تعرف على أبرز الطرق الصوفية في مصر

مصر

تعرف على أبرز الطرق الصوفية في مصر


23/09/2018

تمتد الطرق الصوفية في مصر بجذورها إلى القرنين الثالث والرابع الهجري، وباتت من الظواهر الاجتماعية الثابتة التي تنتشر في ربوع البلاد، فغطت مساحتها الجغرافية كلها، حتى اللحظة الراهنة، فلم تكد تخلو قرية أو مدينة من وجود أتباع لهذه الطريقة أو تلك.

بلغت الطرق الصوفية في مصر الـ80 طريقة، إلّا أنّ أغلبها ينبثق، في الأصل، عن 6 طرق كبرى هي: "الرفاعية، والبدوية، والجيلانية، والشاذلية، والخلوتية، والدسوقية"؛ ولذا فهي تتشابه في أورادها، وشروط الانتساب لها، والمواصفات المطلوبة في شيخها، وآلية تولي خلافة الطريقة.

"حفريات" تعرض أبرز الطرق الصوفية:

يرتدي الرفاعية زيّاً أسود، ويشتهرون بالقيام بأفعال يستغربها الكثير، كاللعب بالثعابين

(1) الطريقة الرفاعية

تنسب هذه الطريقة إلى الشيخ أحمد الرفاعي المولود في قرية حسن بالبطائح في العراق، واسمه الحقيقي أبو العباس أحمد بن أبي الحسن البطائحي، المنسوب إلى الإمام موسى الكاظم، أما  أحمد الرفاعي الموجود في مصر فيقول مريدو الطريقة أنه من نسله.

يرتدي الرفاعية زيّاً أسود، ويشتهرون بالقيام بأفعال يستغربها الكثير، كاللعب بالثعابين، وركوب الأُسود، والدخول في النيران المشتعلة دون أن تحرقهم أو تؤثر فيهم، وغيرها من الأمور.

بلغت الطرق الصوفية في مصر 80 طريقة ينبثق أغلبها في الأصل عن 6 طرق كبرى

إلّا أن بعض الباحثين ومنهم الدكتور عامر النجار في كتابه "الطرق الصوفية في مصر" ذهبوا إلى أنّ هذه الأفعال لم تكن معروفة عند الشيخ الرفاعي، لكنها استحدثت بعد وفاته، وأرجعوا السبب في انتشار هذه الأفعال بين مريديه إلى القول بأن الرفاعي كان ممن يعرفون بحنوّه ورعايته للحيوان.

ومن مراسمهم "عدة النوبة"، وهي عبارة عن الدفوف والطبول الأحمدية الكبيرة، يضربونها في ليالي الجمع، ويجتمعون عليها؛ لاعتقادهم أنها تنشط المريدين، وتروّح عن القلوب.

لم يتفرع من الرفاعية في مصر فروع، بل ما يطلق عليه "بيوتات" التي أصبحت تشبه طرقاً صوفية مستقلة بنفسها ولا تنكر جذورها الرفاعية، وتزحف جميعها إلى مولد الرفاعي في القاهرة كل عام لتلتقي هناك.

وشيخ الطريقة الآن هو، طارق الرفاعي، ويبلغ عدد أتباعها 6 ملايين -حسب مصادر الطريقة- ويشكك البعض في هذا الرقم ، ويقولون إنه أقل من ذلك بكثير.

اقرأ أيضاً: حضرة عنايت خان.. ما هو الدين عند الصوفي؟

وتقسم مراتب العضوية في الطريقة إلى مريدين، ولكل مجموعة من المريدين شيخ، ولكل مجموعة من الشيوخ شيخ سلك الطريق من قبل أن يوجههم ويسمى خليفة الخلفاء، ولكل مجموعة من الخلفاء خليفة.

وتبدأ طقوس الانضمام إلى الرفاعية بالبيعة التي يؤديها المريد للشيخ على السجادة، لاصقاً ركبتيه ويقرأ الفاتحة، كما يقرأ عليه الشيخ البيعة، ويطلب منه الاستغفار والتوبة، ويردد المريد خلفه الرضا بمشيخته وإرشاده بطريقة الرفاعي.

التهليل والابتهال

(2) الطريقة البدوية

تنسب الطريقة البدوية إلى الشيخ أحمد بن علي البدوي المولود في مدينة فاس بالمغرب عام 596هـ (1199م)؛ حيث تذكر كتب البدوية أنه نزل مع أسرته مهاجراً من المغرب إلى مكة، إلّا أنه أقام بمصر، وتوفي البدوي في مدينة طنطا بمصر عام 675هـ (1276م)، وهو عند الصوفية أحد الأقطاب الأربعة (إضافة إلى الجيلاني، والرفاعي، والدسوقي).

اقرأ أيضاً: الصوفية في الصومال: قيم روحية وأفكار ثورية مناوئة للاستعمار

البدوية من أكبر الطرق الصوفية في مصر، ولها فروع كثيرة، وشارتها هي العمامة الحمراء، والعلم الأحمر، ويحتفل بمولد الرفاعي في ثلاثة مواسم الأشهر منها في شهر آب (أغسطس)، وتتوافد عليه الجموع من كل أنحاء مصر، ويقيم الأتباع حلقات الذكر، ويطوف الخليفة مع أتباعه المدينة، ويعتبر مولد أحمد البدوي أكبر موالد مصر.

تنتشر الطريقة البدوية في جميع أنحاء مصر، ويوجد في مدينة طنطا (شمال القاهرة) ضريح البدوي، وتقول مصادر الطريقة إن عدد مريديها يتجاوز المليونين، إلا أنّ البعض يشكك في ذلك ويقول إنّ أعدادها أقل من ذلك بكثير، وقد تفرّعت منها طرق كثيرة في مصر أهمها: الشناوية، والمرازقة، والشعيبية، والزاهدية، والجوهرية، والفرغلية ، والإمبابية، والبيومية، والسطوحية، والحمودية، والتسقيانية، والكناسية، والمنايفة، والجعفرية، والجريرية ، والحلبية، والسلامية، والكتانية.

لا يكتسب المريد في "الجيلانية" هذه الصفة إلا بعد "اللقاء" وهو الطقس الرئيسي لهذه الطريقة

(3) الطريقة القادرية "الجيلانية"

مؤسسها هو عبد القادر بن موسى، المعروف بالشيخ عبد القادر الجيلاني أو الجيلي، ولد عام 471هـ (1077م) بجيلان، وهي منطقة في بلاد فارس. ويعتبر الصوفيون أنّ الجيلاني هو أول من نادى بالطرق الصوفية وأسسها، ومن مصنفاته: فتوح الغيب، والفتح الربّاني، والغنية لطالبي طريقة الحق، وجلاء الخاطر.

ويعتقد المتصوفة أنّ انتشار الطريقة القادرية في مصر يعود إلى أحد أبناء عبد القادر الجيلاني، وهو عيسى بن عبدالقادر، صاحب كتاب "جواهر الأسرار ولطائف الأنوار".

تقوم الطريقة على الذكر الجهري في حلقة الاجتماع، والرياضة الشاقة بالتدريج في تقليل الأكل، والفرار من الخلق وسلوكهم، واستحضار جلال الله وعظمته.

تقوم الطريقة على الذكر الجهري في حلقة الاجتماع، والرياضة الشاقة بالتدريج في تقليل الأكل، والفرار من الخلق وسلوكهم، واستحضار جلال الله وعظمته؛ فبذلك تنقمع النفس وتتهذب.

لم يكن للرفاعية في مصر فروع بل ما يطلق عليه بيوتات وتشبه طرق صوفية مستقلة

يؤمن أتباع الطريقة القادرية بعقيدة وحدة الوجود التي يدين بها عامة الصوفية، والاعتقاد بأنه بإمكان الصوفي رؤية الله في الدنيا، وذلك برفع حُجُب الكائنات عن قلبه، وذم الآخرة وطلاّبها، بدعوى أن مقصود الصوفية هو الوصول إلى الامتزاج بالوجود الإلهي.

تتواجد في القاهرة وأغلب محافظات مصر، وتتفرع منها الطريقة الفارضية، وتستمد اسمها من أحد مشايخهم المتأخرين، وهو محمد الفارضي، المتوفى عام 1285هـ، ومقر هذه الطريقة جامع السادة القادرية بالقرافة الصغرى بالقاهرة، والطريقة القاسمية: وهي الأخرى اشتقت اسمها من أحد شيوخها المتأخرين، وهو قاسم بن حمد الكبير، والطريقة الشرعية: واشتق اسمها من استخدام شيخها عبدالمنعم القادري للفظة "الشرعية" في بعض مؤلفاته، والطريقة النيازية: واشتقت اسمها من الشيخ عبالرحمن نيازي، المتوفى عام 1311هـ والذي قدم من تركيا إلى مصر واستوطن بها.

يتجاوز عدد منتسبيها حوالي مليون مريد -حسب مصادر في الطريقة-، ولا يكتسب المريد في الطريقة الجيلانية هذه الصفة إلا بعد "اللقاء"، وهو الطقس الرئيسي من طقوس هذه الطريقة، فلا بد أن يكون هناك لقاء أول بين الشيخ وبين المريد، ويتضمن هذا اللقاء أركاناً خمسة هي: العهد، والاستغفار، والتوبة، والطاعة، والذكر.

الطريقة الشاذلية هي أكبر الطرق المعروفة في مصر

(4) الطريقة الشاذلية

الطريقة الشاذلية هي أكبر الطرق المعروفة في مصر، وتنتسب إلى أبي الحسن علي بن عبدالله بن عبدالجبار الشاذلي، المولود عام 591هـ في غمارة، بالقرب من مدينة سبتة المغربية، ثم انتقل أبو الحسن الشاذلي من شاذلة إلى تونس، فترك تونس وتوجّه إلى مصر ونزل الإسكندرية، وأخذ يدعو إلى التصوف إلى أن مات عام 656هـ، في صحراء عيذاب شرقي مصر، وهو في طريقه إلى الحج.

اقرأ أيضاً: صوفية السودان.. نشر الدين وقيم التسامح والمحبة

مركز الشاذلي الأول هو مدينة الإسكندرية، وطنطا بمحافظة الغربية، ودسوق بمحافظة كفر الشيخ، وأهم فروعها الحامدية، والهاشمية، والفيضية، والجازولية، والجوهرية، والسلامية، والفاسية، والخطيبية، والعفيفية، والمحمدية، والعروسية، والحصافية، وأخيراً طريقة الشيخ علي جمعة "الشاذلية العلية".

ويبلغ عدد منتسبيها مليونين وبضعة آلاف -حسب ما ذكرته مصادر في الطريقة - والانتساب إلى هذه الطريقة كما جاء في كتبها يكون بالأخذ عنهم، "والأخذ" يكون بأخذ المصافحة والتلقين والذكر، ولبس الخرقة الخاصة بهم.

ينتسب الدسوقيون إلى برهان الدين إبراهيم بن أبي المجد المعروف بالدسوقي

(5) الطريقة الدسوقية"البرهامية"

الدسوقيّة إحدى الطرق الصوفية التي تنتشر بشكلٍ خاص في مصر، وتسمى أيضاً "البرهامية"، وقد تفرّعت إلى فروعٍ عديدة، وينتسب الدسوقيون إلى برهان الدين إبراهيم بن أبي المجد المعروف بالدسوقي، وهو عند الصوفية أحد الأقطاب الأربعة (إضافة إلى الجيلاني، والرفاعي، والبدوي)، ويزعم أتباعها أنها خاتمة الطرق الصوفية وأكثرها انتشاراً في جميع أرجاء العالم، ولد الدسوقي في شعبان عام 633هـ، وتوفي في مصر عام 676هـ، وهو كبقية شيوخ الصوفية ينسب نفسه إلى آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإلى أبناء الحسين بن علي -رضي الله عنهما-.

اقرأ أيضاً: الطرق الصوفية في تركيا.. عبادة أم سياسة؟

مركز الدسوقية في مصر مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، ومن فروعها في مصر الشرنوبية، والسعيدية الشرنوبية، والشهاوية، والمجاهدية.

ولم تحدد لنا مصادر الطريقة عدداً معيناً لأعضائها، إلّا أّنها قالت إنه يتجاوز الخمسين ألفاً، أما طريقة الانضمام لها فتتشابه طقوس الانضمام إليها بطقوس الانضمام إلى الطريقة الشاذلية لما بينهم من صلة، فالانتساب إليها يكون بالمصافحة والتلقين والذكر، ولبس الخرقة الخاصة بهم.

تُنسب "الخلوتية" إلى الشيخ محمد بن أحمد الخلوتي

(6) الطريقة الخلوتية

قيل إنها تُنسب إلى الشيخ محمد بن أحمد الخلوتي الذي نشأ في بيت المقدس، لكنه رحل منذ صغره إلى أقطار أخرى كثيرة ليبشّر بدعوته، ويُقال إن الخلوتي كان من أتباع الطريقة السهروردية، وأخذ التصوف عن إبراهيم الزاهد، ثم استقل بطريقته، وتفرغ لجمع الأتباع وتعليم المريدين، ولهذا سميت بالخلوتية نسبة إلى مشايخ الطريقة الخلوتية الذين اشتروا بهذا الاسم؛ لاشتهارهم بتربية المريدين عن طريق الخلوة، وأيضاً نسبة إلى رجالها آل الخلوتي وأشهرهم عمر الخلوتي، ومحمد الخلوتي، وقيل إنها طريقة تركية ازدهرت في مصر إبان القرنين الـ12 والـ13 من الهجرة، وتُنسب في مصر إلى الشيخ مصطفى كمال الدين البكري، المتوفى عام 1162هـ.

اقرأ أيضاً: من هم الأشراف؟ ولماذا يتصارع الصوفية والشيعة والإخوان على اللقب؟

تنتشر في معظم محافظات مصر ومن فروعها؛ السمانية، والضيفية، والغنيمية، والسباعية، والحدادية، والحبيبية، والمروانية، والمسلمية، والمصيلحية، والصاوية، والهاشمية، والقصبية، والشبراوية، والمحمدية، والجنيدية، والعمرانية، والقبيسية، والمغازية، والهراوية الحفنية، والمروانية، والصاوية، والعلوانية، والدومية، والقاياتية، والبكرية، والجودية، والبهوتية، والدمرداشية.

بدأت العزمية بتأسيس شيخها لجماعة آل العزائم عام 1311 هـ الموافق 1893

(7) الطريقة العزمية

أسسها محمد ماضي أبو العزائم، الذي ولد يوم الاثنين 27 رجب 1276هـ الموافق 2/11/1869 في مسجد زغلول برشيد، لأبٍ حسيني وأم حسنية -كما تذكر مصادر الطريقة- وقد عمل بالتدريس، وتدرّج حتى صار أستاذاً للشريعة الإسلامية بجامعـة الخرطوم، ثم أقاله الحـاكم الإنجليزي العام من وظيفته عام 1915م، وأسس الطريقة في عام 1934م.

تعد العمامة الحمراء والعلم الأحمر الشارة المميزة للطريقة البدوية

ترك أبو العزائم كتباً في التفسير، وفي الفقه، وعلم الكلام، والتصوف، والمواجيد وغيرها، وخلفه على الطريقة ابنه أحمد محمد ماضي أبو العزائم، الذي توفي عام 1970هـ، وخلفه ابنه عز الدين أحمد أبو العزائم، وخلف عز الدين أخوه علاء الدين وهو شيخ الطريقة الآن.

بدأت العزمية بتأسيس شيخها لجماعة آل العزائم عام 1311 هـ الموافق 1893، ثم أسس بعد ذلك الطريقة العزمية عام 1353 الموافق 1934، ومقرّها 114 شارع مجلس الشعب بالقاهرة.

والعزمية من الطرق حديثة النشأة بدأت بأبي العزائم (محمد ماضي)، ولا وجود لها قبله، بحسب المصادر التي تعدد أصول الطرق وفروعها وبيوتها، وتنتشر الطريقة العزمية في محافظات مصر، إلّا أنّ مركز ثقلها الرئيسي في العاصمة القاهرة، ولا يتفرّع منها فروع، وتقول مصادر الطريقة إنّ أعضاءها مليون مريد في مصر وحدها.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية