على طريقة الموصل.. أكبر مدن موزمبيق تسقط في يد داعش.. ما القصة؟

على طريقة الموصل.. أكبر مدن موزمبيق تسقط في يد داعش.. ما القصة؟


04/04/2021

بنفس الطريقة التي سقطت بها مدينة الموصل العراقية، سقطت بالما، إحدى أكبر مدن موزمبيق في يد داعش، بعد انسحاب القوات الحكومية بطريقة فجائية، وقيام التنظيم بعمل مذابح لمدة 3 أيام، ما أسفر في النهاية عن سقوط أكبر مدينة للغاز في شمال البلاد.

من الجاني؟

لم يكن ظهور داعش عند مناطق الغاز في موزمبيق، والسيطرة على بلدة بالما المهمة في إقليم كابو ديلغادو الغني، وقبلها المدينة الساحلية "ماسيمبوا دا برايا" الساحلية، التي استولوا عليها في آب (أغسطس) الماضي، ثم جزر الفردوس أو البارادايس، وهو المكان الذي يستضيف مشاهير العالم، وليد اللحظة، بل هو ما أعقب سلسلة من الهجمات المكثفة بدأت منذ ثلاث سنوات في شمال البلاد، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1300 شخص، وهددت خططاً اقتصادية بقيمة المليارات، وتسببت في فرار أكثر من 700 ألف، وخلقت أزمة إنسانية لا مثيل لها في وسط وغرب أفريقيا.

تفيد تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أيه" بأنّ الجماعة التي باتت فرع "داعش" في موزمبيق قتلت 1300 مدني منذ العام 2017، لكن أعمال العنف المرتبطة بتمردها أدت إلى مقتل قرابة 2500 مدني وعنصر في قوات الأمن ومقاتلين من فرع "داعش" نفسه، إضافة إلى تشريد نحو 700 ألف شخص في شمال البلاد.

وأكدت مصادر محلية أنّ داعش هو من وقف وراء كل العمليات الإرهابية في موزمبيق، ووفق صحيفة "الشرق الأوسط" فإنّ التنظيم يعمل تحت اسم جماعة "أنصار السنة" التي شنّت تمرداً ضد الحكومة بدءاً من العام 2017، كما يُعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل "أهل السنة والجماعة" و"سواحيلي السنة" و"الشباب" – والتنظيم الأخير مختلف عن "حركة الشباب" في الصومال، التي انضمت إلى تنظيم "القاعدة" وباتت فرعاً له في شرق أفريقيا.

لم يكن ظهور داعش عند مناطق الغاز في موزمبيق والسيطرة على بلدة بالما وليد اللحظة

في المقابل، انضم "شباب" موزمبيق (أي أنصار السنة) إلى "داعش" وباتوا فرعاً رسمياً تابعاً لقيادته في سوريا والعراق بدءاً من حزيران (يونيو) 2019.

يقود فرع تنظيم داعش في موزمبيق شخص يُدعى "أبو ياسر حسن"، لكن لا يُعرف الكثير عنه، بحسب تقرير لموقع (سايت) المختص في متابعة الظواهر الإرهابية، حيث أكد أنّ عدد عناصر التنظيم التابعين له بلغوا قرابة 800 مقاتل، بعضهم عادوا من سوريا.

وبحسب معلومات "سي آي أيه"، نقلتها صحيفة "الأهرام" المصرية، فإنّ "داعش" ينشط على وجه الخصوص من خلال خلايا ومجموعات صغيرة، وأنّه "أظهر قدرة على حشد عدد كبير من المقاتلين لشن هجمات كبيرة"، وظهرت في صور مقاتليه بعد سيطرتهم على بالما.

لماذا موزمبيق؟

يرى مراقبون للإرهاب في غرب ـفريقيا ومنهم الباحث مصطفى زهران، أنّ "سقوط بالما هو رسالة شديدة اللهجة من زعيم داعش أبو إبراهيم القرشي أنه قادر على السيطرة والانتقال إلى جغرافيا جديدة"، مضيفاً لـ"حفريات"، أنّ "حقول الغاز هي هدف للتنظيم والسبب الرئيسي من أجل الحصول على النفوذ والتمويل".

هنا تجدر الإشارة إلى أنّ نجم هذه الجماعة برز عندما تبنّت هجوماً واسع النطاق ومخططاً بعناية أسفر عن السيطرة لمدة ثلاثة أشهر على ميناء موكيمباوا بإقليم كابو ديلغادو في آب (أغسطس) 2020، لكن اقتحامها بلدة بالما هو ما أجّل السيطرة على منشآت الغاز الضخمة بشمال البلاد، حيث تدير شركة "توتال" الفرنسية مشروعاً ضخماً سقط في أيدي التنظيم، كما سقطت جزر المشاهير بالقرب من شبه جزيرة أفونجي، التي توجد بها منشأة للغاز الطبيعي المسال، وهي واحدة من أكبر المشاريع الاستثمارية الفردية في أفريقيا.

هل يتنامى التنظيم؟

يحيل الخبراء في مكافحة الإرهاب التأثير المتنامي لداعش في وسط وغرب أفريقيا، ومنها موزمبيق، إلى عدد من الأسباب، أهمها تسامح السلطات تجاه النشاط الإجرامي، وتواطؤ وضلوع بعض المسؤولين، واستعداد الحكومات الغربية لدفع الفدية، في ظل ازدهار صناعة الاختطاف والتهريب، وهنا وقع التداخل بين الإرهاب المؤدلج والجريمة المنظمة للبحث عن المال والتمويل، وأفشل ذلك المواجهات العسكرية معها.

لا تخضع مناطق شاسعة من بلدان وسط أفريقيا عملياً لسلطة الدولة

ووفق ما ورد في مجلة السياسة الدولية، فإنّ التداخل العرقي والقبلي أسهم في تعدد التوجهات المتطرفة بين العشرات من القبائل، وهو ما جعل بها تداخل بين ما هو قبلي عرقي وبين ما هو أيديولوجي، وجعلها منطقة بؤرة نشطة ومتنوعة لجماعات جهادية كثيرة اختلفت في الأفكار والأهداف.

يشير آخرون لارتفـاع نسـب الفقـر ما أسهم بقسط وافر في كثير من المشكلات والصراعات السياسية والاجتماعية، وأضعف الحلول العسكرية في موزمبيق، وأدى إلى خلق بيئة لتمدد الإرهاب، وذلك بالتوازي مع اتساع فجوة المعرفة بين مخرجات النظم التعليمية وأسواق العمل وتدهور حقوق الإنسان وقيم العدالة، فضلاً عن تضاؤل فرص العمل والمشاركة بأشكالها السياسية والاقتصادية، إلى جانب تدهور الوضع البيئي، ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي وكثرة الحروب والصراعات والانقلابات العسكرية.

يوضح الباحث الجزائري ياسين شكيمة، في دراسته (الفقر في دول غرب أفريقيا)، أنّ هشاشة بنى المجتمعات والدول، ومنها موزمبيق تسبب في مخاطر انتشار الجهادية، وفي فشل الحلول العسكرية، وذلك بسبب عدم خضوع مناطق شاسعة من تلك البلدان عملياً لسلطة الدولة.

التداخل العرقي والقبلي أسهم في تعدد التوجهات المتطرفة بين العشرات من القبائل

وتعتبر تلك المناطق من أكثر المناطق الفقيرة في العالم والتي يقطنها أغلبية مسلمة إلى جانب وجود حكومات ضعيفة، كما يلعب انعدام وجود هوية وطنية واضحة في دول المنطقة دوراً في هذا الشأن، بحسب الدراسة.

وفي ظل استفحال داعش موزمبيق، فإنّ التمدد الإرهابي قادم في تلك المنطقة الغنية بالنفط والغاز والمعادن الثمينة، والدليل توسعه باتجاه مناطق جغرافية جديدة في وقت تفشل فيه المواجهات العسكرية، وتحتاج أفريقيا إلى حلول جديدة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية