المساجد المتحركة!

المساجد المتحركة!


28/05/2018

مشعل السديري

سيستطيع مسلمو موسكو إقامة الصلاة لا في المساجد الثابتة القليلة في المدينة فحسب، وإنما أيضاً في مساجد متنقلة... نعم، متنقلة.
وذلك المسجد المتنقل هو عبارة عن «كرفان» – أي حافلة - مجهّزة فيها غرفة للوضوء وقاعة للصلاة تتسع لـ7 - 8 أشخاص.
ويمكن للمسلم أن يستدعي المسجد في أي وقت من أوقات الفروض، حتى لو أراد أن «يتسنن»، فليست هناك أي مشكلة، فما عليه إلاّ أن يتصل بالشركة عن طريق الإنترنت، وما هي إلاّ دقائق حتى تأتيه الحافلة إلى عنوانه في أي مكانٍ يكون هو فيه من العاصمة الروسية، وكله بحسابه.
هذا عن ذلك المشروع في مدينة كبيرة، تُعدُّ مساجدها بالكاد على أصابع اليد الواحدة، ولكن كيف أفهم ما نشرته «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في حسابها، عن صور لمصليات متنقلة في متنزه الخزامي بمدينة سكاكا؟!
ويبدو من الصور وجود مسجد وراء المصليات المتنقلة، وهو ما دعا بعض النشطاء إلى الاستغراب معلقين: «متنقل والمسجد وراكم!!».

المولى عز وجل، قد خففها على عباده، عندما جعل الأرض كلها لهم مسجداً طهوراً

وأضاف فيصل عبد الرحمن قائلاً: هذه طريقة جميلة للترغيب في الصلاة أحسن من مطاردة الناس وتخويفهم، بينما تابع فارس العتيبي قائلاً: «الله يعزكم ويقويكم»، كأنه بذلك يثني على الهيئة ويمتدحها.
والهيئة فعلاً تستحق كل خير، خصوصاً في مرحلتها الأخيرة، التي اتسمت بالكياسة المفرطة.
ولكن لا أدري إلى الآن أيهما الذي قلّد الآخر، ومَن هو الأول الذي تفتقت قريحته عن هذه الفكرة الخلاّقة، هل هي شركة «قازان» التجارية الروسية، أم أنها هيئتنا الموقرة؟!
أما عن تلك الشركة الروسية الذكية، فقد عرفت فعلاً كيف تلعبها «صح» في المكان المناسب وفي الوقت المناسب كذلك، فمعروف أن المتبقي على بطولة كأس العالم في كرة القدم بروسيا هو 19 يوماً من الآن، وسوف تستمر البطولة ما يقارب من شهر كامل، فتخيلوا كم هي أعداد وجحافل المسلمين الذين سوف يتقاطرون على روسيا لتشجيع دولهم، وليس لهم من خيار لأداء صلواتهم، غير الاتصال بشركة «قازان» لتسعفهم بكرفاناتها، أقصد مساجدها.
ولا شك لو أن الله فتح عليَّ وقررت أن أذهب إلى موسكو مشجعاً لفريقنا الوطني السعودي، فمن دون تردد سوف أتصل بالشركة يومياً لتأتيني بالمصلى إلى مكاني حيث أكون – والله يعينني على فتح «محفظتي»، ولكن كله يهون في سبيل أداء فرضي، وتشجيع بلادي – والله يعوّض عليّ ويرزقني من حيث لا أحتسب.
وبعيداً عن أي فلسفة وكلام، فالمولى عز وجل، قد خففها على عباده، عندما جعل الأرض كلها لهم مسجداً طهوراً.

عن "الشرق الأوسط"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية