إسرائيل تواصل سياستها التوسعية: ربط تلّ أبيب ومستوطنات شمال الضفة بقطار

إسرائيل تواصل سياستها التوسعية: ربط تلّ أبيب ومستوطنات شمال الضفة بقطار


31/03/2021

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مشروعاتها التهويدية والاستيطانية بالضفة الغربية، منذ احتلالها عام 1967، لفرض وقائع جديدة على الأرض الفلسطينية، وتعزيز السيطرة الصهيونية عليها، لتهويد الوجود الفلسطيني، وزيادة أعداد المستوطنين، وضمّ الضفة المحتلة تحت السيادة الإسرائيلية.

وكانت وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، قد قررت ربط مدينة تل أبيب بالمستوطنات في شمال الضفة الغربية المحتلة، عبر قطار خفيف.

المستوطنات تشغل ما نسبته 11٪ من أراضي الضفة الغربية، في حين تصنّف 18.5% من الأراضي مناطق عسكرية، ويعزل جدار الفصل العنصري 12٪ منها

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في 18 آذار (مارس) الجاري؛ إنّ أولى عربات القطار وصلت الأسبوع الماضي إلى اسرائيل، وإنّ القطار يعمل على عجلات، وهو مزيج من سكة حديدية خفيفة وحافلة يمكن أن تحمل ما يصل إلى 500 راكب.

وأضافت الصحيفة؛ كان من المقرر أن يربط هذا القطار الخفيف مدن تل أبيب واللد والرملة وريشون لتسيون، لكنّ المثير للدهشة، وخلافاً لموقف المهنيين في مكتبها، أعلنت ريغيف، أنّه سيربط مدينة تل أبيب بمفرق تفّوح، وهو مفرق مستوطنات يقع شمال الضفة الغربية".

ووفق اتفاقية أوسلو للتسوية، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، عام 1993، فقد تمّ تقسيم أراضي الضفة إلى ثلاث مناطق، هي: “أ” و”ب” و”ج”، وتخضع “أ” للسيطرة الفلسطينية الكاملة، و”ب” للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، والمنطقة “ج” تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وتبلغ مساحتها 61% من أراضي الضفة.

وكان مسؤول مستوطنات شمال الضفة الغربيّة، يوسي داغان، قد أعلن، في آب (أغسطس) 2019، ارتفاع عدد المستوطنين في مناطق شمال الضفة الغربية إلى 50 ألف مستوطن، وذلك مع انتقال عائلة من مدينة نتانيا إلى إحدى مستوطنات شمال الضفة، مبيناً أنّه متمسّك بحلمه بجلب مليون يهودي للسكن في المستوطنات، بعد التوقيع على عقد بناء حيّ استيطاني جديد في مستوطنة "شافي شومرون"، غرب نابلس، يضمّ 32 وحدة استيطانية.

ويخالف الاستيطان القانون الدولي، بدليل إصدار مجلس الأمن، في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2016، القرار رقم 2334، الذي يطالب بـ "وقف فوريّ للأنشطة الاستيطانية كافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، لعام 2019؛ فقد بلغ عدد المستوطنات بالضفة الغربية والقدس 503 مستوطنات، منها 474 مستوطنة في الضفة الغربية، و29 مستوطنة في القدس،  يقطنها قرابة 653 ألفاً و620 مستوطناً.

وأظهرت دراسة لمؤسسة "بتسيلم" الإسرائيلية؛ أنّ المستوطنات تشغل ما نسبته 11٪ من أراضي الضفة الغربية، في حين تصنّف 18.5% من أراضي الضفة الغربية مناطق عسكرية، ويعزل جدار الفصل العنصري 12٪ من أراضيها.

وأشارت الدراسة إلى أنّ سلطات الاحتلال صنّفت 48 موقعاً في الضفة كمحميات طبيعية وحدائق وطنية وأراضي دولة، وتشكّل ما نسبته 12.4% من مجموع مساحة الضفة،  وأنّ 88% من مجموع مساحات المحميات تقع في المنطقة التي تمّ تصنيفها "ج"، ولا يبقى وفق ذلك سوى 42% من مساحة الضفة للفلسطينيين.

نزعة استعمارية

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، فتحي بوزيه، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "القرار الاسرائيلي يأتي في إطار النزعة الاستعمارية التي تخضع لها كافة الحكومات الإسرائيلية، والتي تخضع تحت وطأة وارادة المستوطنين منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، مبيناً أنّ "المتابع للانتخابات الاسرائيلية الأخيرة يجد، بما لا يدع مجالاً للشكّ، أنّ المجتمع الإسرائيلي ينحاز إلى اليمين المتطرف، بما فيه حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، والذي يسعى جاهداً، وبكل قوة، لدعم الاستيطان والمستوطنين".

الكاتب والمحلل السياسي، فتحي بوزيه

ولفت إلى أنّ "حكومة نتنياهو تعمل على تقديم الدعم المالي لزيادة الاستيطان في جميع أنحاء الضفة الغربية وليس فقط في شمالها، نظراً لأهمية هذه المنطقة للاحتلال لربطها مع المستوطنات في المناطق المحتلة عام 1948م، بالتالي؛ فإنّ المشروعات الاستيطانية في زيادة مستمرة، وتتعزز داخل الضفة الغربية بشكل يومي، عبر إقامة العديد من البؤر والمستوطنات الجديدة وشقّ الطرق الالتفافية حولها".

دولة قائمة على الاستيطان

وتابع بوزي: "هناك مناطق في الضفة الغربية يفوق عدد المستوطنات الإسرائيلية فيها عدد التجمعات الفلسطينية؛ كمحافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، والتي تضمّ 18 تجمعاً سكنياً فلسطينياً مقابل 27 مستوطنة وبؤرة استيطانية، تضمّ ما يقارب 50 ألف مستوطن إسرائيلي".

وأكّد أنّ "دولة الاحتلال هي دولة قائمة على الاستيطان منذ مؤتمر هرتزل، عام 1879، حتى تعالت الأصوات لتشجيع الاستيطان والهجرة الصهيونية إلى المستوطنات بالضفة من قبل القيادة السياسية الصهيونية والمستوطنين، إلى أن أعلن رئيس مستوطنات شمال الضفة، يوسي داغان، في آب (أغسطس) 2019، ارتفاع أعداد المستوطنين إلى 50 ألف مستوطن في شمال الضفة، وبذلك تكون المخططات الاسرائيلية ممنهجة ومدروسة ولا تتم بطرق عشوائية".

وأوضح الكاتب الفلسطيني؛ أنّ "إسرائيل عادة ما تتبع أساليب مختلفة في مصادرة الأراضي الفلسطينية تحت حجج واهية، باعتبارها أراضي دولة، أو محميات طبيعية، وهي محاولات تهدف بالدرجة الاولى لزيادة التوسع الاستيطاني، وشقّ الطرق الالتفافية، من خلال مواصلة مصادرة المزيد من الأراضي في مناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة".

تكثيف الاستيطان

من جهته، يرى أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة، د. أسعد العويوي؛ أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يسابق الزمن في تكثيف مشاريعه ومخططاته الاستيطانية، ومن بينها القطار الخفيف، الذي من المقرّر أن يربط مستوطنات شمال الضفة بتلّ أبيب، بعد أن يأس المجتمع الدولي من دولة الكيان، بعد ضربها بعرض الحائط الأصوات الدولية المنددة بالاستيطان، والداعية إلى وقف الاستيطان، والالتزام بالقرارات الدولية الداعية لحلّ الدولتين، وتنفيذ دولة الكيان لاستحقاقاتها بحقّ الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت احتلالها".

أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة، د. أسعد العويوي لـ"حفريات": إسرائيل تقوم على مبدأ إحلالي استيطاني، جوهره الأرض، لفرض أمر واقع جديد عليها

ويضيف العويوي، في حديثه لـ "حفريات": "دولة الكيان تقوم على مبدأ إحلالي استيطاني، جوهره الأرض، لفرض أمر واقع جديد عليها، عبر سلب المزيد من الدونمات، وممارسة كافة أشكال القمع والتنكيل بحق الفلسطينيين، وهي ممارسات لن تجدي نفعاً مع الفلسطينيين، الذين يرفضون بشكل قاطع التخلي عن حقوقهم المشروعة".

أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة، د. أسعد العويوي

ولفت إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي، بممارساته العنصرية، وبتشجيع بناء العديد من البؤر والمستوطنات من شمال الضفة إلى جنوبها، يظهر جلياً أنّه يسعى إلى إزالة وإسقاط موضوع الأرض من أيّة مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مقبلة، على الرغم من أنّ عمليات الاستيطان والصراع على الأرض ليست بالأمر الجديد، وتمارسه إسرائيل منذ احتلالها الضفة الغربية، عام 1967".

كذلك أكّد الأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "السلطة الفلسطينية تمتلك برنامجاً سياسياً يلقى قبولاً دولياً وفق قرارات الشرعية الدولية، لمواجهة الهجمة الاستيطانية الشرسة بدعم من المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة بايدن، والتي تؤكّد أنّ الاستيطان غير شرعي، ويقوض عملية السلام".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية