السوريون يدفعون ثمن الحرب... ماذا سيقدم مؤتمر بروكسل لهم؟

السوريون يدفعون ثمن الحرب... ماذا سيقدم مؤتمر بروكسل لهم؟


28/03/2021

10 أعوام مرّت على الحرب في سوريا، والأزمة السياسية تراوح مكانها، وصوت الرصاص والانفجارات لا يصمت، وسط معاناة السوريين في الداخل والخارج، إمّا بسبب الاشتباكات المسلحة بين الخصوم السوريين، وإمّا بسبب النزوج والإقامة في مخيمات أقيمت هنا وهناك.

القضية الإنسانية للسوريين كانت، وما تزال، الملف الأبرز على طاولة المنظمات العالمية، التي ترى أنّ على الجميع المساهمة بدعم الشعب السوري لكي يتجاوز المحن غير المسبوقة التي جعلته من أكثر شعوب العالم شتاتاً ونزوحاً.

 

منظمة الصحة العالمية تكشف عن تدهور وشبه انهيار كامل لقطاع الصحة السوري بسبب النزاع

 

وفي القطاع الصحي، كشفت منظمة الصحة العالمية أمس عن تدهور وشبه انهيار كامل لقطاع الصحة السوري نتيجة النزاع المسلح.

وقالت رئيسة بعثة منظمة الصحة العالمية إلى سوريا "أكجمال ماغتيموفا": إنّ قطاع الصحة السوري تأثر بشكل كبير بالنزاع، حيث تعمل نصف المرافق الطبية فقط، في حين دمّر النصف الثاني أو بات بحاجة إلى إعادة إعمار عاجلة، وفق ما أورده "مرصد مينا".

وأضافت المسؤولة الأممية: "من الصعب جدّاً علينا مراقبة وتحليل الوضع الوبائي، لأنّ البلد وقطاعه الصحي مرهقان بسبب الصراع المستمر، وقد تفاقم الوضع أيضاً بسبب الجائحة والأزمة الاقتصادية".

وتابعت: "نصف مرافق الرعاية الصحية الأوّلية غير قادرة عملياً على أداء المهام الطبية بشكل كامل، ويمكن لبعض هذه المستشفيات تقديم خدمات محدودة فقط، و25% من العيادات لا يمكنها العمل بسبب الأضرار".

 

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها ستشرف على حملة تطعيم ضد فيروس كورونا في سوريا

 

المسؤولة الأممية ختمت حديثها بالقول: "لديّ أكثر من 20 عاماً من الخبرة الدولية، وسوريا هي البلد الـ10 الذي أتولى متابعته، ولم أشهد مثل هذا الدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية، كما هو الحال في سوريا".

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنّ أكثر من 12 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى رعاية طبية، في ظلّ الظروف الحالية، وترى المنظمة أنّ العمل مع المنظمات غير الحكومية أمر مهم، لأنّ القطاع العام ما يزال غير قادر على التعافي والعمل بكامل إمكاناته.

وفي السياق، أعلنت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء الماضي أنها ستشرف على حملة تطعيم ضد فيروس كورونا في سوريا، يتوقع أن تبدأ في نيسان (أبريل) المقبل، بهدف حصول 20% من السكان على اللقاح بنهاية 2021.

اقرأ أيضاً: عامان على الهزيمة.. ماذا تبقى من "داعش" في سوريا؟

وقالت بعثة منظمة الصحة العالمية في سوريا، وفق وكالة أسوشيد برس: إنّ هناك طريقين سيتم إرسال اللقاحات خلالهما جواً إلى سوريا؛ الأول: من دمشق، وسيغطي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والأكراد، والثاني: عبر الحدود التركية.

وأضافت: إنّ شمال غرب البلاد سيتلقى 224 ألف جرعة من لقاح "أسترازينيكا" من الهند خلال أسابيع قليلة، لتغطي 3% من السكان.

وأشارت إلى أنه سيتمّ تخصيص 912 ألف جرعة لباقي أنحاء سوريا، وستصل عبر دمشق، وستوزع بالأساس على عمال الصحة وكبار السن.

ولفتت إلى أنّ المنظمة ستحتاج تبرعات بقيمة 38 مليون دولار لتطعيم 20% من السوريين.

 

كبار مسؤولي الأمم المتحدة يحثون المانحين الدوليين والدول المجاورة على زيادة المساعدات لملايين السوريين

 

وفي سياق متصل بمساعدة الشعب السوري، حثّ كبار مسؤولي الأمم المتحدة المانحين الدوليين والدول المجاورة على زيادة المساعدات لملايين السوريين المتضررين بسبب الحرب الأهلية، وفق ما نقل موقع "فويس أوف أمريكا".

تأتي هذه المناشدة قبل مؤتمر بروكسل لدعم سوريا الذي سيعقد الأسبوع المقبل في العاصمة البلجيكية.

مع وجود ما يقدر بنحو 24 مليون شخص في سوريا ولاجئين في المنطقة بحاجة إلى مساعدات إنسانية، سيسعى اجتماع بروكسل الوزاري إلى جمع مبلغ قياسي قدره 10 مليارات دولار، ومن هذا المبلغ، سيتم تخصيص 4.2 مليار دولار لأكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا أغلبهم من النازحين.

وسيتم دعم 5.5 لاجئ سوري خارج البلاد في دول المنطقة بمبلغ 5.8 مليار دولار.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في تصريح نقلته وكالة "فرانس برس": إنّ ملايين اللاجئين والمجتمعات التي تستضيف السوريين يدينون ببقائهم على قيد الحياة للدعم المقدّم من قبل المانحين خلال الأعوام الـ10 الماضية من الصراع.  

وقال غراندي: إنّ اللاجئين والمجتمعات المستضيفة يعانون من تدهور الظروف المعيشية والتدهور الاقتصادي، وإنّ جائحة فيروس كورونا أدّت إلى تفاقم أوضاع اللاجئين بعد الزيادة الحادة في مستويات الفقر بين هؤلاء المشرّدين.

 

الأمم المتحدة تحث بريطانيا على عدم تخفيض المساعدات لسوريا في مؤتمر "بروكسل" الأسبوع المقبل

 

وأشار إلى أنّ التقديرات التي رصدت بالتعاون مع البنك الدولي تؤكد وجود مليون لاجئ سوري دخلوا في فقر مدقع، خاصة أولئك الذين يعيشون بشكل خاص في لبنان.

وقال غراندي: إنّ التقديرات الأخيرة تشير إلى أنّ ما يقرب من 90% من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في فقر مدقع بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية الحادة في البلاد.

من جانبه، حذّر مدير برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة أكيم شتاينر من أنّ ضغوط الجائحة على البلدان المضيفة تضاف إلى العبء الهائل الذي تتحمله بالفعل في رعاية اللاجئين السوريين.

اقرأ أيضاً: الخلافات تتسع بين روسيا وتركيا في سوريا... ما علاقة الولايات المتحدة؟

وقال شتاينر: إنّ الفقر وعدم المساواة يتصاعدان في جميع أنحاء المنطقة، وإنّ هذا يضرّ بحياة وسبل عيش اللاجئين والمجتمعات المستضيفة التي تكافح من أجل توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والمياه.

وفي الإطار ذاته، حثت الأمم المتحدة بريطانيا على عدم تخفيض المساعدات لسوريا في مؤتمر "بروكسل" الأسبوع المقبل، محذّرة من تبعات ذلك في زعزعة الاستقرار بالمنطقة، التي ستؤدي إلى نتائج عكسية على البريطانيين، بحسب ما نقلته صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وحذّر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارك لوكوك، أول من أمس، الدول المانحة من خفض المساعدات لسوريا قبل مؤتمر "بروكسل"، وقد طالب منظمو المؤتمر بـ10 مليارات دولار أمريكي، وهو أكبر نداء لسوريا على الإطلاق.

 

موقع "بوليتيكو": موسكو تواصل التحكم بحركة المساعدات الإنسانية للسوريين وتستخدمها أداة ضغط

 

وتابع لوكوك: "يلجأ ملايين السوريين إلى اتخاذ تدابير يائسة من أجل البقاء، وقطع المساعدات الآن من شأنه أن يسهم في زعزعة الاستقرار، بل سيكون خطوة خطيرة في الاتجاه الخاطئ".

وأضاف لوكوك: "قرار الابتعاد عن سوريا اليوم سيعود ليضربنا جميعاً غداً، ففي عام 2014 كان تمويلنا سيئاً، وفي عام 2015 كان هناك نزوح جماعي كبير للناس من سوريا إلى أوروبا".

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن "فصيل الفوعة" الجديد في سوريا؟ وما علاقة الحرس الثوري؟

وقدّمت المملكة المتحدة 300 مليون جنيه إسترليني عام 2020، وكانت قد قدّمت ما يقارب 3.5 مليار جنيه إسترليني بين شباط (فبراير) 2012 وكانون الأول (ديسمبر) 2020.

واستضافت بريطانيا عام 2016 أنجح مؤتمر لأزمة استجابة نظمته الأمم المتحدة على الإطلاق، فقد جمعت 12 مليار دولار أمريكي، و"كان هذا النهج مفيداً للسوريين وللبريطانيين وللعالم، وساعد في تخفيف المعاناة، واحتواء الفوضى وعدم الاستقرار، وفي النهاية حماية الشعب البريطاني"، بحسب لوكوك.

هذا، وكانت رسالة إلكترونية مسرّبة في 6 آذار (مارس) الجاري قد كشفت عن نية الحكومة البريطانية خفض مساعداتها لسوريا والعديد من الدول الأفريقية بأكثر من 60% مستقبلاً، بسبب تداعيات فيروس "كورونا" على الاقتصاد، وأنّ المسؤولين البريطانيين يفكرون في خفض المساعدات لسوريا بنسبة 67%، وللبنان بنسبة 88%.

أمّا فيما يتعلق بروسيا وعلاقتها بهذا الملف في سوريا، فقد قال موقع "بوليتيكو": إنّ موسكو تواصل التحكم بحركة المساعدات الإنسانية للسوريين، وتعتبر المساعدات التي تصل إلى مناطق المعارضة إهانة لحليفها بشار الأسد، وعلى أمريكا فعل شيء لإنهاء تجويع السوريين.

وقال الموقع في تقرير ترجمته "عربي21": إنّ الحرب السوريا المستعصية منذ عقد لم تمنح صنّاع السياسة الفرصة لفرض سياسات تغير من الوضع، لكنّ إدارة جو بايدن لديها في الصيف المقبل هذه الفرصة، لكي تتأكد من تدفق المساعدات الإنسانية دونما معوقات لملايين السكان في شمال سوريا، الذين باتوا بحاجة للمساعدة أكثر من أيّ وقت مضى.

 

برنامج الأغذية العالمي في الأردن يعلن اضطراره لقطع المساعدات عن نحو 194 ألف لاجئ سوري في الأردن بسبب التمويل

 

وأضافت: "إلّا أنّ هذه الفرصة لن تكون مجانية، فعلى الرئيس بايدن، إلى جانب وزير خارجيته أنتوني بلينكن ومديرة يو إس إيد سامنثا باور القيام بجهود صلبة لتغيير الحسابات الروسية من الآن وحتى تموز(يوليو) المقبل، وهذا يعني البحث عن طرق أخرى غير سوريا والشرق الأوسط للضغط على روسيا وزيادة التكاليف المحتملة لقطع الدعم الإنساني عن سوريا".

وعبر قطع المواد الحيوية عن ملايين السكان تريد روسيا تحقيق هدف واحد، وهو إجبارهم على الإستسلام لنظام قصفهم وقتلهم وأغار عليهم واستخدم الغاز الكيماوي ضدهم لعقد من الزمان، وكانت الرافعة لكل هذه الجهود هي مجلس الأمن.

اقرأ أيضاً: "قسد" ترحب بقرار أوروبي عن شمال سوريا... ما علاقة تركيا؟

وتعطي تشكيلة مجلس الأمن لروسيا نفوذاً على المساعدات الإنسانية أكبر من حجمها وما تقدمه من مساهمات، فهي لا تقدم للدعم الإنساني إلّا نسبة 1% مقارنة مع 90% تقدمها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لدى موسكو القدرة على اختطاف القرار وزيادة تدهور الأوضاع الإنسانية، لكنّ أمريكا وأوروبا لديهما نفوذ من خلال عقد لقاءات غير رسمية لمناقشة الظروف الإنسانية وتبادل الرأي في الموضوعات الحساسة.

وقال الموقع: إنه يجب على أمريكا وحلفائها التعاون على مستويات عالية لمنع الصين وروسيا من استخدام الفيتو.

وبالعودة الى موضوع المساعدات الدولية للسوريين، أعلن برنامج الأغذية العالمي في الأردن اضطراره إلى قطع المساعدات النقدية عن نحو 194 ألف لاجئ سوري في الأردن بعد شهر نيسان (أبريل) المقبل، إذا لم يتوفر لديه التمويل الكافي.

وتحدثت مسؤولة الإعلام والاتصال في البرنامج التابع للأمم المتحدة في الأردن دارا المصري، لقناة "المملكة" الأردنية، عن "حاجة البرنامج إلى 72 مليون دولار للـ6  أشهر المقبلة"، مؤكدة أنه إذا ما استمرّ نقص التمويل، فسوف يضطر البرنامج لقطع المساعدات عن بقية اللاجئين المقدّر عددهم بنحو 326 ألف لاجئ، بما فيهم الموجودون في المخيمات، بعد شهر تموز (يوليو) المقبل".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية