اتفاق سلام أرمينيا وأذربيجان: ما علاقة فوز بايدن والصفقة بين موسكو وأنقرة؟

اتفاق سلام أرمينيا وأذربيجان: ما علاقة فوز بايدن والصفقة بين موسكو وأنقرة؟


11/11/2020

رغم الهدن التي تمّ التوصل إليها، على مدى الأسابيع الماضية، لوقف القتال في إقليم "ناغورني قره باغ" بين أذربيجان المدعومة من تركيا وأرمينيا المدعومة من روسيا، إلا أنّ تلك الهدن سرعان ما كان يتمّ خرقها، وتنطلق بعدها الاتهامات المتبادلة بين الجانبين حول المسؤولية عن ذلك، وهو ما يشير إلى أنّ جهود الوساطة "التركية- الروسية" لوقف القتال لم تكن السبب الرئيسي للتوصل للاتفاق المفاجئ الذي تمّ الإعلان عن التوصل إليه بوقف القتال بين الجانبين.

لتسارع الواضح في التوصل لاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان وما أسفر عنه يعني أنّ ضغوطاً روسية مورست على حكومة أرمينيا للقبول بالاتفاق

 معطيات كثيرة تؤكد أنّ إثارة الصراع بين أذربيجان وأرمينيا كان في إطار خدمات يقدمها الرئيس أردوغان لأمريكا "ترامب" لمحاصرة روسيا، وبآليات لم تبتعد كثيراً عن مقاربات حروب الوكالة التي تخوضها تركيا وروسيا ضد بعضهما بعضاً في آسيا الوسطى، وفي ليبيا وسوريا، تلك الحروب التي يستهدف أردوغان من ورائها تحقيق استراتيجيته الداخلية، بالتغطية على تفاقم المشاكل والصعاب الاقتصادية، وبما يحقق له استعادة شعبيته في الأرياف التركية "المتدينة"، واستمرار إشغال الجيش التركي في معارك متزامنة وعلى جبهات متعددة في: سوريا، ليبيا، العراق، أذربيجان، البحر المتوسط، إضافة إلى مناطق في اليمن والقرن الأفريقي.

التسارع الواضح في التوصل لاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان، وبإشراف روسي، وتسارع إنزال قوات "حفظ السلام" الروسية في اليوم التالي للاتفاق، وإعلان حكومة أرمينيا بأنها كانت مضطرة لتوقيع الاتفاق، وما تبع ذلك من أحداث شغب تعبيراً عن رفض قبول الحكومة باتفاق وصفه رئيس أذربيجان بأنه "استسلام"، يعني أنّ ضغوطاً روسية مورست على حكومة أرمينيا لقبول الاتفاق.

اقرأ أيضاً: دليل جديد تقدمه أرمينيا على تورط تركيا في صراع قره باغ... ما هو؟

من المرجح أنّ هذا الاتفاق المفاجئ غير بعيد عن مخرجات الانتخابات الأمريكية، بفوز "جو بايدن"، وتموضعات قادمة بين روسيا وتركيا، قاسمها المشترك أنّ موسكو وأنقرة على رأس قائمة الاستهداف الأمريكية الجديدة، وهو ما أكدته تصريحات "بايدن" و"نانسي بيلوسي"، وخاصة تجاه تركيا على خلفية "جرائم الإبادة بحقّ الأرمن" والعثمانية الجديدة ودعم الإرهاب، وما زالت الاتهامات الأمريكية توجّه لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية التي أوصلت "ترامب" للبيت الأبيض، هذه المقاربة تدركها موسكو وأنقرة، وجاء تسارع إنجاز الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان بضغط من روسيا على أرمينيا في إطار موقف روسي قدمته موسكو لأنقرة، في طريق إغلاق هذا الملف، فيما أرادت موسكو توثيق علاقاتها مع أنقرة، في إطار شكوك ومقاربات عنوانها عدم الثقة بسياسات الرئيس أردوغان، واحتمالات أن يضحّي بعلاقاته مع روسيا في إطار تكيفه القادم مع الإدارة الأمريكية الجديدة، علاوة على ما يحققه الاتفاق من توثيق لعلاقات موسكو مع طهران التي أبدت مخاوف من اتساع وتعمق الحرب الأرمينية- الأذرية، وإمكانية وصول نيرانها إلى طهران، ارتباطاً بالديموغرافيا الإيرانية، والضغوطات التي تتعرّض لها من الإيرانيين من أصول أذربيجانية، وخاصة أنّ موقف طهران يؤيد أرمينيا المسيحية، ضد أذربيجان "الشيعية".

من المرجح أنّ الاتفاق المفاجئ غير بعيد عن مخرجات الانتخابات الأمريكية بفوز بايدن وتموضعات قادمة بين روسيا وتركيا

وبالتزامن مع هذه المقاربة، فإنّ هذا الاتفاق المفاجئ يطرح تساؤلات حول الثمن الذي قبضته موسكو من أنقرة مقابل هذا الاتفاق، فقد سبق الإعلان عن الاتفاق المفاجئ مفاوضات مكثفة بين موسكو وأنقرة، وعلى مدى أيام، شاركت فيها القيادات العسكرية والأمنية من كلا الجانبين، أسفرت فجأة عن الإعلان عنه، وهو ما يعني أنّ هناك صفقة تمّت بين الجانبين، ظهر منها الجزء المتعلق بالتزام موسكو بـ"إنقاذ" الرئيس أردوغان من "ورطة" أذربيجان المفتعلة، والتي تفاعلت معها أوروبا وأمريكا "بايدن"، بوصفها حرباً شنّها "أردوغان" في إطار حروبه الدينية، والتي تترجم في فرنسا بصورة "قطع الرؤوس".

 الرئيس أردوغان يملك العديد من الأوراق التي يحتمل أن يكون عقد الصفقة مع موسكو على أساسها، غير أنّ ورقتين هما الأكثر احتمالاً، وهما: الورقة السورية، والورقة الليبية، وإذا كانت الورقة الليبية قد خرجت "نسبياً" من يد أنقرة، استناداً للأوزان النسبية لملفات المنطقة بالنسبة إلى موسكو، فإنّ القضية السورية هي الأهم، وعليه فالمرجح أن تشهد مناطق إدلب تحديداً وأرياف حلب وحماة تطوّرات متسارعة لا يقلّ تسارعها عن تسارع اتفاق "قره باغ"، وباتجاهات ضغوطات من أنقرة على حلفائها، ومواقف جديدة تستجيب لتطلعات موسكو واستراتيجيتها في سوريا، توازي الضغط الذي مارسته موسكو على حكومة أرمينيا.

اقرأ أيضاً: العفو الدولية: أذربيجان تستخدم أسلحة إسرائيلية محرمة ضد أرمينيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية