الانتخابات الفلسطينية: هل تحطّم فتح وحماس تشاؤم المراقبين؟

الانتخابات الفلسطينية: هل تحطّم فتح وحماس تشاؤم المراقبين؟


08/02/2021

جاء مرسوم رئيس السّلطة الفلسطينيّة، محمود عباس، بإجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، بداية لمرحلة جديدة لطالما انتظرها الفلسطينيون، منذ أكثر من 14 عاماً، إلا أنّ هذه الانتخابات ينتابها الشكوك في إمكانية إتمامها، لعوامل مختلفة، من بينها؛ الصراعات الداخلية داخل حركة فتح، ورفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة.

وكان الرئيس عباس قد حدّد يوم 22 أيار (مايو) المقبل، موعداً للانتخابات التشريعية، على أن تليها، في 31 تموز (يوليو) 2021، الانتخابات الرئاسية، ومن ثم استكمال المجلس الوطنيّ، في 31 آب (أغسطس) المقبل، وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية.

وجرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية مرَّتين منذ تأسيس السلطة الفلسطينية؛ الأولى كانت عام 1996، ولم تشارك فيها حماس، والثانية، عام 2005، الرئاسية، وفاز فيها محمود عبّاس رئيساً لفلسطين، وانتخابات 2006، التشريعية، وفازت فيها حماس، وإثرها شكّلت الحكومة، التي أقالها "أبو مازن" بعد أشهر من توليها سدة الحكم آنذاك.

رئيس السّلطة الفلسطينيّة، محمود عباس

وأعلنت حركة حماس موافقتها على إجراء انتخابات متتالية "تشريعية، ثم رئاسية، ثم مجلس وطني"، خلال لقاءات إسطنبول بين قيادتَي، فتح وحماس، في أيلول (سبتمبر) الماضي، قبل أن تتراجع الحركة عن قرارها، وتصرّ على ضرورة إجرائها دفعة واحدة، وهو ما رفضته حركة فتح، قبل أن تعود إلى موقفها الأول، لكنّ حركة حماس اشترطت، في رسالة بعثت بها إلى الفصائل الوطنية الفلسطينية، بما فيها حركة فتح، أن ينصّ المرسوم الرئاسي على إجراء انتخابات تشريعية، فرئاسية، فمجلس وطني "بشكل متتالٍ ومترابط"، وذلك خلال ستة أشهر.

استحالة خوض حركتَي فتح وحماس الانتخابات في قائمة مشتركة له أسباب عدّة، أبرزها: الاختلاف على تولي المناصب والمواقع في حال الفوز بالانتخابات

وتشير الإحصاءات إلى أنّ عدد من يحقّ لهم الانتخابات تضاعف عن آخر مرة جرت فيها الانتخابات، عام 2006، وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ إنّه "مع نهاية عام 2020، كان عدد من يحقّ لهم الانتخاب حوالي 2.8 مليون نسمة".

وبحسب ميثاق حركة فتح؛ فإنّها فصيل وطني ثوري يعترف بوجود دولة إسرائيل، وتصنّف على أنّها تنظيم بأفكار يسارية، بينما حركة حماس فصيل إسلامي يقاوم إسرائيل ولا يعترف بها.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتية، أكّد نية حركة "فتح" ترشيح الرئيس محمود عباس لانتخابات الرئاسة، المتوقّع تنظيمها في تموز (يوليو) القادم.

وأفاد إشتية، في مقابلة تلفزيونية، في 21 كانون الثاني (يناير) الماضي، بأنّ "الرئيس محمود عباس هو مرشّح "فتح" للرئاسة، ولدينا إجماع على هذا الأمر".

اقرأ أيضاً: هل تضحّي تركيا بالإخوان وحماس للتقرّب من إسرائيل؟

وتستضيف القاهرة، في 8 شباط (فبراير) الجاري، اجتماعاً للفصائل الفلسطينية، التي سبق أن شاركت في اجتماع الأمناء العامّين، للبدء في حوار وطني شامل، وبحث عدد من القضايا، من بينها الانتخابات الفلسطينية المقبلة.

أمر مستبعد

من جهته، أبلغ أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الخليل، الدكتور عماد البشتاوي، "حفريات": أنّه "في ظلّ وجود سلطتَين في قطاع غزة والضفة الغربية، وانعدام الثقة بين حركتَي فتح وحماس، فإنّ الحديث عن احتمالية خوض الحركتين الانتخابات المقبلة في قائمة مشتركة هو أمر مستبعد، إلا إذا تمّ الاتفاق فيما بينهما على ترتيب أوراقهما، والتي تتعلّق ببعض القضايا العالقة؛ كتقسيم الصلاحيات على الأرض، وغيرها، وهو أمر من الصعب تحقيقه مع رفض حركة حماس المطلق، والتي تضمّ الآلاف من المسلحين في صفوفها، أن تضع سلاحها تحت سيطرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية".

الدكتور عماد البشتاوي

وبيّن أنّ "الانتخابات أشبه ما ستكون "بالكونفدرالية"، من خلال اقتصارها على إيجاد مجلس تشريعيّ يقوم على تولّي الأمور التشريعية والقانونية، وإدارة الملفات الداخلية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تبقى الأوضاع كما كانت عليه سابقاً قبل إجراء الانتخابات، وذلك لإيجاد مخرج للتجاوب مع الضغوط التي فرضت من قبل بعض الدول الأوروبية والعربية على حركتَي فتح وحماس، دون الخروج من المأزق الفلسطيني".

لا ضمانات جدّية

استبعد البشتاوي أن "تشكّل بعض المعيقات الداخلية، وعدم إجراء الانتخابات في القدس، عائقاً أمام استكمال إجراء الانتخابات الفلسطينية"، مبيناً أنّه "في حال صدقت نوايا الطرفين فإنّ جميع العقبات قابلة للحلّ، ومن الممكن مناقشتها خلال حوار القاهرة المقبل لتجاوزها، بينما في حال إصرار الطرفَين على وضع بعض العراقيل الإدارية والقضائية، واتّخاذ الإجراءات الإسرائيلية ذريعة لعدم إجراء الانتخابات، فستتمّ العودة حتماً للمربع الأول، كما كانت عليه سابقاً".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تجمد أموالاً أرسلتها إيران إلى حماس... ما القصة؟

وأوضح أنّ "الانتخابات المقبلة لن تكون مدخلاً جدّياً لإنهاء الانقسام الفلسطيني الحاصل منذ عدة سنوات، طالما لم يجرِ الاتفاق على حلّ القضايا الجوهرية العالقة"، مشيراً إلى أنّ "قبول حماس بإجراء الانتخابات على التتالي، جاء بعد تعرّضها لضغوط إقليمية من قبل قطر وتركيا ومصر وأطراف أخرى، أو نتيجة حصولها على ضمانات بعدم المساس بسلاح المقاومة، واستمرار سيطرتها على القطاع".

أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الخليل، د. عماد البشتاوي لـ "حفريات": مع انعدام الثقة بين فتح وحماس، فإنّ خوض الانتخابات بقائمة مشتركة أمر مستبعد

وبسؤال البشتاوي عن مصير الضمانات العربية والدولية في حال تراجع أيّ طرف من الأطراف عن الانتخابات، أو إذا قرّرت إسرائيل عدم إجرائها، وكيف يمكن الوثوق بالموقف الأوروبيّ والأمريكيّ، بيّن البشتاوي؛ أنّه "لا ضمانات جدّية حول إجراء الانتخابات الفلسطينية المقبلة في موعدها، أو القبول بنتائجها، وخير دليل ما حدث خلال انتخابات عام 2006، والتي نجم عنها فوز حركة حماس بالانتخابات؛ حيث لم تجدِ الضمانات الأمريكية نفعاً لقبول السلطة الفلسطينية بها واحترام نتائجها، وما نتج عنه من حالة التشرذم والانقسام الفلسطينيّ الذي استمرّ لمدة 15 عاماً".

أسباب متعدّدة

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسيّ، فتحي بوزية: إنّ "قانون سانت لوجي يعطي فرصة لكافة الأحزاب، الكبيرة والصغيرة، للتمثيل النسبيّ داخل البرلمان، وهي مأذونية لمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية في الانتخابات المقبلة"، موضحاً "استحالة خوض حركتَي فتح وحماس الانتخابات في قائمة مشتركة لأسباب عدّة، أبرزها: الاختلاف على تولي المناصب والمواقع في حال الفوز بالانتخابات، إضافة إلى عدم جاهزية حركة فتح لخوضها في ظلّ عدم اختيار أسماء قوائمها المنافسة في الانتخابات، وكذلك إمكانية لجوء حركة فتح إلى إقصاء عدد من قياداتها، بالتالي؛ دخولها في صراعات داخلية".

الكاتب والمحلل السياسيّ، فتحي بوزية

وأكّد بوزية، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "القانون الفلسطيني يفرض أن يكون التمثيل النسبي للنساء داخل المجلس التشريعي الفلسطينيّ، بنسبة لا تقلّ عن 30%، وهو ما يجعل من الصعب على حركتَي فتح وحماس الإيفاء به في قوائمها الانتخابية، بالتالي، لن تستطيع الحركتان الحصول على ثلث المقاعد البرلمانية، والتي تقدَّر بـ (40 مقعداً) في الانتخابات المقبلة  للفوز بمقاعد المجلس التشريعيّ".

تأجيل الانتخابات الفلسطينيّة

ولفت إلى أنّ "تغييرات الرئيس الفلسطيني التي قام بها مؤخراً بتعديل قانون السلطة القضائية، وإجراء تغييرات على بعض القضاة قبيل موعد الانتخابات، لا يمكن عدّه مؤشراً لترسيخ مبدأ الدولة العميقة أو للتلاعب بنتائج الانتخابات"، مؤكّداً "حرص الرئيس عباس على إجراء الانتخابات، إلا أنّه لا يخفي أن يتمّ تأجيلها، لضغوط قد تتعرّض لها السلطة الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون.. توتر بين حماس وتركيا ورهانات على التطرف

وعن مصير بعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية التي أعلنت رفضها المشاركة في الانتخابات، ودورها خلال المشهد السياسي المقبل، يقول بوزية: إنّ "حركة الجهاد الإسلاميّ ترفض المشاركة في الانتخابات، كونها ترى أنّ ذلك من شأنه أن يحيدها عن طريق المقاومة، بينما ترى الجبهة الشعبية أنّه من الأولى، أولاً، أن يتمّ الذهاب لترتيب البيت الفلسطينيّ، وإجراء حوار شامل لإنهاء الانقسام، ومن ثمّ الحديث عن إجراء انتخابات، إلا أنّ هذا الموقف قد يتغير وتعلن الجبهة الشعبية مشاركتها في الانتخابات المقبلة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية