التوتر والخوف يخيمان على أردوغان وحزبه... ما علاقة بيان الأدميرالات المتقاعدين؟

التوتر والخوف يخيمان على أردوغان وحزبه... ما علاقة بيان الأدميرالات المتقاعدين؟


05/04/2021

أشعل بيان أصدره 103 ضباط متقاعدين برتبة أدميرال من القوات البحرية التركية، حول اعتراضهم على مشروع "قناة إسطنبول"، حالة من التوتر في أوساط الرئاسة التركية وحكومة حزب العدالة والتنمية.

وأبدى الموقعون على البيان اعتراضهم على مشروع "قناة إسطنبول" الذي يتحمس له الرئيس رجب طيب أردوغان، ومحاولاته طرح دستور جديد للبلاد، وقراره الانسحاب من اتفاقية مجلس أوروبا لحماية المرأة الموقعة عام 2011، وطالبوا الجيش بالحفاظ على قيم الدستور، وفق ما أوردت صحيفة "زمان" التركية.

 

بيان أصدره 103 ضباط متقاعدين برتبة أدميرال من القوات البحرية التركية يشعل حالة من التوتر في أوساط الرئاسة التركية

 

وحذّر الضباط المتقاعدون الحكومة من المساس باتفاقية "مونترو" الخاصة بحركة المرور في البحر الأسود، قائلين: إنه "من المثير للقلق أنّ اتفاقية مونترو قد تمّ فتحها للنقاش في نطاق كل من قناة إسطنبول والمعاهدات الدولية، لقد حمت اتفاقية مونترو حقوق تركيا بأفضل طريقة، ويجب على تركيا أن تحافظ على التزامها باتفاقية مونترو التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية".

وأضاف البيان: "من الضروري أن يحافظ الجيش التركي بجدٍّ على القيم الأساسية للدستور، والتي لا يمكن تغييرها ولا يمكن اقتراح تغييرها. ندين ابتعاد القوات البحرية التركية عن هذه القيم وعن المسار المعاصر الذي رسمه مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، من الضروري تدريب عناصر قيادة القوات البحرية، الذين لهم ماضٍ مجيد ينبثق من حضن الأمّة التركية، والذين هم حماة الوطن الأم والوطن الأزرق، تماشياً مع مبادئ ثورة أتاتورك، نحن نقف إلى جانب البحارة الأتراك الذين يعملون منذ فترة طويلة، والذين يعملون بإخلاص في كل ركن من أركان بلادنا في البحر والبر والجو وفي منطقة الأمن الداخلي وخارج الحدود، والذين يعملون بقلب وروح لحماية حقوقنا".

 

الموقعون يعترضون على مشروع قناة إسطنبول، ومحاولات أردوغان طرح دستور جديد، وقراره الانسحاب من اتفاقية حماية المرأة  

 

وحذّر الأدميرالات المتقاعدون من المساس بالاتفاقية، وخاصة مع استكمال الرئيس التركي ملامح مشروع قناة إسطنبول التي تهدف إلى تقليل المرور في مضيق إسطنبول (البوسفور).

وأكد البيان أنّ المضائق التركية هي من أهمّ الممرات المائية في العالم، مشدداً على أنّ اتفاقية "مونترو" هي الكفيلة بضمان حقوق البلاد فيها بأفضل طريقة.

يُذكر أنّ اتفاقية "مونترو" دخلت حيز التنفيذ عام 1936 بهدف تنظيم حركة مرور السفن عبر المضائق التركية إلى البحر الأسود، وفترة بقائها فيه، وتشمل سفن الدول المطلة عليه، وهي: أوكرانيا، وروسيا، وجورجيا، وبلغاريا، ورومانيا، إلى جانب تركيا، وكذلك الدول غير المطلة عليه.

وقد أثار البيان الغضب في أوساط حكومة أردوغان، وبعث المخاوف من احتمالات عودة المؤشرات على تدخل عسكري في الشؤون السياسية، أو احتمال أن تشهد البلاد محاولة انقلاب جديدة ضد حكم أردوغان، الذي بات يواجه معارضة قوية منذ تطبيق النظام الرئاسي الذي منحه صلاحيات شبه مطلقة عام 2018.

 

القضاء التركي يصدر مذكرات توقيف في حق 10 أدميرالات متقاعدين بسبب الرسالة المفتوحة الموجهة لأردوغان

وفتحت النيابة العامة في العاصمة أنقرة أمس تحقيقاً حول البيان الذي صدر في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس.

وقالت في بيان نقلته وكالة الأناضول الرسمية: إنه سيتمّ التحقيق مع الموقعين على البيان ومن يقفون وراء إعداده وإصداره.

وفي السياق، أصدر القضاء التركي اليوم مذكرات توقيف في حق 10 أدميرالات متقاعدين، بسبب الرسالة المفتوحة التي وقّعها الضباط السابقون، والتي تنتقد مشروع قناة إسطنبول المدعوم من الرئيس رجب طيب أردوغان، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأفاد مكتب المدعي العام في أنقرة أنّ الأدميرالات الـ10 المتقاعدين وُضعوا في الحبس على ذمة التحقيق، ولم يتم توقيف 4 ضباط سابقين آخرين بسبب سنّهم، لكن طلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الـ3 المقبلة.

وضمن ردود الأفعال المستشعرة للخطر، وصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو البيان الصادر عن 103 ضباط متقاعدين برتبة أدميرال بالقوات البحرية التركية بأنه "أسلوب يستحضر انقلاباً".

 

وزير الخارجية التركي: البيان الصادر عن 103 ضباط متقاعدين "أسلوب يستحضر انقلاباً"

 

جاء ذلك في مداخلة هاتفية لتشاوش أوغلو على قناة "أ - خبر" المحلية نقلتها شبكة سي إن إن، قال فيها: "قناة إسطنبول المائية التي تعتزم تركيا فتحها لا تؤثر على اتفاقية "مونترو" (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)، والاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة".

وتابع قائلاً: إنّ البيان "جاء بأسلوب استحضار الانقلابات كما كان في السابق"، ووصفه بأنه "بمثابة مذكرة (عسكرية)"، مؤكداً على أنّ "الذين يقفون وراء البيان لا يعنون منه اتفاقية "مونترو"، وإنما يستهدفون الرئيس أردوغان وحكومته، وتحالف الشعب الذي يضمّ حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية".

أمّا وزارة وزارة الدفاع التركية، فقد قالت في بيانها: إنّ القوات المسلحة لا يمكن أن تُستخدم "وسيلة للجشع والطموح والأهداف الشخصية لمن ليس لديهم أيّ واجبات أو مسؤوليات".

من جهته، شبّه نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي الموقعين على البيان بـ "صفير الجبناء في مقبرة"، وفق "سكاي نيوز".

أمّا رئيس دائرة الاتصالات في رئاسة الجمهورية فخر الدين ألطون، فقد علّق على البيان عبر تويتر قائلاً: "تداعى عدد من المتقاعدين على إصدار بيان أثار حماسة الطابور الخامس فوراً. اجلسوا مكانكم، تركيا القديمة التي تتحدثون عنها باتت من الماضي، تركيا دولة قانون، فمن أنتم، وبأيّ حق تشيرون بأصابعكم إلى إرادة الشعب الشرعية؟ تركيا دولة قانون، لا تنسوا ذلك، ولن تستطيع قوى الوصاية التسبب بأيّ ضرر للديمقراطية".

 

برلمانيان معارضان من حزب الشعب الجمهوري والخير يعلنان تأييدهما لبيان الضباط المتقاعدين

 

وكتب إبراهيم قالين، المتحدث باسم أردوغان، في تغريدة على تويتر: "بيان مجموعة العسكريين المتقاعدين الذي يذكّر بفترة الانقلابات جعلهم يبدون أضحوكة ومثيرين للشفقة".

وأضاف: "عليهم أن يعرفوا أنّ أمتنا الحبيبة وممثليها لن يسمحوا أبداً بهذه العقلية والحماسة للوصاية (العسكرية)".

بدوره، قال رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب عبر تويتر: "أنتج عدد من المتقاعدين، الذين لم يظهروا قَطّ في كفاح البلاد مع الأعداء في الجبهات داخل البلاد وخارجها، أجندة من عندهم ليعملوا على سمسرة الفوضى في البلاد، الشعب البطل دفن كلّ الانقلابيين في التراب في 15 تموز (يوليو) 2016، التعبير عن الرأي يختلف عن الدعوة إلى الانقلاب وإعداد البيانات".

اقرأ أيضاً: استطلاع: انحدار شعبية حزب أردوغان وحليفه... ومطالبات بحل "العدالة والتنمية"

وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم نعمان كورتولموش: "يسعى محبّو تركيا القديمة ونظام الوصاية، عبر بيان مزعوم، إعطاء دروس للشعب في السياسة، لكنّ تلك العهود ولّت... اعرفوا حدودكم، واعلموا أنّ الشعب حمى إرادته الشعبية ودولته وديمقراطيته بعد أن دفع بدل ذلك"، وفق ما أوردت وسائل إعلام محلية.

أمّا وزير الداخلية سليمان صويلو، فقد قال أيضاً عبر تويتر: إنّ "الشعب التركي يحبّ لباس الجيش ويعتبره كرامته، وبعد التقاعد تزداد الكرامة أكثر ويظهر الارتباط بالديمقراطية والدولة والشعب، وكلّ من يحترم هذا يتمّ ذكره بالشكر دائماً... فماذا عن البقية؟". وبادر دولت بهجلي، رئيس حزب الحركة القومية الحليف للحزب الحاكم، إلى الدعوة لتجريد الموقعين على البيان من رتبهم العسكرية ومحاكمتهم.

بالمقابل، أعلن برلمانيان معارضان من حزب الشعب الجمهوري والخير تأييدهما للبيان الجماعي الذي وقّعه 103 من الضباط المتقاعدين، والذي يحمل انتقادت للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

اقرأ أيضاً: أردوغان... يبحث عن الكنز المفقود

وقال البرلماني عن حزب الخير في إزمير آيتون تشيراي: "أضع توقيعي تحت البيان بصفتي ملازماً طبياً، سواء أكان صواباً أم خطأ، كلّ ابن في هذا البلد يعبّر عن أفكاره بحرّية ضمن الدستور والقانون، سنخنق من ينوي الانقلاب باللعاب والبصق، تحيا الديمقراطية، تسقط الانقلابات".

وقال النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري هالوق باشكان: إنه يهنّئ كلّ الضباط الشجعان محبّي الوطن، معلناً تأييده لهم.

وقد أعلنت الحكومة التركية في 27 آذار (مارس) الماضي الموافقة على خطط لتطوير قناة إسطنبول، وفقاً لما أكّده وزير البيئة التركي مراد كوروم، الأمر الذي أثار انتقادات عدة حول تكلفتها وتأثيرها على البيئة. وترفض المعارضة التركية تنفيذ مشروع قناة إسطنبول المائية، الذي تحدث عنه أردوغان للمرّة الأولى عام 2011 ويُعدّ رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، من أشدّ الذين انتقدوا المشروع، بعد أن أكّد خبراء آثاره الخطيرة على البيئة في المدينة التي يقطنها نحو 16 مليون نسمة، ونظّم حملة للدعوة لإلغاء المشروع. ويُعتبر أردوغان من أكبر الداعمين لحفر القناة التي يبلغ طولها 45 كيلو متراً بتكلفة نحو 20 مليار دولار، والتي يسمّيها "القناة المجنونة"، وأعلن أنه سيعاند كلّ الرافضين للمشروع الذي قامت الحكومة بفتح الاستثمار فيه لمستثمرين أتراك وأجانب، وذلك في الأراضي على جانبي القناة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية