الإرهاب غرب أفريقيا.. كيف يمكن مواجهته؟

الإرهاب غرب أفريقيا.. كيف يمكن مواجهته؟


25/09/2019

ماتزال معضلة الإرهاب واحدة من أعقد القضايا التي تواجهها بلدان غرب أفريقيا منذ حقبة ليست بالقصير؛ إذ باتت تحتل المرتبة الأولى في سلّم الأزمات بعد الأزمات الاقتصادية البنيوية ومضاعفات الجفاف والهجرة والاضطرابات السياسية في بعض بلدان المنطقة.

اقرأ أيضاً: حظر الحركة الإسلامية بنيجيريا يكبح جماح إيران في أفريقيا
ولمعرفة الآثار الخطيرة للإرهاب في المنطقة تكفي الإشارة إلى أنّ السنوات الأربع الأخيرة فقط شهدت تنفيذ ما يزيد على 2200 عملية إرهابية، استهدفت بلدان هذه المنطقة المشتعلة من القارة السمراء، على تفاوت بينها. وقد خلّفت تلك العمليات الإرهابية حوالي 11.500 قتيل، علاوة على آلاف الجرحى وعدد كبير من النازحين الذين اختاروا مغادرة أماكن سكناهم خوفاً من تعرضهم لملاحقات الجماعات المتطرفة.

غرب إفريقيا في السنوات الأربع الأخيرة فقط شهد تنفيذ ما يزيد على 2200 عملية إرهابية

وينظر المراقبون إلى منطقة غرب أفريقيا وإقليم الساحل بشكل عام كحالة قياسية لمعرفة توجهات الظاهرة الإرهابية في القارة الأفريقية ومؤشرات نموها؛ ذلك أنّه في العام 2000 لم يكن يوجد سوى تنظيم إرهابي واحد هو الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي انبثقت عن الجماعة الإسلامية المسلّحة الجزائرية التي ظهرت في أعقاب ما سُمّي العشرية السوداء (1991 ـ 2000).
لكن السنوات الماضية شهدت تناسلاً ملحوظاً في عدد وحجم الجماعات الإرهابية المسلّحة، بحيث وصلت اليوم إلى 15 جماعة منتشرة في عدد من المناطق، بيد أنّ جماعة بوكو حرام النيجيرية تعد أكثر الجماعات الإرهابية وحشية في أفريقيا، ويشار إليها باعتبارها التنظيم الأكثر ضلوعاً في الوقوف وراء مئات الهجمات في عدد من المناطق، فقد نفذ هذا التنظيم المسلّح بمفرده ما يزيد على 3400 عملية إرهابية منذ ظهوره إلى اليوم، خلّفت 36 ألف قتيلاً وعشرات الآلاف من الجرحى، علاوة على المختطفين مجهولي المصير إلى اليوم ومئات الآلاف من المهجّرين.

أعلنت القمة الطارئة الأخيرة وضع خطة خماسية لاجتثاث التنظيمات الإرهابية استناداً إلى شراكة أوسع وتعاون أكبر

القمة الطارئة لـ "التجمع الاقتصادي لبلدان غرب أفريقيا" المعروف اختصاراً باسم (صيدياو) التي عقدت يوم السبت 14 أيلول (سبتمبر) الجاري في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، قررت وضع استراتيجية جديدة لمواجهة هذه التحديات الأمنية المتفاقمة وتمكين بلدان المنطقة من الآليات والإمكانيات التي تساعدها على مواجهة الجماعات المسلحة والتنسيق في ما بينها على نحو أنجع. والأمر المثير أنّ القمة الطارئة جاءت بعد أقل من أسبوع على العملية الإرهابية التي نفذتها جماعة بوكو حرام في بوركينا فاسو ذاتها، والتي خلفت مقتل 29 شخصاً، كما لو أنّ الجماعة أرادت توجيه رسالة إلى المؤتمرين مفادها أنّ ظاهرة الإرهاب ستزداد تعقيداً.
الهدف من القمة، كما أعلن عن ذلك في وقت لاحق، كان محاولة تعزيز التعاون العسكري والشراكة الأمنية  بين بلدان مجموعة الخمسة، التي تضم كلاً من: موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وإعادة النظر في التحالف القائم بينها منذ بضع سنوات، مع تخصيص غلاف مالي قدره 900 مليون يورو لسد العجز المالي الذي تشكو منه المجموعة.

اقرأ أيضاً: داعش يستعمل سلاحه الجديد في أفريقيا
وتسعى منظمة (صيدياو) إلى الانخراط المباشر في مواجهة ظاهرة الإرهاب في المنطقة، لكن من دون أن تحل محل مجموعة الخمسة التي كان تشكيلها قبل سنوات قليلة بإيعاز من فرنسا، بعد أن كانت باريس قد قررت الابتعاد عن الملف الأمني في منطقة غرب إفريقيا بشكل تدريجي على أن تعوضها بنية عسكرية وأمنية محلية توضع أمامها الإمكانات الضرورية. وفي هذا الإطار أعلنت القمة الطارئة الأخيرة عن وضع خطة خماسية للفترة ما بين 2020ـ 2024 لاجتثاث التنظيمات الإرهابية المسلّحة استناداً إلى شراكة أوسع وتعاون أكبر.

اقرأ أيضاً: "أشبال أفريقيا" في شباك الإرهاب
غير أنّ الخطط على الورق لا تعني إمكانية التنفيذ. فعلى الجهة المقابلة تشكو مجموعة الخمسة من غياب الإمكانيات اللوجستية والتمويل اللازم لتشكيل القوة العسكرية المشتركة في ما بينها، حسب ما تم الإعلان عنه في الأعوام الأربعة الماضية، زد على ذلك أنّ بلدان المجموعة تشكو من عدم تنفيذ بعض البلدان الأوروبية لالتزاماتها المالية التي تعهدت بها في قمم سابقة، الأمر الذي يتركها فريسة للجماعات المسلّحة التي تستغل الهشاشة وضعف التنسيق وغياب المراقبة المشددة على الحدود؛ حيث تنشط حركة تهريب الأسلحة والمخدرات التي تستغلها هذه الجماعات لتمويل نفسها وإعادة تزييت آلة القتل لديها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية