اتهامات لحزب الله باختطاف معارضين سوريين وتسليمهم لدمشق

اتهامات لحزب الله باختطاف معارضين سوريين وتسليمهم لدمشق


24/01/2021

في منتصف حزيران (يونيو) الماضي، قال الجيش اللبناني إنه حرر 23 شخصاً سورياً كانوا مخطوفين في بلدة بريتال في وادي البقاع شرقي لبنان، على بعد نحو 20 كلم من الحدود السورية.

وقتل أحد الخاطفيْن في المداهمة التي استهدفت مخبأين، حسبما نقلت "بي بي سي" في حينه عن بيان للجيش الجيش اللبناني.

وكان من بين الأسرى الذين يبدو أنهم احتُجزوا من أجل الحصول على فدية، نساء وأطفال اختطفوا منذ أكثر من أسبوعين.

والمنطقة التي شهدت العملية قريبة من مناطق بعلبك وعنجر ومصانع النبيذ القريبة التي يقصدها السيّاح بكثافة.

وأوضح الجيش اللبناني أنّ وحدة من قوات النخبة هاجمت موقعين مختلفين في بريتال، ما أدى إلى تحرير المخطوفين.

ومجدداً، وقبل أيام قليلة، أعاد بيان أصدره الأمن اللبناني، عن تحرير مخطوف سوري دون القبض على خاطفيه، ملف خطف السوريين إلى الواجهة، في ظل اتهامات لحزب الله بالعمل على تسليم هؤلاء إلى النظام السوري كونهم معارضين، واتهامات أخرى توجه لـ"عصابات محمية" تمتهن الاتجار بالبشر، وفق موقع "الحرة".

منظمة "هيومن رايتس ووتش": تصعّب سياسات الإقامة في لبنان على السوريين المحافظة على الوضع القانوني، ما يزيد خطر تعرضهم للاستغلال والانتهاكات

وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني بياناً أشارت فيه إلى أنّ "عناصر حاجز ضهر البيدر (طريق دولي يربط لبنان بسوريا) تمكنوا من تحرير شخص مخطوف وهو المدعو ع.ب مواليد 2003 سوري الجنسية، كان على متن سيارة في أحد الطرقات الفرعية في محلة المريجات، إلا أنّ السائق ومن كانوا معه تمكنوا من الفرار".

تجار المخدرات وعصابات الجريمة

وأدى الفراغ الأمني، الذي شهدته هذه المنطقة خلال فترة نشر الجيش في مهمات أمنية بين عامي 2011 و2015 على طول الحدود مع سوريا، إلى تمكّن تجار المخدرات وعصابات الجريمة من العمل بحرّية.

واللافت في بيان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني قولها إنّ "سائق المركبة أبرز هوية عسكرية" عند وصوله إلى الحاجز، وهذا ما يربطه المحامي طارق شندب، بملف خطف السوريين وتسليمهم إلى النظام السوري لكونهم منشقين أو معارضين للنظام في دمشق، عبر جهات حزبية قادرة على تزوير واستخدام بطاقات أجهزة أمنية رسمية.

واعتبر شندب، في تصريح لموقع "الحرة"، بأنّ "عملية تسليم المعارضين السوريين لنظام الأسد تشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، لاسيما لوجوب عدم إعادة اللاجئين إلى بلدانهم، ما يرتب مسؤولية قانونية وجزائية على الدولة اللبنانية".

اقرأ أيضاً: لماذا يرفض جمهور "حزب الله" النقد ‏الذاتي؟

وقال إنّ "هذه العملية ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وتم تسليم لاجئين سوريين بإيعاز وتنسيق من بعض الجهات الحزبية، إلى نظام قد ينفّذ إعدامات بحق كل معارض يرسل إلى معتقلاته".

وأضاف أنّ "هذه المنطقة تعتبر إستراتيجية للحزب وحليفيه الإيراني والسوري، وهناك معابر وأنفاق لتهريب أسلحة ومخدرات، أبرزها نفق يربط محافظة البقاع بمنطقة الزبداني في ريف دمشق الغربي"، مضيفاً "من الطبيعي أن يكون الهدف من التهجير هو العمل براحة أكبر وبعيداً عن الأنظار".

الضابط السوري المنشق محمد ناصيف

ويتزامن هذا الحديث، مع إعادة طرح قضية الضابط السوري المنشق، محمد ناصيف، من قبل والدته، التي تؤكّد أنّ ولدها اختطف وسجن في معتقلات حزب الله اللبناني، في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، ومن ثم جرى تسليمه إلى النظام السوري.

وقالت والدة الضابط المنشق، لـ "الحرة"، إنّها "لا تعلم مصير ولدها، لاسيما أنّ المعلومات تتحدث عن تصفية نظام الأسد لجميع الضباط المنشقين المعتقلين لديه"، مضيفةً أنّ "السلطات اللبنانية ألقت القبض على الخاطفين حينها، إلا أنّ القضاء الجزائي في زحلة (شرقي لبنان) أطلق سراحهم بعد التحقيق معهم".

وأوضحت الوالدة أنّ "النقيب ناصيف لجأ إلى لبنان عام 2014 بعد انشقاقه عن الجيش السوري، إلا أنّ عصابة من منطقة مجدل عنجر استدرجته إلى إحدى مناطق محافظة بعلبك  بحجة أنّ حزب الله يتعقّبه".

اتهامات لحزب الله بالعمل على اختطاف وتسليم نشطاء إلى النظام السوري كونهم معارضين، وثمة اتهامات أخرى توجه لـ"عصابات محمية" تمتهن الاتجار بالبشر

وأشار عنصر منشق عن "حزب الله" يعيش في دولة أوروبية، لموقع "الحرة"، إلى أنّه "في كل بلدة جنوبية مخزن للأسلحة، وبين كل ثلاثة منازل موقع عسكري للتخزين"، موضحاً: "بعد مقتل القائد العسكري عماد مغنية عام 2008، وضع الحزب خطة عرفت باسم جهوزية الرضوان لمواجهة العدو في أي وقت على حسب قولهم".

واتهمت والدة ناصيف "حزب الله بالوقوف وراء هذه العملية، وبأنّه قام بسجن وتعذيب ولدها في أحد معتقلاته قبل أن يسلمه إلى دمشق".

وكشف المحامي شندب، الوكيل في هذه القضية، أنّ "الملف القضائي العائد لموكله ناصيف، اختفى بشكل كامل، وذلك بعد اتهام خمسة عناصر حزب الله بحادثة الاختطاف، والذي تم الإفراج عنهم بعد أيام من التحقيق معهم".

ماذا تقول منظمة "منا لحقوق الإنسان"؟

من جهتها، طالبت منظمة "منا لحقوق الإنسان"، مركزها جنيف، في 18 الجاري 2021، فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، بالتدخل سريعاً لمعرفة مصير الضابط ناصيف.

ونقلت المنظمة عن معتقل سابق قوله إنّه رأى ناصيف في "الفرع 235"، المعروف أيضاً باسم فرع فلسطين، في العاصمة دمشق.

وأضافت المنظمة أنّ "على السلطات السورية إطلاق سراح ناصيف، أو على الأقل وضعه تحت حماية القانون، كما على السلطات اللبنانية توضيح ملابسات اختطاف الضابط المنشق وتسليمه قسراً".

في حزيران (يونيو) الماضي، استطاع هادي (اسم مستعار) سوري الجنسية من الاتصال بوالده في السويد، ليُخبره أنه مخطوف وموجود في البقاع. وأبلغ الوالد السلطات المعنية بأنّ ابنه مخطوف، فقامت مخابرات الجيش في 14 حزيران (يونيو) وبعد مراقبة الخط الذي أجرى منه هادي اتصاله، برصده في بلدة بريتال في قضاء بعلبك، حيث داهم الجهاز المنزل الذي رُصد فيه رقم الهاتف.

تحريض اللبنانيين على الثائرين السوريين

ويرى الكاتب اللبناني منير الربيع أنّ ما يريده النظام السوري هو "تحريض اللبنانيين على الثائرين السوريين، وعلى اللاجئين أنفسهم. وهو نجح إلى حد كبير في تحقيق هذا الهدف، خصوصاً وأنّ حليفه الأول، حزب الله، شارك في الحملة العسكرية هناك، وحليفه الثاني، التيار الوطني الحر، تولى دور إشعال الحملة السياسية والطائفية على قضية اللاجئين".

اقرأ أيضاً: الجيش اللبناني.. مخطط حزب الله لآخر معاقل الدولة

 وأراد النظام السوري وموالوه أن يقولوا إنّ مختلف السوريين يندرجون في خانة "الخطر" على الكيان اللبناني ومجتمعه، مع فارق أنّ "النظام" هو الأقوى والأفضل والأقدر على إبرام الاتفاقات أو ضبط الحدود، وأنّ بيده تخريبها أو ترتيبها.

ويعتقد الكاتب اللبناني أنّ ما يجري هو "تمهيد من النظام السوري لخطوات أكبر نحو استعادة هيمنته على الداخل اللبناني، عبر القول للبنانيين: لا يمكنكم ضبط أمنكم وحدودكم ولا وقف التهريب (أو مزاولته) من دون العودة إلى حضني"، ملمحاً إلى أنه "لا يمكن لذلك أن يتم من دون تقديم فروض الطاعة. أولها، زيارة رئاسية رسمية طال انتظارها، وباتت داهمة الآن. وثانيها، ما يحكى عن تطوير التنسيق الأمني بين البلدين، في ملفات اللاجئين أو ترحيل بعض المعارضين وتسليمه إياهم، على شاكلة تسليم جنود منشقين وعائلات إلى المخابرات السورية.

السوريون في لبنان

وأفاد تقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بأنّ هناك أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل لدى "المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (المفوضية) في لبنان. وتقدّر الحكومة أنّ عدد السوريين الفعلي في البلاد هو 1.5 مليون.

وتصعّب سياسات الإقامة في لبنان على السوريين المحافظة على الوضع القانوني، ما يزيد خطر تعرضهم للاستغلال والانتهاكات، ويحّد من قدرة اللاجئين على الحصول على العمل والتعليم والرعاية الصحية.

وأشار التقرير إلى أنّ 73% من السوريين في لبنان يفتقرون إلى الإقامة القانونية ويواجهون خطر الاعتقال بسبب وجودهم غير الشرعي في البلاد.

واتخذ "المجلس الأعلى للدفاع" عدة قرارات ضاعفت الضغط على اللاجئين السوريين في لبنان، بما في ذلك ترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان بطريقة غير شرعية، وهدم مساكن اللاجئين، وحملة ضد العاملين السوريين الذين لا يحملون رُخَص عمل. وفي 26 آب (أغسطس) 2019، قال "الأمن العام" اللبناني إنه رحّل 2,731 سورياً منذ 21 أيار (مايو) 2019، معرّضاً إياهم لخطر الاحتجاز التعسفي والتعذيب. هذه التدابير القسرية تنتشر وسط خطاب كراهية يردده كبار السياسيين الداعين إلى عودة اللاجئين السوريين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية