البرلماني التونسي زهير المغزاوي لـ"حفريات": الإخوان تربّوا على عقيدة العداء للدولة الوطنية

البرلماني التونسي زهير المغزاوي لـ"حفريات": الإخوان تربّوا على عقيدة العداء للدولة الوطنية


15/02/2021

اعتبر أمين عام حركة كتلة الشعب التونسية، زهير المغزاوي أنّ "تمرير التحوير (التعديل) الوزاري، الذي اقترحه رئيس الحكومة، غلب عليه منطق الإغراء والرشوة السياسية، وأضحى الأمر أقرب إلى العمل على لي ذراع رئيس الجمهورية"، مؤكداً في حواره مع "حفريات"، أنّه "من الصعوبة عدم إدراك خضوع رئيس الحكومة هشام المشيشي، لابتزاز حركة النهضة، وقلب تونس، باعتبارهما قادرين على تأمين النصاب البرلماني الكفيل بمنح الثقة لحكومته".

كان واضحاً منذ البداية أنّ الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي يتصرّف من منطلق تصفية الحسابات

ورأى  النائب التونسي أنّ "هذا التأزيم الذي تقف وراءه حركة النهضة وحلفاؤها، سوف يزيد من توتر المناخ داخل البرلمان، إذ أدرك الجميع، أنّ وجود راشد الغنوشي، على رأس البرلمان، هو أحد أهم عوامل اختلاق الأزمات، وهو ما يفسر ارتفاع الأصوات المطالبة بسحب الثقة منه أكثر من مرة".

 

وأكد المغزاوي أنّ "تصريح رئيس شورى النهضة عن استعداد من سماهم، شباب الحركة وأبناءها، لدعم مجهود المؤسسة الأمنية، في التصدي لما سماه عمليات التخريب والنهب، هو اعتراف ضمني بوجود جهاز موازٍ لدى حركة النهضة، جاهز لمواجهة الخصوم السياسيين، وهو ما حدث بالفعل في مناسبات كثيرة في الماضي".

نص الحوار

أزمة التحوير الوزاري

يرى كثيرون أن إقرار التحوير الوزاري الأخير يدفع تجاه تأزم العلاقة بين مكونات السلطة في تونس، ما السيناريوهات التي تقدرها لمستقبل البرلمان؟

كان واضحاً منذ البداية، أنّ الحزام السياسي الداعم لحكومة هشام المشيشي، يتصرّف من منطلق تصفية الحسابات، والانتقام من الأطراف السياسية التي كانت وراء إسقاط الحكومة، التي حاولت النهضة تشكيلها، غداة الانتخابات التشريعية للعام 2019، إضافة الى استهداف السيد رئيس الجمهورية، الذي أثبت منذ البداية، أنّه لن يكون خاضعاً لابتزاز النهضة.

رئيس الجمهورية أكد منذ البداية رفضه وجود مشتبهين بالفساد أو تضارب مصالح ضمن الحكومة الجديدة

تمرير التحوير الوزاري الذي اقترحه رئيس الحكومة في البرلمان، شابته جملة من الشوائب، وغلب عليه منطق الإغراء والرشوة السياسية، وأصبحت المسألة أقرب إلى العمل على ليّ ذراع رئيس الجمهورية، الذي عبّر منذ البداية عن تحفّظه، بل ورفضه وجود أسماء تحوم حولها شبهات فساد، أو تضارب مصالح، ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، والمشكل أنّ السيّد رئيس الحكومة، سرعان ما خضع لابتزاز حركة النهضة، وقلب تونس على أساس أنّهما قادران على تأمين النصاب البرلماني الكفيل بمنح الثقة لحكومته، وضمان التصويت على خياراتها، وحمايتها من استهداف المعارضة لها، وكذلك تعويضها عن الحاضنة الدستورية والسياسيّة، التي يوفّرها لها رئيس الجمهورية.

وللأسف، السيد رئيس الحكومة لم يقدّر جيّداً مخاطر المرور بقوة ضد القانون، وضد روح الدستور، الذي أثبت رئيس الجمهوريّة، أنّه الأحرص على احترامه، وها هي الأمور تتجه إلى مزيد التعقيد، خاصّة بعد تمسّك رئيس الجمهورية بواجبه الدستوري، بعدم إضفاء الشرعية على من تحوم حولهم شبهات الفساد.

هذا التأزيم المقصود، الذي تقف وراءه حركة النهضة وحلفاؤها، سوف يزيد من التوتر داخل البرلمان، وقد بدأ الجميع يدركون أنّ أحد أهم عوامل التوتر واختلاق الصعوبات، هو وجود راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، على رأس البرلمان، وهو ما يفسّر ارتفاع الأصوات المطالبة بسحب الثقة منه من جديد.

كيف ترى عواقب تحول علاقة رئيس الحكومة برئيس الجمهورية لصالح تحالفه مع حركة النهضة؟

 السيّد رئيس الحكومة، أظهر درجة عالية من عدم الكفاءة، وعدم النضج السياسيين عندما تصوّر أنّ انسياقه وراء الأجندات المشبوهة للنهضة، سيوفّر له الحماية والإسناد المطلوبين لأداء مهامه، وقبوله بأن يكون عصا ترفعها النهضة، في وجه رئيس الجمهورية، يؤكد حقيقة عدم النضج.

السياق الوحيد الذي يسمح بالخروج من هذا المأزق هو اعتراف رئيس الحكومة بالخطأ الذي ارتكبه

هذا الانحراف الخطير الذي قام به رئيس الحكومة، أدى إلى تأزيم أوضاع البلاد، التي تعاني أصلاً من مأزق اقتصادي، واجتماعي وصحي، بالإضافة إلى المأزق السياسي والدستوري، ولا أتصوّر أنّ السيد رئيس الحكومة، لديه من الحنكة السياسية ما يساعده على تجاوز هذه الصعوبات المركّبة.

وما هو سياق الأمان للخروج من الأزمة؟

السياق الوحيد الذي يسمح بالخروج من هذا المأزق، هو اعتراف السيد رئيس الحكومة بالخطأ الذي ارتكبه، عندما قبل بإغراءات حركة النهضة، لتمرير تحويره المقترح بالقوة، وضدّ إرادة رئيس الجمهورية، وجزء واسع من الطيف السياسي الوطني، وذلك إمّا بالتخلي عن التحوير، أو الانسحاب أصلاً من موقعه، خاصّة بعد ثبوت زيف شعارات الكفاءة والاستقلالية والنزاهة، في جزء كبير من حكومته.

 

المعارضة المدنية ومواجهة النهضة

عقب الاحتجاجات الشعبية الأخيرة صدرت تصريحات من رئيس مجلس شورى النهضة فُسّرت بالتحريض على ممارسة العنف ضد المتظاهرين، كيف تقرأ مثل هذا التصريح؟

 ما صدر من تصريحات عن الهاروني، خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة، يكشف بوضوح حقيقة التفكير الإخواني، المحكوم بعاملين رئيسيين: الأول؛ هو معاداة كل أشكال التحرّك المدني، واعتماد كل الوسائل لتشويهه، والثاني؛ هو اللجوء دائماً إلى الصيغ والآليات الموازية، فالحديث عن استعداد من سمّاهم رئيس شورى النهضة، شباب الحركة وأبناءها، لدعم مجهود المؤسسة الأمنية، في التصدي لما سماه عمليات التخريب والنهب، هو اعتراف ضمني بوجود جهاز موازٍ لدى حركة النهضة، جاهز لمواجهة الخصوم السياسيين، وهو ما حدث بالفعل في مناسبات كثيرة في الماضي.

حركة الشعب والكتلة الديمقراطية كيف لهما أن يدعما سياق التنافس السياسي أمام كتلة النهضة؟

الكتلة الديمقراطية من حيث الكم، هي ثاني أكبر كتلة في البرلمان، ومن حيث الكيف هي الأكثر تماسكاً وانسجاماً بين مكوّناتها، والأكثر التزاماً بالخيار الوطني على كل المستويات، ومواقف الكتلة كانت الأكثر وضوحاً، في الاعتراض على الخيارات اللاوطنية واللاشعبية، التي عملت الحكومة وحزامها السياسي على تمريرها، ضمن مشروع ميزانية الدولة للعام 2021، ونجحت الكتلة بالفعل في إسقاط فصل مخصص، لتبييض الفاسدين والمتهربين ضريبيّاً .

وماذا عن العلاقة بين مكوني الكتلة؛ حركة الشعب والتيار الديمقراطي؟

 العلاقة تزداد تناغماً وانسجاماً يوماً بعد يوم، وهو ما يفسّر نجاحها في إجبار رئيس البرلمان راشد الغنوشي، على إصدار بيان إدانة لحلفائه في تيار الكرامة، على خلفية العنف الذي مارسوه، ضد عدد من نواب الكتلة الديمقراطية، الكتلة تنتمي موضوعياً إلى جبهة واسعة تضم: رئاسة الجمهورية، واتحاد الشغل، وطيف واسع من المنظمات والقوى الوطنية، وقد أثبتت الوقائع المتتالية أنّ هذه الجبهة هي الضمان الحقيقي والصلب، ضد مشروع التمكين الإخواني، وكل الأجندات المعادية للمصلحة الوطنية.

الاتحاد التونسي للشغل طرح مبادرة سياسية تهدف إلى خروج تونس من المأزق السياسي الحالي، ما موقف حركة الشعب من ذلك؟

عبّرت حركة الشعب منذ البداية عن دعمها للمبادرة، التي تقدم بها اتحاد الشغل، للخروج من الأزمات التي تعيشها تونس، نتيجة تراكم الفشل الذي خلّفته الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، التي كانت حركة النهضة دائماً مكوناً رئيسياً فيها، أو داعماً أساسياً لها، من موقع ثقة حركة الشعب وتقديرها للدور الوطني التاريخي الذي لعبه الاتحاد، لكن مسارعة رئيس الحكومة الى عرض تحوير وزاري واسع، شمل نصف فريقه الوزاري، كشف عن نية واضحة لدى داعميه السياسيين، للالتفاف على مبادرة اتحاد الشغل، وإفراغها من مضمونها السياسي.

 

هاجم الغنوشي رئيس الدولة واصفاً منصبه بالرمزي، ولكن الرأي العام التونسي، بحسب استطلاعات الرأي، مازال في صف الرئيس، هل تتوقع وجود نية لتعديل الدستور التونسي؟

رئيس البرلمان لم يترك فرصة للتطاول على مؤسسة الرئاسة، وحديثه المتكرر عن دور رمزي لرئيس الجمهورية، يكشف عن فهم قاصر وسوء نية سياسية، ربّما لم ينتبه الى أنّ رئيس الجمهورية الحالي، هو الأكثر قدرة على قراءة الدستور وفهمه نصاً وروحاً، وهو الأكثر إصراراً على احترامه، بحكم تكوينه الأكاديمي في القانون الدستوري.

قيس سعيّد رفض منذ البداية، أن يكون على شاكلة سابقيه، الذين خضعوا لابتزاز النهضة، بسبب مطامع أو طموحات شخصية، فأصبح عرضة لاستهدافها، وسعيها الدائم لمحاصرته، والسطو على صلاحياته، وكل المحاولات التي بذلها الغنوشي للتقليل من شأن الرئيس باءت بالفشل، لسبب بسيط، وهو أنّ السيّد قيس سعيّد، اختار الانحياز إلى شعبه، والوقوف بصرامة في وجه أجندات الفساد والإفساد.

حركة النهضة والأجندة الإقليمية

منذ العام 2011 يرى مراقبون أنّ النهضة فشلت بالاندماج داخل الجسد السياسي في تونس، فضلاً عن تحالفاتها الإقليمية مع تركيا، كيف انعكس ذلك على تونس؟

حركة النهضة شأنها في ذلك شأن كل التنظيمات ذات المرجعية الإخوانية، ليست مؤهلة للعمل السياسي المدني، الذي ينظمه القانون؛ لأنّ الإخوان عموماً لا ولاء لهم إلّا للجماعة، ولا اعتبار لديهم للمصلحة الوطنية، حاولت النهضة في البداية اللعب على وتر المظلوميّة، وما تعرّضت له من اضطهاد على يد النظام السابق، وتحوّلت الآن إلى الترويج لفكرة المؤامرة، التي تحيكها ضدّها أطراف محلية وإقليمية ودولية، والوقائع تثبت يوماً بعد يوم، أنّ التنظيمات الإخوانية هي الأقدر على حياكة المؤامرات ضد شعوبها وأوطانها.

تربّى الإخوان المسلمون على عقيدة العداء للدولة الوطنية، بكل مؤسساتها ومقوّماتها، لصالح المنظومة الموازية، التي تتشكّل من الجماعة وأذرعها وحلفائها، لذلك كان اهتمام النهضة في تونس، بفتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام تركيا، أكثر من اهتمامها بالعمل على ما يحقق الحد الأدنى من المصلحة الوطنية، واستقلالية القرار السياسي الوطني، بل أكثر من ذلك، ذهبت النهضة إلى حد الترحيب بالوجود التركي اللاشرعي في ليبيا، وبالميليشيات والمرتزقة الذين نقلتهم تركيا من شمال سوريا إلى غرب ليبيا، رغم وضوح ما يمثله ذلك من خطر على أمن تونس واستقرارها، ووحدة نسيجها الاجتماعي الوطني، الإخوان سيظلون دائماً محكومين بفكرة الطائفة والجماعة، التي تستبطن معاداة الجميع لها، بما يبرّر لها ممارسة كل أشكال التآمر.

بالحديث عن تعقيدات الوضع في ليبيا كيف يؤثر ذلك على تونس سياسياً واقتصادياً؟

أمن ليبيا واستقرارها من أمن تونس واستقرارها، ونبّهنا الى أنّ وجود تركيا على الأرض الليبية بجنودها ومرتزقتها، سوف يجعل الوضع دائماً على حافة الانهيار، تركيا لا تزال أسيرة أوهام الإمبراطورية العثمانية، وهي تتصوّر أنّ بإمكانها استثمار وجودها في ليبيا أو في سوريا في سياق صراع المصالح بينها وبين الاتحاد الأوروبي.

حركة النهضة شأنها في ذلك شأن كل التنظيمات ذات المرجعية الإخوانية، ليست مؤهلة للعمل السياسي المدني

للأسف هشاشة الوضع السياسي والأمني في ليبيا، سيعطّل المضي في طريق الحل الجذري، لوضعية اللادولة التي يعيشها القطر الشقيق، منذ العام 2011، وتونس دفعت أثماناً باهظة، نتيجة انخراط أطراف تونسية، من بينها حركة النهضة، في تأييد حالة الفوضى في ليبيا، كل العمليات الإرهابية التي حدثت في تونس، منذ العام 2012، كانت تشير مباشرة إلى الحدود التونسية الليبية، وازداد الوضع تعقيداً الآن، بتمركز المرتزقة والميليشيات، التي تدعمها تركيا على الحدود التونسية .


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية