الهجوم على المخرجة نادين لبكي: لماذا تُعادي حركات الإسلام السياسي الفن؟

الهجوم على المخرجة نادين لبكي: لماذا تُعادي حركات الإسلام السياسي الفن؟


23/05/2018

شمولية أفكار حركات الإسلام السياسي في العالم العربي، لا تجعل للآخرين متنفسًا للإبداع إلّا في ظلّهم، فمن وجهة نظر أي منتم أو مناصر لتلك الجماعات، “أي إبداع ثقافي أو فني لا يمكن أن يتم بمعزل عن قانون الجماعة وعقيدتها”، فيما أعينهم تظل تراقب ذلك البعد، لعلمهم بأن الثقافة والفن وحدهما كفيلان بتحرير الفرد.

وبما أن تلك الجماعات والأحزاب الرجعية بعقائدها، قائمة على “السمع والطاعة” دون إفساح الفرصة لأي مساحة من أجل التفكير الحر، فإن الحدّ من الفكر والثقافة والفن أسلوب إستراتيجي لجذب الأنصار والمنتمين، لأن حرية الفكر، وما ينتج عنها من حرية الإبداع، تجعل المرء ينفر من أهم مبادئهم القائمة على “الطاعة” دون إعمال العقل والتفكير.

وترى تلك الجماعات بأن أي إبداع فني أو ثقافي خارج إطارها وعقائدها، هو مثابة تمرّد عليها، ولذلك حاربوا مبكرًا حرية التفكير والرأي، ووصفوا من يفكر ويبدع خارج القطيع، بأنه عميل أو كافر، بل واستخدموا أساليب العنف في قمع من يختلف معهم، خصوصًا إذا كان المختلف قادرًا على الإبداع الحر، مثلما فعلوا قبل عامين مع الكاتب الأردني، ناهض حتر، الذي قاموا باغتياله بسبب نشره لرسم كاريكاتير على صفحته الشخصية في “فيسبوك”!

وكما فعلوا قبله مع المفكر المصري فرج فودة، ومثلما حاولوا اغتيال الأديب الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، عندما قام بطعنه أحد أتباع الجماعات الإسلامية، بسبب رواية “أولاد حارتنا”. وكان قد ثبت بالتحقيقات أن منفّذ الجريمة، لم يقرأ الرواية، وأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب أصلًا!

وهكذا دفعت الجماعات الإسلامية مجتمعاتنا الإسلامية إلى حافة العنف -لدرجة قتل المختلف بالرأي- من خلال التلقين الخاطىء، والتعبئة التحريضية على من يحمل وجهة نظر أخرى.

في الواقع، هذا ما يعيشه لبنان اليوم، بعد فوز المخرجة اللبنانية نادين لبكي بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان “كان” السينمائي، عن فيلمها “كفر ناحوم”، فقد استفز الفيلم جمهور حزب الله اللبناني، الذي ترجمه أنصاره بتغريدات تسخيف للعمل، والحط من قيمة مخرجته.

وبدلًا من أن تصبح لبكي مصدر فخر لكل اللبنانيين، بسبب فوزها بالجائزة، هاجمتها شريحة واسعة من أنصار الحزب ومسؤوليه، تحت مسميات الخيانة.

وانتشرت التغريدات المهاجِمة دفعة واحدة، في خطوة نقلت المعركة السينمائية إلى ساحات التخوين والتكفير والتسخيف، ومهاجمة الفيلم ومخرجته، لا لشيء إلّا لأنها قدمت وجهة نظر تختلف معهم!

وجاءت أول الآراء وأكثرها إثارة للجدل، من كاتبة لبنانية تعتبر من أنصار حزب الله، وصفت به جائزة “كان” بأنها “عار” حملته نادين لبكي، لأنها مُقدّمة من الحلف الصهيو-أمريكي!

وبما يعبر عن رجعية مقيتة، تجاوزها الشعب اللبناني منذ عشرات السنين، انتقدت الكاتبة الإسلاموية نسرين مرعب المخرجة لبكي وجمهورها، قائلة: “ألم يخجلوا من أنفسهم وهم يشاهدون المخرجة اللبنانية نادين لبكي وهي تزغرد بين آلاف الرجال الذين ازدحم بهم مسرح “كان”!

ثم واصلت الكاتبة هجومها، حتى وصلت إلى “شرف” المخرجة، لأن لبكي قامت بعد أن نطقت لجنة التحكيم بخبر فوزها، بتقبيل زوجها أمام الحضور!

ولم تقتصر الآراء المهاجمة على الإعلاميين فحسب، بل دخل إلى خط النقد النائب نواف الموسوي، الذي غرّد قائلًا:

"بلا لبكي، بلا وجع راس : وقت الجدّ ما فيه غير سلاحك بيحميك"

وشبّه النائب عن حزب الله، نادين لبكي كأنها مجندة في حرس الحدود اللبناني، وعقد مقارنة ساذجة بين سلاحها الفني، وسلاح حزب الله الضخم وعتاده… وتناسى النائب أن سلاح لبكي الوحيد هو الفن، وأن الفن مثل الاقتصاد والعلم، كلها وسائل لرفعة شأن الوطن وحمايته.

وردّت المخرجة اللبنانية ديانا مقلد على النائب، مدافعة عن زميلتها التي جرى استباحة وتسخيف إنجازها الفني:

"كتير إلو معنى أن يضيق نائب حزب الله بجائزة نادين لبكي، الحزب يده على السلاح لكن عينه على الآخرين الخارجين عن طوعه والذين لم ولن يعترفوا به إلا كقوة بطش وظلام، وليس من دون دلالة أن هذا الحزب عاجز عن انتاج أي علم أو أدب أو ثقافة أو فن .. سلاحك مقتلك يا سعادة النائب..."

عن "كيوبوست"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية