إيران في 100 سؤال: كتاب يجيب عن صراعات الجمهورية الإسلامية

إيران في 100 سؤال: كتاب يجيب عن صراعات الجمهورية الإسلامية


كاتب ومترجم جزائري
30/05/2018

ترجمة: مدني قصري

يتناول محمد رضا جليلي، الأستاذ الفخري في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف، وتييري كيلنر، المحاضر في قسم العلوم السياسية في الجامعة الحرة في بروكسل، في كتابهما "إيران في 100 سؤال"، التعقيد الإيراني، من خلال الإجابة عن مئة سؤال حول العلاقات التاريخية والمجتمعية والسياسية والثقافية والدينية والجيوسياسية والاقتصادية، والعلاقات بين فرنسا وإيران.

 محمد رضا جليلي

تاريخ نشوء الإمبراطورية

يعود المؤلفان، المتخصصان في الشؤون الإيرانية، في البداية إلى تاريخ بلاد فارس، مُشيرَين إلى أنّ الفرس والميديين، وهم شعوب هندية أوروبية، استقروا عند نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد على الهضبة الإيرانية، ثم نشأت الإمبراطورية الآشميانية الفارسية تحت قيادة كورش الكبير، حوالي 550 قبل الميلاد، وقد عرفت ذروتها تحت داريوس الأول (522-486)، ثم تلتها السلالات البارثية (250 قبل الميلاد إلى 220 بعد الميلاد)، والساسانية (226-641)، ثم الفتح العربي. ثم تأتي الإمبراطورية الصفوية (1501-1722) التي وُصفت بأنّها "معادِلة إقليمياً للإمبراطوريات الفارسية القديمة"، وتميزت الحقبة المعاصرة بخسائر إقليمية (القوقاز وأفغانستان مع خسارة مدينة هرات في عهد سلالة القاجار). لكنّ وصول سلالة بهلوي إلى السلطة، عام 1925، سمح لإيران باستعادة قوتها، في المجالين؛ العسكري والاقتصادي؛ حيث بقي مداها الإقليمي، مع ذلك، هو نفسه كما كان في ظلّ سلالة القاجار.

تييري كيلن

إيران وصراع الحلفاء في الحربين العالميتين

بعد شرح هذا الإطار الإقليمي، يعود المؤلفان إلى اللحظات الرئيسة، أو القضايا التأسيسية لتاريخ البلاد؛ في البداية يأتي ذكر "تراث برسيبوليس" للمرة الأولى، "أعرق العواصم في الإمبراطورية الأخمينية التي كانت تضم أيضاً سوسا، وإيكباتانا وبابل" (صفحة 19)، ثم انهيار الإمبراطورية الساسانية عام 642 خلال الفتح العربي. يثير هذا الحدث مسألة ما إذا كانت إيران قد تم تعريبها، فإذا كانت اللغة العربية قد فرضت كلغة رسمية خلال قرنين من الهيمنة العربية، فإنّ اللغة الفارسية التي تغيّرت بحكم الاتصال بالعربية، يعود استعمالها مرة أخرى ابتداء من القرن التاسع، ثم يناقش المؤلفان مسألة الحدود، ويُذكران بأنّ التكوين الحالي لإيران "هو نتيجة لتوازن القوى مع جيرانها، خاصة الإمبراطوريات الروسية والعثمانية والبريطانية، التي انهارت جميعها في القرن العشرين. وبعبارة أخرى؛ فإنّ إيران اليوم بلد قديم، محاط بدول شابة، كلّها منبثقة عن تحلل واحدة، أو أكثر، من الإمبراطوريات الثلاث المجاورة" (صفحة 25). وضمن هذا التشكيل الجغرافي، يتم التذكير بأثر الحرب العالمية الأولى على إيران: "تصبح البلاد ساحة معركة جديدة بين المُعسكرين" (صفحة 28)، أي بين العثمانيين/ الألمان، والبريطانيين/الروس. وبالمثل، يستعرض المؤلفان فترة الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى الرهان الذي يمثله الإقليم بالنسبة إلى الحلفاء (قنوات الاتصال ونقل النفط).

الأزمة الأولى للحرب الباردة

في هذا السياق، يُذكّر المؤلفان بأنّ المؤتمر الأول الذي جمع الحلفاء، تشرشل وروزفلت وستالين، تم تنظيمه في طهران في الفترة من 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، إلى 1 كانون الأول (ديسمبر) 1943، ثم يحلل المؤلفان كيف، بسبب وجود قوات الجيش الأحمر التي تأخر انتشارها، انفجرت "الأزمة الأولى للحرب الباردة" (صفحة 41) مع "قضية أذربيجان". وأخيراً، يحلّل المؤلفان أزمات رئيسة أخرى: عملية أياكس، وهي العملية التي قادتها وكالة الاستخبارات المركزية، وMI6، بهدف الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني مصدق، الذي قرّر تأميم النفط الأنجلو-إيراني، وهي شركة نفط بريطانية، ثم الثورة الإسلامية 1978/1979، وعملية رهائن موظفي السفارة الأمريكية الذين تم اختطافهم عام 1979، ثم الحرب العراقية الإيرانية (1980-1989)، ثم إيران غيت.

يثير المؤلفان قضية الفساد

المجتمع والسياسات الديموغرافية

في البداية، يثير المؤلفان قضية الفساد، والتي تؤثر في رأيهما على المجتمع على مستويات عديدة، وتطال حتى بعض الشخصيات السياسية العالية جداً، و"تفسد الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد" (صفحة 63). ثم تأتي مسألة معدل المواليد، وهنا يستعرض المؤلفان السياسات الديموغرافية المختلفة المطبقة في إيران، من أجل تنظيم معدلات المواليد، التي تعدّ، وفق الأزمنة، إمّا عالية جداً، أو منخفضة جداً، وعام 2011، بلغ عدد سكان البلاد 75 مليون نسمة، وفي تصريحات عديدة أعرب الرئيس أحمدي نجاد (عام 2010)، والمرشد (عام 2012) عن أسفهما لسياسات تحديد النسل في التسعينيات.

المرأة والفجوة بين الجنسين

الهدف، وفق الرئيس السابق أحمدي نجاد، هو الوصول إلى 150 مليون شخص، ثم يطرح المؤلفان قضية وضع المرأة؛ حيث يشيران إلى أنّ الفجوة العالمية بين الجنسين، في المنتدى الاقتصادي العالمي ( Global Gender Gap du World Economic Forum)، في تقريرها السنوي لعام 2013، صنفت إيران في المرتبة 130 من بين 136 دولة تم استعراضها، وفي تقريرها لعام 2015 ، كانت رتبتها 141 من أصل 145 دولة، ويذكّران بأنّ قانون حماية الأسرة لعام 1967، الذي يمثل مرحلة أساسية لحقوق المرأة، قد ألغِي في 26 شباط (فبراير) 1979، وفي كانون الأول (ديسمبر) 1979، تمّ تبني دستور الجمهورية الإسلامية، الذي تم فيه تعريف "أهمية المرأة، ليس كفرد، ولكن وفق وضعها كأم، والذي هو، وفق النص "مهمّتها الرئيسة".

في كانون الأول العام 1979 تبنت الجمهورية الإسلامية دستوراً يعرف أهمية المرأة وفق وضعها كأم وليس كفرد

وهناك بنود أخرى "تؤيد بالفعل الوضع القانوني الأدنى للمرأة المنبثق من الشريعة" (صفحة 73). وفي هذا السياق تطالب النساء بتحسين وضعهن، بما في ذلك نساء "من الدوائر الإسلامية القريبة من السلطة"، وهو ما كشف عن "ظاهرة غير مسبوقة ألا وهي النسوية الإسلامية" (صفحة 75).

نضال المرأة ومسألة المثليين والمخدرات

النساء يتجندن أيضاً سياسياً، كما حدث عام 2009، أثناء الحركة الخضراء، وترتبط مسألة وضع المرأة هذه بمسألة حقوق الإنسان، سواء الحقوق السياسية أو الحريات الفردية، وهي مسألة تناولها أيضاً المؤلفان؛ حيث يذكران في هذا الصدد التحسينات/ والتدهورات التي حدثت في عهد رئاسة خاتمي وأحمدي نجاد وروحاني، كما يناقش المؤلفان مسألة المثلية، وتغيير الجنس، فضلاً عن مسألة تعاطي المخدرات، التي تستهلك كثيراً في إيران، والتي يعود استخدامها القديم إلى الألف الثانية قبل الميلاد. لكن، رغم أنّ تهريب المخدرات يلقى قمعاً شديداً، فإننا اليوم نشهد "انفجار الإدمان الذي يبدو كعرَض من أعراض الفشل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وعلامة على يأس السكان، خاصة بين الشباب" (صفحة 92)، ثم يتساءل المؤلفان عن أسباب "توعّك الشباب الإيراني".

ترتبط مسألة وضع المرأة بمسألة حقوق الإنسان سواء الحقوق السياسية أو الحريات الفردية

معاناة الشباب الإيراني

وبالإشارة إلى الصعوبات الاقتصادية والبطالة التي يواجهها الشباب اليوم في العديد من البلدان، يذكر المؤلفان خصوصية الشباب الإيراني، الخاضع قسراً للإيديولوجية المفروضة عليهم، وكل المحظورات التي تدفعه إلى الشعور بالمرارة والغضب" (صفحة 99). الشباب يتحايل على هذه المحظورات بحركات "سرية"، بينما يلجأ آخرون إلى المنفى، كما يطرح المؤلفان مسألة وجود مجتمع مدني في إيران، يقول المؤلفان: "إذا كنا نعني بـ "المجتمع المدني": مجموعة من الهياكل أو المجموعات التي تشكلت خارج الدولة والمجال التجاري، فهناك مجتمع مدني في إيران" (صفحة 102)، لكن هذا المجتمع لا يستطيع التعبير عن نفسه كما يودّ، في ظلّ "سيطرة رجال الدين في السلطة وتأثير جهاز الدولة"، غير أنّ حلقة حزيران (يونيو) 2009، أثناء إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل، تُظهر بوضوح أنّ هذا المجتمع المدني ما يزال قادراً على التعبير عن نفسه، وهناك جانب آخر من هذا الفصل حول المجتمع الإيراني، يناقش فيه المؤلفان حركات السكان، سواء وصول اللاجئين الأفغان إلى إيران بعد الغزو السوفييتي عام 1979 (2.5 مليون)، أو رحيل الإيرانيين (اللجوء السياسي) نحو الخارج، منذ أحداث حزيران (يونيو) 2009، وهذا الشتات الإيراني يقيم في دول الخليج وتركيا وإسرائيل (لليهود من أصل إيراني)، والولايات المتحدة وكندا وغرب أوروبا. وفي ختام هذا الفصل، يتناول المؤلفان مسألة وسائل الإعلام الإيرانية والإنترنت.

النظام السياسي

يَستحضِر كلٌّ من محمد رضا جليلي وتييري كيلنر طبيعة السلطة الإيرانية "الثيوقراطية"؛ حيث تمارَس السلطة، التي يفترَض أنه تنبثق من الله، من قِبل أولئك الذين يستثمرون السلطة الدينية؛ أي رجال الدين، تلك السلطة المزوّدة بدستور، ووفق نظرية ولاية الفقيه "وصاية الفقيه اللاهوتي"، فإنّ مرشد الثورة هو "حجر الزاوية" في النظام السياسي الإيراني، وبموازاة ذلك، ينتخَب رئيس للجمهورية بالاقتراع العام لمدة 4 أعوام، ويجب أن يوافق على ترشيحه مجلس الأوصياء المكوّن من 12 عضواً يختارهم المرشد.

هيمنة المرشد على كافة السلطات

غير أنّ الرئيس المنتخب ليس رئيس الدولة؛ بل هو رئيس جزء من السلطة التنفيذية (وهو يرأس مجلس الوزراء على وجه الخصوص، وأما وزراؤه فيمكن أن يعزلهم البرلمان، ويمكن هو نفسه أن يكون موضوع تصويت على حجب الثقة منه من قبل البرلمان). بالتالي، فإنّ رئيس الدولة هو مرشد الثورة، والذي يُنتخب نظرياً من قبل جمعية من الخبراء من 86 من رجال الدين، كان أوّل مرشد هو آية الله الخميني (توفَّى في 3 حزيران (يونيو) 1989) وخليفته، الذي اختاره الأخير، هو علي خامنئي، الذي كان رئيساً للجمهورية آنذاك (1981-1989).

إنّ المرشد الذي يتم تعيينه مدى الحياة "يهيمن على السلطة القضائية، ويشرف على السلطة التنفيذية، (...) وهو قائد القوات المسلحة وجميع القوى الأمنية، (...) وهو الذي يرسم المبادئ التوجيهية للسياسات الداخلية والخارجية للنظام" (صفحة 135).

الباسدران وتقييد السلطة التشريعية

أما بالنسبة إلى السلطة التشريعية، فهي في يد البرلمان؛ أي المجلس، والذي يتألف من 290 عضواً ينتخَبون بالاقتراع العام، وهو المجلس الذي يتناول المؤلفان تعقيد عملية الترشيح فيه، وعلى وجه الخصوص الدور الحاسم لمجلس الحرس الثوري الذي "يُقيّد السلطة التشريعية" (صفحة 136). "في النهاية، البرلمان، الذي ليس غرفة تسجيل، لا يملك إلا صلاحيات محدودة للغاية"، وعلى هذا النحو يتم التحكم في العديد من مجالات الأنشطة، وهي في العادة من مسؤولية الدولة، من خلال الحرس الثوري، أو الباسدران، الذي يتمثل دوره، وفق المادة 150 من الدستور، في "حماية الثورة ونتائجها"، وهو "أقوى منظمة عسكرية في البلاد" (صفحة 141)، والمحاكم الثورية، و"مكتب المرشد" في كلّ وزارة ومحافظة.

هيمنة المحافظين

يتم التركيز على دور المرشد في عملية صنع القرار، بالنظر إلى الأطراف الفاعلة السياسية الأخرى، وعلى دوره كمُحكّم. ومن حيث القوى السياسية، فلا يوجد في إيران سوى الحركة الإسلامية: الإصلاحيون (أنصار الرئيس السابق خاتمي)، والحركة الخضراء، وهنا يتساءل المؤلفان حول أسباب ولادتها وحول وضعها الحالي، والمحافظون، والتيارات السياسية الأخرى فقد تم إقصاؤها، لكن منذ عام 2009، تم أيضاً إقصاء الإصلاحيين، واليوم المحافظون فقط هم المتواجدون، ويشرح المؤلفان في هذا الصدد أنّ الرئيس روحاني يقدم نفسه على أنّه معتدل وليس مصلحاً، وأخيراً، هناك حركات معارضة خارج إيران، لكنّها تتميز بتنوعها وانقساماتها.

بانوراما الأدب الإيراني عبر أكثر من 1000 عام

إنّ السينما والنجاح الذي تحظى به، بفضل "الموهبة، والأصالة، والجودة، والعمل الفني، وأيضاً بفضل البعد العالمي للرسالة التي تقدمها"، الموضوع الأول الذي يناقشه المؤلفان في هذا الفصل؛ إذ يقدّم المؤلفان أمثلة عن الأفلام الإيرانية، وعروضها في المهرجانات، بما في ذلك مهرجان كانْ السينمائي، على الرغم من الرقابة التي تواجهها، بعد ذلك يتم استعراض مسألة الفن المعاصر؛ حيث يذكر المؤلفان أنّ أصوله تعود إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، لكنّ مقتنيات هذا الفن لم يتم عرضها من جديد إلّا عام 2005، بمبادرة من مدير متحف الفن المعاصر في طهران، وعلى المستوى الدولي، شهد عام 2000 نجاح الأعمال الفنية الإيرانية، خلال المعارض التي نُظمت في لندن وباريس ونيويورك ودبي، ثم قام المؤلفان برسم بانوراما الأدب الإيراني الذي "عمره أكثر من 1000 عام، وهو ذو ثروة كبيرة" (صفحة 170)، ويشمل الأعمال السياسية والشعرية والروايات، والمسرح، وتطورها ونشرها وفق الأزمنة والسياقات السياسية، وتشمل الفنون التقليدية، كالموسيقى التقليدية، والمسرح الديني، وفنّ الخطّ القرآني، واللوحة الفنية الفارسية التي تتناول موضوع المخطوطات والسجاد، إضافة إلى فنّ الطهو.

التكوين الحالي لإيران هو نتيجة توازن القوى مع جيرانها، خاصة الإمبراطوريات الروسية والعثمانية والبريطانية

وينتهي الفصل مع إيران "التي تقع في قلب منطقة ثقافية تشكّل "عالماً إيرانياً حقيقياً تتجاوز حدوده حدود البلاد الحالية" (صفحة 185)، مكونة من: إيران، وأفغانستان، وطاجيكستان، ومناطق سمرقند، وبخارى، وسوركانداريا في أوزبكستان، إضافة إلى هذا الواقع الثقافي واللغوي والأدبي، يذكر المؤلفان فرص التعاون، خاصة بين إيران وأفغانستان وطاجيكستان.

السياق التاريخي لإيران الشيعية

وتناول المؤلفان الأيام الأولى للإسلام، وكذلك أسباب الانقسام بين السنّة والشيعة، وكذلك السياق التاريخي الذي أصبحت فيه إيران شيعية في القرن السادس عشر، تحت زخم الصفويين، فإذا كانت المواقع الشيعية المقدسة تقع في العراق (النجف وكربلاء)، فهناك العديد من أماكن العبادة في إيران: ضريح الإمام الثامن، الإمام رضا، إضافة إلى قبر فاطمة، أخته، ومدينة قم، المدينة التي يقع فيها أهم مركز تعليمي للشيعة، ومسجد جامكاران، بالقرب من مدينة قم، وحيث يشاع أنّ المهدي قد ظهر فيه، ثم يطرح المؤلفان مسألة وجود، أو عدم وجود، "تضامن سنّي- شيعي"، والذي وفقاً لهما، وبحكم السياق الحالي، لا يبدو قائماً، حتى لو تمت بالفعل، قبل ثورة 1978، اتصالات بين رجال دين من الشيعة الإيرانيين ورجال الدين من السنّة. وأخيراً، ذكر المؤلفان مسألة الأقليات الدينية (طوائف البهائيين والزرادشتية واليهودية، والطوائف السنّية).

إيران والولايات المتحدة وإسرائيل والمصالح المشتركة

يبدأ هذا الفصل مع القضية النووية الإيرانية، ونشوء اتفاقية 14 تموز (يوليو) 2015، الموقّعة في فيينا بين إيران والدول 5 + 1. المفاوضات التي بدأت في آب (أغسطس) 2002، أعيد إطلاقها مع وصول باراك أوباما إلى الرئاسة الأمريكية. يستعرض المؤلفان بالتفصيل مختلف المراحل، ثم محتوى الاتفاقية، وفي تلك الأثناء أثيرت مسألة رغبة إيران في تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة، ما أعطى المؤلفَين فرصة إعادة النظر في العلاقات بين الدولتين، منذ احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1979، بعد ذلك يأتي تحليل العلاقات بين إيران وإسرائيل، وبعد التذكير بأنّه "من الناحية التاريخية، لا يوجد صراع بين إيران وإسرائيل" (الصفحة 230)، يستحضر المؤلفان فترة الحرب الباردة، التي اكتشفت خلالها هاتان الدولتان المتحالفتان مع الولايات المتحدة، "مصالح مشتركة"، في مواجهة الأنظمة القومية العربية، القريبة في غالب الأحيان من الاتحاد السوفييتي، لدرجة أنه طُرح مشروع تشكيل تحالف إستراتيجي، غير رسمي، بين إسرائيل وإيران في الستينيات".

من الناحية التاريخية، لا يوجد صراع بين إيران وإسرائيل

العلاقات بين إيران وإسرائيل والحركات الإسلامية الفلسطينية

لقد تطورت الروابط الاقتصادية والنفطية بشكل خاص؛ فإذا كان الخطاب المعادي للصهيونية موجوداً أيضاً في ذلك الوقت، فإنّ العلاقات بين إيران وإسرائيل قد انقطعت في أعقاب الثورة الإسلامية، في حين توطدت مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومع ذلك، فقد ابتعدت عن ياسر عرفات أثناء الحرب العراقية الإيرانية؛ حيث ساند هذا الأخير صدّام حسين أثناء الصراع، ويتناول المؤلفان بعد ذلك العلاقات بين إيران وإسرائيل في عهد الرئيس أحمدي نجاد، ويناقش المؤلفان أيضاً الروابط بين إيران والحركات الإسلامية الفلسطينية والجهاد الإسلامي وحماس، ويستعرض المؤلفان على وجه الخصوص التقارب والتنافر اللذين حدثا بحكم الأحداث التاريخية، من انتفاضة عام 1987 إلى الربيع العربي، ومنذ عام 2011، تدعم هذه الحركات المعارضة ضدّ بشار الأسد، في حين تقدّم إيران دعماً لا يتزعزع للنظام السوري.

أهمية مضيق هرمز

يأتي بعد ذلك تحليل مسألة مضيق هرمز، ويذكر المؤلفان الأهمية الإستراتيجية، "يمر 90٪ من النفط المنتَج في منطقة الخليج العربي من خلال هذا المضيق، إغلاق هرمز يعني حجب 20٪ من إمدادات النفط العالمية" (صفحة 242)، إذا كان من غير المرجّح إغلاق المضيق؛ ففي المقابل يمكن أن تقود إيران عمليات زعزعة للاستقرار في المنطقة.

خشية إيران من خطر الربيع العربي على سوريا

يتحدث المؤلفان، بعد ذلك، عن علاقات إيران بروسيا والصين والهند، لكن أيضاً بأذربيجان وأفغانستان وتركيا والعراق، وأرمينيا المسيحية التي يستعرضان صلتها بها، التاريخية والحالية. كما أنّ عواقب الربيع العربي كانت موضوع تحاليل؛ حيث يعود المؤلفان إلى الخطاب الإيراني في بداية الأحداث، ثم تطورها عندما عرضّت هذه الاحتجاجات "التي نُدِّد بها كمؤامرة غربية" سوريا للخطر، حليفها الوحيد في الشرق الأوسط" (صفحة 256).

القوس الشيعي..محور طهران- بغداد- دمشق- حزب الله

كما يستعرض المؤلفان الدعم المالي والأسلحة والرجال الذي قدّمته إيران إلى بشار الأسد، ووفقاً للمؤلفين، فإنّ الهدف الرئيس من هذا الدعم "الذي كلّف إيران ثمناً بشرياً واقتصادياً باهظاً، هو الحفاظ على محور طهران-بغداد-دمشق-حزب الله، باعتباره واحداً من أعظم نجاحات إيران الدبلوماسية، وهو ما مكّنها من توسيع نفوذها في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق العربي" (صفحة 258)، هذه الجبهة تسمح لإيران أيضاً بأن تحدّد موقعها في مواجهة المملكة العربية السعودية والسنّة، في هذا الصدد، يتساءل المؤلفان عن أهمية الحديث عن قوسٍ شيعي.

هناك ثلاثة أحداث تسمح للشيعة بأن يتموقعوا سياسياً؛ الثورة الإيرانية، حزب الله اللبناني الذي أصبح لاعباً سياسياً، والاستيلاء على السلطة من قبل الشيعة في العراق، وهو ما يثير مخاوف السنّة من تشكيل قوس شيعي؛ ففي رأي المؤلفَين "يبدو في الواقع أنّ مفهوم "الهلال"، أو "القوس الشيعي" هو في الأصل فكرة سنيّة تهدف إلى دعوة الدول العربية إلى رصّ الصفوف لمواجهة طهران" (صفحة 261).

بعد ذلك يتناول المؤلفان دراسة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية.

التحديات الاقتصادية

يناقش المؤلفان في هذا الفصل، مختلف التحديات الاقتصادية التي تواجه إيران؛ إذ يستعرضان تاريخ التنمية الاقتصادية الإيرانية، بما في ذلك اكتشاف واستغلال النفط، كما يتم التطرق إلى الوضع الحالي للاقتصاد والطاقة، وهو الجانب الذي تمت دراسته مع صلته بالعقوبات.

وفي الختام، يتطرق المؤلفان للتحدي الرئيس الذي يواجه إيران: الوضع البيئي في البلاد، الذي تصفه السلطات السياسية بأنه "كارثة كبيرة".

ويتناول الجزء الأخير، بشكل أكثر تحديداً، العلاقات بين فرنسا وإيران، تاريخياً ومعاصرة، مع ديغول ومحمد رضا شاه، ومنفى الخميني في فرنسا.

عن Lles cles du moyen orient

الصفحة الرئيسية