داعش يعود للعراق.. ما علاقة إيران؟.. وهل تنجح الحكومة في ردعه؟

داعش يعود للعراق.. ما علاقة إيران؟.. وهل تنجح الحكومة في ردعه؟


04/02/2021

كثفت السلطات الأمنية في العراق ضرباتها ضد فلول تنظيم داعش الإرهابي على مدار الأيام الماضية، فيما أطلق عليه عملية "أسود الجزيرة"، وذلك رداً على الهجوم الانتحاري المزدوج الذي هزّ ساحة الطيران في العاصمة العراقية بغداد، منذ أسبوعين، وتبنّته داعش بعد خمولٍ استمر لثلاث سنواتٍ.

كثفت السلطات الأمنية العراقية مؤخراً ضرباتها ضد فلول داعش في عملية "أسود الجزيرة"

ووسط إدانات وتحذيرات متتالية من عودة موجات الإرهاب للبلاد، وإشادات عربية ودولية بالجهود التي تقوم بها الحكومة العراقية لمواجهة "داعش"، انطلقت العمليات الأمنية العراقية في عدة محافظات ومدن بالبلاد، ونجحت في اصطياد العشرات من قيادات التنظيم فضلاً عن مقتل قائده أبو ياسر العيسوي بمحافظة كركوك، وسقوط مجموعة من عناصر التنظيم بقبضة الأمن العراقي، لكنّ مراقبين أكدوا أنّ نجاح التحركات الأمنية سيظل رهينة الإصلاح السياسي الشامل بالبلاد، وإقصاء العناصر السياسية المتورطة بدعم التنظيمات الإرهابية، أو العمل لصالح ولاءات خارجية وفي مقدمتها القوى الموالية لإيران.

دور قوي للأجهزة الاستخباراتية

يقول الخبير الأمني العراقي ورئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، الدكتور جاسم محمد، إنّ العمليات النوعية التي نفذتها القوات الأمنية العراقية في البلاد على مدار الأيام الماضية تمت بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وتخطيط مسبق، و"لذلك لم تكن عمليات موسعة بشكل تقليدي بقدر ما كانت محددة الأهداف ومركزة، وتمكنت القوات من خلالها من ضرب مناطق ذات بعد حيوي واستراتيجي لتنظيم داعش"، مضيفاً، في حديثه لـ"حفريات"، أنّ "السلطات الأمنية نجحت في اصطياد مجموعة بارزة من قيادات التنظيم، لعل أبرزهم قائده أبو ياسر العيساوي، الذي قُتل و10 آخرين من العناصر الخطرة جراء غارة جوية استهدفت مكان اختبائهم في محافظة كركوك".

ويتابع الخبير العراقي أنّ "العمليات التي نفذتها القوات الأمنية ضد التنظيم الإرهابي استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، شملت أماكن تواجدهم ونقاط التمركز ومخازن الأسلحة، وجرت بالتنسيق بين الحكومة العراقية والتحالف الدولي لمحاربة داعش، وبدأت الضربات باستهداف عناصر مقربة من زعيم التنظيم وضرب عدة مرتكزات للأسلحة، وصولاً إلى عملية القصف التي استهدفت قائده".

الخبير الأمني العراقي ورئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، الدكتور جاسم محمد

ويرى الدكتور جاسم محمد أنّ حكومة بلاده "تسعى جاهدة في الوقت الحالي لسد الثغرات وتعزيز الأمن في كافة المدن العراقية، كما تعمل بالتوازي على تحجيم نفوذ داعش وضرب قواته"، مشيراً إلى أنّ "هذه العمليات أضعفت التنظيم كثيراً وسوف تؤدي إلى نهايته واقتلاع جذوره، وإن كانت عملياته ماتزال مستمرة خاصة في المناطق النائية والصحراوية البعيدة".

اقرأ أيضاً: العراق يكبد داعش خسائر كبيرة... آخر تطورات الحملات الأمنية

وفي حديثه يشير الخبير العراقي إلى قدرة التنظيم الإرهابي على استغلال المناطق التي تعاني من حالة عدم الاستقرار، وخاصة في البادية ما بين سوريا والعراق والمنطقة الحدودية، لافتاً إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها حكومة بلاده لمراقبة الحدود وحفر الخنادق على بعد عشرات الكليومترات وكذلك إحاطة المنطقة بالأسلاك الشائكة لمنع التسلل أو تهريب الأسلحة، "لكن هذا لا يمنع وجود بعض التسرب؛ لأن الجغرافيا في هذه المنطقة صعبة للغاية وتنظيم داعش، يستغل الجغرافيا المترابطة بين البلدين".

ويقدر الخبير العراقي عدد أفراد التنظيم الذين يتحركون في تلك المناطق وينفذون العمليات الإرهابية بنحو 10 أو 12 شخصاً فقط، مشيراً إلى أنّ "الطبيعة الجغرافية الوعرة قد تصعب على الحكومة إيقاف العمليات الإرهابية التي تحدث على الحدود، بينما ستتمكن من فرض سيطرتها الكاملة على المحافظات والمدن العراقية، إذا استمرت العمليات على هذا النحو".

ويشير الخبير العراقي إلى أنّ العراق يشترك مع سوريا في أربعة معابر حدودية، هي معبر سيمالكا في منطقة الخابور بمحافظة دهوك، ومعبر ربيعة الذي يربط بين محافظتي نينوى والحسكة، إضافة إلى معبر البو كمال - القائم، الذي يربط محافظتي دير الزور والأنبار، ومعبر الوليد - التنف الذي يربط كذلك الأنبار ودير الزور.

معادلة "معكوسة"

وحول أهمية الاستقرار السياسي كركيزة أساسية للأمن في البلاد، يقول الخبير العراقي إنّ "الأوضاع الأمنية وكذلك الاقتصادية ستظل رهينة حال الاستقرار السياسي الشامل في البلاد، والذي من المفترض أن ينعكس على الأوضاع برمتها"، مشيراً إلى أنّ "هناك عناصر فاعلة في العملية السياسية في الوقت الحالي، متورطة بالتعاون مع بعض التنظيمات الإرهابية، أو لديها ارتبطات داخل مجموعات لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية، وكذلك المجموعات الموالية للخارج".

مراقبون أكدوا أنّ نجاح التحركات الأمنية سيظل رهينة الإصلاح السياسي الشامل بالبلاد

ويرى أنّ "المعادلة في العراق "معكوسة"، لأنه عادة كلما ازدهر الوضع السياسي انعكس ذلك بالاستقرار على الوضع الأمني، لكن ما يحدث في العراق هو العكس، وهذا يعني أنّ الأطراف الفاعلة في المعادلة السياسية وخاصة الموالية لإيران لديها تأثير وتدخل في الوضع الأمني، وغير مستبعد أن تكون متورطة في تنفيذ عمليات إرهابية من أجل الإبقاء على الأوضاع الراهنة للحفاظ على مكتسباتهم الحالية".

ويوضح رئيس المركز الأوروبي أنّ "العملية السياسة في العراق، تشهد الكثير من المواجهات، والتي كانت وما تزال تضرب بتداعياتها الوضع الأمني في بغداد والمدن العراقية الأخرى، وبسبب ضعف الحكومة العراقية، وتعدد التهديدات الأمنية، ارتفعت كفة الميليشيات في العراق على حساب الحكومة، فظهرت الرايات والشعارات وصور قادة فيلق القدس وزعماء الميليشيات في شوارع بغداد. ومن يتجول في العاصمة والمدن العراقية يجد صور مقاتلي الجماعات المسلحة والحشد الشعبي، على امتداد الطرق".

ويضيف: "علاقات إيران بتنظيم داعش والقاعدة تثير الكثير من التساؤلات، ويكمن تحالفهما في عداوتهما الظاهرية لأمريكا، واعتبار إيران بوابة العبور من وإلى أفغانستان والعراق وممر لتدوير الأسلحة لداعش. أما مصلحة داعش بعدم مهاجمة المصالح الإيرانية فتكمن في حصول التنظيم على المتفجرات والمواد الإشعاعية لاستعمالها في عملياتهم الإرهابية، وأيضاً مصلحة إيران بإبقاء أمريكا تحت عبء الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة في العراق وفي باكستان وأفغانستان، إذن هنالك مصالح وتوافقات بين الطرفين".

اقرأ أيضاً: ميليشيات إيران تحيل أرض العراق إلى مقابر جماعية

إيران تدعم داعش للضغط على أمريكا

من جهته، يرى الكاتب اللبناني، زياد عيتاني، أنّ "إيران أعادت تنظيم داعش في العراق لتنفيذ عمليات إرهابية تساعدها بشكل كبير على بسط نفوذها بالبلاد، وأيضاً للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي".

ويضيف عيتاني، في مقال نشرته صحيفة "عكاظ": كالعادة يعود الملالي وحلفاؤهم إلى الدفاتر القديمة، وهم العاجزون عن إنتاج أي شيء جديد حتى في التكتيك والاستراتيجية، يحاولون اليوم إعادة مقولة التحالف مع أمريكا ضد إرهاب داعش، إنهم يسعون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إلى أيام كانت شماعة داعش وأخواتها فرصة لهم لتهجير العراقيين وإحراق مدنهم في سبيل بقائهم وبقاء فساد مليشياتهم على مساحة الخارطة العربية والإسلامية في العراق واليمن وسورية ولبنان.

ويتابع: "إنهم يريدون إعادة الاتفاق النووي إلى الحياة عبر بوابة داعش، ساعين خلف حلف جديد مع الأمريكيين على قاعدة، اتركونا نفعل ما نريد لأننا نحارب معكم الإرهاب، قبل دخول بايدن إلى البيت الأبيض وفوزه بالانتخابات الرئاسية ظهر تقرير أمريكي موثق عن العلاقة بين نظام الملالي وداعش، وكيف أنّ هذا النظام جعل من إيران ومناطق نفوذه حاضنة لقيادات التنظيم الإرهابي، إنّها العودة إلى لحظة فرار السجناء الإرهابيين من سجن أبو غريب بإشراف نوري المالكي ورعايته".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية