدواء بكريبيوزين لمرضى السرطان» انهارت نفسيته وأصيب باكتئاب حاد، وبسسب الحالة النفسية، عادت الخلايا السرطانية تهاجمه من جديد وتوفي بعدها بقليل. حالة الوعي لدى المريض تتحكم في اتجاه مرضه، والمعتقدات الخاطئة، الخوف والتوتر والقلق كلها عوامل تساهم في إضعاف الجهاز المناعي والجهاز الهضمي. الرسالة التي يجب أن نستخلصها هي عندما نؤمن بأن القوة العلاجية تكمن في عقولنا، نسنطيع أن نذيب كل الملوثات البيئية كالفيروسات والجراثيم والأورام.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية