عيون الإخوان تُبصر انتهاكات حقوق الإنسان طالما ليست من أردوغان

عيون الإخوان تُبصر انتهاكات حقوق الإنسان طالما ليست من أردوغان


27/12/2020

تجاهلت جماعة الإخوان المسلمين مؤخراً ما أثير داخل تركيا من قبل المعارضة، ثم أقرّت به السلطة، من تفتيش المعتقلات عاريات داخل السجون، في إجراء مهين ومتكرر، فقد أفادت إحدى الضحايا بأنها تعرّضت لذلك النوع من التفتيش الذي يُجبرن فيه على الوقوف والجلوس دون ملابس 4 مرّات خلال فترة سجنها، كلما انتقلت من سجن إلى آخر.

اقرأ أيضاً: بعد هيمنتها على المنظمات الحقوقية... هل تنتفض أوروبا ضد جماعة الإخوان؟

وتصرّف الجماعة المتناقض مع ما تدّعيه من الدفاع عن حقوق الإنسان ليس بالجديد، فالجماعة وأبواقها الإعلامية لا تكتفي بما يقوم به نظام الرئيس التركي القمعي نحو معارضيه، وحملات الاعتقال الواسعة، بل هي توغل في الدفاع عن صولاته وجولاته في الداخل والخارج، ولا تتورّع عن وصفه بالخليفة، في الأحاديث الجانبية أو عبر وسائلها.

وصورة الخليفة لا تتطلب في أدبيات الجماعة أن يتسم بالعدل والحكمة، بل أن يملك يداً طولى تستطيع البطش بأعدائها، وكلّ ما يخالف مناهجها وينتقد أساليبها، ما يؤكد أنّ مفهوم "حقوق الإنسان" في أدبيات الجماعة ليس موجوداً من الأساس، ويتمّ استدعاؤه للاستعمال وقت الحاجة، ضمن مفهوم براغماتي واسع هو: أنّ "الغاية تبرّر الوسيلة".

لذا، فإنّ أبواق الجماعة التي كانت تهاجم ليل نهار التدخل المصري في ليبيا، خرجت لتبرّر وتبارك وتهلل للتدخل التركي، وتغضّ الطرف عمّا تسبب فيه ذلك التدخل من ويلات، لا يضاهيها أيّ تدخل آخر، فقد تسببت الميليشيات المسلحة والمقاتلون السوريون الذين زجت بهم تركيا في ليبيا في نزوح الآلاف من العائلات.

صورة الخليفة لا تتطلب في أدبيات الجماعة أن يتسم بالعدل والحكمة، بل أن يملك يداً طولى تستطيع البطش بأعدائها، وكل ما يخالف مناهجها وينتقد أساليبها

عشرات الشهادات الموثقة تعجّ بها وسائل الأخبار ومواقع الإنترنت عن تهجير أسر من قبل تلك الميليشيات والاستيلاء على منازلها لتسكين الميليشيات، فضلاً عن الإتاوات وعمليات السرقة والنهب، لكنّ القنوات المحسوبة على الجماعة لم تتطرّق إلى تلك الوقائع، بل على العكس راحت تدافع عن ذلك التدخل.

وفي كانون الأول (يناير) الماضي، بالتزامن مع توافد المقاتلين السوريين إلى ليبيا، خرجت منابر الإخوان التحريضية التي تبثّ من تركيا لتبرّر محاولات الرئيس التركي إرسال جنود أتراك إلى طرابلس، زاعمين أنّ هذا التدخل يأتي في مصلحة الشعب الليبي، في محاولة منهم للدفاع عن إرهاب أردوغان، وكان من أبرز من دافع عن إرهاب أردوغان معتز مطر، الذي زعم أنّ محاولات أردوغان للتدخل العسكري في ليبيا تهدف لحقن دماء الليبيين، متناسياً أنّ الهدف من محاولات أردوغان هو دعم الميليشيات الإرهابية في طرابلس، بحسب ما أوردته جريدة الوطن المصرية.

وآنذاك أيضاً، علّق القيادي الإخواني حمزة زوبع قائلاً: "البحر اللي مشربش منه أعكّره"، وتركيا نزلت إلى الملعب رسمياً، ومن يعترض، فإنّ عليه أن يلاقي تركيا... وتابع قائلاً: "أردوغان جاب أجوال".

ولا تقتصر تلك الرؤية على الإخوان المتواجدين في تركيا بفعل المنفعة المشتركة، ولكن هي ضمن صلب التنظيم الذي ينبهر بما يصنعه أردوغان، حتى لو كان على رقاب الأتراك ومعارضيه.

ريم محمود: إنّ ذلك الشخص نفسه يظل ينتقد أيّ انتهاكات قد تحدث لحقوق الإنسان في مصر أو أي في دولة أخرى، ولا يسوق المبرر ذاته من أنّ النظام يفعل ذلك كي لا يسقط

تقول ريم محمود (ليس اسمها الحقيقي) لـ"حفريات": كنت ذات مرّة مرتبطة بشاب من المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين، عقب ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، ثمّ انقطعت بنا السبل والتقينا في العام الماضي 2019 كأصدقاء، وتحدثنا، لأجده منبهراً بكلّ ما يقوم به الرئيس التركي، ويبرّر القمع الذي يمارسه في حق شعبه، واعتقاله آلاف النشطاء، على اعتبار أنه إن لم يفعل ذلك، فسيقع له كما وقع للرئيس المصري السابق محمّد مرسي.

وتابعت ريم، وهي تعمل في المجال الثقافي: إنّ ذلك الشخص نفسه يظل ينتقد أي انتهاكات قد تحدث لحقوق الإنسان في مصر أو في أي دولة أخرى، ولا يسوق المبرّر ذاته من أنّ النظام يفعل ذلك كي لا يسقط... مشيرة إلى أنها أدركت تناقض الجماعة وعناصرها والمتأثرين بفكرها، حتى لو لم يعودوا عناصر تنظيمية.

انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا

وتُعدّ تركيا من الدول التي تسجل انتهاكات مرتفعة لحقوق الإنسان وقمع الحرّيات، وكان الاتحاد الأوروبي قد وجّه أوّل من أمس إنذاراً إلى تركيا في ذلك الشأن.

وبحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية يرصد حالة حقوق الإنسان خلال العام 2019، فإنّ "حملة القمع ضد المعارضين الحقيقيين والمفترضين استمرّت عام 2019؛ على الرغم من أنّ حالة الطوارئ في البلاد التي استمرت عامين انتهت في تموز (يوليو) 2018. وقد احتُجز آلاف الأشخاص رهن الاعتقال المطوّل والعقابي السابق للمحاكمة، غالباً بدون أي أدلة موثوق بها، على ارتكابهم جرائم غير معترف بها بموجب القانون الدولي".

اقرأ أيضاً: هكذا اخترق الإخوان ملف حقوق الإنسان

وأضاف التقرير: وقد فُرضت قيود شديدة على حقّي حرّية التعبير والتجمّع السلمي، وتعرّض الأشخاص الذين عُدّوا منتقدين للحكومة الحالية ـ لا سيّما الصحفيون والنشطاء السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان ـ للاعتقال، أو واجهوا تهماً جنائية ملفقة. وواصلت السلطات حظر المظاهرات بصورة تعسفية، واستخدام القوة غير الضرورية والمفرطة لتفريق الاحتجاجات السلمية. وقد وردت أنباء تتسم بالمصداقية حول التعذيب والاختفاء القسري. وأعادت تركيا قسراً لاجئين سوريين، في حين ظلت تستضيف عدداً من اللاجئين يفوق ما تستضيفه أيّ دولة أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية