إغراءات تركيا لإيطاليا تفشل... هل تصطف أوروبا خلف الجيش الليبي ضد أنقرة؟

إغراءات تركيا لإيطاليا تفشل... هل تصطف أوروبا خلف الجيش الليبي ضد أنقرة؟


25/06/2020

في ظل محاولات حثيثة لكسب داعمين جُدد، اضطرّت أنقرة لإغراء إيطاليا بتقاسم ثمار النفط الليبي، غير أنّ القلق الدولي المتصاعد من نفوذها المصحوب بضخّ المقاتلين والميليشيات، يطيح بكفة تركيا في التوازنات؛ إذ تشي المؤشرات بانضمام إيطاليا مؤخراً إلى قائمة الإخفاقات التركية في الأزمة الليبية.

الدولتان الغريمتان في ليبيا (فرنسا وإيطاليا) قررتا تنحية الخلافات وصولاً لموقف يتصدى لمخاطر حقيقية على القارة الأوروبية

وقد حاولت تركيا، خلال الأسابيع الماضية، استقطاب إيطاليا إلى صفها وكانت ستصبح حليفاً مهماً وحيوياً، ليس بسبب النفوذ الإيطالي في ليبيا فحسب، ولكن لأنّ تحالف أنقرة ـ روما، كان موجّهاً بالأساس إلى باريس، التي تتبنّى موقفاً صلباً من تركيا يتجه نحو التصعيد.

وبدا كما لو أنّ أنقرة نجحت في استقطاب الدولة الأوروبية المهمة والزميلة في حلف "الناتو"، حيث زار وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، في 19 حزيران (يونيو) الجاري، أنقرة، وخلال مؤتمر مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أظهر الأخير أنّ "الدولتين متوافقتان حول ليبيا".

وقال أوغلو خلال المؤتمر؛ "سنواصل العمل على تحقيق حل سياسي يصل بنا لنتائج وسلام دائم في ليبيا بالتعاون مع إيطاليا. نحن ندرك جيداً الموقف الحساس الذي تلعبه إيطاليا في هذا الأمر. ونتوجّه لهم بالشكر على ذلك. لقد لعبوا دوراً متوازناً، ولم يكونوا بجانب حفتر مثل بعض دول الاتحاد الأوروبي، وإنّ إيطاليا بذلت جهوداً جيدة من أجل وقف إطلاق النار والمفاوضات السياسية"، بحسب جريدة "زمان" التركية.

اقرأ أيضاً:السلطات التركية تلاحق الصحفيين.. ما علاقة ليبيا؟

وزادت تركيا الإغراءات حين قال وزير خارجيتها؛ "نريد العمل بجدّية مع إيطاليا في منطقة شرق المتوسط. لدينا شركاتنا النفطية وكذلك مجموعة (إيني) الإيطالية وشركات أخرى،  كما سيكون هناك تعاون بين وزارات الطاقة لدينا أيضاً".

كما طالبت تركيا إيطاليا بمعاونتها في إعادة إعمار ليبيا، وكأنّ الصفقة صيغت في ذهن تركيا كالتالي: ساعدونا اليوم لنجني الثمار معاً غداً.

وزير الخارجية الإيطالي: العمليات العسكرية في سرت من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم البلاد وهو أمر غير مقبول بالنسبة إلينا

وزادت الشكوك حول "الصفقة الإيطالية ـ التركية" بعدما زار وزير الخارجية الإيطالي طرابلس أمس، والتقى رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، خصوصاً أنّ الأخير يحاول استغلال أيّ زيارات خارجية للعزف على وتر "الشرعية الدولية" لحكومته. 

وأصدرت الوفاق بياناً مقتضباً ومبهماً، قالت فيه إنّ مايو والسراج ناقشا التدخلات الخارجية في ليبيا، وعملية بحرية أوروبية لفرض حظر الأسلحة، ومساهمة إيطالية في نزع الألغام في طرابلس، وإغلاق المواقع النفطية، علاوة على قضية الهجرة، بحسب وكالة "رويترز". 

ورغم أنّ البيان لا يحمل دعماً إيطالياً مباشراً للسراج، غير أنّه ما كان لينفيه، خصوصاً عند الإشارة إلى "مساعدة الوفاق في نزع الألغام من طرابلس"، ما يُذكّر بالصفقة التركية "المساعدة في الإمدادات وصولاً إلى الغنائم".

ولإزالة الالتباس في الموقف الإيطالي، ووقف محاولات استغلال الزيارة من قبل الوفاق وتركيا، نظّم دي مايو عند عودته إلى روما مؤتمراً صحفياً يكشف عن "ملابسات الزيارة"، والتي مثلت صفعة جديدة لتركيا، حيث حذّرت إيطاليا خلالها الوفاق من "التقدّم نحو سرت". 

وقال الوزير الإيطالي؛ "لقد أثرت مع السراج مخاوفنا بشأن العمليات العسكرية في سرت، التي يمكن أن تؤدّي إلى تجدد القتال ووقوع المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين، كما أكّدت أنّ هذه المسألة من شأنها أن تؤدي عملياً إلى تقسيم البلاد، وهو أمر غير مقبول بالنسبة إلينا، باعتباره الخطوة الأولى نحو اندلاع صراع مسلح جديد"، بحسب ما أوردت "سكاي نيوز".

اقرأ أيضاً:أنقرة تغري روما بغنائم ليبيا.. هل تنجح تركيا في استقطاب إيطاليا؟

وتعكس التصريحات الإيطالية، التي تتماشى مع توجّه فرنسا، وتطعن بالرهانات التركية على موقف داعم من روما، أنّ الدولتين الغريمتين في ليبيا "فرنسا وإيطاليا"، المتنافستين على النفوذ في بوابتهما نحو أفريقيا، قرّرتا تنحية أي خلافات حالياً، وصولاً إلى موقف واحد يتصدى لمخاطر حقيقية على القارة الأوروبية. 

ويُهدّد التمركز التركي في ليبيا إمدادات الطاقة إلى أوروبا، كما يجعلها معرّضة لموجات جديدة من الهجرة من قبل متشددين، خصوصاً في ظل ضخّ آلاف المقاتلين المنتمين إلى فصائل سورية في ساحة القتال الليبي لدعم حكومة الوفاق. 

وجه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان دعوة إلى الاتحاد الأوروبي لإعادة ترتيب موقفه تجاه تركيا

وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قد وجّه دعوة إلى الاتحاد الأوروبي خلال كلمة أمام مجلس الشيوخ أمس، لإعادة ترتيب موقفه تجاه تركيا، قائلاً؛ "فرنسا تعتبر من الضروري أن يفتح الاتحاد الأوروبي سريعاً جداً مناقشة بالعمق وبلا محرّمات ودون سذاجة، حول آفاق العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، وأن يدافع الاتحاد بحزم عن مصالحه الخاصة، لأنه يملك الوسائل للقيام بذلك"، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.

وقد وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدور التركي في ليبيا بـ"اللعبة الخطيرة".

في غضون ذلك، ما زالت حكومة الوفاق الليبية تطلق التصريحات التصعيدية، التي تؤكد إقدامها على دخول سرت، غير أنّ قدرتها على تحقيق ذلك تتضاءل عملياً في ظل التحذيرات الدولية. 

وقال وكيل وزارة الدفاع في حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، خلال مقابلة مع وكالة الأنباء التركية الأناضول؛ "ليس هناك خطوط حمراء أمام تقدّم قواتنا نحو سرت، قواتنا على أبواب سرت، وعملية تحريرها لن تتأخر، هناك بعض التجهيزات التي تقوم بها قواتنا على تخوم المدينة".

الوفاق تواصل التصريحات التصعيدية حول إقدامها على دخول سرت، غير أنّ قدرتها على ذلك تتضاءل عملياً في ظل التحذيرات الدولية

من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري؛ إنّ الموقف في سرت "سرّي للغاية"، مؤكداً جاهزية الجيش للتعامل مع أي طارئ، خلال مؤتمر صحافي مساء أمس، لافتاً إلى أنّ أنقرة تواصل إرسال السلاح والميليشيات إلى ليبيا.

وقد تطيح أي مغامرة للوفاق داخل سرت بشرعيتها الدولية، حيث ستُعتبَر هي من يفاقم الوضع ويرفض الحلول السلمية، كما أنها لن تحقق تقدماً كبيراً على الأرض، في ظل التدخل المصري المؤكد وقتها، بحسب تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، علماً بأنّ مدة حكومة الوفاق انتهت رسمياً، بحسب اتفاق الصخيرات منذ نحو 3 سنوات.

كما لا تأمن تركيا رداً روسياً إذا ما تقدمت الوفاق، وقد حاولت تركيا إجراء تفاهمات مع روسيا تسمح لميليشياتها بالتقدم نحو سرت، غير أنّها لم تحقق اختراقاً في الملف.

ويجري الرئيسان الفرنسي ماكرون، والروسي بوتين، مباحثات بالدائرة التلفزيونية المغلقة غداً حول ليبيا، بحسب وكالة أنباء "رويترز". 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية