الإخوان المسلمون: دعوة للحرب الأهلية بتونس وخلافات بليبيا ومؤامرات بفرنسا

الإخوان المسلمون: دعوة للحرب الأهلية بتونس وخلافات بليبيا ومؤامرات بفرنسا


31/01/2021

على إثر سقوطها الأخير في العام 2013، ومع فشلها الذريع في العودة إلى المشهد السياسي، تحاول جماعة الإخوان التسلل عبر الأبواب الخلفية، من خلال تحالفات مشبوهة مع قوى سياسية متواطئة وتابعة، وفي تونس بلغ المشهد السياسي حداً غير مسبوق من الاحتقان، عقب تلويح حركة النهضة بمواجهة المحتجين في الميادين، بينما يحاول الإخوان المسلمون في ليبيا غسل سمعتهم، وممارسة المزيد من المناورات، كما تواصل المؤسسات الإخوانية في أوروبا سعيها نحو تقويض قيم المواطنة، وتكريس النزعة الانفصالية.

العودة من الأبواب الخلفية

احتفت قنوات الإخوان ومنابرهم المختلفة، بتدشين حزب معارض يعمل من الخارج، تحت اسم (أمل مصر)، ونوهت نقلاً عن الناشطة السياسية نانسي كمال، التي جرى اختيارها متحدثاً باسم الحزب، أنّه "يضم مجموعة من الشخصيات الوطنية، وأكاديميين وسياسيين ونشطاء، يمثلون جيلاً جديداً خرج من رحم ثورة يناير"، كما لفتت إلى أنّ الحزب سوف يعمل من الخارج، و"سيكون له مقرات في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وتركيا، على أن تكون عضويته مفتوحة ومتاحة لكل المصريين على اختلاف أطيافهم"!

وأشارت تقارير إلى أنّ الحزب يرتبط بفلول الإخوان في أنقرة ولندن، وخاصّة أيمن نور، الحليف الرئيسي للتنظيم في تركيا، وأنّ شغله الشاغل هو استدعاء التدخل الأجنبي، والاستقواء بالخارج، حيث نظم الحزب المزعوم مؤتمراً صحافياً في العاصمة الأمريكية واشنطن، أعلن من خلاله عن تقديم بلاغ إلى النائب العام، يتهم فيه الرئيس المصري بـ"الخيانة"!

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: تحالفات انتخابية بالعراق وخلافات بين فرعي التنظيم بسوريا وفلسطين

من جهة أخرى، انتقد المتحدث الإعلامي للإخوان المسلمين، طلعت فهمي، قرار نقل أموال 89 من قيادات الجماعة إلى خزينة الدولة، مدعيّاً أنّ ما يجري هو "انتقام من الثورة"! في محاولة مكشوفة لتبرئة جماعة من تهم التربح غير المشروع، وغسيل الأموال، من خلال البحث عن مسارات آمنة جديدة لثروات التنظيم، التي راكمها عبر عقود طويلة.

احتفت قنوات الإخوان ومنابرهم المختلفة بتدشين حزب معارض يعمل من الخارج تحت اسم "أمل مصر"

كما ادعى فهمي أنّ "جماعة الإخوان لا تتلقى أيّ دعم لا من تركيا ولا من قطر، ولا من أيّ دولة أو منظمة على مستوى العالم"! وهو الأمر الذي تفضحه تسريبات وتقارير دولية موثقة، وكذلك الإنفاق الهائل على قنوات الجماعة التي تبث من تركيا.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: إرباك في تركيا وتخبط في المغرب ومناورات في ليبيا والسودان

وبمناسبة مرور عشر سنوات على اندلاع ثورة 25 كانون الثاني (يناير) العام 2011، أصدر الإخوان بياناً تلفيقياً، حاولت فيه الجماعة الالتفاف على رفضها المشاركة في الحدث الثوري، زاعمة أنّ التهديدات الأمنية التى وجهت للتنظيم كانت السبب في عدم الإعلان عن المشاركة، وأنّ شبابها شاركوا رغم ذلك، قبل أن يبرر البيان في سذاجة تخلي قيادات الجماعة عن الثورة، والجلوس مع قيادات نظام مبارك علناً، للتفاوض على المشاركة في الحكم، بينما القتلى والجرحى في الميادين، بدعوى أنّ النظام اضطر "لاستدعاء الإخوان للحوار".

إخوان تونس يذهبون بالبلاد تجاه الحرب الأهلية

في تونس التي تئن تحت وطأة الاستقطاب والاحتقان الشديد، وعلى إثر تظاهرات ليلية عارمة، هدّد عبد الكريم الهاروني، رئيس شورى النهضة، باستدعاء عناصر الحزب الإخواني لمواجهة المتظاهرين، داعياً أبناء النهضة إلى النزول للشوارع ومساندة القوات الأمنية في التصدّي لمن وصفهم بالمخربين، وتابع رئيس شورى النهضة قائلاً: "قمنا بتوجيه الدعوة لمناضلينا ومناضلاتنا، لحماية دولتهم وإعانة شعبهم، حتى لا يتركوا الغاضبين يخربون ما بناه الشعب التونسي ودولتهم الشرعية، دعاة الانفجار، ودعاة الثورة الثانية، ودعاة ثورة الجياع، لم ينجحوا في ذلك"، لافتاً إلى أنّ "المحتجين لا يقلون خطورة عن الإرهابيين".

وأثارت تصريحات الهاروني غضباً كبيراً لدى المعارضة التونسية، والتي اتهمته بالتحريض على تكوين ميليشيات مسلحة، وتمهيد الطريق نحو الاحتراب الأهلي، وهو ما حاول القيادي في الحركة محمد القوماني، نفيه قائلاً: "النهضة ما عندهاش ميليشيات"، محاولاً تبرير تهديدات الهاروني، واستنطاقه بما لم ينطق، حيث كان التهديد صريحاً وكاشفاً عن نوايا النهضة، ويتسق كذلك والبيان الرسمي الذي أصدرته الحركة في أعقاب اندلاع الاحتجاجات، حيث اتهم المحتجون بالتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار، ومحاولة تقويض مؤسسات الدولة.

إخوان ليبيا بين الاستقطاب والتناحر

في ليبيا، تحاول جماعة الإخوان تدعيم ظهيرها الشعبي، بعد هبوط أسهمها في الشارع، ففي محاولة للبحث عن حلفاء جدد، وفي ظل الصراع التنافسي مع التيار السلفي، دعّم الإخوان المسلمون تأسيس المجلس الأعلى للإباضية، من قبل عمداء بلديات المجتمع الأمازيغي، في الغرب الليبي، لاستقطاب الطائفة الإباضية، تحت غطاء مساندة التعدّديّة المذهبيّة، حيث قال القيادي الإخواني ساسي بن يحياتن: "نبارك لإخوتنا الإباضيين في ليبيا خاصّة، وللإخوة الليبيين والأمة الإسلامية عامّة، هذا المولود الجديد، المجلس الأعلى للإباضية في ليبيا جاء، والأمة في أمسّ الحاجة لتوحيد كلمتها"، وظهر أثناء تدشين المجلس عدد من قيادات الإخوان، وعلى رأسهم شعبان أبو ستة، ممثلاً لما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة، الخاضع لسيطرة الإخوان.

أثارت تصريحات الهاروني غضباً كبيراً لدى المعارضة التونسية التي اتهمته بالتحريض على تكوين ميليشيات مسلحة

من جهة أخرى، يبدو أنّ الخلاف قد وصل مداه بين حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للإخوان، ومفتي الإرهاب الصادق الغرياني، بشأن الأوضاع السياسية الراهنة، ومجريات الحوار القائم بين الأطراف الليبية، الذي ترعاه الأمم المتحدة، وأطراف إقليمية أخرى، حيث وصف الغرياني من مقر إقامته في تركيا، ما يجري من حراك بالمؤامرة الدولية ضد الليبيين، وأنّ من يسعى إلى ترميم اتفاق الصخيرات، وما نتج عنه يسعى للإفساد في الأرض، مؤكداً أنّها فتوى شرعية يصدرها، ما أثار استياء الحزب الساعي نحو الهيمنة السياسية من خلال الانتخابات، في محاولة للقفز على كل تناقضاته، وتحالفته المشبوهة السابقة، من أجل غسل سمعته السياسية، ليفاجأ بمفتي التنظيم وقد ورّطه بفتوى، ربما تهيل التراب على آمال الحزب وطموحاته وسعيه نحو التمكين.

وفي بيان يحمل قدراً من السخرية، قال حزب العدالة والبناء إنّ "وصف الشيخ الصادق لما يجري من حوارات ونقاشات بين الفرقاء الليبيين، على كل المستويات، بالفساد في الأرض، وتأكيد كلامه من خلال فتوى صريحة، هو توظيف للفتوى الدينية، لمهاجمة اجتهادات سياسية، ويعتبر الحزب هذا الأمر تحريضاً مباشراً عليه، وعلى أعضائه ويحمله مسؤولية سلامتهم"!

اقرأ أيضاً: جهود إماراتية مكثفة لنزع فتيل التوتر بين السودان وإثيوبيا

وعليه تصبح التجربة السياسية خير كاشف للتلون الإخواني، فالغرياني ذلك الإخواني القطبي الذي طالما وضع فتاواه في خدمة الجماعة، داعياً إلى فتح الأبواب أمام التدخل العسكري التركي، وسفك الدماء بلا رحمة، يدخل أخيراً في خلاف تنظيمي مع الذراع السياسي للجماعة، والتي باتت على شفا السقوط النهائي.

الإخوان في أوروبا شوكة في ظهر المواطنة

في فرنسا، رفضت ثلاث هيئات ضمن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، التوقيع على اتفاق مبادئ تنظيم شؤون المسلمين في فرنسا، بزعم أنّ بعض بنودها "تُضعف أواصر الثقة، بين مسلمي فرنسا والأمة".

سعي لاستقطاب الطائفة الإباضية في الغرب الليبي تحت غطاء مساندة التعدّديّة المذهبيّة

والهيئات الثلاث مقربة من الإخوان المسلمين، ومدعومة من تركيا، وهي اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا، والاتحاد الإسلامي في فرنسا، وحركة إيمان وممارسة، وحرصت الحركات الثلاث على إصدار بيان مشترك، ندّدت فيه بفقرات وصياغات في بنود الاتفاق، في محاولة لتقويض التوافقات، وتعطيل الخطة التي تنتهجها فرنسا لمكافحة الانفصالية الإسلامية.

وفي سويسرا، استعرضت صحيفة "Neue Zürcher Zeitung " الناطقة باللغة الألمانية، كتاب "كيف ندع الإسلام السياسي يخترق المدارس"، للكاتب الفرنسي جان بيير أوبين، والذي يتطرق إلى انتشار الفكر الإسلامي المتطرف في المدارس الأوروبية، مستعرضاً أوجه التطرف الإسلاموي، والذي يغذيه وجود الإخوان، ما يدعم الخطاب الانفصالي، والعنصرية ضد الآخر، وشيوع الكراهية والعنف وإهانة النساء، مؤكداً أنّ "السبب الرئيسي لمشاكل اليوم، في العالم الإسلامي نفسه، هم المتعصبون الدينيون، وتحريض الإخوان المسلمين".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية